الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشتريلها عباية

شذى احمد

2010 / 3 / 9
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


ها هي نتائج الانتخابات تتكشف وتعلن نتائجها ،واول ما يلاحظه المشاهد ان الارقام انخفضت ولم تعد الارقام 99.9% كما في السابق . وهذا يعني ان العراق خرج من فروع الاختصاصات النادرة لاحادية الحكم والتي لا تقبل الا الارقام العالية , وانضم لمجموعة الدول العديدة الالوان والفنون بدءا" من لبنان وانتهاءا" باليابان مرورا" بدول اوربا وديرة العم سام.

ورغم ذلك ،ووسط هذه النتائج الملونة التي دائما" ما يدفع ثمنها المواطن البريء عندما تغتاله الحسابات الخاصة للجماعات الطامعة فيه وفي مستقبل بلاده ، الا انه على الرغم من ذلك يتقدم ويلقي بحجارة التغيير في بركة الأسن من زمن الشمولية وويلاته.

مع هذا يبقى السؤال الذي يراود كل الحفاة واصحاب الاحذية الانيقة هل سيحقق القادمون الجدد ما مات من اجله الكثير وهل سيوفون بتعهداتهم كما صدحت به حملاتهم الانتخابية وخلبت لب ناخبيهم ، فلم ترهبهم التفجيرات وخرجوا لانتخابهم.

كم سمعنا من شكاوي وتنهدات وحسرات وقصص محزنة يستنكر فيها قائليها على المنتخبين تخليهم عنهم بعد فوزهم في الانتخابات السابقة، الخدمات المعدمة والمعاناة وبرك المياه الاسنة امام البيوت ، والعطالة عن العمل ، وانعدام المستشفيات ووجود العيادات في مناطقهم ، والخوف والقتل والترويع . والماء والكهرباء ، والفقر والعدم.

هل سيفي المنتخبون الجدد بالوعود هل سيعتنون بحرارة الصيف ويهبوا باحثين عن حلول حقيقية لمأساة الناخبين ام ان جدران القصر الجمهوري وقاعات البرلمان المرمرية الباردة ستخدر مشاعرهم ، وتنسيهم من اخذهم الى تلك الاماكن.

القصر الجمهوري ان لم تخني ذاكرتي معناه قصر الشعب او الجماهير .. ذلك المكان الذي لم يتسنى لأحد من العراقيين الدخول اليه ايام الانتخابات ذات النتائج الكاملة.. كان مجرد المرور به والاشارة اليه يعني خرقا" للدستور ،ويجب معاقبة المسيْ . وقصة الصحفي العربي الذي اراد تدليل نفسه واخذ صورة على دجلة من الجانب المطل على البيوت الرئاسية معروفة للجميع وكيف تحولت ايامه الى جحيم مستعر في العراق لم ينتهي الا بعد ان انقذه حظه ،وهرب عائدا" لبلاده. حتى الذين كانوا يذهبون للقاء سيادته كانوا يذهبون بسيارات معتمة وطرق ملتوية وقلوب ترتعد فرقا" وخوفا" وتحسبا" .. كانوا يبررون للجماهير ان بيوت الشعب يجب ان تبقى عصية على اعدائه ولا يقربها احد ، كي لا يسهل طريق الوصول اليها ، وتعرض انجازات دولتهم ـ الجماهير ـ للخطر . لكن كل المدربين والجنود الذين انتدبوا للدفاع عن حصانة قصر الجماهير ، فروا ... ولم يجد اعداء سيادته صعوبة في الوصول اليه في مكان اقامته الاخير . أولئك الذين جاءوا من بلد يحكمهم فيه رئيس له في البيت الذي يحكم به غرفة مكتب وغرف اخرى للسياحة ،وللعشاق اذا ما رغبوا باخذ صور تذكارية هناك .

هل سيتذكر المنتخبون الجدد جيش الارامل والايتام .. والمشردين الذين يتسكعون في عواصم عربية بحثا" عن مصدر رزق وظروف حياة افضل... هل ستكون من اولوياتهم اعادة ثقة الانسان بنفسه ، لكي يتفاهم معهم بلغة حوار مشتركة.

هل ستضمد جراح النساء والرجال الذين زجوا في السجون بتهم ودون تهم. هل ستشكل لجان متخصصة لإعادة تأهيلهم للحياة.

هل سيسود الاعلام الخاص والعام روح التسامح والقبول بالاخر... هل سيخصصون من وقتهم وجهدهم الوقت الكافي للعودة الى المراجع الفكرية ،والسياسية المهمة التي كانت مصابيح منيرة في سماء شعوبها وقادتها نحو التقدم والرقي للاستفادة من تجاربها وخبراتها ومقارنة ما يناسب منه وواقع المجتمع العراقي.
هل سيقتطع المنتخبون الجدد من اوقات المجاملة ، وعبارات التحبب والترضية لصالح الصارم والقاطع والفعلي في العمل من اجل الناخبين.

هل ستتحسن ظروف حياة الرجل والمرأة على السواء ويذهبان الى العمل بلا حاجة الى تزكية الا من انجازاتهم وكفاءاتهم في وظائفهم.

في اقصى الجنوب حيث لا احد يذهب او ربما نسوا ان يذهبوا حملت قناة فضائية مشاغبة كاميرتها .. هناك في اقصى الاهوار قريبا" من حقل فكة المتنازع عليه والتقت بساكنيه . هولاء المنسيين الا من زيارات خاطفة وتذكارية . او لتنفيذ خطة لتأمين طرق التماس مع الاخر !

هناك التقت تلك الكاميرا بالنسوة والرجال عالم من الحلم يعوم على بقايا قصب الحضارة الاولى ،وقصص عشق سطورها من رز ،وبعض الخضرة .. وجواميس بقرون صلدة تنطح الزمن وتأبى ان تنهزم . هناك في تلك المناطق اخرج المذيع المقتدر سيدة الهور الاولى من كوخها.. سليلة الحضارة الانسانية الخالدة ... صاحبة القصائد والاحجيات .. كانت عيناها قد ابيضتا . وعبائتها تلك التي ترتديها ، وهي ترتديها لكي تقي نفسها بها من تقلبات الجو ثم تشدها على وسطها وهي تحصد لجواميسها القصب الطري . وتفرشها ساعات الظهيرة بين خدود الهور لتتقاسم مع جبيبها لقم الجوعة (يسمي اهل الهور الوجبة الخفيفة التي يتناولها الخارجين للحصاد بالجوعة ... وهي عبارة عن خبز وبصل وربما حبة طماطم او اي خضرة متوفرة).. هذه العباءة التي تبلى ككل شيء في العالم ، تستبدل بجديدة عند توفر ثمنها . لكنها كبرت سيدة الاهوار ، وانزوت في كوخها ولم تعد تملك شيئا" من حطام الدنيا تعيل به نفسها .. الحروب والمعارك تحتاج لرجال تستلهم من بيوتهم وتطالبهم بدفع ضريبة المواطنة والدفاع عن الوطن الذي لم يكن لهم فيه شيء ولا حق ,وحتى بعد موتهم لا يلتفت للمواطنين الدافعين الضرائب اولئك للعناية بنسائهم وعوائلهم. هم وقود حرب ليس الا . قالت بان اولادها رحلوا ،وزوجها مات ، وبقيت وحيدة مثل اثار مجدها في طول العراق وعرضه لا وقت لأحد للعناية به . وعباءتها تمزقت وكلح لونها .. هل سيلتفت المنتخبون الجدد ويشترون لها عباءة جديدة ، ويفتحون في قريتها مستوصفا" ليطببها ، هي وبناتها وحفيداتها .

ان كنتم شرعيون في اعتلاكم سدة الحكم كما تؤمنون ، زوروها واشتروا لها عباءة ... انها امكم . واهم خيرات الارض تتدفق من بين قدميها نفطا" لكنه للاسف ليس لها.

من جديد اشتروا لها عباءة !

د . شـــذى احمد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي
شامل عبد العزيز ( 2010 / 3 / 9 - 10:53 )
دكتورة شذى - تقديري لجهودكِ - بالرغم من أن الحبر البنفسجي قد غلب الدم إلا أنهم في القريب العاجل سوف لن يشترون العباية - رائي الشخصي هذه الانتخابات والتي سوف تستمر أربعة سنوان ونكون في 2014 سوف يتم تقدم فيها ولكنه ليس بالمستوى المطلوب - العملية السياسية معقدة - سوف ندخل في نفس الدوامة السابقة ألا وهي حكومة توافقية وسوف نحتاج لعدة أشهر وعندما يتم الاختيار وتشكيل الحكومة أيضاً سوف نحتاج لوقت ثم تبدأ التغييرات على ضوء الفائز الجديد وهكذا - بعد 2014 من الممكن أن يكون الساسة في العراق ومعهم الشعب العراقي قد استفادوا من تجاربهم علماً بأن العمر يمضي وسوف تبقى العباية غير صالحة فهل سوف يشترون ؟
مع خالص الاحترام


2 - تساؤلات مشروعه
فيصل البيطار ( 2010 / 3 / 9 - 16:38 )
العراقيون في عرسهم الإنتخابي أدهشوا العالم ، لكنهم لم يدهشوني فأنا أكاد أدعي أنني قد خبرتهم وإنكشف أمام ناظري معدنهم الأصيل ...
تساؤلات كثيره ومشروعه لكننا نعلم من هم الذين كانوا يضعون العصى في عجلة تقدم العراق وحل مشاكله الإقتصاديه ، الآن عليهم أن يقنعوا بمقاعد قليله في المجلس الجديد ويتركوا الأمر لناسه ...
يعجبني نشاطك سيدتي ... إستمري وإكتبي لنا عن العراق وأهله فنحن في شوق لأن نسمع أخباره من قلوب مضيئه وأقلام شريفه .
الجوعه معلومه جديده لم تطرق سمعي من قبل فشكرا لك ودمتِ بخير .
سلام .


3 - الاخت الكريمة شذى
يونس حنون ( 2010 / 3 / 9 - 18:05 )
اصارحك باني لست متفائلا بالاخبار الاولية عن نتائج الانتخابات
احتمال اعادة انتخاب قائمة المالكي التي حكمت 5 سنوات دون ان تحقق اية جزئية من توفير الخدمات الاساسية ماذا يعني ؟ اليس انجازهم الوحيد ضرب المليشيات الذي طال الاذناب دون القيادات التي بقيت في حرز امين وستعود لتواصل استهتارها بارواح وحريات البشر
وعجبي على الناخب الذي يعيد اختيار قائمة حكومة فيها وزير تربية متخلف لاهم له سوى فرض الحجاب في المدارس ولو كان بيده لجعل حفظ اللطمية شرطا اساسيا لاجتياز البكالوريا، ووزير كهرباء ما كان وضعها ليسوء اكثر لو بقى منصبه فارغا 5 سنوات... ووزير تجارة افسد من الطماطم الخايسة و..و...
لذا انصح المسكينة ام الاهوار ان تستعد لترتيق عباءتها القديمة لخمسة اعوام اخرى


4 - نعم اشتريلها عباية
المهندس كاظم الساعدي ( 2010 / 3 / 10 - 08:26 )
بهذه اللغة البسيطة والعميقة تنقلتي باسهاب مختصرة مراحل زمنية بجمل بسيطة ذات مغزى نعم ان امهاتنا واولادنا بحاجة ولكن معك في المقال ربما انا متفائل ولكن الواقع يجبرني على القول ان اللص يبقى لص والقاتل قاتل وبمناسبة دراسة اقمتها سالت احد خريجي السجون وهو من منطقتي ماذا ستعمل سالني وانت قلت مهندس قال انا سابقى لص لاتصدق انني ساتوب يوما سالته لماذا قال منذ نعومة اضافري وانا امارسها
لقد سرقوا ولاحظي هم هم نفسهم والبعث الدموي وكل الدمويين يرفعوا الان شعارات التغيير


5 - ابشع استغلال
مصباح جميل ( 2010 / 3 / 10 - 12:22 )
للوردة شذاها وشذىاجمل الورود0 ذكرنى ما قرات بمسرحية كويتية تتحدث عن الانتخابات حيث ان المرشح يخطب ود النساء وبعد الادلاء باصواتهم يطلب عودتهن لمطابخهن 0 هذه النظره للنساء فى مجتمعاتنا حيث ان المرأة تستغل ابشع استغلال جسديا وفكريا 0فيا نساء العرب والعربان اما آن الاوان لكسر الاغلال 0اما آن الاوان لاستنشاق هواء الحرية 0كلى ثقة بانه سياتى هذا اليوم قريبا


6 - الشامل المحترم
شذى احمد ( 2010 / 3 / 10 - 19:12 )
اشعر بالاسى عندما اسمع التحليلات المحبطة لكنني اتأمل ان تخلق الحالة الجديدة اجواء من التنافس مشابهة لتلك التي تتمتع بديمقراطيات حقيقية عريقة والنتيجة تاتي ثمارها للناس البسطاء المقهورين.. اتمنى من كل قلبي ان يأتي من يهتم بالارامل والمهجرين والايتام .. والامن وحل المشاكل الاقتصادية واحدة بعد الاخرى. احتراماتي العميقة


7 - الاستاذ البيطار
شذى احمد ( 2010 / 3 / 10 - 19:14 )

الانسان مجبول بالفطرة على الحرية ،والخلق فكيف الحال وهو سليل المجد والحضارة الاولى.. وشكري العميق لتشجيعك المستمر وشدك على يدي ويد الكثيرات مما يحسب للفكر التنويري للرجل العربي وحسن ظنه بالمراة


8 - الطبيب الماهر يونس حنون
شذى احمد ( 2010 / 3 / 10 - 19:17 )
عاب قلبي عليها وعلى كل نسائنا في كل بقعة من العراق ومن العالم .. يعني ان ظل الحال هكذا فانه سيكون مظلم وقاتم .. ولكنني اثق بنخوة الانسان هناك مهما حصل سيهب لها ولاختها وسينتصر لهن.. لا يمكن ان يدوم حال التردي الى الابد...اعتزازي وشكري لك


9 - المهندس المحترم الساعدي
شذى احمد ( 2010 / 3 / 10 - 19:22 )
شفت لا شيء يبقى على نفس الحال للابد
لا اختلاف ولا اتفاق هنا ك وجهات نظر ويتم تداولها.. وارى انك مرتاح من المقال.. بالمناسبة قصة السيدة ليس بها اي رمز او توريه او مغزى هي حقيقية مائة بالمئة وشاهدتها وبكيت لها .. اما المساجنين فذوله اخوتك.. الله عليك هذوله حرامية كلهم .. ولا يمكن اصلاحهم.. اذا ما فزت كما يبدو لي ولك القوة على التغير امانة عليك لا تنساهم ترى الدنيا دوارة وما تتأمن وكثير منهم راحوا للسجن ظلم بيناتهم من هي بمقام اختك وامك وبنتك الله يخليلك اياهم .. شلون ترضى لهم الذل وانت تقارعه بمقالاتك وكلماتك اليوم كما قارعته بالسابق...لك كل احترامي


10 - العزيز مصباحي الجميل
شذى احمد ( 2010 / 3 / 10 - 19:27 )
تصببت عرقا- لكلماتك الرقيقة.. لكن لا تخاف على النساء هن حفيدات ملكات شديدات البأس اولا وهن نساء المحن والمصاعب،صابرات رائعات واعيات .. انا اثق بهن ثقتي بصدق كلماتك وثقتي بنهوض العراق .. انظر الى نجمات هذا الموقع وكل الجرائد والمواقع وستعرف كيف انهن لن يكن ضحايا مؤامرة او خطة تمرر عليهن انا افخر بهن ..وينتعش قلبي بما اقرأ لهن واشد ازري بهن واتحمس لكي الحق بهن ولو بالحلم وهن سباقات.. لك مني كل الود والتقدير الله لا يحرمنا من طلتك البهية في مقالات قادمة وكل الاحترام


11 - مصباحنا الجميل
شذى احمد ( 2010 / 3 / 10 - 19:32 )
تصببت عرقا- لكلماتك الرقيقة.. لكن لا تخاف على النساء هن حفيدات ملكات شديدات البأس اولا وهن نساء المحن والمصاعب،صابرات رائعات واعيات .. انا اثق بهن ثقتي بصدق كلماتك وثقتي بنهوض العراق .. انظر الى نجمات هذا الموقع وكل الجرائد والمواقع وستعرف كيف انهن لن يكن ضحايا مؤامرة او خطة تمرر عليهن انا افخر بهن ..وينتعش قلبي بما اقرأ لهن واشد ازري بهن واتحمس لكي الحق بهن ولو بالحلم وهن سباقات.. لك مني كل الود والتقدير الله لا يحرمنا من طلتك البهية في مقالات قادمة وكل الاحترام


12 - اختي شذى
المهندس كاظم الساعدي ( 2010 / 3 / 11 - 01:41 )
انا لا اسير مع اي قائمة انتخابية ولا حزب ولم اكن حزبيا قط
بل انني اراهم كسابقهم وعموما انا معك الامر مسؤوليتنا جميعا انا وانت والجميع

اخر الافلام

.. إسرائيل : لا مجال لبقاء حماس في السلطة بعد الحرب في غزة


.. أمير الكويت يعين الشيخ صباح خالد ولياً للعهد.. والأخير يؤدي




.. شكري يؤكد رفض مصر الوجود الإسرائيلي في معبر رفح| #الظهيرة


.. نجل بايدن يفسد فرحته.. فهل يفوّت بايدن فرصة إزاحة ترامب من س




.. غروسي: تفتيش منشآت نووية لدولة ما يخضع لأطر قانونية وفق التز