الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمي الأرملة.

زهير قوطرش

2010 / 3 / 10
الادب والفن



بعد وفاة والدي ,كانت أمي (رحمهما الله) أكثر الناس تأثراً بالمصيبة, مصيبة الموت ,لكنها كانت تتماسك وتحاول أن تشد من عزيمتنا وتخفف عنا هول المصاب. كلماتها القليلة كانت تخرج من أعماقها ملونة بحزن عميق ترافقها قطرات الدموع المتبقية بعد أن ذرفت معظمها في الأيام الأولى للحدث. حتى نظرات عيونها الشاردة كانت دائماً وكأنها مسمرة في عالم أخر , إلى حيث ذهب زوجها وصديقها وسندها بلا رجعة , وكم كانت بالسر تنظر إليه وتناجيه وكأنه كان متمثلاً أمامها حياً بقامته الأنيقة باشراقته وابتسامته التي كانت لا تفارق محياه لتسأله سؤالها الذي ما فارق وجودها من بعده ...لماذا رحلت وتركتني؟!!!!!
اليوم وأنا على أبواب الشيخوخة , لا أدري لماذا استرجعت الحدث ,وتذكرت ما قالته والدتي الأرملة عندما سَمعتُ صوتها في ساعات الفجر الأولى الذي كان يجهش بالبكاء , لم أتمالك نفسي يومها لأتركها وحيدة وهي على هذه الحال. نهضت من فوري استأذنتها بالدخول عليها , وقبل السماح لي بالدخول وبسرعة على ما يبدوا مسحت دموعها ,واصطنعت ابتسامة حزينة .
وبادرتني بالكلام ..
متسائلة ..... .
خير ياولدي...ما الذي أيقظك في ساعات الفجر الباكر.عسى أن يكون خيراً إن شاء الله!!
اقتربت منها وقبلت يديِّها وطوقتها بيدي ,وطبعت على جبينها قبلة نسيت معها كل أحزاني وهمومي وآلامي, وصرت وكأنني في عالم الرحم ,لا هم ولا غم . وأخبرتها ,أن ما أيقظني هو صوت بكائها الذي أشعر معه وكأنه لانهاية له . وتساءلت .... لماذا تعذبين نفسك إلى هذا الحد يا أمي ,وأنت الإنسانة المؤمنة ,والتي كانت تقول وتردد قبل وبعد وفاة المرحوم أن الموت حق.
فكيف تستوي الأمور. أليس حق عليك أن تستسلمي لهذا الواقع ,وتقبلي قدر الله عليك .
يومها قالت مقولتها التي رافقتني طيلة حياتي ,وكأنها طُبعت على جدران ذاكرتي بمداد لا يمحى أبداً.
" يا ولدي ,الأرملة التي فقدت زوجها الحبيب والصديق والوفي ,ماذا تتوقع,كيف تبدأ يومها , وكيف تنهيه ؟
يا ولدي ,تبدأ يومها على ذكراه ,وتُنهي يومها قبل أن تنام على ذكراه,والذكرى يا ولدي تجلب الحزن والدموع ,وستبقى حياة الأرملة التي أحبت زوجها بكل كيانها ووجودها هكذا بعد موته ,ذكرى لا تنتهي حتى يأتيها الفرج ,وتلحق به إلى الدار الآخرة"
واستمرت رحمها الله على هذه الحال حتى وافتها المنية ,رحلت وهي تبتسم ,وكأنها قد زُفت من جديد إلى من أحبها وأحبته.
آه ....ما أجمل الوفاء ,الذي أصبح عملة صعبة ونادرة في هذه الأيام!!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلمت يداك يا زهير العزيز
جريس الهامس ( 2010 / 3 / 10 - 11:48 )
ماأجمل الوفاء دوماً خصوصاً للحب الأكبرالذي عشنا له ومازال يسكننا أنى رحلنا وهو للوطن والشعب والأهل ,, وما أجمل وفاء الرفاق هذا ماقاله لي فقيدنا عمر يونس الذي كان لاجئاً في كندا في اّخر رسالة له قبل أن يغادرنا العام المنصرم رحمه الله والرحمة لوالديك مع الود -لاهاي - هولاندا


2 - شكراً
زهير قوطرش ( 2010 / 3 / 12 - 18:59 )
أخي جريس اشكرك على مرورك الكريم. وأتفق معك ما أروع وفاء الرفاق. نعم لدي الكثير من القصص الواقعية التي تتحدث عن هذا الوفاء . الكبير
الوفاء ثم الوفاء ثم الوفاء , ...كلمة تقال لكن معانيها على أرض الواقع تهز الجبال.

اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض