الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر مفاوضات الفرصة الاخيرة

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2010 / 3 / 12
القضية الفلسطينية


لم تأت ورقة التطمينات الامريكية، التي عدت شرطا فلسطينيا وعربيا مسبقا، لاعطاء الضوء الخضر لقبول فكرة اجراء مفاوضات فلسطينية غير مباشرة مع اسرائيل، بما يسًوق قبولها على هذا النحو، حيث خلت من اي ما يدعو للاطمئنان، رغم توسعها وربما اطنابها بالاشارة الى مرجعية العملية التفاوضية التي حددتها بالقرار 242 القاضي بالانسحاب الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 اضافة الى مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام والالتزام بحل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.
وما يشير الى مساحة الخداع الواسعة التي انطوت عليها تلك الورقة الرسالة، انها ترافقت مع ما وصفتها صحيفة هآرتس الاسرائيلية، بالتاكيدات الامريكية التي حملها معه الوسيط الامريكي جورج ميتشل، وابلغها للرئيس محمود عباس حول أن التفاهمات بين إسرائيل والفلسطينيين خلال ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود أولمرت غير ملزمة للجانبين في المفاوضات غير المباشرة التي ستبدأ قريبا، او انها قد بدأت فعلا.
ونقلت الصحيفة عن نائب ميتشل، ديفيد هيل، أن مفاوضات الجانبين بعد مؤتمر أنابوليس في نوفمبر 2007 والتفاهمات بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني ورئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني أحمد قريع والتفاهمات بين أولمرت والرئيس عباس، بما في ذلك اقتراح أولمرت لاتفاق مبادئ، لا تلزم الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية وإسرائيل.
وهذا يعني ان مفاوضات الحل النهائي، التي حددت مواضيعها تلك الرسالة، كما جاء على لسان الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، في مقابلة له مع اذاعة فلسطين الرسمية بحدود الدولة الفلسطينية وملف القدس والاستيطان واللاجئين والمياه والامن، ستبدأ من الصفر، أي ان جهود مفاوضات مضنية طيلة نحو ثلاث سنوات ذهبت ادراج الرياح.
ولا يقتصر الخطر الذي تحمله تلك الرسالة فقط على اجبار المفاوض الفلسطيني على العودة الى نقطة البداية، بل ان جهود عامين مقبلين من المفاوضات المفترضة، ليس لها من ضامن في ان لا تعود هي الاخرى الى نقطة البداية.
فرسالة التطمينات التي اكد الدكتور عريقات ان وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بعثتها للرئيس محمود عباس حددت 24 شهرا لانهاء تلك المفاوضات حول قضايا الحل النهائي، دون ان يشير من قريب او بعيد لوجود اولا، برامج زمنية تراكمية لافرع العملية التفاوضية التي تتناول اكثر من موضوع، وثانيا التزام امريكي بالتوصل الى حل في نهاية تلك الفترة، على افتراض ان افرع العملية التفاوضية، ستتزامن بمساراتها.
الواقع ان اقتصار التعهد الامريكي على المدى الزمني للمفاوضات دون أي التزام باي نتيجة لها، يعيد للاذهان تعهد اسحاق رابين في الكلمة التي القاها في حفل توقيع اتفاقيات اوسلو في حديقة البيت الابيض بواشنطن يوم 13 سبتمبر 1993، حيث تعهد بالتفاوض دون ان يبدي تعهد باي من نتائجها، وهي مفاوضات تستمر حتى يومنا هذا.
وما يثير كما ليس قليلا من الشكوك، في أي معنى ذات دلالة لرسالة التطمينات الامريكية هذه ان نهاية الفترة الزمنية التي حددتها لانتهاء مفاوضات الحل النهائي، انها تترافق مع بداية استحقاقين انتخابيين متعاقبين اسرائيلي وامريكي، سيكونان حتما على حساب عملية السلام.
فمن ناحية ستكون ادارة الرئيس اوباما منهمكة بالاعداد لحملة انتخابات فترة رئاسية ثانية، لن تشذ عن سابقاتها من الحملات، حيث سيحلو للمتنافسين التسابق لارضاء اسرائيل، لتأمين دعم اللوبي الصهيوني، لزيادة فرص الوصول الى الكرسي الرئاسي.
كذلك فان احتمالات صمود حكومة اليمين الاسرائيلي الحالي، بقيادة بنيامين نتنياهو-وهي امكانية واقعية-، لموعد الانتخابات القادمة، ستعني من وجهة نظرة نجاحا لسياساته الراهنة المتشددة، بل ستعني تفويضا شعبيا اضافيا للتشدد اكثر، وهو تشدد يعني التسوية مع الجانب الفلسطيني اولا واخيرا.
واذا أُخذ بعين الاعتبار ان كل ذلك سيجري في ظل استمرار سياسة الاستيطان، التي لم تتوقف حتى في هذه اللحظات، التي تبذل فيها جهود كبرى لاستئناف العملية السلمية، حيث اتخذت الحكومة الاسرائيلية منذ قرار لجنة المتابعة العربية بتغطية قرار مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل، نحو ثلاثة قرارات استيطانية، فان ذلك يعني ان منح المفاوضات فرصتها الاخيرة، قد يعني تعريض القضية الفلسطينية برمتها لخطر غير مسبوق.
وربما شعور الرئيس ابو مازن بحساسية الوضع وجدية مخاطره، هو ما دفعه لتحذير ميتشل من مغبة ان تستغل اسرائيل كل جولة جديدة من المباحثات، للقيام بهجوم استيطاني جديد، وهو نفس الاحساس الذي دفع الرئاسة الفلسطينية للتعقيب على قرار اسرائيل إقامة 1600 وحدة استيطانية في القدس العربية، بوصفه بالخطير، وانه سيؤدي إلى تعطيل المفاوضات والحكم بفشل الجهود الأميركية قبل أن تبدأ، وحث الرئيس عباس للتشاور مع عمرو موسى لاتخاذ خطوات سياسية عاجلة تتناسب مع خطورة العمل الإسرائيلي .
ويبقى ان تقديرات الطرف الفلسطيني لمخاطر الوضع الراهن، غير كافية لدرء تلك الاخطار، وانه للحيلولة دون تحول هذه الفرصة الاخيرة للمفاوضات، الى نكسة تاريخية اخرى للقضية الفلسطينية، ويتم تحميل وزرها الجانب للفلسطيني منفردا، فانه لا بد من تفعيل البعد العربي، وتحمل الامة لمسؤولياتها، حيث لا يكفي تحديد الولايات المتحدة للطرف الذي افشل الفرصة الاخيرة، كما ان اعترافها بدولة فلسطينية قد لا يعني شيئا، حيث ان اعتراف 162 دولة بالدولة الفلسطينية لم يحولها بعد لدولة في الواقع، لتنجو القضية من مخاطر جدية تحيق بها.

هاني الروسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش