الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع المرأة العراقية بعد التغيير

صادق إطيمش

2010 / 3 / 8
ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل


واقع المرأة العراقية بعد التغيير
الحكم التسلطي القمعي الذي مارسته البعثفاشية على ربوع وطننا لأربعة عقود من الزمن ترك بصماته السوداء على جميع مفاصل حياة الشعب العراقي وبين مختلف طبقاته ومكوناته. ولم تكن المرأة العراقية بمنجى من هذا التسلط الذي عاشته بمختلف صنوفه في أقبية السجون تحت أجهزة التعذيب وأساليبه التي طالما أدت إلى الموت أو الشلل ، وفي ربوع المنافي ومن خلال عذاب وآلام فقد الأحبة وعِبر إجراءات التهميش والتغييب والإذلال التي تمارسها القوى التي تبرر ممارساتها المتخلفة هذه بالحجج الدينية والنزعة الأخلاقية التي أثبتت المعايشات الحقيقية لمثل هذه المعاملة للمرأة ومن يقوم عليها بأنها والدين والقيم والأخلاق الرفيعة على طرفي نقيض ، وهي لا تمثل إلا آراء حفنة من المتعصبين المستغلين للدين وليس الدين بتعاليمه الحقة الغير مؤولة تأويل فقهاء السلاطين .
وحينما آل النظام البعثفاشي إلى السقوط نهضت المرأة العراقية بعد كل هذه الأجواء القمعية التي عاشتها والتي لم تثن عزيمتها في مواصلة النضال مع كل فصائل الشعب العراقي . نهضت رافعةً لرايات الحرية والديمقراطية التي ناضلت من أجلها جنباً إلى جنب أخيها ورفيقها الرجل فأعطت بذلك الصورة الحقيقية لشخصيتها الفذة التي يحاول بعض المتخلفين طمسها اليوم بين خزعبلات الفكر المعادي للمرأة الذي لا يزال يرفع شعار الإنتقاص من المرأة والإستهانة بقدراتها والنيل حتى من إنسانيتها . لقد دأب هذا الفكر ، خاصة ذلك الذي تبرقع ببرقع الدين وأُجبر على الإعتراف ببعض حقوق المرأة العراقية التي أخذت هذا الإعتراف بشموخها وعلو شأنها وجسامة تضحياتها وقدرتها على الإبداع ، دأب على إغتنام أية فرصة تتيحها له السلطة السياسية التي تربع عليها بعد سقوط البعثفاشية لتقزيم هذا الإعتراف من خلال سحب بعض المكتسبات التي سبق وأن إنتزعتها المراة العراقية بنضالها وفي مقدمتها قانون الأحوال الشخصية الذي جاءت به ثورة الرابع عشر من تموز المباركة . كما ظل هذا الفكر يسعى حتى الوقت الحاضر إلى تهميش دور المرأة في العملية السياسية الجارية في وطننا بالرغم من تبجحه بين الحين والآخر بعكس ذلك ، مستنداً بكل ذلك على قوانين القرون الوسطى متجاهلاً الدور القيادي والريادي الذي تلعبه المرأة محلياً وعالمياً
ومما يؤسف له جداً هو مساهمة بعض العناصر النسائية في التنكر لدور بنات جنسها ووقوفها إلى جانب أعداء حريتها وحقوقها التي ينبغي ممارستها في مجتمعاتنا حتى ضمن تلك الخصوصيات التي يضعها البعض عائقاً امام ممارسة المرأة لدورها الطبيعي في المجتمع العراقي . ليس هناك من يريد القفز على التراث الإجتماعي والعادات الموروثة والتقاليد المتداولة في مجتمعنا . إلا أن الذي يجب ان يكون في القرن الحادي والعشرين من تاريخ البشرية هو دراسة هذا التراث وتمحيص هذه العادات واستجلاء هذه التقاليد بحيث يتم فرز الزَبَد منها ورميه خارج المنظومة الإجتماعية وجمع ما ينفع الناس وتثبيته ضمن الحياة اليومية ، وبعكس ذلك فإن مجتمعنا سيتحول إلى مجتمع تحكمه الأموات وتتحكم فيه قوانين الصحاري ، ويظل مراوحاً في مكانه أمام موكب البشرية الزاحفة إلى الأمام دوماً والتي لا تلتفت إلى المتخلفين . وهنا يجب ان تأخذ المرأة العراقية دورها الكامل وحقوقها المشروعة وواجباتها التي تساهم من خلالها ببناء العراق الجديد .
فإلى النضال الدؤوب والنشاط المستمر للمرأة العراقية أينما حلت في مفاصل الدولة المختلفة وفي كافة المؤسسات ألإجتماعية وعلى مختلف الأصعدة . ولا يسعنا في هذه المناسبة بالإحتفال بيوم المرأة العالمي إلا أن نؤكد على ضرورة تبني المرأة العراقية لمعطيات العملية السياسية الجديدة في العراق والتعامل معها من باب التكافؤ مع أخيها الرجل والنهوض بمستوى المنظمات النسائية الديمقراطية المهنية منها والإجتماعية بالمستوى الذي يدفع بالمرأة إلى مراكز الصدارة ومراتب القيادة دون أية عوائق قد يحاول البعض من النساء والرجال المتخلفين أن يضعوها أما تحقيق هذه الأهداف . وما على الرجل إلا ان يكون الدافع والمساعد والعامل على تحقيق ذلك من خلال الدعم اللامحدود الذي يجب عليه تقديمه ، خاصة في هذه الظروف التي يمر بها وطننا .
تحية أممية إلى المرأة في عيدها العالمي في الثامن من آذار وتحية لنضالها الدائم والثابت في سبيل إنتزاع حقوقها في كافة الميادين .
تحية إلى المرأة العراقية المناضلة في هذا العيد الأغر ، التي لم تتوان يوماً عن خوض سوح النضال في سبيل وطنها وشعبها.
تحية إلى رابطة المرأة العراقية ، الرابطة التي قارعت أنظمة التسلط والجريمة وحملت راية المرأة العراقية ببسالة وشموخ طيلة عهود هذه الأنظمة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى يومنا هذا .
الدكتور صادق إطيمش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استئناف مفاوضات -الفرصة الأخيرة- في القاهرة بشأن هدنة في غزة


.. التقرير السنوي لـ-مراسلون بلا حدود-: الإعلام يئن تحت وطأة ال




.. مصدر إسرائيلي: إسرائيل لا ترى أي مؤشر على تحقيق تقدم في مسار


.. الرئيس الصيني يلتقي نظيره الصربي في بلغراد ضمن جولة أوروبية




.. جدل بشأن هدف إنشاء اتحاد -القبائل العربية- في سيناء | #رادار