الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طقوس الكتابة2

محمود المصلح

2010 / 3 / 10
الادب والفن



كم كتبوا عن طقوس الكتابة ، وكم قرأت وسمعت ، فمن انديرا غاندي التي كانت تفضل القراءة في الحمام ، الى نزار قباني الذي كان يفضل الكتابة بعد أن يستحم ويلمس جانبا من الطيب ، ويكتب في جو موسيقي وعلى ورق اصفر بحبر أحمر سائل ، الى مبدعنا العربي الكبير نجيب محفوظ الذي كان المقهى اثيره المفضل بزحمة القااهرة وفوضى المقهى ، حيث كانت الاصوات تشكل موسيقى خلفية تحضر الملائكة والشياطين ليخرج من زحام عقله تلك الابداعات الفذة .
اليوم ومع حركة التطور التي صاحبت الكتابة والتأليف والإبداع عموما ، ومع تطور وسائل التعبير ، وفضاءات النشر الورقي والالكتروني ، وتعدد وسائل الكتابة ، فبعد ان كنا نشاهد الكاتب يطرز جيب سترته بدزينة من الأقلام الملونة وغير الملونة ذوات الحبر السائل والجاف ، ربما يحرص على الأحتفاظ بدواة الحبر في جيبه او في مكتبه او في حقيبته التي يحملها .. نجد اليوم الكاتب وقد حمل منهم الكمبيوتر الدفتري ( او كما يسمى عندنا في الاردن ( LAP TOP ) أو الكمبيوتر المحمول ألخ ...
ولم تعد فكرة الكتابة يحضر لها على ورق خاص او عام ، او تختار مجلسا دون غيره ، فقط ما عليك الأ أن تستحضر شيطان شعرك أو ملائكته وتسنزل الالهام ،وتجلس خلف شاشة الكميوتر ، وتعمل أصابعك على لوحة المفاتيح ، وكأنك تعزف على البيانو ..
تكتب ما تشاء ، وتمسح ما تشاء وتحتفظ بما تشاء ، وتتوقف متى تشاء ولك ان تكمل ما بدات وقتما تشاء فقط بضغطة مفتاح على الكي بورد ، ليس هذا فحسب بل ستجد ان هذا الكمبيوتر صديق صودق يساعدك حلما تحتاج المساعدة ، واحيانا يعرض خدماتهعليك دون أن تطلبها ، فتراه يضع لك الخطوط الحمراء تحت كلماتك التي أخطات فيها املائيا ، وخطا اخضرا تحت الكلمات التي اخطأت فيها نحويا ، وبكبسة على زر تراه يقدم لك مجموعة من الخيارات التي تتيح لك الاختيار من ضمنها ، فتصحح ما كتبت دون الحاجة اى تدوين اسم احدهم على كتابتك كمصحح لغوي . وكل ذلك مجانا بل في جو من الخدمة الراقية فربما يتح لك هذا الصديق أن تكتبوأنت تستمتع بسماع الموسيقى العالمية أو المحلية أو ربما تسمع اغنية محلية شعبية أو طربية تشحذ من همتك اثناء الكتابة اذا كنت من هواة الموسيقى ، بل ربما يتيح لك فرصة الاستاراحة قليلا اثناء الكتابة فتذهب الى قائمة من الالعاب الشيقة الممتعة ، فتلعب معه دون ان يخبر احدا عن هفواتك وخساراتك وسذاجتك امام براعته وسرعته . فيغدو هذا الجهاز صديقا حميما تجده حالما تطلبه ، لايمل ولا يكل ولا يقطب جبينه في وجهك اذا طلت الجلوس اليه ، ويتحمل غضبك ولا يتاثر اذا ما غضبت وضربت لوحة المفاتح أو عصى التحكم لامر ما .
تبقى طقوس الكتابة اثيرة عند الكاتب ، وتبقى مادة الكتابة متجددة ، ويبقى الشوق الى الابداع ما بقيت روح الكاتب تنبض بالحياة ، فالكاتب عين المجتمع وضميره الواع ، المتحفز المتيقظ ، تلفت انتباهه شجرة خضراء يانعة ، يهتم لامر قطة بائسة تعرج ، شاب عاطل عن العمل أو اسرة بلا معيل ، يحترق بنار الاهتمام للاحباط والفساد والتسيب والفوضى كما يرقص طربا لكل نجاح او تقدم .
طقوس الطتابة شيء من احتراق الذات ، وبعض من ذوبانها في المجتمع ، فالاهتمام نبض الكتابة ، والاحساس والالم والفرح وقود النار وعقل الكاتب حبرها وورقها ، ما كتبت الا وانا في اشد احد الحالات اما فرحا محلقا بعيدا في سماء لا يحدها حد كفراشة في مهب الريح ، او حزينا تعسا اكاد اسكب دمعي مع كلماتي واحتراقاتي الداخلية بركان يغلي .
ما كتبت الا وانا اشعر بثمة من يقف خلفي ، ينظر الى شاشة الكمبيوتر ، أو اوراقي ، كم احسست انني لست وحدي وان هناك من يقف معي ويساندني ويملي علي ما اكتب .. قد تقولون هو مجرد تحليق كاتب وخيال مبدع
ولكن اقسم ان ما هذا الا حقيقة وجدت نفسي فيها منذ ال، بدأت اقترف فعلة الكتابة والابداع عموما .. وجل ما اجده واضحا اراه أبان كتاباتي الروائية والقصصية على وجه الخصوص .
ومما اذكره انني عندما كتبت روايتي (دوائر الموت ) وجدت انني حينما بدات في مرحلة المراجعة النهائية لها أنني اود أن اغير بعض الفقرات أو الجمل .. وكانت تأتي هكذا محظ ألهام .. وجدت أن الجملة التي جائت على خاطري هي بالذات الجملة المكتوبة .. وقد تكرر هذا اكثر من مرة في مجمل الرواية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو