الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا المفاوضات خيار فلسطني وعربي نهائي؟

جورج حزبون

2010 / 3 / 11
القضية الفلسطينية


أن تقرر لجنة المتابعة العربية للعودة للتفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فهذا حقها، وقد يكون مستوعبا، وموافقة المنظمة على تنفيذ القرار مفهوما، أما أن يصرح الناطق باسم الرئاسة معقبا على ذلك وبعد أن أصدرت إسرائيل قرار بناء 1600 مستوطنة بالقول : أنه ليس أمامنا خيارات أخرى !! فهذا أمر عجيب فعلا، لو كان الأمر متعلقا بأزمة مالية، أو صحية، أو نزاع عمل في الجامعة أو مصنع، لكان الجواب صحيحا، أما أن يكون هذا الموقف في صراع وطني وإن شئت قضية مصير شعب فليس طبيعيا.
لقد أبرزت زيارة نائب الرئيس الأميركي ،حقائق كانت مفهومة ،بطبيعة العلاقة الأمريكية الإسرائيلية ، لكن الإعلان عن مزيد من الاستيطان في حضور لنائب الرئيس الأميركي العازم إعلان عودة المفاوضات الغير مباشرة وربما ما هو أكثر من ذلك !! يؤكد إن الدور الأمريكي أصبح محدودا ، وان المعادلات الدولية والإقليمية في الحسابات الأمريكية ،تغيرت خلال عام من ولاية اوباما ، وعادت سياسة أمريكا الإستراتيجية سيرتها الأولى ، وان إسرائيل تعمدت إرسال ذلك للعرب والفلسطينيين .. وفحصت رد الفعل الأمريكية مباشرة وبالصدمة ، ولم يكن إمام بايدن إلا قبول اعتذار نتانيهو عن الخطاء بالتوقيت فقط .
معروف إن الوضع العربي مشتت، والأمة العربية تواجه خيارات أصعب من ما واجهته بعد الحرب العالمية الأولى، ومعروف أن إسرائيل جزء من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة لقمع الحركات الوطنية وقى الحرية في العالم، لكن هذا لا يعني التسليم بالأمر الواقع، فلو فعل ذلك كاسترو لكانت كوبا منتجع سياحي عالمي للقمار والجنس.
لست من القائلين بأن القضية عليها أن تنتظر أو لترحل إلى الأجيال القادمة، تحت عناوين الدولة الواحدة، والخيار الديموغرافي، فقد تفقد فلسطين كيانها ويصبح شعبها مواطنين في دولة أخرى وبمسمى آخر، وليس بالضرورة أن تظل فلسطين إلا بالذاكرة وسجلات التاريخ، فالعالم بكافة مكوناته يوافق على إسرائيل كدولة، ولا يقر بفلسطين كدولة بعد، ومندوبها في الأمم المتحدة (كمراقب) على أساس ما سيكون، وما سيؤول إليه الأمر لاحقا، فالأمر تحت الدراسة والتجربة!! لا بل إن صفة المراقب جاءت إقرارا بوجود منظمة التحرير، ولم تجيء إقرارا بالدولة أو السلطة، رغم اعتراف الأمم المتحدة بقرار التقسيم الذي قامت إسرائيل على أساسه والذي يعتبر اليوم غير قائم بفعل المتغير والمنسوخ لما بعده مثل 242 و338 من قرارات مجلس الأمن والتي نفاوض على أساسها ويستند اتفاق أوسلو على أساسه ، مع أن 242 لا يعترف بدولة فلسطين، بل بعدم جواز احتلال أرض الغير بالقوة، وحيث أنه صدر على اثر حرب حزيران 67، فهو يتعامل مع الأردن ومصر، ومع أنه أيضا أجاز تعديل الحدود حين قال ( الانسحاب من أراض احتلت بالنزاع الأخير) وكانت الحرب اشتعلت لتحرير فلسطين!!! ثم تغيرت العقيدة بالهزيمة إلى ( إزالة آثار العدوان) والانسحاب الإسرائيلي.
واضح أن الإقرار بانعدام الخيارات حالة دائمة عربيا وفلسطينيا، وهي تفتح طريق المساومات، والقبول بالمعروض، وهي أجواء سادت مرحلة أوسلو، يشجع على ذلك ضيق مساحة الحرية في الوطن العربي وغياب القوى الديمقراطية البيروقراطية الكفاحية، وهي تختلف عن الديمقراطية البيروقراطية، التي زاحمت على مواقع السلطة والوزارة والنفوذ.
ومع الإدراك الواعي للمتغير، فإن الخيارات مفتوحة أمام الشعب الفلسطيني لاستمرار نضاله على قاعدة (دولتين لشعبين)ليس لمجرد تطبيق التقسيم الذي أعطى الجانب الفلسطيني مساحة اكبر من الأرض، وليس تحويرا بالقرار 242 بل إن الحقائق على الأرض تغيرت، وندرك هذا إسرائيل وتسارع بالاستيطان، ليس فقط للاستيلاء على الأرض وأيضا إلى تضييق هامش الحياة الفلسطيني لتحقيق ترحيل طوعي للهجرة المتواصلة من الأراضي المحتلة.
وإن مواجهة الأمر باللجوء إلى الساحة العربية التي لا تدرك وقائع الأمور وخاصة شعوبها، فيه الكثير من الخطأ وإهدارا للوقت وتسعيرا للشتائم والخلافات الجانبية التي تتحمل مسؤولية خاصة لإطالة أمد عدم إقامة الدولة الفلسطينية، ولعل الأخطر التوجه نحو أسلمة الصراع بعد قرار إسرائيل اعتبار مواقع فلسطينية تراث لها، فهي معركة خاسرة ابتداء، وتوجيه الصراع إلى نزاع بين دينين وليس على دولتين، لن يحقق أكثر من إبقاء المشروع الوطني الفلسطيني قضية أمنية، في ظل الإسلاموفوبيا العالمية، وتقزيم النضال الوطني إلى نزاع على حقوق دينية على طريقة الخلاف الباكستاني الهندي، والذي خرجت كشمير من رحمه، لتكون فلسطين متشابهة ويمكن أن تنتظر لفترة زمنية حتى تستقر الأمور، وليس بالقضية مثلا التي تقاتل من اجل وطن ، رغم شبه دولة القائم في أربيل، أو العرض التركي وغيره.
من المؤسف التعاطي مع نضال الشعب الفلسطيني إداريا، على الأقل ما ظهر في اجتماعات الجامعة العربية رغم صيغ البيانات القوية، فالأجدى بدل التوجه لبلدان العالم وللأمم المتحدة بالوفود، كان على دول الجامعة اتخاذ قرارات تنفيذية تتعلق بالتجارة العالمية، مفيدة ومناسبة، وهذا غير صعب على أمة تعتبر أن مستقبلها الآمن مرتبط بإقامة الدولة الفلسطينية، وبالعكس فإن قومية الصراع أجدى من دينية الصراع، ويربط القدس بالجولان وباقي أراضي لبنان، وليس متوقعا من القمة العربية الابتعاد كثيرا عن موقف لجنة المتابعة ، هذا إذا قدر للقمة إن تنجح ، أو إن يكون مستوى التمثيل غير منخفض ، لاعتبارات أصبحت بوادرها لائحة في الأفق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسعى إلى إنشاء -منطقة ميتة- في جنوب لبنان


.. دعم واسع لكييف باتفاقية مع الاتحاد الأوروبي




.. سلاح الجو الإسرائيلي يجري تدريبات على مهاجمة أهداف بعيدة


.. خليل العناني: هذه أول مناظرة بين رئيس أمريكي حالي ورئيس سابق




.. ملفات داخلية وخارجية تواجه بايدن وترمب تعقد إقناع الناخب الأ