الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القبيلة والدولة في اليمن

عارف علي العمري

2010 / 3 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


التقطعات القبلية التي تعيشها اليمن هذه الأيام , تخلق لدى الكثيرين العديد من المخاوف وبالذات رجال الأعمال وأرباب التجارة, وتفرض تساؤلات كثيرة أهمها كيف اختفت سلطة الدولة في ردع الخارجين عن النظام والقانون؟ والى أي مدى يمكن أن تصبح سلطة ( القبيلة ) هي الدستور الذي سيسير عليه الشعب؟ وهل القبيلة هي الحامي الأول لرجالها؟ أم أن الدولة لا زالت تقف بقوة خلف حماية مواطنيها الذين تطالهم يد التقطعات؟ وتصادر أموالهم وأحيانا تهدر دمائهم , ويصبحون بين عشية وضحاها ضحية انفلات امني سيطر على طول البلاد وعرضها ؟؟
في الأسبوع المنصرم تعرض بعض تجار محافظة البيضاء لعمليات تقطع من قبل عناصر قبلية تنتمي إلى محافظة شبوه, وكانت منطقة ( المحفد ) هي مسرح تلك التقطعات, ويفيد احد التجار الذين ينتمون إلى مديرية السوادية محافظة البيضاء, ويدعى عبد ه ضيف الله العسيلى أن قرابة أربعمائة دبة غاز قد تم مصادرتها من قبل تلك العناصر القبلية في محافظة شبوة, بينما تعرضت قاطرة أخرى تتبع التاجر علي الظفري من مديرية الطفة محافظة البيضاء لعمليات تقطع من قبائل عناصر قبلية في ذات المنطقة , وتم مصادرة قرابة خمسائة دبة غاز, بالإضافة إلى الاعتداء على سائق القاطرة, وكانت قبائل الظفريين قد ردت بقطاع مماثل في منطقة العريف محافظة البيضاء, ولا زالت الأمور خارج سيطرة الدولة حتى كتابة هذا التقرير.
وفي محافظة مأرب لا زالت التقطعات تحدث على خط صنعاء مأرب بصورة شبه يومية, كان أخرها أقدام عناصر قبلية من قبيلة نهم في نهاية العام المنصرم على قطع الطريق العام " صنعاء مأرب " لأكثر من ست ساعات على خلفية خلافات قبلية بين كل من قبيلة نهم وأرحب وعلى بعد يقل عن 100 متر من أحد النقاط العسكرية في منطقة ثومة, وظلت عاجزة طيلة الوقت في فض ذلك القطاع القبلي .
كما يشهد الخط ذاته تقطعا قبليا شبة يومي بين القبائل حيث تعمد كل قبيلة على نهب سيارات القبيلة الأخرى ,في حين يلاحظ أن سيارات الشرطة والجيش تمر يوميا من تحت ظلال براميل التقطعات القبيلة دون أن يحركوا ساكنا .
وتبدوا قبيلة بني ضبيان هي الأخرى احد القبائل التي تشتهر بعمليات التقطع والخطف والتي كان أخرها اختطاف عبدالملك الخامري شقيق توفيق الخامري, وتم تسوية الخلاف بعد دفع مبلغ وقدره مائة وخمسون مليون ريال للخاطفين مقابل الإفراج عن الخامري.
قبائل عمران لها النصيب الأوفر من عمليات التقطع حيث تشهد منطقة السواد، تقطعات متواصلة بين قبائل العصيمات حاشد، والعشة قبائل بكيل، والسبب مشكلة أراضي لم يتم تحديدها والكل يدعي امتلاكها، وبالإضافة إلى عمليات التقطع هذه بين الجانبين فلا زالت الحرب مستمرة بين الطرفين سقط فيها حتى الآن (200 قتيل) وأكثر من (400 جريح) والمعدل مرشح للارتفاع، وتغيب الدولة نهائياً بينهما.
أعمال التقطع هذه تؤثر سلباً على الحياة المعيشية للمواطنين, كما تكون سبباً رئيسياً في عمليات رفع الأسعار التي تشهدها بعض المحافظات, وخاصة الارتفاع الجنوني في مادة الغاز الذي يسببه التقطع القبلي على خط مأرب – صنعاء, أو ذلك التقطع على خط شبوة – أبين, وبحسب نائب مدير الشركة الوطنية للغاز فقد ارجع الأزمة التي شهدتها البلاد في مادة الغاز طوال الفترة الماضية إلى تقطعات قبلية في طريق مأرب - صنعاء لقاطرات الغاز, وعن تأثر الغاز بالتقطعات القبلية بمأرب وعدم تأثر النفط بهذه التقطعات أشار العوج إلى أن النفط يحتاج لعملية تكرير حيث يضخ إلى صافر بالحديدة وبالتالي ينقل إلى مصافي عدن مؤكداً عدم وجود علاقة بين النفط والغاز في هذه الأزمة وقال : "لا يوجد نفط من مأرب"..
