الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشطرنج تاريخاً وعِلْماً وفنّاً وأخلاقاً- ثالثاً

رياض الحبيّب

2010 / 3 / 8
عالم الرياضة


بقِيَ لديّ أن أشير- إضافة إلى ما كتبت في الحلقة السابقة عن ازدهار الشطرنج في العصر العبّاسي- إلى أنّ الخليفة المكتفي بالله قد قرّب لاعبي الشطرنج إليه وأدخلهم إلى دار الخلافة، منهم اللاعب الشهير أبو بكر الصولي {يُعَدّ أحسن شطرنجي في زمانه وكان شاعراً أيضاً، ت سنة 335 هـ} والذي مدحه الخليفة الراضي بالله ووصف محاسنه فقال: لعب الصولي بالشطرنج والله أحسن من هذا (يقصد الزهر) ومن كل ما تصِفون. ويُروى أن الصولي في بدء دخوله الى دار المُكتفي، كان الماوردي لاعباً مقدّماً عنده، متمكناً من قلبه، حتى ادهش ذلك الصولي في أوّل وهلة، فلمّا اتصل اللعب بينهما وجمع له الصولي غايته وقصد قصده، غلبه ولا يكاد يرد عليه شيئاً، وتبيّن حسن لعبه للمكتفي، فعدل عن هواه الذي كان للماوردي حتى قال له: صار ماء وردك بَوْلاً! - المسعودي، مروج الذهب- 324:4 أمّا الراضي بالله فكان سمحاً، فصيحاً، محبّاً للعلماء، آخر خليفة عبّاسي له شعر مُدوّن وآخر خليفة يخطب يوم الجمعة وآخر خليفة جالس الندماء- عن ويكيپيديا في سيرة الراضي بالله.

وروى الكاتب العراقي والشطرنجي زهير أحمد القيسي في كتابه "الشطرنج في التراث العربي" ص 103 أنّ بديع الزمان الهمداني صاحب "كتاب المقامات" لم تخلُ آثاره الخالدة من الإشارة الى الشطرنج كقوله في إحدى مقاماته: (كن مع الناس كلاعب الشطرنج خذ كل ما معهم واٌحفظ كل ما معك) وتشير بعض المراجع التاريخية إلى أنّ المسلمين قد ألّفوا في اللعب بالشطرنج كتباً كثيرة، لعلّ من أهمها وأشهرها ما ذكر ابن النديم في كتابه "الفِهرسْت" ومنها "كتاب الشطرنج" لأبي بكر الصولي وكتاب "في الشطرنج" لأبي بكر الرازي. أمّا بداية تدوين الشطرنج فتعود الى القرن الثالث للهجرة، إذ تم تثبيت أصول الشطرنج و قواعده التي بقيت معمولاً بها حتى بداية الشطرنج الحديث. ويختم صاحب المقالة- المذكورة مقالته في هامش الحلقة السابقة- حديثه الشيّق بالقول: {وبذلك تكون رياضة الشطرنج جزءً مهمّاً وحيويّاً من مادة التراث العربي الإسلامي، تجمع آلية الترويح عن النفس ورياض العقل، فضلاً عن الأدب ومعاني الفروسية والخلق الكريم، إنها رياضة الملوك والرعية على السواء وستظلّ هذه الرياضة كذلك حاضراً ومستقبلاً} انتهى. قلت: بل هدفي في هذه المقالة والطموح هما أنْ أرى هذه الرياضة الفكريّة والراقية مزدهرة في العالم أجمع.

أصول الشطرنج الحديث
لقد بُدئ في نحو عام 1200 للميلاد تعديل قواعد الشطرنج في جنوبيّ أوروپا. وفي العام 1475 تمّ في إيطاليا وأسپانيا إجراء مجموعة من تغييرات رئيسيّة، أصبحت أساساً لِما هو معروف اليوم؛ منها النقلات (أي الحركات الشطرنجيّة) الحديثة، كخيار حركة البيدق {في البداية فقط} ليُنقـَل إمّا إلى المربّع الواحد الذي أمامه أو إلى المربّع التالي مباشرة- وتعّدّ هذه الحركة إحدى ميّزات الشطرنج الغربي (العالمي) عن الشطرنج الشرقي، كما حلّت تسمية "الملكة" محلّ تسمية الفرز (أو الوزير) ابتداءً بنهاية القرن العاشر الميلادي حتى القرن الخامس عشر منه، لتصبح القطعة الأكثر فعّاليّة بين القِطَع. وقد انتشرت القواعد المُستحدَثة بسرعة صوب غربيّ أوروپا، باٌستثناء قواعد الجمود the rules about stalemate التي تم الانتهاء من تقريرها في أوائل القرن التاسع عشر والتي تُنهي اللعبة بالتعادل، أمّا المقصود بالجمود فالنقلة التي تُفقِد الملك الخصم القدرة على أيّة حركة قانونيّة إلى أيّ مربّع وهو ليس في حالة تهديد "كش" وبالإنگليزية check وفي الرابط التالي أمثلة على وضعيّات الجمود
http://en.wikipedia.org/wiki/Stalemate#History_of_the_stalemate_rule

وفي العام 1457 عينه ظهر التدوين الشطرنجي "الأقدم" في أوروپا إذ صدر الكتاب النظريّ الأوّل حول كيفية لعب الشطرنج "الحديث" وقد ألّفه الكاهن الأسپاني لويس راميريز دي لوسينا Luis Ramírez de Lucena 1465-1530 في سالامنكا، غربيّ أسپانيا؛ يحتوي الكتاب (الذي قلّت عدد نسَخِه المحفوظة اليوم عن دزينة) على تحليل لإحدى عشرة نظريّة افتتاح للعب، لكنْ مع وجود أخطاء سبَـبُها أنّ الكتاب مؤلّف وفقاً لقواعد الشطرنج المستحدَثة، في وقت ضمّ مائة وخمسين وضعية شطرنجيّة، بعضها من وضعيّات الشطرنج القديمة وبعضها من الوضعيّات الحديثة، ما دعا المؤرّخ الإنگليزي للشطرنج هارولد مورَي Harold Murray 1868 -1955 إلى القول بأنّ المؤلّف تسرّع في تأليف الكتاب، علماً أنّ المؤرّخ المذكور هو صاحب النظريّة القائلة بأنّ الشطرنج قد ظهر أوّلاً في الهند. إنّ الأسپاني لويس لوسينا وسائر أساتذة الشطرنج فيما بعد قاموا بتطوير عناصر الإفتتاحات الشطرنجيّة وبدأوا بتحليل مرحلة نهاية اللعب- وهي الثالثة والأخيرة بعد مرحلتـَي الإفتتاح ووسط اللعب- منهم الصيدلي الپرتغالي پـيدرو داميانو Pedro Damiano والإيطاليّون جيوفاني ليوناردو دي بونا Giovanni Leonardo Di Bona (الحائز على لقب أولى البطولات العالميّة لأساتذة الشطرنج في مدريد سنة 1575 وكان يمتهن المحاماة) وغيليو سيزار پوليريو Giulio Cesare Polerio وجواچينو غريكو Gioachino Greco والأسقف الأسباني الشهير روي لوپـيز Spanish bishop Ruy López de Segura صاحب أوّل كتاب شطرنجي في أساسيّات الشطرنج في أوروپا (الصادر سنة 1561) ذلك بعد كتاب الشطرنجي البرتغالي پيدرو داميانو والذي صدر سنة 1512 في روما وبثماني طبعات خلال القرن السادس عشر، علماً أنّ روي لوپيز يُعتبَر في آراء كثيرين أوّل بطل (غير رسمي) للعالم في إثر فوزه بأوّل بطولة للشطرنج الحديث والتي جرت وقائعها في مدريد (قبل أن يخسر اللقب أمام المحامي الإيطالي ليوناردو دي بونا) كما سُمّيت افتتاحيّة روي لوپـيز على اٌسمه بعد وفاته سنة 1580 وللحديث بقية
____________________________

من المصادر: الشطرنج- القسم الإنگليزي في ويكيبيديا، الموسوعة الحُرّة- ترجمة الكاتب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشطرنج عند الفراعنة
النيل نجاشي ( 2010 / 3 / 8 - 23:35 )
من طرائف الرسوم الموجودة علي جدران الآثار الفرعونية - قبل التاريخ - منظر قط و فأر.. يلعبان معا الشطرنج

اخر الافلام

.. أول سعودية تفوز بمنافسات كأس العلا.. قصة -شغف- ريما الحربي ب


.. أب أمريكي متهم بالتسبب في وفاة ابنه بسبب سوء المعاملة وإجبار




.. ولي العهد رئيس الوزراء يلتقي الملك تشارلز الثالث في جناح الب


.. الملاكمة المحترفة صوفيا نابت: حلمي أن أمثل المغرب




.. غولف من دون ملاعب.. كيف تطورت هذه الرياضة بالسعودية منذ فترة