الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمة انصار الحزب الشيوعي العراقي الباسلة / الأخيرة ‏

ناصر موزان

2004 / 7 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لقد كان القصف الشديد على منطقة نوزنك شبه مركزا على مواقع الحزب رغم ‏حداثة وجوده النسبي آنذاك وعدم اكتمال تسلحه، وعلى مواقع اوك التي تصدّت ‏وكما مرّ، وقد ادّت شدة القصف الى انسحاب القوى الصغيرة الى داخل ايران فيما ‏حافظت القوى الرئيسية على بقاء مواقعها هناك، وكانت اوك والشيوعي وحسك، ‏رغم انسحاب عدد من البيشمركة من الساحة وذهابهم الى اقاربهم في ايران او ‏اعطيت لهم اجازات لأغراض الراحة واعادة المواصلة (1) ، الأمر الذي كانت منظمة ‏الأنصار محرومة منه لمواقف الدول المحيطة من الأحزاب الشيوعية من جهة، ومن ‏جهة اخرى فان توفّر ذلك للبعض فان المنظمة لم تتبع ذلك الأسلوب بعد ان تربى ‏كادرها منذ السابق على اساس المواصلة الدائمة واي انقطاع كان يعني انقطاع ‏نضالي يترك اثراً سلبيا في سيرة المناضل من جهة، ومن جهة اخرى كان سببه ‏عدم خلق تفريق بين الأنصار (2) الذي قد ينشأ بين من لدية امكانية ما ويريد ‏الأستفادة منها وبين من ليس لديه تلك الأمكانية، وهي قضية لم تناسب تلك ‏الظروف الشاقة ولاظروف منظمة الأنصار، بدليل ان المنظمة اضطرت الى قبولها ‏بعدئذ اثر المشاق الهائلة اللاحقة بعد ان خسرت عدداً من الأنصار كان يمكنها ‏الأحتفاظ بهم، وهو دليل آخر يضاف الى الفروق بين عمل الحزب وعمل الأنصار ‏الذي احتاج الى منظمة حزبية خاصة له تفهمه وتسعى الى ارشاده نحو تحقيق ‏النجاحات العسكرية في تلك الظروف.‏
لقد تسبب قصف الطائرات في 2 آب 1980 في فشل مفهوم ان المواقع كانت ‏حصينة وبعيدة عن متناول قوات الدكتاتورية، وتسبب بهزّة بين انصار قاعدة نوزنك ‏وعموم البيشمركة هناك كما تم ذكره. وفي الوقت الذي جاء القصف دفعة ايجابية ‏لأراء الأنصار الذين كانوا يريدون النزول بالمفارز الجوالة وتقوية الصلات مع اهالي ‏القرى والقيام بما يمكن القيام به من اعمال عسكرية مهما كانت صغيرة وكونها ‏كانت تشكّل عملية انتشار ايضاً، افضل من الجلوس في المقرات كالعجائز كما ‏عبّروا ، وان المقرات لاداعي لها ويسهل استهدافها والتسبب بخسائر كبيرة ‏لاداعي لها.‏
جاء القصف ليزيد من احباط من كان يرى ان لاطائل من الصراع مع السلطة، دون ‏تقديم بديل ملموس. وزاد في دفع ذلك البعض الى الألحاح على الخروج من ‏العراق بأي ثمن، وزاد ايضاً من طروحاته بان قيادة الحزب كانت غير جادة في ‏الكفاح المسلّح والاّ لوفّرت كل ما تستطيع عليه وبظهرها الأتحاد السوفيتي ‏العظيم وامكاناته الجبارة ؟ (حسب تصورات تربى عليها عديد من الأنصار والحزبيين ‏آنذاك وفق ما كانت توحي به لغة اعلام الحزب وصحافته وحتى الضربة) لقد كان ‏قصف آب لذلك العام ولتلك الظروف محطة لفرز وحل امور كثيرة في قاعدة نوزنك ‏للأنصار ذات الأكثر من 500 خمسمائة نصير ونصيرة الذين التحقوا بها بغالبيتهم ‏الساحقة من الداخل محمّلين بهموم جحيم الداخل وتصورات لم تكن كلّها واقعية ‏حول امكانات الحزب، ودون اية محطة للأستراحة وجرّ النفس من ثقل كابوس ‏الدكتاتورية. ‏
في ظرف حمل اضافة الى الأفلات من ظلم الدكتاتورية، كل التناقضات صعوبة من ‏تحوّل من حياة مدينة الى حياة ومصير في اعماق الريف، وتناقض ابناء المدينة ‏‏(المسقفي سَوْري)(3) مع ابناء الريف البعيد واعماقه من الريف الكردستاني ‏‏(الفلاحي المتخلف)(4) الذي شكّل ابناؤه في البداية العناصر التي لايمكن الاّ ‏الأعتماد عليها في الأنطلاق بحركة مسلحة من ذلك الريف لأنهم ان لم يكونوا من ‏ابنائه مباشرة فانهم كانوا على تماس به اضافة الى معرفتهم بشؤون المنطقة ‏واخيراً لأنهم كردستانيون لغة وعادات ومنطق.‏
اضافة الى النتائج السياسية والمعنوية ومدى الموقف من القيادة الحزبية لضربة ‏قدرها عارفون بانها كانت اقسى من ضربة 8 شباط 1963 وسط تعليقات الوسط ‏المتذمر الذي ساقته ظروفه وتصوراته التي لم تكن تخلو من بعض الرومانسية ‏ايضا الى نوزنك. اضافة الى ان انسجام الريفيين و ابناء المدينة يحتاج وقتاً اطول ‏ومعايشة لتكوين الشعور بانهم رفاق درب واحد ويواجهون مصيراً واحداً ، ان كانوا ‏مصممين على مواجهة الدكتاتورية فعلاً.‏
جمع الرفيق ابوجوزيف القائد العسكري لمنظمة الأنصار (5) آنذاك ـ والذي كان ‏يحظى بحب واحترام الغالبية الساحقة من انصار القاعدة ـ جمع المسؤولين ‏العسكريين والسياسيين لكل الفصائل التي كانت منتشرة المواقع في المنطقة ‏وقال : ( لاتنسوا اننا جميعاً هربنا من الأرهاب من معركة غير متكافئة، لأعداد ‏انفسنا لمواجهته بالسلاح والسعي لأسقاطه، لقد قررنا المجئ الى هنا في ‏اقصى الوطن ولم يجبرنا على ذلك احد، الاّ الظلم الفاشي. ان وجودنا وصمودنا ‏هنا هو البداية لمواصلة النضال والدفاع عن حق شعبنا في الحياة والحرية التي ‏يريد البعث الفاشي تدميرها بالكامل)، ورشق الكادرين اللذين كانا يشيعان بين ‏الأنصار ان الحزب ( غير جاد بالكفاح المسلح لأسقاط الدكتاتورية) بنظرة جادة، ‏عنت انه كان يقصدهما وكانا ينظران الى الأرض واضاف (ان اتفاقنا وتكاتفنا ‏وصمودنا هو الذي يحقق النجاح مهما كان صغيراً في البداية الاّ انه سيعني بداية ‏تغير المعادلة نحو مواجهة الدكتاتورية وليس الهروب منها، وهو الذي يحقق ‏الأمكانات لأننا اصحاب الحق. هذه هي امكاناتنا الآن وهي في ازدياد كما ارى من ‏مجئ المتطوعين من الخارج ومجئ الأذاعة، ومن لايستطيع البقاء يمكنه الذهاب ‏وتدبير اموره على مسؤوليته وسنعمل على مساعدته على قدر مانستطيع وانتم ‏ترون امكاناتنا) .‏
لم يأت كلام ابوجوزيف عبثا وهو الذي كان احد المتشددين في السماح لمن كان ‏يريد الخروج نحو ايران وخاصة من لم يكن لديه احد او من سيبحث عن امكانية ‏للبقاء وقد يعود ان فشل في ذلك، لأسباب متعددة اوضحها لنا واولها شعوره ‏بالمسؤوليه ازاء حياة وارواح من كان يريد الخروج وكان للمنظمة الشحيحة السلاح ‏امكانية محدودة جداً (وكانت لاتريد زيادتها حذراً من الأنكشاف امام اشكال متنوعة ‏من المجاميع المسلحة المعادية للشيوعيين في كردستان العراق وايران)، كانت ‏تستخدمها لأغراض نقل المرضى والجرحى والبريد وتوفير الأرزاق آنذاك في ظرف ‏كان اقتتال الأخوة مستعراً فيه وممتداً داخل ريف كردستان ايران وعدد من مدنها ‏الهامة حيث كانت تقع اهم محطات الطريق، اضافة الى تكاليف السفر الباهضة ‏بالنسبة للمنظمة التي كانت تعيش على الخبز والشاي والعدس، اضافة الى ان ‏فسح المجال لخروج من اراد من العابرين (كائنا من كان)كان سيحول القاعدة الى ‏محطة سكن وتقديم الطعام الشحيح اصلاً لعديد من العابرين ان صح التعبير على ‏انواعهم ومجهوليات حقيقة غالبيتهم الأخيرة وماهية من اوصلهم من المهربين، ‏اي كانت ستعبر من خلالها (المقرات) موجه من الموجات البشرية الهادرة ‏للعراقيين نحو الهروب من الدكتاتورية الدموية لاأكثر (وليس تأسيس منظمة ‏مسلحة)لكونه مضمونا الأمر الذي كانت تتجنبه كل قوى منظمات البيشمركة في ‏نوزنك آنذاك، في الوقت الذي قامت كلها وللأمانة بمساعدة من هرب بشرط ان ‏يمر بعيداً عن مقرات البيشمركة (الأنصار) حفاظاً على اسرارها وعلى سرية ‏شخصيات الموجودين فيها من البيشمركة(الأنصار)، بعد تزايد اعمال التخريب ‏كماسبقت الأشارة اليه، ووفق تجارب من عمل في أنصار كردستان سابقاً ومن ‏عرف اين كان مقتل البؤرة الثورية في الهور اواخر الستينات واستشهاد الأبطال ‏خالد احمد زكي وسامر ورفاقهما البواسل مع اختلاف الظروف(بعيداً عن الأدعاءات ‏الجوفاء بالمعرفة لدى بعض المدعين).‏
وهكذا قرر مكتب القوة بذل جهد استثنائي لمساعدة من اراد الخروج الى اقارب ‏في ايران على مسؤوليته وتحمّل الجزء الأكبر من نفقات السفر وهيأ لهم ثلاثة ‏مفارز مع عدد من المسلحين لحمايتهم الى طريق السيارات. بعد ان كان رأيه ‏ابقاء المتذمرين وغير الراغبين حفاظاً على حياتهم من جهة ومحاولة اقناعهم اثناء ‏زجهم التدريجي باعمال غير قتالية لسد حاجة المقرات ـ التي كانوا يعيشون هم ‏ذاتهم فيها ـ من حراسة وتقطيع اخشاب و طبخ والقيام بامسيات ثقافية عامة.‏
وكان من سوء الصدف او لأسباب أخرى تعود لهم ان الذين بقوا لعدم وجود اقارب ‏او احد لديهم في ايران شكلوا ثلاثة ارباع المتذمرين، كانوا في اغلبهم كسالى ‏حتى في خدمة انفسهم هم ، لاطاقة لهم ـ او هكذا بدا ـ على جمع حطب ‏لغسل اجسامهم كما يفعل الجميع دوريا، وكانوا ممن برعوا في النقاشات ‏و(الجمل الثورية) الطنانة و(المنطق) والتحذلق والأشعار عن (المحارب) التي ‏لاتكفي لوحدها، وشكّلوا عبأ حقيقيا عكسته رسائل واحاديث المقاتلين الذين ‏طالبوا باتخاذ اجراءات رادعة بحقهم. ‏
وفي الوقت الذي ارادوا محاسبة القيادة ومعاقبتها على اخطائها، لم يعرفوا كيف ‏كان يمكن تحقيق ذلك، ونسوا ان هناك اصول تنظيمية وافقوا عليها عند انتمائهم ‏للحزب ؟ لم يفهم احد كيف يمكن اتمام ذلك دون العمل على خلق جسم ‏تنظيمي. كانوا يتصوّرون انهم كانوا الوحيدين الذين بحثوا (بذكاء) اخطاء القيادة ‏آنذاك ووحدهم من اراد التغيير نحو الأحسن، وغيرهم كانوا (اغبياء وحيوانات عمل) ‏وفق تعابيرهم (الثورية) . في الوقت الذي سعى كلّ الجادين ورغم آلامهم من ‏الأوضاع التي تتحمل جزءاً كبيراً منها القيادة، الى تكوين حد ادنى من التنظيم ‏حول اعضاء القيادة الذين تولوا تلك الوجهة وجهة الكفاح المسلّح بعد ان لم يترك ‏البعث مجالاً آخر غيره للنضال وبعد ان تمكنوا مع عدد من الحزبيين من اقامة ‏قاعدة لديها شئ من السلاح وتدبّر امر ارزاقها، اعترفت بها القوى المسلحة هناك ‏وقدمت لها المساعدة في تلك الظروف الصعبة، التي ردّت منظمة الأنصار بدورها ‏ذلك المعروف اليها بعد ان وقفت على رجليها . ‏
لقد تصوّر البعض انه هو البديل عن القيادة آنذاك، في الوقت الذي كان غير معروف ‏حتى بين رفاق مدينته ذاته ممن كان موجوداً هناك، وغير معروف بالقدرة ‏والأمكانية، فكيف يحوز ثقة وموافقة الآخرين، بالأدعاء والجمل الطنانة؟ في الوقت ‏الذي تجمّعت الغالبية في نوزنك حول مكتب القوة رغم النواقص لأن اعضائه كانوا ‏مناضلين معروفين حتى بين القوى المحيطة عرفتهم ساحات النضال سواءاً في ‏السجون او في الأضرابات والمظاهرات او حياة البيشمركة الأنصار في السنين ‏السابقة وغيرها من المواقف المصيرية والصعبة.‏
وقد اعتمد مكتب القوة اسلوب الموسعات لأقرار الوجهة في القضايا الكبيرة ‏السياسية والعسكرية والتحقيقية والأمنية شارك فيها كل الأعضاء المتقدمون ‏ونشطاء التهيؤ للكفاح المسلح بل حتى القلة الضئيلة من المتذمرين ممن ‏اهلتهم صفاتهم التنظيمية السابقة على الحضور .‏
لم يطرح المتذمرون بديل لوجهة الكفاح المسلح سوى (ان الحزب غير جاد بالعمل ‏المسلح) وعندما يكون الحزب جاداً يتغير طرحهم الى أنه (لايبالي بارواح الرفاق) ‏وهم جالسون في المقرات ويحتفظون بكل حقوق المقاتل بدون واجبات العمل ‏العسكري الفعلي!! الذي ان اشترك فيه احدهم لم يكن يسبب سوى المشاكل ‏لتعيده المفرزة او لتعود المفرزة كلها وهي مليئة بالشتائم على تلك الأوضاع التي ‏تحرص فيها القيادة على وجود اولئك الثرثارين في تلك المفارز المعرضة للفناء في ‏كل وقت، الى ان امتنعت المفارز عن اخذ اي منهم آنذاك، الأمر الذي قد كان ما ‏ابتغوه ذاتهم ؟!‏
واثر ذلك القصف اصدرت السلطة عفواً (عن المتمردين) الذي كان في العادة ‏الهدف الأساس لكل ضربة قاسية. لم يقف مكتب القوة ومسؤوله العسكري ‏ابوجوزيف ضد من اراد التسليم على اساس ( ان من اراد التسليم يصعب ‏الأحتفاظ به بعدئذ وقد يستسلم في ظروف اكثر حراجة ان منع) مع بذل الجهد ‏بتوضيح مخاطر التسليم لسلطة البعث التي قد لن تتركه يعيش بسلام وفق كل ‏التجارب السابقة معها. ‏
سلّم نصير واحد وكان كهلاً عربي القومية. كان يصيح باعلى صوته وقد ملأت ‏الدموع عينيه : ( رفاق لن اترك فكري وطريقي الذي اخترته معكم !! ان طريقكم ‏طريق المجد والشرف ولكن امامي مسؤولية اربع بنات وامهم ولم اعد اتحمل ان ‏يكونن وحيدات امام اولئك الكلاب بلامعين. انهم يلاحقونهن بسببي كما عرفت ‏من رسالتهن الأخيرة ! رفاق لست خائن ولن اخونكم !! طريقكم طريق المجد ‏والشرف !!) ووقف بصمت من كان حاضراً وهو يرى النصير الكهل الذي استلم ‏المخبز وعمل بصمت ولم تفارقه البسمه، الذي كان يستيقظ في هزيع الليل ‏الأخير وقبل الفجر لشجر التنور والخبز لأكثر من 600 فرد بحساب الأنصار والضيوف ‏من المفارز الطارئة لحمل مريض او جريح او حمل البريد . . ولأعداد الحطب طيلة ‏النهار، وكان يساعده نصيران دوريان فقط من الفصائل المنتشرة لأنشغال افراد ‏الفصائل بمختلف الواجبات (مطروحاً منه عدد المتذمرين)، وجرت الأستفادة من ‏فرصة العفو لذهاب عدد من كبار السن من القومية الكردية الى قراهم للقيام ‏بنشاطات اخرى سرية، بعد ان استفادوا من قراباتهم مع عدد من الفرسان ‏لترتيب تلك العودة بهدوء .‏
وسط تلك الأوضاع في نوزنك، كان تجمع انصار ومفارز منطقة السليمانية واجزاء ‏من كركوك يتركز اكثر فاكثر في (هيرتا)، وقد نظّمت القاعدة طرق ارزاقها هناك ‏اضافة الى تامين طرقها الى ايران ومن هناك للخارج وبالعكس (في الوقت الذي ‏بقيت نوزنك مقراً للمكتب العسكري). وبذلك ذهب ونقل انشط انصار منطقة ‏سليمانية من نوزنك الى قاعدة هيرتا والى مقر الفوج 11 في بيتوش والى مفارز ‏منطقة السليمانية وكرميان العائدة لها، وبالمقابل نقل الملتحقون وذوي المشاكل ‏من مقرات السليمانية الى نوزنك باعتبارها مقر المكتب العسكري لحسم ‏مشاكلهم، الأمر الذي اضاف مشاكل اضافية جديدة هناك . ‏
وكانت اعداد الملتحقين المتحمسين من الخارج بازدياد وامتلأت محطة عبور ‏‏(كوستي)، ووصلت الأنباء الأولى عن فتح قاعدة جديدة في جبل حصاروست ‏سميت بـ (مقر سرية روستي) حيث استطاع الأنصار الأستفادة من بناية ‏المدرسة المهدمة في قرية روستي المهجّرة وبنوا فيها عدد من القاعات الكافية ‏للفصيلين الأولين اللذين شكلا سرية روستي التي ابتدأت بارسال مفارز ‏الأستطلاع للقيام باعمال عسكرية في منطقة بالك كان ابرز مسؤوليها ونشطائها ‏في ذلك الوقت (قبل التحاق آمرها الشهير الشهيد خضر كاكيل/رواندوز) الشهداء ‏ابوداود/كربلاء، ابوسحر/ديوانية ، ملاعثمان/عينكاوة، ابوميلاد/بغداد/مدينة الثورة، ‏اضافة الى الكوادر والأنصار مام خضر روسي/اربيل، ابوراستي/ اربيل، ‏ابوآذار/بغداد،ابو حازم/بغداد، ابوالوليد/بغداد، ابوبافل/ناصرية، ابوقحطان/بصرة ‏‏(ومعذرة لمن لم اذكرهم بسبب آفة النسيان) في الوقت الذي بدأت الطائرات ‏السمتية بقصفها المتتالي على المقر الجديد بشكل شبه يومي. ‏
وقد نزلت من نوزنك مفارز جديدة نحو (خانقاه ـ ورتي/هندرين) حيث اقامت محطة ‏‏(لتكون مقر الفوج الخامس/اربيل لاحقاً) وحيث التقت بمفارز الأنصار القادمين من ‏الخارج عبر طريق (بهدنان ـ كوستي ـ روستي ـ ورتي > دون المرور بنوزنك <) ‏الذي تأمن بجهود احد وجوه الأنصار البارزة الملازم خضر والشهيد خضرحسين/ ‏رواندوز ، وكانا قد قدما على رأس مفرزة كبيرة شقّت طريقها بصعوبات كبيرة، ‏حملت ولأول مرة عدداً غير قليل من قطع السلاح والعتاد الذي استقبل باهازيج ‏وفرح كبير ، وجاء دليلاً على ان القيادة في الخارج كانت تؤيد نضالهم ومعهم، ‏وليس كما كان يشيّع البعض ويستهزؤن بما يجري، في ظروف عدم وصول ادبيات ‏ومطبوعات تحمل آخر الأنباء. ‏