وذكر تقرير للشركة الوطنية للغاز أنه خلال العام 2009م ولأسباب مرتبطة بالتقطعات على قاطرات الغاز في الطريق العام من صافر إلى صنعاء فأن كمية ( 18,170) طن متري من الغاز البترولي المسال تم إعادة حقنها من معامل صافر.
وأكد أنه خلال العام 2009 م بلغ عدد التقطاعات على القاطرات التي تم الإبلاغ عنها رسمياً عدد( 58) تقطعا عدى التقطعات الصغيرة.
وذكر التقرير أن قيمة الغاز المحقون بسبب التقطعات هو تقريباً مبلغ818 مليونا و849 ألف ريال يمني باعتبار سعر الطن هو (45,066) بدون فوارق أجور النقل أو الآثار المالية الأخرى وخلال العام الحالي 2010م ذكر التقرير أن عدد (6) تقطعات نتج عنها إعادة حقن كمية (1712) طن متري تقريباً، وكان اخر هذه التقطعات في تاريخ 26 فبراير من العام الحالي.
وأشار التقرير إلى الآثار السلبية المترتبة عن التقطعات منها إرباك خطط وبرامج الشركة المتعلقة بسياسة التموين، ونقص حاد في مادة الغاز في السوق المحلية وظهور الأزمات التموينية، وارتفاع حاد في سعر أسطوانات الغاز نتيجة المضاربات الغير مشروعة، واستنزاف المخزون المخصص للطوارئ سواء لأمانة العاصمة أو لبقية المحافظات، وتكبد الدولة لخسائر مالية كبيرة لمعالجة الإشكالية.
وعن التدابير والإجراءات المتخذة ذكر مدير الشركة الإبلاغ الفوري عن وجود تقطعات بمخاطبة كافة الجهات المعنية عبر مكتب صافر وقيادة الشركة وعمليات وزارة النفط والمعاد، وتحويل القاطرات عبر الخط الساحلي (حضرموت -شبوه -عدن) إلى أمانة العاصمة والمحافظات الأخرى مما يُكبد الدولة خسائر مالية نتيجة فوارق أجور النقل الكبيرة .
التقطعات أرقام مرتفعة ,, في ظل امن مختل
رغم أن عام 2009 كان متخماً بالتقطعات القبلية ، إلا أن وزارة الداخلية اليمنية قالت إن جريمة التقطع والاختطاف سجلت انخفاضاً بنسبة 34,48 % خلال النصف الأول لعام 2009، بنقص عددي مقداره 10 جرائم عما كانت عليه في الفترة ذاتها من 2008.
وذكرت إحصائية للوزارة أن نصف 2009 الأول شهد وقوع 19 جريمة تقطع واختطاف، ضبط منها 17 جريمة، ارتكبت في 8 محافظات من إجمالي 22 محافظة يمنية، وجاءت محافظة لحج في جنوب البلاد في مقدمتها بـ 7جرائم تلتها محافظتا شبوة والجوف بـ 3جرائم في كل منهما، فيما توزعت بقية جرائم التقطع والإختطاف على 5 محافظات أخرى أغلبها تعد محافظات مدنية باستثناء عمران جريمتين، جريمة واحدة في كل محافظة منها (ريمة، البيضاء، تعز)، وغابت في الإحصائية محافظة صنعاء التي تقع في إطارها قبيلة بني ظبيان ومحافظة مأرب التي تشتهر بالاختطافات بعدها.
عمليات التقطع هذه تثير مخاوف المنظمات المدنية والأحزاب السياسية من أن تتحول اليمن إلى إمارات قبلية مستقلة, بقوة السلاح الذي تمتلكه القبائل اليمنية, وفي أخر استنكار للتقطعات القبلية استنكرت هيئة شورى التجمع اليمني للإصلاح في محافظة الجوف في اجتماعها المنعقد بتاريخ 4 فبراير من العالم الحالي ما وصفته بالانفلات الأمني الغير مسبوق والمتمثل في اعتراض المارة والمسافرين بالقتل والنهب والسلب والابتزاز والسرقة.
كما أدانت تقاعس السلطة عن القيام بواجبها في تأمين الطرق العامة.



دوافع التقطعات
يعتبر احد مشايخ محافظة مأرب الشيخ محمد على سالم طعيمان أن التقطعات القبلية لها دوافع عدة فمنها ما له علاقة بالجانب الرسمي والاقتصادي والسياسي وأحيانا يكون علاقة بالجانب القبلي , مؤكدا إن المسئول عن كل ما يجري هي الإدارة المعنية لهذا البلد , وقال أن تنامي هذه الظاهرة وتوسعها إلى أكثر من جهة ومحافظة يكشف حقيقة الدولة وعجزها في التعاطي مع تلك الظاهرة ,كما شدد على أن السبب لمثل هذه الظاهرة التي قال عنها أنها بدأت تغزو المجتمع اليمني ووصلت إلى محافظات لم يكن يسمع أحدا بمثل تلك التصرفات وكل ذلك بسبب غياب العدل والأمن والرخاء .
ناصر عشال الضابط في الحرس الجمهوري والذي ينتمي إلى قبيلة الجدعان بمأرب قام عدة مرات بقطع طريق صنعاء – مأرب, بسبب ما قال انه مطالباً باستعادة أرضية له في صنعاء ،و صرح انه يتملكها منذ 14 عاماً، وعندما جاء للبناء عليها منع بمبرر أن الأرضية التي تبلغ مساحتها 80 لبنه محجوزة لبناء حديقة, مطالباً بتعويضه في الأرضية أو إعادته له.

الحلول للتقطعات والاختطافات
يرى بعض المختصون بأنه آن الأوان للدولة أن تعمل على ضرورة إنجاز قانون تنظيم حيازة وحمل السلاح وتفعيل القوانين النافذة ومواصلة برامج إصلاح القضاء لأهميتها في مواجهة ظاهرة الخطف والتقطعات .
كما دعى بعض المختصين إلى أهمية العمل من أجل ترسيخ مفهوم وممارسة الولاء الوطني ومفهوم المواطنة وكذا الاهتمام بخدمات التعليم والصحة وإيجاد فرص العمل الضرورية في المناطق النائية كوسائل ملائمة لمواجهة ظاهرة التقطعات في اليمن ,كما دعوا أيضاً إلى أهمية فرض سلطة الدولة في مختلف المناطق وتعيين الأكفاء فيها والعمل على تثقيف المواطنين بمخاطر ومشاكل التقطعات من خلال مؤسسات المجتمع المدني , ومعالجة مشاكل الثأر بين المواطنين والعمل على تحقيق التصالح بين الجماعات المحلية .
ودعوا وسائل الإعلام المختلفة إلى التعاطي مع الظاهرة من خلال البحث في معالجات للظاهرة وتفعيل دور المساجد والمؤسسات التعليمية للتوعية بالظاهرة ومخاطرها ونبذ ثقافة العنف وإشاعة ثقافة التسامح والحوار والقبول بالآخر .
وطالبوا بتعزيز قوافل وفرق الإعلام المتحركة وتوزيعها على جميع المحافظات بما فيها مأرب والجوف وشبوة لبلورة الوعي الثقافي بأهمية السياحة ومدى تأثير ظاهرتي التقطع والاختطاف على اليمن اقتصاديا وأمنيا وحضارياً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