الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفولة

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2010 / 3 / 7
الادب والفن


عجن التّراب بالماء، وبنى بركةً. سحب علبة سردين فارغة، وملأها ماءً، كان يسيل في ساقيه، تخرج من حمّام الجار، وسكبه في البركة.
عاد ثانية ليملأ العلبة، ولكن دعسة حمار أفسدتْ عليه لعبته، حين عجنت البركة، وفجّرتْها...
طرطش الماء المصوبن في كل الاتجاهات. بصق على الحمار، وانتظر حتى يمرق صاحبه، ثم بصق عليه دون أن يراه...
رمى علبة السّردين، ومسح أنفه بكمّه...
صرخ الأولاد، فراقبهم، ولكن.. من بعيد…!!
كانوا يلهون بالدّحاحل...
بحث في جيوبه، فلم يجد دحلةً واحدةً، فتّش في طريق ترابيّ، وجمع "بَعْر" الماعز.
كراتٌ عضوية صغيرةٌ، تشبه الدّحاحل.. تقريباً..
ملأ كفّيه، بحث عن زاوية مسطحة. فرش دحاحلة العضوية،
وراح يحاول إصابتها بواحدة احتفظ بها في يده...
انفجرت واحدة في كفّه، لأنّها لم تجفّ بما فيه الكفاية...
لثمت أنفه رائحة روث كريهة. بصق. مسح كفّه بالتّراب .
شرد عن الأولاد الذين اقتربوا، وخرّبوا ملعبه، وداسوا دحاحله،
ومضوا هازئين ساخرين...
حافظ على دموعه في تجويف عينيه الفضّيّ...
لم يبصق لئلا يراه أحدهم..!!
جرجر أشلاءه، وسار يفتَّش عن سبيل. سمع دحرجة كرة...
التفت. الأولاد يتبعونها. قبل أن يشوطها أحدهم حرك قدمه
في الهواء، كأنّه هو الذي يفعلها...
لم يقترب منهم، خشية أن يضربوه، أو يسخروا منه...
غيّر طريقه...
انتصبت حجر أمامه. شاطها كالكرة، لكنها ارتطمت بجذع شجرة،
وارتدّت، وأصابته في ساقه. صرخ من الألم...
التفتت النساء المتجمّعات على "مصطبة" إسمنتية نحوه، ثم عدن
لأحاديثهن، وغمزاتهن على الرجّال المتلهّفين للمرور أمامهن...
جلس على الأرض، وفرك ساقه، وتذكّر أنّه إذا سار عليها تُشفى...
سار، لكنّ الألم أوقفه. قرصه الجوع!!
آخر الزقاق، بعيداً عن آخر بيت، بعد المزبلة، وبجوار شجرة سنديان ضخمة...
هناك غرفة عُمَّرت بسرعة، وسُقفت بصفائح التوتياء..
تلك هي غرفتهم..!!
بالصّدفة، عرّشت عليها شجرة ليف. كلّما هبّت الريح،تصرخ اللّيفات، وتضرب التوتياء، فيضرب والده والدته،
لأنّها تنسى أن تنزعها، حتى لو كانت الطرطقة بسبب ثمار السنديانة المتساقطة، أو تناكح القطط, فالقتلة هي.. هي..
اقترب من غرفتهم وهو يعرج، رأته والدته، ضربته على ظهره،
حتى لا "يتخنزر" ثانيةً. جلس مع إخوته مساءً حول طبق نحاسيّ، فُرش فيه صحن كبير ملئ بالسبانخ مع بعض الأرغفة...
تناول رغيفاً، وقبل أن يباشر معركة الطّعام، سعل فوق الطّبق...
أحجم أحد أخوته عن الطّعام، لأنّه قرف من الرّذاذ المتطاير من فمه...
ضربته والدته على ظهره، حتى يدير وجهه، ويسعل بعيداً عن الطّبق،
وضربت "القرفان" حتى يعود ويأكل كي لا ينام جائعاً...
خلص الطّعام واللّقمة التي بقيت في يده، أكلها جافةً، وهو يراقب الصّحن الكبير المليء بالسبانخ، والذي رَفعته والدته لوالده،
حين يعود آخر اللّيل...
غصّ. ناولته أمّه إبريق الماء. بخّ فيه عندما شرب...
ضربته على ظهره، وتمنّت لو أنّ الرّبّ يفجعها به...
"تدَشّى" مسح بطنه. فرشت والدته أرض الغرفة بالطّرّاحات، وكانت قديمة ورقيقة...
نام بين أخوته. غطّتهم والدته. نام الجميع، عداها...
فقد جلستْ، تتثاءب، وتنتظر زوجها..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس