الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كذبة دستورية قانونية اسمها المساواة

عالية بايزيد اسماعيل

2010 / 3 / 8
ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل


في اليوم العالمي للمراة وبمناسبة الذكرى المئوية الاولى لاعلان الثامن من اذار يوما عالميا للمراة والتي تزامنت مع بدء انطلاق الانتخابات العراقية لاختيار ممثلي الشعب في البرلمان , والتي وسمت بانها انتخابات مميزة لكثرة المشاركة النسائية سواء من المرشحات او من المشاركات بالتصويت ,
اهدي لكل امراة تحمل بهاء الكون في قسماتها , وروعة الوجود في حنانها , وردة حمراء لتنشر العبير الفواح وتقول لها كل عام وانت الاصل .
في هذا اليوم الذي اقر عالميا ليكون يوما للمراة منذ مطلع القرن الماضي , والتي تبنتها معظم الحركات النسوية التي طالبت بحرية المراة وضرورة مساواتها مع الرجل ورفع الغبن والحيف الذي لحقها لفترات طويلة .
وقد كانت لهذه الحركات الدور الفاعل والمتميز في تحقيق التقدم والتغيير والنقلة النوعية التي استهدفت تغيير النظرة الدونية للمراة والتغيير الحقيقي لواقع المراة ومكانتها في المجتمع , والاعتراف بها كانسان حر ذات ارادة مستقلة لها الحق في احترام رايها ومساواتها مع الرجل خاصة وان المراة اليوم تتحمل من الاعباء الشي الكثير ومثقلة بواجبات والتزامات عديدة , الا انها مع ذلك لا تحصل في كثير من الاحيان على حقوق مقابلة , حتى اصبح حلم المساواة هاجسا يدغدغ امال كل امراة في كل بقعة من العالم .
ان مبدا المساواة هو من اهم المبادىء الاساسية التي جاءت بها الثورة الفرنسية , وهو مبدا دستوري تضمنته معظم دساتير الدول , واكدت عليه جميع التشريعات القانونية والدستورية الحديثة التي تدين أي نوع من انواع التمييز بين الجنسين .
وقد تناولت مواثيق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان ومجموعة الاعلانات والاتفاقيات الدولية نصوصا وموادا تؤكد على مبدأ المساواة بين المراة والرجل , وكان على راس الاتفاقيات العالمية الخاصة بالمراة هي اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة , التي اعتمدتها الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1979 والتي وضعت موضع التنفيذ عام 1983 والتي الزمت بموجبها كافة الدول الموقعة على هذه الاتفاقية الى اعتمادها في دساتيرها وتشريعاتها .
وقد نصت دساتير العراق على مبدأ المساواة في جميع الدساتير الموقتة والدائمة , واخرها الدستور الدائم الحالي , الذي نص في باب ـ الحقوق والواجبات ـ على ان المواطنين سواسية امام القانون دون أي تفريق بسبب الجنس او العرق .....الخ , الذي كفل الدستور بهذا المبدا الحماية القانونية للمراة بقاعدة دستورية اساسها عدم التمييز بينها وبين الرجل في حقوق المواطنة وواجباتها , وهو مايستدعي بالضرورة حصر كل تصرف مخالف لهذه القاعدة لانها تعتبر من النظام العام .
كما كفل الدستور في مواده مبدا المساواة في مختلف مجالات الحياة ومنها مجالات العمل والوظائف العامة الذي نص في نفس الباب ـ باب الحقوق والواجبات ـ بان تكافؤ الفرص هو حق مكفول لجميع العراقيين .
ان هاتين المادتين شرعتا دستوريا لكن بدون تطبيق واقعي وعملي , ونظرة على واقع المراة تعطي جواب السؤال الاتي هل المراة متكافئة الفرص مع الرجل في مختلف مجالات الحياة ؟؟؟؟ ويا ترى اين تقف المراة العراقية من هاتين المادتين ؟؟؟
لاننكر ان واقع حقوق الانسان في العراق مختلف ومعقد بسبب المرحلة الانتقالية التي نعيشها بعد الحرب , وتدهور الاوضاع الامنية والحياتية العامة . حيث يتميز مجتمعنا بتداخل المفاهيم الدينية والقانونية مع بعضها الى حد انعدم التمييز بينهما , والتي تجعل من المراة ناقصة عقل ودين , وهذا غير منطقي , فلماذا يخلق الله المراة بنصف عقل ونصف دين ونصف حصة في الميراث بينما يلزمها بالعبادات والتكاليف الشرعية مثل الرجل ؟؟؟
ان اساس هذه النظرة الناقصة انما هي مستمدة من اعراف وعادات وتقاليد راسخة في المجتمع منذ القدم , والدين ما هو الا غطاء يستعمل للمحافظة على ما يخدم التفوق الذكوري في المجتمع , وسلطة لثقافة ذكورية التي تقول بان الرجل افضل من المراة في كل مجالات الحياة لا لشي الا لانه ذكر فقط .
فالمجتمع العراقي اغلبه مجتمع عشائري ذكوري , وبعد هيمنة الاحزاب الدينية على سدة الحكم ازداد تسويق فكرة ان مكان المراة هو في المنزل , وهنا الطامة الكبرى التي حدت من ظهور النساء على الساحة وعلى الحياة العامة .
وقد لعبت القوانين والشرائع الدينية دورا في تحديد مكاتة المراة التي جاءت نتيجة العوامل الاجتماعية من تقاليد واعراف قبلية موروثة التي حرمتها من المساواة وساهمت في ابعادها عن الحياة العامة وحرمتها من التفاعل الاجتماعي ومن التعليم وفرضت وصاية الرجل وولايته عليها , وسلبتها ارادتها , والاكثر من ذلك جعلتها عبئا اقتصاديا على الرجل .
ان اساس أي مجتمع يقوم على الاسرة , فاذا كانت احدى دعائم الاسرة مهانة فقد اهتزت اركان الاسرة وانعكس بدوره على الاسرة , وقوانين الاسرة مستمدة من الشريعة الاسلامية التي تجعل من شهادة امراتين مساوية لشهادة رجل واحد , وفي الميراث لها نصف حصة الرجل , ودية المراة التي تقتل خطا نصف دية الرجل , وللرجل حق القوامة على المراة وله حق تاديبها بالضرب , وغيرها من القواعد التي تهين كرامة المراة .

ان الاتجاه نحو النصوص الدينية في الدستور والتشريعات القانونية كانت استجابة لضغوط التيارات الدينية التي قويت بسبب فشل النظام الحاكم , لاسيما بعد الحرب وانتشار الازمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الخانقة , وغياب الديمقراطية و ما لحقه من امتهان لحقوق الانسان , فكان ان نص الدستور على ان الاسلام دين الدولة الرسمي وان التشريع الاسلامي مصدر اساسي للتشريع القانوني , وهذا يعني اخذ الشريعة اساسا للتشريعات القانونية , وانه لا يجوز اصدار أي تشريع اخر يتعارض واحكام الشريعة الاسلامية .

ان اعتماد المراجع الدينية في تقنين احكام القوانين , وقوانين الاحوال الشخصية بالتحديد , انما هي دعوة حق يراد بها باطل , لان الشرائع الدينية تصادر حقوق المراة الطبيعية وتجعلها بمنزلة اقل من الرجل , وما المادة 41 من الدستور التي احالت سن قوانين الاحوال الشخصية وفق المرجعيات الدينية والمذهبية , الا تطبيقا لهذا التوجه .
هذه المادة لاتحقق طموحات المراة في المساواة لانها تنتقص من القيمة الانسانية للمراة ولدورها في الحياة , والاهم انها تتناقض مع الكثير من النصوص التي تضمنتها الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المراة , خاصة في مسائل تعدد الزوجات وحصر الطلاق بيد الزوج والنصوص المتعلقة باحكام النشوز والطاعة والحضانة ,

ونحن نعيش الان زمن يسير الى الامام نحو الديمقراطية والحريات الاساسية ولايمكن ان نرجع الى الوراء في النقطة التي وصلنا اليها في قانون الاحوال الشخصية النافذ والا كيف يمكن ان تكون شهلدة امرأتين بشهادة رجل واحد وتاخذ نصف حصة الرجل في الميراث وان يكون للرجل حق تاديب زوجته بالضرب وحق القوامة عليها وربما بما لا ينفق عليها , هذا اضافة الى تفاوت الحماية القانونية بين الرجل والمراة في الجرائم التي تمس الاسرة في قانون العقوبات العراقي .
اما مبدا تكافؤ الفرص والمساواة الدستورية التي اعطت الحق للنساء في التقدم للتعيين في الوظائف العامة دون تفرقة , فهي ايضا لها شأن اخر , لان اللوائح التنفيذية لازالت تقيد هذا المبدا في بعض الوظائف التي كانت مغلقة على الرجال فقط منها سلك القضاء والسلك الدبلوماسي , فرغم مبدا تكافؤ الفرص والمساواة الدستورية الا اننا لا نجد في واقع الحياة العامة ما يشير صراحة الى تطبيق هذا المبدا , حيث توضع العديد من العراقيل امام المراة للتعيين في بعض الوظائف ومنها التعيين في القضاء , ومن ذلك ما حدث معي شخصيا , حين وضعت عوائق وحواجز شكلية امام قبولي في سلك القضاء , بعيدا عن معيار الكفاءة والمؤهل , ورغم استيفائي لكافة الشروط القانونية المطلوبة , فقد تم استبعادي من القبول في اختبار الكفاءة , من قبل مجلس القضاء الاعلى في اقليم كردستان وبدون مبرر قانوني , مما جعلني اؤمن بان المساواة الدستورية ماهي الا كذبة قانونية لتجميل مواد الدستور شكلا , ووجه النظام الديمقراطي العلماني زورا وبهتانا .
وهذا ان دل على شي انما يدل على عدم تطبيق الدستور بالشكل الصحيح وعدم السماح للمراة بولوج المؤسسات القضائية رغم التشدق بالمساواة الدستورية .

الا ان التشريعات القانونية والدستورية لوحدها غير كافية ما لم تدعمها الحكومة والدولة ومؤسساتها ومنظمات المجتمع المدني.
فهناك تفاوت فيما وصلت اليه المراة من التمتع بحق المساواة مع الرجل في تولي الوظائف العامة وهذا يرتبط بطبيعة النظرة الى المراة في النظم القانونية المختلفة

اما المركز القانوني للمراة العراقية فقد مر بفترات هبوط وصعود متبادلة , فقد شهدت فترة السبعينات من القرن الماضي عصرا ذهبيا للمراة , والمراة العراقية على وجه الخصوص , من ناحية المساواة القانونية مع الرجل , فقد صدرت عدة تشريعات اعطت امتيازات للمراة فاقت بها مثيلاتها من دول الجوار , ومن ذلك ,

• قوانين الاصلاح الزراعي التي اعطت الحق للمراة الريفية الفلاحة في استغلال الاراضي الزراعية والتعاقد مع دوائر الاصلاح الزراعي والجمعيات الفلاحية والتعاونية...

• وقوانين العمل التي اعطت المراة الحامل حق التمتع باجازة الحمل والولادة باجر كامل كما منحها اجازة امومة لمدة 6اشهر باجر كامل ولها الحق في تكرارها بنصف راتب ,
ومنح الزوجة الموظفة المخصصات الزوجية ومخصصات الاطفال عند عدم اخذها من قبل الزوج , كما منحها حق الالتحاق بالزوج في حالة ايفاده بمهمة رسمية او للدراسة خارج القطر.

كما صدر قانون التعديل الثاني رقم 21 لسنة 1978 لقانون الاحوال الشخصية الذي جاء باحكام جديدة منها ,
• انه منع بموجبه من اجراء عقود الزواج خارج المحكمة لضمان حقوق الزوجة ,
• ومعاقبة كل من يجبر اخر على الزواج ,
• والغى زواج النهوة وزواج الكصة بكصة ,
• ومنع تعدد الزوجات الا بموافقة المحكمة وموافقة الزوجة الاولى ,
• ومنح الزوجة حق طلب التفريق عن زوجها قانونا ,
• واعطى للام حق حضانة الطفل في حالة انفصالها عن الزوج الى حين بلوغه العاشرة من العمر,
• وقرار انشاء صندوق النفقات الموقتة في المحاكم الذي يتولى صرف النفقات الموقتة .
• ونفقة الزوجة التي تعجزعن استحصال نفقتها من الزوج,
• وقرار تحويل عقد ايجار الدار الخاص بسكن الزوجين الى اسم الزوجة في حالة الافتراق او الطلاق ,
• وقرار عدم جواز ازالة شيوع دار السكن الموروثة من الزوج الا بموافقتها ,
• وللزوجة الحق في ارث دار السكن كاملا عند عدم وجد ورثة اخرين للزوج .
• وقانون رعاية القاصرين لسنة 1980 الذي اكد على احقية الام في ان تكون وصية على اولادها بعد الولي ,
• وقانون التعليم الالزامي , وقانون الحملة الوطنية لمحو الامية ,
• وقانون خدمة المراة في الجيش والقوة الجوية ومنحها رتبة عسكرية ,
مع هذه الامتيازات فقد بقت بعض المواد المتعلقة بالشريعة الاسلامية مؤشرا على التمييز الواضح ضد المراة ,
• ومن ذلك ما ورد في قانون العقوبات العراقي رقم 11 لسنة 1969 المادة 41 فقرة 1 للزوج حق تاديب زوجته واولاده القصر ويشمل هذا الحق تاديب زوجته بالضرب ,
• والمادة 377 بفقرتيها في ارتكاب فعل الخيانة الزوجية التي تساهلت مع الرجل فلا يعاقب الزوج لفعل الخيانة الا اذا ارتكب الفعل في منزل الزوجية فقط ,
• والمادة 409 التي منحت الحق للزوج الذي يفاجىء زوجته او احدى محارمه في حالة تلبس بالزنا حق قتلها عذرا مخففا في عقوبة لا تتجاوز الثلاث سنوات , ولا تستفيد المراة من هذا العذر .

وبعد هذا استطراد سريع لمبدا المساواة , التي هي اساس القوانين في المجتمعات الديمقراطية , وقانون التعامل مع البشر على اساس كونهم بشرا , بغض النظر عن كونهم نساء ام رجال ,
وان يكون للمراة والرجل نفس الحقوق ونفس الالتزامات التي تضمنتها التشريعات والقوانين العراقية ,
الا ان الواقع الاجتماعي وتطبيقه لايتلائم وواقع القانون ونصوصه التي تنتهك حقوق المراة وتجعلها ضحية الاعراف والتقاليد , رغم ان دستورنا دستورا علمانيا ينادي بسيادة القانون الا ان مواده اثبتت عدم نضجها بالنسبة للمراة لوجود ذلك التفاوت في التمتع بالحقوق والمساواة مع الرجل ,
وبعد اليست المساواة كذبة قانونية ـ دستورية؟؟؟؟؟؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة