الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدس بوصلة الخير في الدنيا

محمود المصلح

2010 / 3 / 11
الادب والفن


القدس بوصلة للخير ..

لم ترتبط مدينة بأذهان البشرية كما ارتبطت مدينة القدس ، ولم تحظى مدينة على مر العصور بالاهتمام كما حظيت وتحظى به ، كما لم تشهد مدينة التنازع الدوري عليها كما شهدت وتشهد القدس ، ولعل البشرية لم تدفع دما من أجل مدينة كما دفعت من أجل مدينة القدس ، ولم تجمع مدينة المتناقضات كما جمعت مدينة القدس ، ولعله من هنا نبع محور الصراع والبؤرة الملتهبة .

ارتبطت القدس على مر العصور بالسماء ، وأخبارها ورسلها ورسالاتها ، إلى أن ارتبطت بالدين الذي جاء به سيدنا محمد كخاتم للأنبياء والمرسلين ، كما كان الإسلام خاتما للرسالات السماوية ؛ ليتوج الله سبحانه وتعالى القدس كمدينة المدائن ، ومركز الكون ، والأقرب إلى السماء ، يوم أن كرم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بالإسراء، والمعراج ، لترتبط القدس بمكة ، بكل القدسية التي نذرها الله تبارك وتعالى لها ، يوم أن خلق الخلق وسواهم .

يوم أن أسري بسيدنا محمد إلى المسجد الأقصى - بعد عذابات الرسول الأكرم في رحلة الطائف وما تعرض له من أذى - إلى المسجد الأقصى الذي نراه اليوم يدنس بادنس من على الأرض من خلق ، أراد الحق أن يكرس سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم ، ويشرفه نبيا و إماما للأنبياء ، وقائدا للبشرية ، بما يحمل من كريم الخصال ، وشرف الأصل وطهر المنبت ، وبما يحمل من رسالة شرفت البشرية ، كما شرف بها العرب على وجه الخصوص ، وليس أقدس من القدس والمسجد الأقصى ، بما يحمل من عمق وإرث عميق أن يقدس به الرسول الكريم .
فالتكريم للرسول تكريم للقدس ، تماما كما تكريم القدس تكريما للرسول عليه السلام . زار الأقصى وحفظه غيبا ، ووقف إماما وصلى ؛ ليقول من بعد في الحديث الشريف :

( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا ) ثم ليقول من بعد عن المسجد الأقصى ( نعم المصلى هو ) حديثا يحفظه كل مسلم . وهو عليه السلام يدرك ما قاله رب العزة من مباركته للمسجد الأقصى والأرض التي حوله .

كانت القدس ولم تزل وستبقى محور الكون ، وأقرب نقطة إلى السماء .. كانت القدس ولم تزل للعالم .. بوصلة الخير والسلام والمحبة والطهر والنقاء ، فما عمها خير أو شملها سلام أو طوقتها محبة أو غلفها الطهر والنقاء إلا امتد هذا إلى العالم أجمع .. وما انتقص منه شيء إلا انعكس هذا على العالم أجمع .

لم تشهد القدس على مر التاريخ .. منذ بناء المسجد الأقصى منذ فجر الحياة على الأرض وتاريخ الرسالات والحضارات التي تعاقبت عليها ، لم تشهد عصرا ، كانت فيه مدينة للخير والمحبة والسلام ، كما شهدت إبان العهد الإسلامي ، الزاهر بأريج النصر وعبق العزة ، المتوج بأكاليل الغار والفخار ، ولم تحظى البشرية بقدس عزيزة حرة أبية ، يعمها العدل ويسودها السلام ، وتحقن فيها الدماء وتصان فيها الحريات ، وتشرق عليها الشمس كما كانت في العهد الإسلامي .
ولا تزال العهدة العمرية أنموذجا يحن إليه أتباع الديانات جميعا في القدس ، لما أتاحته لهم من سقف عال من الحرية وحفظ الحقوق ، لتبكي القدس والإنسانية وكل منصف وعاقل اليوم على عهد قد مضى آخذا معه العصر الجميل بكل ما يحمل وما تتمنى الإنسانية .

ولكن سيبقى من البشر من تحجرت قلوبهم وتصلبت عواطفهم ، وفقدوا بوصلتهم الإنسانية التي تقود الإنسان إلى الحق وقد عمي على الكثير هذه الأيام ، ستبقى فئة تناصر الظالم على ظلمه وتمده بأسباب القوة والمنعة ، تقف معه عكس تيار الحق والعدل ، تقتل معه كما يقتل ، وتهدم بيوت الآمنين كما يهدم ، وتظلم كما يظلم ، وتنهب كما ينهب ، وتعتدي كما يعتدي صباحا ومساء ..

شعب أعزل كل جريمته انه فلسطيني ، كل ذنبه انه صاحب حق وصاحب رسالة ، يحمل ثقل مسؤولياته التاريخية والدينية والقومية والوطنية على عاتقه .. يحمل كل ذلك أعزلا محاصرا من البر والبحر والجو.. وهو ينظر الى أبناء أمته وهم يرجون له النصر ويعلقون عليه الأمل .. وكأنهم لا يرون القيود تدمي سواعد أبنائه .. أو لا يرون الأسوار العالية والأسلاك الشائكة وهي تطوق أعناقهم ..
فهل إلى خلاص من سبيل ، وهل إلى تحرير بعد ظلم وقهر من طريق .. ونحن نرنو بأعيننا إلى القدس بمساجدها وكنائسها .. وأسوارها وأبوابها .. وأزقتها .. وحاراتها.. ورائحتها الزكية العبقة بتاريخنا الجميل .. منطق التاريخ يقول :
كل ظلم الى زوال ، وأقول بقاء المحتل محال . فإلى اللقاء على أبواب القدس ، وصيحات التكبير تضج في الآفاق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة