الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد الانتخابات

سلمان محمد شناوة

2010 / 3 / 12
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


أتمنى بالبداية إن تؤدي الانتخابات في العراق إلى تغيير حقيقي في العراق, تغيير طالما تمناه الشعب العراقي , اتمنى إن تزول كل الوجوه الكئيبة والتي تسلقت ذات لحظة , لتصبح هي خيار العراق الوحيد .. وما كانت يوما خيار حقيقي للعراق ...
من أجمل الأشياء التي تتحقق بملحمة الانتخابات الرائعة , هو انه لاشي باقي , كل شي إلى زوال , هذه قاعدة أصيلة في الانتخابات , تشعر السياسي دائما بعدم الأمان , وانه لابد زائل , لذلك يكون أبدا ودوما في حاجة إلى رضا الناخب , يتودد له أحيانا ويتوسل له أحيانا أخرى , والنتيجة يكون التنافس في مصلحة الناخب ... الأجمل إن الناخب اخذ يشعر بقيمة صوته مع الوقت , واخذ يتدلل على السياسي ..هذا الكرسي الذي كان في وقت ما في العصور السابقة ...هدف كل طامح بسلطة ومال ونفوذ ..وتساقطت على جوانبه كل الرؤوس التي تطاولت وتعالت للجلوس عليه , بحجة حق الهي , أو وراثة مقيتة , أو عقيدة مستحيلة , اصبح الان حق لكل مواطن تتجمع به الصفات المطلوبة للجلوس عليه , شروط وما أهونها , لا تفرق بين واحد وأخر , على أساس لون أو جنس أو مال , إنما تتجمع لديه الحد الادني للشروط ليكون عراقي متعلم ذا مسئولية , ولأول مره في التاريخ ..منذ قيل إن في الأرض خليفة ..لأول مره تتجه جموع الكبيرة من الناس لتختار من يمثلها حقا ..فأصبح شراكة بين كل الناس , لكل واحد له في (( الكرسي الحاكم في العراق )) سواء كان مقعد رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية أو حتي المجالس المحافظات أو المجالس البلدية أو حتى مناصب المحافظ له حصة وشراكة... ويتم الاختيار بناء على صوت الناخب العراقي فقط ...ولا يتم بناء على حق الهي أو سماوي بعد اليوم ..لا انقلاب ..لا قفز بقوة جيش أو دبابة أو بندقية ..لا وصاية مجنونه من أشخاص أكثر جنونا ... لا خطف لا ارادة جماهير ...تم استباحة كل حقوقها ..لا استبداد ..لا حكم شمولي ... ولا حتى وراثة الكل يتوقفون أمام صوت ناخب عراقي بسيط ربما لايملك قوت يومه , ولكن هذا الصوت له من القوة بحيث يغير ميزان قوة ... يغير وجوه استحالت إلى تماثيل وأصنام , وربما تعتقد ذات لحظة غباء إن الكرسي دائم لها ..وفجأة يأتي زلزال الانتخابات ليقلب عليه كل الكراسي والطاولات والأحلام ويحولها إلى كوابيس تطارده حتى في منامه ...وسيأتي يوم تفعل به كل قوانين المحاسبة والتي تسال كل المسئوليين ذات لحظة (( من اين لك هذا )) ... يثبت التاريخ انه مهما طال فساد الحاكم لابد يأتي يوم ينقلب عليه عليه التاريخ وحاشيته والمقربين له ليكون اسم أخر في مزابل التاريخ .. تثبت الانتخابات اليوم وغدا لا احد باقي الكل زائل ... ولا يبقى سوى الشعب ....
حقيقة أتمنى إن تزول كل الوجوه التي تعب العراقي من كثرة مشاهدتها , وأشخاص اعتقدت ذات لحظة أنها وصية على شعب أثبتت لنا الأيام إن الشعب هو الحقيقة الوحيدة , وكل القادمون راحلون ذات لحظة غضب أو ثورة أو حتى لحظة دم تقضي على كل الاستبداد وتحوله كلمات في تاريخ ...
استطاعت الانتخابات العراقية إن تغير من الخارطة السياسية للعراق , إن مؤشرات والنتائج الأولية للانتخابات , جعلت بعض الأسماء أرقام صعبة , وجعلت بعض الأسماء الأخرى هامشية لا تأثير لها أبدا على هذه الخارطة ..
كانت نسبة المشاركة الإجمالية للانتخابات في عموم القطر 62.5 بالمائة , وهذه نسبة حقيقة من أجمل النسب التي يمكن يحصل عليها شعب ما في انتخابات ما , في الواقع كانت هذه رسالة موجهه إلى كل الإطراف والأحزاب والجهات الخارجية أو الداخلية , هذه كانت رسالة إلى أصوات نشاز نسمعها بين فترة وفترة تحاول إن تقنعنا إن العراقيين مسلوبة إرادتهم , وإنهم يعيشون تحت وطأة حكم ظالم , جاء اثر فعل خارجي , الملاحظ انه لولا بعض القنوات التي تثير زوبعة في فنجان هنا وهناك , لم يبقى لهذه الأصوات من اثر ...
نحن قلنا أكثر من مره إن التغير الذي حدث في العراق , افرز الكثير من الأخطاء , ولكننا رأينا انه مع الوقت أخذت الأوضاع تصحح نفسها , من اكبر الأخطاء في بداية العملية الجارية في العراق انزواء السنة عن عملية التغير , لاعتقادهم أنهم الأولى في حكم العراق , ولكن مع الوقت عاد السنة وتعاملوا مع العملية الديمقراطية في العراق بايجابية جعلت ألسنه رقما صعبا يصعب أبدا تجاوزه , وإذا كان هناك من يدعى انه الأفضل لتمثيل السنة , أثبتت هذه الانتخابات إن المجموع الشعبي لا يرتكن دائما لشخصية واحدة , إنما الساحة أفرزت شخصيات وشخصيات تتكلم بلسان السنة وهي قادرة على الكلام بصوتها ولسانها وأنفاسها ....
ألان وبعد الانتخابات رأينا كيف تساوت فرص كل من السنة والشيعة والأكراد , وان أي كيان أو طائفة أو مجموعة لا تستطيع إن تدعي أنها وحدها تستطيع تمثيل الشعب العراقي , الانتخابات أثبتت إن المكونات الثلاث الرئيسية للشعب العراقي (( الشيعة والسنة والأكراد )) , لا زالت تتوازن بينها والاختلاف فقط من الذي يمثلها , والأكثر من ذلك إن التراكمات العملية للفترة السابقة والتجاذب والحوار واللقاءات في الفترة السابقة تركت انطباعا أكيد إن هذه المكونات الثلاث , لابد إن تبقى في وضع متوازن حتى لا تنفجر الصراعات مره أخرى , ولقد جرب العراقيين الصراعات ووجدوا كم هو هذا الطريق مؤلم وموجع ويكلف الكثير من الضحايا الأبرياء من لا ذنب لهم والذين يسقطون حين يشتد الصراع في أوقات الأزمات ....
محصلة ما أفرزته الانتخابات الأخيرة
أفرزت قائمة الملكي في المرتبة الأولى في المحافظات الشيعية التسعة ...
وأفرزت قائمة علاوي في المركز الأول في المحافظات السنية ....
أما قائمة الائتلاف الوطني فحلت في المركز الثاني في المحافظات الشيعية , ..
وهناك أسماء وقوائم تم صرف عليها الكثير من الأموال والبرامج والدعايات المكلفة , لم يكن لها نصيب سوى اقل القليل الذي سوف يعطيها الحق في مقعد أو مقعدين يجعلها غير مؤثرة تماما على الساحة العراقية في الأيام القادمة .....
نعود إلى توازن القوى ....الانتخابات أفرزت (( المالكي وأياد علاوي )) أرقام صعبة لا يمكن تجاوزها , التشكيلة الوزارية لا تتم إلا بأغلبية الأصوات في البرلمان أي ما يقارب (( 169 )) صوت من المقاعد البرلمانية , ربما يستطيع المالكي الحصول على 100 صوت من المحافظات الشيعية , ولكن يحتاج إلى 69 صوت أخر , بذلك لابد له إن يتحالف مع كتل أخرى , ميزة المالكي انه صاحب العدد الاعلي , وبهذا يضمن من يدخل معه في ائتلاف , سوف يجعله هو صاحب الشروط وليس العكس , وسوف يجعل من قائمته صاحبة اكبر عدد من المقاعد الوزارية , وهذا سوف يسمح له بتمرير كل القوانين والمشاريع , ونتمنى إن تكون حكومته , او أي كان من الذي سوف يشكل الحكومة , نتمنى إن تحقق قدر معقول من التجانس حتى تستطيع تنفيذ قراراتها ومشاريعها , يبقى إياد علاوي لايزال رقم صعب , فهو إن دخل في الحكومة القادمة ستكون شروطه ذات اعتبار , ويكون الصراع بين علاوي والمالكي على كرسي رئيس الوزراء , وان تخلي عن منصب رئيس الوزراء, لايكون هذا إلا بشروط صعبة , يبقى أمام المالكي الخيار الأخر إن يعود إلى التحالف مع (( الصديق – العدو )) القديم وهو الائتلاف الوطني , والائتلاف الوطني لا يطمع بمنصب رئيس الوزراء (( إلا متمثله بأحلام إبراهيم الجعفري )) القديمة الجديدة , ولكن الائتلاف الوطني , سوف يفرض على المالكي , كثير من الشروط منها تلك المراكز التي كان يشغلها وزير المالية ونائب رئيس الجمهورية ... ومشكلة الائتلاف إن يقيد رئيس الوزراء كثيرا بحيث لا يدعه يعمل بحرية لاعتقاده إن شريك أساسي ومهم في التشكيلة الوزارية .... وهذا طبعا سبب الكثير من الاحتقان والهجوم والرد في الحكومة السابقة ...
قيل ذات لحظة إن تشكيلة الحكومة القادمة يحكمها التوافق , وهذا حق , والتوافق يعني هنا (( هي حجم التفاوض بين الكتل القوية للوصول إلى حل عادل ومتوازن بين مختلف الكتل المستحقة في البرلمان )) ..لكن أيضا يحكمها القوة والضعف في البرلمان فأحزاب وكتل لم تستطيع إن تنال سوى مقاعد محددة جدا لا تستطيع إن تفرض شروطها (( حزب أحرار " أياد جمال الدين " والحزب الشيوعي "اتحاد الشعب " وحتى أتلاف العراق الموحد ومكونات الأقليات سوف يكون لهم دور رقابي فقط في الدورة القادمة ...لا أكثر ...
حتى هذه اللحظة نجد إن كل من (( الائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني وجبهة التوافق )) تشدد على ضرورة حكومة توافقية ...لماذا لان هذه القوائم تشعر بان خسارتها كبيرة وبنفس لا تستطيع إن تع شروط , لذلك نجد إن كلمتها تتفق لأول نره على ضرورة الحكومة التوافقية , حتى لا تخسر أكثر من الذي خسرته أو تحاول إن تنقذ ما يمكن إنقاذه في اللحظات الأخيرة ... المجلس الاعلى بقيادة عمار الحكيم يقول إن كتلته ليست مع أغلبية سياسية لان العراق لا يمكن إدارته من حاكم واحد أو حزب واحد ... ويعتقد إن التوافق هو انسب حل لجعل الحكومة قوية ....ومشكلة هذا الطرح انع سيعيدنا إلى نفس المربع السابق والذي جعل الحكومة شبه عاجزة بإدارة الأمور ....
بينما نجد إن هناك نوع من الغزل بين المالكي وإياد علاوي , لان أسماءهم أصبحت مطروحة بقوة , للتحالف لتشكيل الحومة القادمة يبقي في حال تحالفهم على وضع الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزه بين هذا الفريق والفريق الأخر ....
البعض يقول إن تحالف الملكي وعلاوي أصبح مطلوبا في هذه الفترة , حتى يمكن تجاوز الكثير من الصعاب وبنفس الوقت تثبيت ما وصل إليه العراق من تغليب الحالة الوطنية على الحالة الطائفية ,,,تحتاج في هذه الفترة التعاون ولا تحتاج إلى التجاذب ....
الأيام القادمة سوف تظهر كثير من الحقائق المخفية وسوف تفرز الكثير من صراعات القوى , وسوف تبرز أسماء , وتحترق أسماء أخرى , لكن الأكيد إن الخارطة السياسية للعراق تأخذ بالتوازن تدريجيا , وهذا عامل مساعد لاستقرار العراق , التوازن مطلوب في العراق , لان الخارطة السياسية في العراق صعبة جدا , بها المكونات الثلاث المهمة (( الشيعة والسنة والأكراد )) بها الأقليات , بها توازنات لدول الجوار , ولابد إن يتم حالة توازن لان مصلحة إيران مطروحة بقوة على الساحة العراقية والتي تدعم الكون الشيعي , ومصلحة دول الجوار العربي مطروحة بقوة فلا يستطيع احد إن ينكر (( مصلحة الكويت والسعودية والأردن وسوريا ومصر )) ومصلحة تركيا مطروحة بقوة ومصلحة أمريكا أيضا مطروحة ... الحكومة القادمة يجب إن تمثل توازن دقيق جدا يأخذ بالاعتبار كل هذه المصالح حتى تستطيع الوزارة إن تكمل وتعمل وتحقق نتائج ايجابية ....
وأولا وأخيرا هناك مصلحة المواطن العراقي هي قلب كل هذا التوازنات , كل هذه المصالح تدور في فلك المصلحة العراقية لا نها الأهم في هذه التزاحمات السياسية الكبيرة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور وبانين ستارز.. أسئلة الجمهور المحرجة وأجوبة جريئة وصدمة


.. ما العقبات التي تقف في طريق الطائرات المروحية في ظل الظروف ا




.. شخصيات رفيعة كانت على متن مروحية الرئيس الإيراني


.. كتائب القسام تستهدف دبابتين إسرائيليتين بقذائف -الياسين 105-




.. جوامع إيران تصدح بالدعاء للرئيس الإيراني والوفد المرافق له