الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن جريح دعه يتعافى يا رجل

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2010 / 3 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


فضّ الله فوك يا رجل

لا زال البعض لا يردعه كل هذا الدمار الذي لحق بالشعب العراقي بكل اطيافه واجناسه ومكوناته ، ولا زال في صفوف رجالات الساسة العراقيين ، في رحلة البحث عن منصب او مسؤولية ، من لا يهمه ان تخمد او تستعير جحيم شعب العراق ، من لا يعنيه ان يتحرر هذا الشعب او يظل اسيرا للقوى المحتلة او لرغبات دول الجوار . فالسيد طارق الهاشمي في سعيه المحموم للفوز بمنصب رئيس جمهورية العراق تجاوز كل حاجز اخلاقي و وطني و دستوري و قانوني واختلق مبررات واعاذير لا تقنع احدا ، وهي تتنافى مع المصلحة العامة لشعب العراق وارادته الحرة وسيادته العليا التي لا يقبل الانتقاص منها .
اقول ،واشهد الله اني صادق ، لو كان الهاشمي معارضا للطالباني في تولي منصب رئيس جمهورية العراق بدعوى عدم لياقته او اهليته او لكبر سنه او عدم كفائته او لمرضه ، وحتى بدعوى فشله في الدورة السابقة وعدم حياديته وانحيازه للكرد او لحزبه ، ما كان الامر يعنيني اصلا ، سواء كانت هذه الادعاءات حقيقية او باطلة .
لكن ان يرفض الهاشمي تولي عراقي غير عربي القومية منصب رئاسة الجمهورية او اي منصب اووظيفة اخرى ولمجرد عدم انتمائه الى القومية العربية ، فهذه دعوة ضالة وخطيرة تهدد مستقبل الشعب ومجمل العملية الديمقراطية ووحدة شعب العراق وتعني الانتقاص من حقوق المواطن العراقي. وهي دعوى تشابه الشعارات التي رفعها حكام العراق السابقون ، شعارات جنى منها الشعب العراقي الكثير من البؤس والحرمان والحروب والمظالم والاحتلال الاجنبي ، واخيرا وليس اخرا ادعاءات بملكية مياه واراض وابار نفط عراقية من قبل اغلب دول الجوار العراقي بما فيها دول (( مستظعفة )) تكاد ان لا تكون لها صورة او صوت . والسيد الهاشمي يخطأ كثيرا اذا ظن ان محيط العراق يتجاوب معه ويكف عن تدخلاته ويطوي صفحة اطماعه اذا تولى رئاسة العراق شخص عربي ( قح ) مثل طارق الهاشمي ، والذي لم يجد في نفسه صفة تؤهله لمنصب رئس جمهورية العراق الا صفة او ( امتياز ) انتمائه الى القومية العربية وهي صفة يمتلكها ما يقارب ثلاثة ارباع سكان العراق وحتى حارسه الشخصي ايضا ، فلماذا الهاشمي بعينه ؟
قلنا ان دعوة الهاشمي خطيرة ، ليس لانها تبعد شخصا معينا عن سدة الرئاسة ، لكن لانها دعوة لخرق احكام دستور العراق التي تنص على مبدأ المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة ، ومن تعود خرق الدستور وفي اهم مبادئه الاساسية لا يتحرج من تعطيل الكثير من احكامه اذا تحصن بالحكم ، وهي دعوة تخالف احكام الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تحرم التمييز العنصري ، وهي استهانة وتجريح لحقوق المواطنة . ومن يحرم مواطنا من حقه ، لا يلبث ان يحرم طائفة من حقوقها في طريقه لحرمان شعب كامل ، وهذا هو نهج كل دكتاتور في طريقه للسلطة .
من حسن حظ العراق والعراقيين ان دعوة الهاشمي لاقت معارضة قوية من عدد من الكتاب العراقيين ، عربا وغيرهم ، ليس نصرة للطالباني انما نصرة لحق المواطن العراقي ، عربيا او كرديا او تركمانيا ، مسلما او مسيحيا ، شيعيا او سنيا ، ونصرة لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات ورفضا للتمييز بكل انواعه ، واضطر الهاشمي الى اصدار توضيح قال فيه ان من حقه التعبير عن رايه ، وهذا صحيح لكن ليس من حقه الدعوة مباشرة الى التمييز بين المواطنين بسبب العنصر او غيره ، فكان الاجدر به الاعتذار للشعب العراقي والمواطن العراقي .
ان رئاسة الجمهورية وان كانت مهمة شرفية ، الا انها مسؤولية كبيرة ، لا يجب ان يتولاها عراقي بالاستناد الى هويته القومية وحسب ، انما هي من حق عراقي مخلص للعراق ويشعر بمسؤولية تجاه شعب العراق ، ويعمل على تنفيذ القوانين والدستور بحيادية واستقلال ، ويحترم القسم الذي اداه ، ولا يحتسب ضمن طرف سياسي معين ، ولا يعتبر المسؤولية حصة حزبية او طائفية او قومية ، ولا يستقوى بجهة معينة ولا يناصرها، انما تكون كل الجهات والمكونات على مسافة واحدة منه .
وهي، رئاسة الجمهورية ، بالتأكيد ليس موضوعا لرغبات دول الجوار ، بل موضوع يخص العراقيين وحدهم ويتعلق بسيادتهم الوطنية .
اقول اخيرا ، ولا اخشى لومة لائم ، ان كان السيد جلال الطالباني قد قدم تجربة ناجحة لرجل كردي في موقع رئيس الجمهورية ، فهذا لا يعني ان كرديا غيره يقدم نفس النموذج حتما، واذا كان الطالباني غير موفق في تقديم نموذج يرضى عنه العراقييون ، فهذا ايضا لا يعني ان كرديا عراقيا اخر لا يتمكن من تقديم صورة معاكسة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن