الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ساعات الأمل

نورس محمد قدور

2010 / 3 / 9
الادب والفن


هذا الصباحٍ الشمس دافئة وحنونة كقلبها الرقيق، نسائم الربيع وفراشاته تجعلها تستنشق الأمل من جديد، وراحة البنفسج والبيلسان عطرت كل مكان، وأصوات العصافير العائدة بعد هجرة طويلة جعلتها تشعر بنعمة الاستقرار في الوطن،حقاً إنه يوم مليء بالحب! هاهو اليوم الذي تنتظره منذ سنوات فهي فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها ولم يُطرق بابها إلا قليلاً، مع أنها ذات حسن وأدب ووظيفة أيضاً، فهي تعمل مدَرسة في إحدى مدارس البنات الثانوية لمادة الرسم. فهي كل يوم قبل أن تذهب لعملها ترسم الشخص الذي تحلم به، شابٌ مُلثمٌ على فرسٍ أبيض يأخذها من يدها البريئة ويطيرا مسرعين وراء أسراب الطيور البيضاء خلف الغيمات يتسامرا ويرقصا بهدوء على صوت قطرات المطر المتساقطة على قمة جبلٍ تكسوها الثلوج، وأحيانا يتحول الحصان الأبيض إلى سيارة صغيرة موديل ذلك العام، فتملأ الفرشاة بلون سمته (حياتها) هو أقرب للرمادي الذي يشوبه السواد مرة والبياض مرة أخرى، وذلك لتواكب تغيرات الحياة، فلا غرابة إنه زمن الحداثة، فكل شئ يتغير إلا التغير في ثبات مستمر ....
في هذا اليوم ستظهر سعاد في صورةٍ بهيةٍ ومشرقةٍ كتلك الصباح الذي استقبلت فيه تلك الخبر الجميل حين أخبرها والدها عندما كانا يتناولا قهوتهما صباحاً مع قطعتي الشوكولا التي بقيتا من أشياء أحضرتها لها صديقتها بسمة من ألمانيا، أخبرها بأن فادي زميله في العمل سيأتي اليوم بصحبة أمه لزيارتهما ويطلبها للزواج، وطلب منها أن تستعد لاستقبالهما وذهب إلى عمله في حين انها اعتذرت عن عملها هذا اليوم، واتصلت ببسمة على الفور لاصطحابه إلى السوق لشراء ثوبٍ لتلك المناسبة، فهي لم تشتري شيئاً بعد وفاة والدتها التي كانت متشبثة بها كطفلة مدللة تعلق قلبها بأمها، لقد كانت سعاد هي الأم لأمها،ولا تقل كرماً وتضحيةً عن أمٍ حانية تحضن طفلها بقلبها قبل يديها، ولاعن تلك البحر التي تطل عليه في كل صباح من على شرفتها خمس مرات،.فقد حرمت نفسها كل شيء من أجل راحة والدتها المريضة، فاشترت ثوباً أصفراً لاعتقادها أنه يجلب السرور بعد تلك السنوات التى خيم فيها الحزن على فؤادها المعذب، وأسرعت الى البيت لتحضير الغداء لوالدها ومن ثم لعد الحلويات التي ستقدمها لتلك الضيوف. وضعت الطعام على المائدة ولم تتناول شيئاً.اجلس ياابنتي شاركيني الغداء. لا يا أبي لست جائعة. نعم فالفرحة كانت حاجزا بينها و بين كل شئ إلا عن التفكير في ملامح ذلك الشاب فادي، وكم طوله؟ أتمنى أن يكون أطول مني قليلاً فأنا أحب الشاب الوسيم ذو الشخصية الجذابة، وكم عمره؟ آه صحيح أخبرني والدي بأنه في الخامسة والثلاثين من عمره! الفرق عشر سنوات، هو نفس الفرق بين أبي والمرحومة أمي، لقد عاشا أجمل حياة أسرية كان يسودها التفاهم والاحترام، فالفرق في العمر ليس مهم كثيراً، وهو وحيد لأمه، وهل أمه ستكون بمقام أمي وتعوضني عما حُرمت منه؟ وكيف سيعاملني هو؟ أتمنى أن يكون متفهما لطبيعة عملي وأن مهنتي ربما تتجاوز ساعات العمل في المدرسة وأنها هواية أكثر منها مهنة، فربما أصحو من نومي على حلمٍ مزعج فأشعل النور وأمسك الورقة والقلم وأعبر عن ذلك بخطوط وربما بكلمات...
وهي غارقة في تلك التساؤلات يرن جرس الهاتف فيقطع عنها تلك الأحلام، يا الله ما هذا! حتى لذة الأحلام كبلتها مرارة الواقع؟
ألو... أهلاً...نعم... من تريد؟أنا أبو محمد زميل والدك في العمل.-أحسها قلبها أن خبراً ما سوف تتلقاها- سأناديه؟ قال: لا، قالت: إذن هل تريد أن أقول له شيئا؟ نعم أخبريه بأن زميلنا الشاب فادي قد توفي اليوم بحادث سيارة وهو عائد إلى منزله وأنه علينا الذهاب لبيته لنقوم بالواجب مع والدته المسكينة....
سقطت سماعة الهاتف من يدها اليمنى ومن يدها الأخرى انسكب كأس الشاي على ثوبها الأصفر وتساقطت من عينها الواسعتين دموعاً كتلك التي زرفتها على والدتها وقالت ما كنت أعلم أني يجب أن أحضر ثوباً أسودا بدل تلك الثوب. فقال لها والدها ما بك؟ قالت مات فادي. ومات معه الأمل.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة