الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ديكارت الى ما بعد علم الجماجم

بودريس درهمان

2010 / 3 / 8
الطب , والعلوم


ديكارت مع تبنيه لتصور إمكانية إيجاد الحيوانات الآلية بدأت معه تتشكل النظرة الميكانيكية للدماغ وقد عرفت هذه النظرة صعود نجمها مع علم الجماجم المعروف تحت اسم الفرينولوجيا المشتق من الكلمة الاغريقية فرينوس التي تعني الذكاء. يفضل البعض تسمية هذا العلم بالكرانولوجيا، وصاحب هذا العلم المتميز هو فرانز جوزيف كال. لقد استطاع هذا العالم أن يجعل كل المهتمين بمجال الذكاء و بمجال الحدس والأحاسيس يعتقدون بأن شكل الجمجمة يعكس مستوى الذكاء ومستوى الإحساس. لقد استطاع فرانز جوزيف كال أ ن يحدد مواقع معرفية للجماجم والتي حددها في 35 وظيفة ذهنية كالذكاء، العدوانية، الأمل، الثقة، الشجاعة، الميول للسرقة، الخ
لقد زار فرانز جوزيف كال سجن برلين سنة 1805، واستطاع بداخل هذا السجن أن يلمس جماجم حوالي 200 من السجناء المقيدين. مما سمح له بالتصريح قائلا:"لقد أثبتت مما لا يجعل مجالا للشك بأن الدماغ هو عضو الروح، وليس هنالك إذن إلا شكل الدماغ وشكل الجمجمة اللذان باستطاعتهما إخبارنا بقدرات الفرد ومزاياه...لا الأنف ولا الأسنان أو الشفاه باستطاعتهم فعل ذلك"
لقد استطاع العالم كال Gall ومعه علم الجماجم أن يقوم بتطبيع كل القيم الاجتماعية عن طريق تحويل كل القدرات الأساسية للروح البشرية الى اسنادات لقوى بدائية. في سنة 1831تشكلت أول جمعية فرنسية لعلم الجماجم وضمت حوالي 200عضو من أطباء ومبدعين ورجال السياسة الخ. من بين هؤلاء المنخرطين نجد صانع ومخترع آلة قياس الجمجمة وهو Sarlandière
هواية فرانز جوزيف كال الأولى هي: الدماغ، العناية بالحدائق و النساء.
بعد تحديدات كال الخارجية وبعد أن تطورت الأدوات والمعارف، وبعد أن أصبح من الممكن استكشاف الدماغ البشري من الداخل بدأت تنتظم بداخل علوم الأعصاب مجالات علمية عدة تتوزع على مستويات عدة نذكر منها:
مستوى الجزيئات
مستوى الخلايا
مستوى الأنظمة المستقلة والمندمجة
مستوى السلوكات
مستوى المعارف
هاته المستويات المنظمة هي التي ساهمت في بلورة علوم عصبية متعددة
هي الآن في تطور مستمر مستويات دراسة وتنظيم المعطيات العصبية والتي تم تلخيصها في خمسة مستويات. هاته المستويات هي التي عملت على تحديد الإطارات العلمية الخاصة بمجال الأعصاب. مجال الجزيئات تم دمجه بمجال البيولوجيا وبمجال علوم الأعصاب فتمخضت عنه بيولوجيا جزيئات الأعصاب. نفس الشيء بالنسبة لمجال الخلايا الذي تم دمجه هو الآخر بمجال البيولوجيا وبمجال الأعصاب فتولد عنه علم بيولوجيا خلايا الأعصاب. بما أن علوم الأعصاب و ككل العلوم، سرعان ما تم دمجها بمجالات عدة كالعلوم النفسية والعلوم الرياضية وغيرها فقد أصبح التفكير في تأطير علم مستقل يمكن تسميته بالعلوم العصبية المدمجة.
لم تقتصر علوم الأعصاب على هذه المستويات فقط بل تعدتها الى إنتاج معارف متداولة في مجالات عدة كالأعلام، المعلوميات وغيرها، وهذا ساهم في بروز علوم معرفية تداولية جديدة هي ما أصبح يصطلح عليها بالعلوم المعرفية. نوردها في الجدول التالي:

بيولوجيا الأعصاب الجزيئيةNeurobiologie moléculaire
الدراسة والبحث البيولوجي في جميع الجزيئات التي تقوم بتشغيل الدماغ
بيولوجيا الأعصاب الخلويةNeurobiologie cellulaire
يهتم هذا العلم بدراسة خصائص الخلايا العصبية ومعرفة كيفية تطورها
علوم الأعصاب المدمجةNeurosciences intégrées
دراسة المنظومة المندمجة للخلايا العصبية كالأنظمة الحسية والأنظمة الحركية
علوم الأعصاب المعرفيةNeurosciences cognitives
دراسة الآلية العصبية للنشاط الذهني كاللغة، الوعي، التمثل الذهني وعلاقة الدماغ بعملية التفكير
علوم الأعصاب السلوكيةNeurosciences comportementales
البحث والدراسة في الأسس البيولوجية للسلوك عن طريق توضيح دور الخلايا العصبية المنتظمة في بلورة بعض السلوكات
الفرينولوجيا او علم الجماجمLa phrénologie
حسب فرانز جوزيف كال هذا العلم يهتم بدراسة الذكاء والخصائص النفسية انطلاقا فقط من شكل الجمجمة
علم قياس الجمجمةLa craniométrie
البحث ودراسة خصائص الجماجم
علم قياس خصائص الجسمL’anthropométrie
علم قياس جميع خصائص الجسم

هاته العلوم تم تطويرها الى مستويات مجهرية دقيقة وبواسطتها أصبحت الحقائق الفيزيولوجية والخلوية تتضح أكثر فأكثر. الدماغ البصري مثلا تم التعرف بداخله على 32 باحة عصبية و لم يتم التعرف فقط على هذه الباحات العصبية بل تم التعرف كذلك على الأنظمة العصبية البصرية المتداخلة والتي تم تحديدها في 12طبقة و 187 نقطة ترابط ما بين الباحات البصرية. لقد تم اكتشاف ومعرفة مستويات الترابط القائم ما بين الباحات البصرية و باحات اللمس وهذا الاكتشاف هو الذي ساهم في معرفة بعض الحقائق التي تخص فاقدي البصر؛ فهؤلاء عند ولادتهم لا تشتغل عندهم إلا باحة بصرية واحدة وحين يتم تعطيلها تتعطل معها قدرتهم على تعلم القراءة بطريقة براي.
النسيج العصبي للدماغ هو النسيج الأكثر تواصلا حيث يحتوي على حوالي 600مليون نقطة ترابط في كل ملمتر مكعب، وهو النسيج المتوفر على خلايا مغذية تساهم في بناء نظام المناعة للدماغ البشري.
في سنة 1791قام العالم كالفاني بتدوين اكتشافاته في كتاب أسماه: "الكهرباء العصبية". تتلخص أهم اكتشافات كالفاني في شرح حقيقة التقلص العصبي حيث يقوم الدماغ بإنتاج كهرباء تسرح في كل الخلايا العصبية . في سنة 1930سيقوم العالم Bergerبتوضيح حقيقة الإشارات الكهربائية للدماغ.
عادة ما يحلو للبعض تشبيه الدماغ البشري بالحاسوب ولكن في واقع الأمر الومضات الكهربائية بداخل الحاسوب تنتقل بسرعة الضوء لكن بداخل الدماغ البشري فهي مختلفة تماما، إنها تنتقل وفق أشكال مختلفة من السرعة حسب طبيعة الخلايا العصبية، وهي على كل حال تنتقل بسرعة ما بين 50 الى 100متر في جزء من الثانية. سرعة الومضات الكهربائية هي مثبتة بشكل نهائي بداخل الحاسوب لكن بداخل الدماغ البشري فهي جد عفوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصوات من غزة| استمرار معاناة الحصول على الأدوية بالتزامن مع


.. يا رب ننجح .. فرحة طلاب الشهادة الإعدادية بالبحيرة بعد أداء




.. ما حجم انعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية؟


.. -قرطاج يجب تدميرها-.. مؤسس فيسبوك يثير غضب التونسيين بسبب عب




.. رجل أعمال فرنسي يسافر إلى الفضاء لتحقيق حلم الطفولة