الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوانين النجاح الروحية السبع -3-

كامل السعدون

2004 / 7 / 14
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


قوانين النجاح الروحية السبع……….The seven Spirtual Laws
-3-
قانون السببية – The Karma Law


الكارما (Karma ) مبدأٌ في العقيدة البوذية ، يعنى به الفعل ورد الفعل أو السبب والنتيجة معاً في تعبيرٍ واحدٍ يضمهما ، ليعير بالتالي عن الحرية الإنسانية الخالدة ، عكس ما تقول به بعض الأديان السماوية من أن الإنسان مجبرٌ إلى حدٍ كبير وأنه بلا خيار أو بأقل الخيارات .
وكما يقول الحكيم الهندي العظيم ( سوامي فيفا كناندا ) : " أفكارنا ، أفعالنا وكلماتنا هي خيوط الشبكة التي نلقيها حول أنفسنا بأنفسنا ، ثم نُحبسْ ونتعثرْ في داخلها " .
تقول الكارما ( بل وكما تقول الفيزياء الكلاسيكية ) كل فعلٍ تعقبه نتيجة تعود إلينا بذات العملة التي دفعنا بها ، فإن فعلنا شرّاً كانت عاقبته ولا شك من جنسه وإن فعلنا خيراً فلا بد أن ننال الخير .
ليس هذا القانون بجديد ، فقد جاء في أغلب الأديان والفلسفات ، ونحن نعرفه جميعاً ولكننا بالكاد نعتمده في تصريف شؤوننا الحياتية .
كيف نعتمده يا ترى …؟
حسناً … حين قلنا أن هذا القانون يعبر عن الحرية الإنسانية فهو يعبر في واقع الحال عن حجم وكمّ الخيارات المطروحة أمامنا في كل موقفٍ نواجهه ، وفي كل ثانية من ثواني العمر .
بعض هذه الخيارات ، خيارات واعية نتخذها في حالة وعيٍ تامٍ أو جزئي ، وبعضها غير واعية ، أي إنها تنبع من الداخل بشكل أوتوماتيكي .
وإذن فنحن نعتمد قانون الكارما أو العلة ومعلولها بأن نؤمن به أولاً ثم نسلط الوعي النافذ على المساحات غير المضاءة من دواخلنا ، فننتج بالتالي خيارات واعية ومتحسبة للنتائج ..!!
أنظر إلى هذه اللحظة التي أنت فيها الآن عزيزي القارئ ، سواء شئت أم أبيت ، أنت هنا الآن في هذا المكان الذي أنت فيه ، في هذه اللحظة الزمنية التي أنت فيها ، بما في هذا المكان وهذه اللحظة من سوء أو خير ، كل هذا الذي أنت فيه هو محصلة لخيارات سابقة ، سيئة كانت أم حسنة ، أوصلتك إلى ما أنت فيه من خير أو شرّ .
بديهيةٌ هذه أليس كذلك …؟
طبعاً …لكن من منّا مستعد لأن يعيها ويحسبها بعناية في حالة انتخاب هذا الخيار أو ذاك ..؟
إننا مخيرون بالكامل ، ولكننا حين نقع أسرى للخيارات السيئة ، ندعي أن الآخرين أو الظروف أو …الخ ، هو السبب وراء هذا الذي وقع علينا …!
لكن حين ننجح أو نتوهم أننا نجحنا ، نسارع إلى الإدعاء أن السبب وراء نجاحنا هو ذكائنا وعبقريتنا …!!
لو إنني شتمت الناس يوماً فماذا أنا متوقعٌ منهم ، في الغالب ، الرّد بالمثل أو بما هو أسوأ ، كذلك فأنا أمتلك خيار أن أتقبل الإساءة أو أتجاوزها …!
نحن مخيرون ، هذه حقيقة أكيدة …!
لكن …رغم إننا نمتلك دوما ما لا يعد من الخيارات ، فنحن فقراء للأسف في اختيارنا ، وفي الغالب نعتمد على ردود أفعال انعكاسية شرطية ، تنبثق من العقل الباطن إلى اللسان واليد والفكر كأسلحة مأمونة الاستعمال ونمتلك الخبرة الكافية لإطلاقها ، إنها تنبثق من العادة أو التصورات السالفة أو الأمنيات القديمة أو نمط فهمنا لأنفسنا والبديهيات التي نملكها عن حجمنا وحدودنا وصورتنا الذاتية .
لو إني مثلاً قابلت إنساناً ما لأول مرة ، تجدني أسلك معه سلوكاً مقارباً أو متطابقاً مع ما أملك في الذاكرة من سلوك سلف لي أن استعملت أو ربما من خلال عقدة نفسية قديمة أو تجربة غير سارة أو ربما سارة عشتها ذات مرة مع من هو مشابهٌ لهذا الإنسان .
من الطريف أن ردود أفعالنا الانعكاسية الشرطية تذكر إلى حد كبير بهذا الاكتشاف المذهل للعالم الروسي ( بافلوف ) ، حين ربط بين تقديم الغذاء للكلب وبين جرسٌ يدق في ذات اللحظة ، بعد فترة صار لعاب الكلب يسيل لمجرد أن يدق الجرس ، سواءٍ جاء الطعام أم لم يأتي .
كيف …؟
لقد سجل الكلب في ذاكرته خياراً مأموناً تعود عليه وهذا ما نفعله نحن .
وإذن فإن من الضروري جداً أن نعي خياراتنا ولا ندعها تنطلق بتلقائيةٍ وبحكم العادة أو الذكرى أو الانعكاس الشرطي ، وبالتالي فحيث نعي ، نتحمل المسؤولية عن أفعالنا فلا نلقي بها على أكتاف القدر أو الناس أو الظروف …!!
بل إن وعي الخيارات التي حصلت أو التي توشك أن تحصل والانتباه لخلفيتها ، سيعطينا سيطرة طيبة على آثارها ونتائجها .
لنسأل إذن أنفسنا ونحن بوارد اتخاذ خيارٍ ورد للتو على الذهن :
 لماذا هذا الخيار دون غيره ؟
 ما هي النتائج المتوقعة من وراء هذا الخيار ؟
 هل سيسعدني هذا الخيار ويسعد من حولي بذات الوقت ؟
لو إني وجدتني أقتنع حقاً بهذا الخيار وأراه ملبياً للحد المعقول من الأمان والتقدم والسعادة وأنه لا يسيء أو يجرح الآخرين ، فإن من الضروري أن أتخذه ، بعكس ذلك علي أن أبحث عن خيارات أخرى .
من الطريف أن هناك ميكانيكية جسمانية ( لها ارتباط بالميكانيكية الكونية في وعي وحدس النتائج ) ، هذه الميكانيكية تتمثل في ظهور أعراض جسمانية معينة من قبيل اضطراب الأجفان المتسارع أو شعورك وكأن قلبك يهبط من مكانه أو اضطراب الساقين أو غيرها مع شعورٍ عام بالهدوء والراحة النفسية أو الاضطراب الجسماني والتوتر ، عندما تكون على وشك انتخاب خيارٌ معين .
يستحسن أن ننتبه لتلك الظواهر ، بل ويستحسن أن نفعلّها إن لم تظهر تلقائياً ، وذلك بأن أوجه لقلبي السؤال ، هل هذا الخيار ناجع أم لا ؟
سيأتيني الجواب بالحال بشكل طمأنينة نفسية أو توتر واضطراب أو غيرها …!
للأسف ، يضن الكثير من الناس وبينهم الكثير من المثقفون أن القلب هو لا أكثر من مضخةٍ إسفنجيةٍ تضخ الدم ليل نهار بلا انقطاع …!
هذا ليس صحيح …أبداً …!
القلب جهازٌ حدسيٌ له ارتباطات كونيةٌ نؤمن بها من خلال التجربة أو في حالات الصفاء النفسي الخالص ، ولا نملك معرفةٍ يقينية مجربة مختبرياً عنها …!
القلب لديه القدرة على التقييم والحكم بشكلٍ شموليٍ ، أي إنه يأخذ كافة العلائق كوحدة واحدة ويعالجها بمنتهى السرعة ويعطيك الرد مكتملاً ، وليس كالعقل الذي يحكم من خلال الظواهر والحواس والخبرات السابقة وآراء الناس ثم يعالج العلائق التي ترتبط بمادة التقييم بشكلٍ منفصلٍ أي واحدةٍ إثر الأخرى .
ثم إن القلب لا يفكر بمنطق الربح أو الخسارة ، بمعنى كم أربح من هذا الخيار وكم أخسر ، بل هو ينظر إلى مدى انسجام هذا الخيار أو ذاك مع اعتبارات الضمير وسعادة الناس والانسجام الكوني .
قانون ال (كارما-Karma ) البوذي ، يمكن إن أحسن المرء استخدامه أن يفضي للكسب المادي والرفاهية الحياتية ، شريطة أن نعي ، إن ما نفعله اليوم سيكون له في الغد نتائج ، وإن مستقبلنا يعتمد بقوة على خياراتنا في اللحظة هذه التي نحن فيها الآن .
حسناً …ماذا بشأن أفعال الماضي والتي ما عاد بمقدورنا تغيير خياراتنا فيها ، والتي نعاني بالتالي في يومنا هذا من آثارها السالبة ؟
نعم …هناك ثلاث خيارات يمكنك أن تختار كيفية التعامل مع ( كارما ) الماضي من خلالها :
الأول : هو أن تدفع الثمن بغير تردد ، لأن ليس من دينٍ لا يسدد ، والحقيقة أن أغلبية الناس يفعلون هذا بلا وعي منهم أو ببعض الوعي .
كثيراً ما يبدو الثمن الذي ندفعه ثقيلاً ، وكثيراً ما نشعر بالمرارة والتلكؤ في الدفع أو ربما نقاوم بهذا القدر أو ذاك ، ولكننا في النهاية ندفع .
الخيار الثاني : هو أن تحيل هذا الدين الذي تدفعه إلى تجربه مفيدة لك وللآخرين ، وهذا خيارٌ حكيم ، يعتمد على أنك تعي مسئوليتك عن خيارات الماضي ثم تطرح على نفسك سؤال ، كيف أستطيع أن أنتفع بهذه التجربة أو هذا الدين الذي أجدني ملزمٌ بدفعه ؟
بهذه الطريقة سينشط وعيك باحثاً عن إمكانيات لاستخدام هذه التجربة وإحالتها إلى منفعة قد تفيد ناساً كثيرين وقد تجلب لك مالاً كثيراً ، من قبيل أن تخترع جهازاً على ضوء تجربتك المؤلمة في الإصابة إثناء ممارسة رياضة أو إثناء العمل على ماكنة غير سليمة وأدت بك إلى الإصابة أو أن تكتب كتاباً تعليمياً أو حتى مذكرات تشرح فيها قسوة تجربتك ، كائنة ما كانت تلك التجربة .
أو ربما تكون التجربة إنذارا لك بضرورة أن تأخذ الأمور بقسط أكبر من الهدوء والروية وبالتالي تحفظ صحتك وتطيل عمرك .
تذكر … هناك دائماً بذرة خير في أي تجربة ومهما كانت تلك التجربة مؤلمة …!
بمثل هذا تدفع أنت دين الماضي ( نتائج خيارات الماضي الخاطئة ) ويفيض لديك قسطاً من الطاقة تستخدمه لتحقيق النفع لنفسك وغيرك .
الخيار الثالث : أن تتجاوز التجربة بالكامل فلا يتخلف منها في ذهنك شيء وتتابع حياتك بشكل ربما أفضل من السابق ، ويتم هذا من خلال أن تعي بأنك لست ملزماً بعد أن تدفع الثمن في أن تظل عائشاً بالفكر والفعل والخيال في هذه التجربة ، بل تنساها وتتابع حياتك ، هنا يحتاج المرء للتأمل لتحرير عقله وفكره وحياته بالكامل من أعباء القلق بشأن الثمن الذي دفع أو سيدفع .
هنا نود أن نضيف أن كل الأحداث الحياتية صغيرها وكبيرها هي سلاسل كارمية Karma Episodes ، تناول قدح قهوة مثلاً وهو فعلٌ عاديٌ جداً هو فعلٌ karma لأن احتساء القهوة في لحظةٍ ما يخلق ذكرى صغيرة تتخلف في الذاكرة ، هذه الذكرى بدورها لديها القدرة على خلق رغبة Desire والرغبة بدورها تؤدي إلى تكرار شرب القهوة .
لو إنك وعيت هذه السلاسل من الأفعال ونتائجها ، فإن بمقدور انتباهك أن يفضي إلى سيطرة العقل على الفعل فلا يخرج الفعل من نطاق المنفعة والخير .
تماماً كما يفعل هذا الذي يجرب الخمر مرّة ويعي سخف التجربة في حينها فلا يكررها ….!
نكرر نحن مخيرون ولكننا نلقي بشباك الخيارات السيئة حول أجسامنا وعقولنا وحين نتعثر ، ندعي أن الله أو القدر أو الناس أو الظروف هي السبب …!!
هذا القانون الجميل القديم قدم الدهر ، يمكن لنا لو إننا وعيناه وآمنّا به ، أن ننال عبر تطبيقه هو والقوانين الروحية الأخرى ، سعادةٍ ونجاحٍ منقطع النظير …!
وإلى القانون الرابع من تلك القوانين الروحية الكونية الطبيعية السبع ، في مقالٍ آخر في القريب …








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوراق الجوافة..كيف تحضر مشروبًا مثاليًا لمحاربة السعال والته


.. دراسة: مكملات الميلاتونين قد تمنع الإصابة بحالة الضمور البقع




.. في اليوم الـ275.. مقتل 20 فلسطينيا بغارات على غزة| #الظهيرة


.. ترقب داخل فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية للانتخابات التشريعية




.. اقتراح التهدئة.. تنازلات من حركة حماس وضغوط على بنيامين نتني