فيما استمرت المفارز الموجودة اصلاً في دشت اربيل ودشت كوي حرير وبتوين ‏جولاتها السياسية وفعالياتها العسكرية الممكنة التي اخذت تتصاعد، خاصة بعد ‏انباء انتشرت في المنطقة عن محاصرة القوات الخاصة لكادر اربيل الشهيد ‏سيدنظيف ومقاومته الباسلة وسط هتافاته بحياة الحزب والموت للدكتاتورية التي ‏جعلت اهل القرية(6) شهوداً ومبشرين لقرى المنطقة على تلك الواقعة البطولية ‏بين عشرات افراد القوات الخاصة مدعمين بانواع الآليات من عدة جهات ونصير ‏واحد مسلح بمسدس استطاع اسقاط عدد من القتلى والجرحى بعد ان رمى ‏الأهالي له كلاشنكوف في محاولة لأنقاذه، ليسقط شهيداً رافعاً معنويات كل ‏مفارز الأنصار وبيشمركة كل القوى الأخرى، فهاجمت مفرزة للأنصار بيت عدد من ‏رؤساء الجحوش المعروفين بعدائهم للبيشمركة في منطقة حرير موقعين بهم ‏عقاب الشعب وقداستشهد في تلك العملية النصير الشجاع بوتان كريم احمد/ ‏كوي(7) وفي هجوم مفاجئ جرئ على مقر للمرتزقة الجحوش استشهد الرفيق ‏سالم آمر الفصيل الأول/اربيل(8) بعد ايقاع خسائر كبيرة بهم . وقد التحق بالمفارز ‏ملتحقون جدد من اهالي اربيل وكوي وقرى الدشت وجرى تسليحهم باسلحة ‏جرى استعارتها من قوى البيشمركة الأخرى (وقد جرت اعادتها اليهم بعد حين).‏
وقد استمرت النشاطات بالتصاعد رغم الصعوبات الكبيرة التي تم عرض بعضها، ‏الى ان اعلنت الدكتاتورية الحرب على الجارة ايران، ليتكون واقع جديد حمل الكثير ‏من التغييرات السياسية والعسكرية والجماهيريةوغيرها مماسيأتي.‏


‏* / انتهت حلقات الجزء الأول وسيليه الجزء الثاني بعد اتمامه واتقدم بالشكر لمن ‏ارسل لي ملاحظاته التي كانت كلها مفيدة.‏


ناصر موزان/‏
العراق
في 14 . 7 . 2004‏


‏(1) وجود اعداد كبيرة من المهاجرين والمهجرين الأكراد لقوى البيشمركة الأخرى ‏التي لايملك الحزب مثلها الاّ بين الفيلية عموما.‏
‏(2) الأمر الذي خرقه اكثر من مسؤول حزبي مع الأسف آنذاك واثار ردود فعل لم ‏تكن لصالح الحزب والأنصار.‏
‏(3) بالكردية بلهجة ابناء الريف الكردستاني، بمعنى (المثقفين الثوريين) .‏
‏(4) النعت المواجه للسابق من عدد من الأنصار المثقفين . الذي لم يكن خطأ ‏ولكنه كان امرا مفروضاً لتكوين منظمة مقاتلة تنطلق من الريف .‏
‏(5) المقصود المرحوم الرفيق توما توماس، وكان يلقب بـ (ابوجميل)، من اهالي ‏القوش ، عضو اللجنة المركزية والمناضل المعروف في نضال البيشمركة (الأنصار) ‏وكان يحضى بتقدير كل قوى البيشمركة المتواجدة هناك.‏
‏(6) قرية (شاخه بيسكه) على ما اتذكر.‏
‏(7) ابن الشخصية السياسية المعروفة كريم أحمد الذي كان آنذاك عضو المكتب ‏السياسي للحزب الشيوعي العراقي.‏
‏ (8) الشهيد سالم ابن او ابن اخ المرحوم ملانفطة الوجه الفلاحي البارز للحزب ‏في سهل اربيل منذ انتفاضة دزئي (انتفاضة سهل اربيل)، وكان الشهيد سالم ‏من ابرز واشجع انصار المفارز الأولى التي تكونت من الخارجين من المدن اثر ‏الضربة الفاشية الى الدشت باسلحتهم الشخصية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقاعد النواب خالية في جلستهم الأخيرة .. عدم وجود نصاب يوقف ا


.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م




.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟


.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم




.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء