الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى لا تذبل الديموقراطية في القلوب

جان كورد

2010 / 3 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



صورة كاريكاتورية معبّرة للأخ المحترم يحي السلو عن واقع الهجوم المشترك للدول الغاصبة لكوردستان على قناة (روﮊ تى ﭬى) في عالم العولمة وزمن الأمجاد الأوربية التي تمثلها ساعة البرلمان البريطاني... ومن المؤسف أن بلجيكا، الدولة التي تحتضن مؤسسات هامة وأساسية للاتحاد الأوربي تشارك جريمة الهجوم بالقوة المسلّحة على مؤسسة اعلامية مرخّصة ليس فيها سلاح، والحكومة البلجيكية تدرك تماماً بأن ما في هذه المؤسسة الاعلامية الكردية في بلادها لا يعدو الأوراق والأفلام وأدوات التصوير والمونتاج وكثيراً من آلات الطرب وألبسة الرقص... ولكنه "الارهاب الفكري المشترك" من بعض الدول الغربية مع بعض دول الشرق الأوسط على عالم يطمح في حياة في ظل الحرية والديموقراطية، ومن هذا العالم الطامح والظامىء للحرية الجزء الكوردي الذي لايعاني الويلات والظلم والمآسي المتتالية والتجزئة والتقسيم فحسب، وانما يعاني من سياسات كبت الأفواه ومنع الكلمة الحرّة أيضاً، وتحول بينه وبين الحرية والديموقراطية نظم دكتاتورية وفاشية وعنصرية....
نحن الشرق أوسطيون، نترك بلادنا الجميلة بسبب الظلم والعنف والاجرام المنظّم للحكومات التي تنهب ثرواتنا وتغتال انسانيتنا وتسلب كرامتنا وتمنعنا من التعبير عن آرائنا وأفكارنا، أي أننا نهرب إلى عالم نأمل التمتّع فيه بالحرية والديموقراطية وأن تصان فيها كرامتنا الإنسانية...ولذا نتوجه إلى بلاد العالم الحر الديموقراطي والأمل في حياة أفضل تملأ جوانحنا، ولكن مع الأيام نكتشف أننا لازلنا محرومين من كثير من الحقوق، وبخاصة نحن أبناء وبنات القوم الكوردي...وهذا يبعث في صدورنا الألم الذي لاينطفىء... ونعتقد أن العالم سيبقى دائماً على صورته المؤذية التي رأيناها في بلادنا، ونرى بعض جوانبها في المهاجر أيضاً، ونحن في أعماقنا أيضاً متأثرون بتلك الصورة البشعة، فنطبّقها فيما بيننا كما يطبقها أعداء الحرية ضدنا وعلينا... فنحن مقلدّون لكل شيء غير مفيد ولكل شيء ضار بحياتنا الاجتماعية والسياسية والثقافية....
منذ زمن طويل، تشن تركيا بكل قواها السياسية والديبلوماسية وعن طريق أجهزتها الاستخباراتية والاعلامية حرباً اعلامية بشعة على الشعب الكوردي في العالم الحر الديموقراطي، وتنجح في مساعيها وسلوكها اللاديموقراطي مع الأسف مستفيدة من كثير من أخطاء الكورد أنفسهم وجهلهم وعدم جديتهم في العديد من المسائل الهامة، بل لوجود الكثيرين من عملاء تركيا وجواسيسها أيضاً في صفوف حراكنا السياسي الكوردي بشكل عام... وبتضافر الأجهزة التركية التي تخوض حربها الاعلامية والأمنية ضدنا مع جهات أوروبية لها مصالح اقتصادية ومالية ضخمة مع تركيا، وبسبب تحالفها العسكري مع تركيا، تمكن أعداء الكورد من رسم دوائر فولاذية الطوق حول العديد من النشاطات الكوردية الثقافية والسياسية والاعلامية، ومنها كأنموذج صارخ (قناة روز تى في)، وشرعوا منذ زمن بعيد في التخطيط والعمل الدائب لاقناع الحكومة البلجيكة بضرورة تضييق الخناق على هذه القناة التي ليس فيها أسلحة أو متفجرات أو مجرمون، وانما أدوات وثياب وآلات فنية وموسيقية، ومواد تلفزيونية، وكوادر مهتمون بقضايا شعبهم المضطّهد، مؤمنون بمبادىء حرية الرأي والاعلام، لا أكثر ولا أقل...فجاءت هذه الضربة الأخيرة على هذه القناة لتصبح نقطة سوداء في جبين عالم الحرية والديموقراطية، وكإدانة للاتحاد الأوربي الذي لايدع مناسبة دولية إلا ويعلن نفسه فيها كمدافع عن قضايا الحرية والديموقراطية...
هذا كان متوقعاً أن يحدث، لو أن الكورد تفادوا بعض الأخطاء التي كان بالامكان تفاديها، ولو أخذوا عدوهم مأخذ الجد واهتموا بخططه بشكل أكثر اهتمام... ومسؤولو القناة يعرفون أنهم صاروا هدفاً هاماً لعدوهم السياسي – الاعلامي منذ زمن طويل... ولذلك لا يحق لنا التذرّع بالحديث عن "الامبريالية والصهيونية والرجعية!" كما كنا نتكلّم في فترة الحرب الباردة...ويجب أن نعترف بأننا نخوض حرباً سياسية واعلامية في مستنقعات يحوم عليها البعوض الطوراني القاتل منذ زمن بعيد...
كما أن هذه الضربة قد تعلّمنا أن نصون حرية الرأي فيما بيننا، أن نتضامن كمواطنين كورد مختلفين بشكل طبيعي في آرائنا وأداءنا السياسي، حتى لاندع مجالاً للثغرات التي يتسلل منها العدو الاعلامي – السياسي، وهنا أشدد على أن ليس كل شيء على مايرام مثلما يحاول بعضهم تصويره لنا... ومثلما تسبب بعضهم في الماضي أيضاً لأن يُدخِل العالم الحر الديموقراطي اسم بعض تنظيماتنا الكردية في قائمة "الارهاب الدولي" الرسمية؟ مختلقين لذلك أيضاً ذرائع وحجج بالحديث حديثاً من زمن الحرب الياردة...
إن الحكومة البلجيكية، التي في قلب الاتحاد الأوربي، وتجذب قلوب الشعوب المتعطشة إلى الحرية صوبها، قد ارتكبت بهجومها المشترك مع رجال الأمن التركي على مقر "روز تى فى" جريمة ضد الإنسانية لأن هذا الهجوم لايتفق مع مبادىء الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، مهما حاول البلجيكيون تبريره... فالأوربيون يرفضون من جهة وضع حد للذين يسيئون لمشاعر المسلمين - مثلاً- من خلال الاعلام، بحجة أن الإعلام في أوروبا حر مستقل، ولا يحق للحكومات التدخّل في عملها، فلماذا لايقولون للطورانيين الترك:"هذا إعلام في دولة أوروبية، وهو حر ومستقل، لا نستطيع خنقه بأيدينا!"
برأيي، أن يسعى الكورد جميعاً بشتى الوسائل السلمية المشروعة لوقف مثل هذه الممارسات العدوانية على إعلامهم وثقافتهم ولغتهم وإنسانيتهم وقوميتهم، وأن يعبّروا عن رفضهم التام لكبت صوتهم الاعلامي الحر، بغض النظر عن تأييدهم لهذه السياسة أو تلك، ورغم كل نقدنا للعديد من سياسة (روز تى فى) الاعلامية، فالحرية لايمكن منحها لبعض المؤسسات الاعلامية دون غيرها، حتى في عاصمة الاتحاد الأوربي، ذي المصالح الدولية المتعددة الوجوه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل