الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هنا نبدأ

أمينة النقاش

2004 / 7 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا يحسم التشكيل الوزاري الجديد النقاش المفتوح علي مصراعيه، في المجتمع المصري وسط الأحزاب والنخب السياسية حول قضية التغيير، بل الأرجح أن يسرع وتيرتها.. فأحد أبرز النتائج التي تعكسها طبيعة التشكيلة الوزارية الجديدة، التي تحفل بالتكنوقراط وتخلو من الخبرات السياسية المؤهلة، هي أنها بدلاً من أن تكون خطوة نحو إحداث هذا التغيير، فهي علي الأغلب الأعم، ستكون عقبة أمام إحداثه، بغلبة الهموم الفنية والتكنولوجية علي عناصرها، ومخاصمتها للسياسة كما قال رئيس حزب التجمع.

والتغيير الذي ننشده، لإخراج مصر من أزمتها ومن النفق المسدود الذي سيقت إليه لم يبدأ بعد، ولا يتحقق بتغيير حكومة بأخري مع الإبقاء علي السياسات نفسها، التي أنتجت الأزمة، كما لا يتحقق باستبدال وزير كهل بآخر شاب، وكأن الخبرة والتجربة ليست معياراً من معايير الاختيار للموقع العام.

لن يحدث التغيير بتسليم مقاليد البلاد لفئة محدودة، ليس هناك حدود لجشعها ورغباتها في إطلاق العنان لاقتصاديات السوق، وتسريع برامج الخصخصة، وبيع ما تبقي من أصول القطاع العام، بأبخس الأثمان، وفي نظرها إلي الشعب باعتباره مصدر كل المصائب والمشاكل والخيبات، وفي رفضها العنيد لوضع أي قيود تحمي المال العام، وتفصل بينه وبين المشاريع والأعمال الخاصة، وعرقلة أية تشريعات لتعقب الفساد وملاحقته.

وليس هناك معني لأن يكرر خطاب تكليف الحكومة الجديدة ما سبق أن قيل للحكومات السابقة، وأن يكرر رئيس الحكومة الجديدة، ما سبق لسلفه أن تعهد به من أن أولويات عمله في المرحلة المقبلة هي تطوير التعليم والقطاع الصحي والسيطرة علي الأسعار، ومتابعة تنفيذ الإصلاح الاقتصادي، لا معني لهذا سوي أن القاعدة التي تحكم العلاقة بين الدولة والمواطنين سوف تستمر وهي قائمة علي ترديد الشعارات البراقة، وإطلاق وعود لا تنفذ.

وليس مهماً أن يكون الجديد الذي يحمله التشكيل الوزاري، أنه يحول الحكومة لأول مرة ـ كما قال كثيرون ـ إلي حكومة الحزب، لأن جوهر الخلل في النظام السياسي القائم هو الحزب الوطني ذاته، الذي ألغي الحياة الحزبية برفضه لإطلاق حرية المنافسة السياسية لصالح تغوله علي السلطات التنفيذية، واكتسابه للنفوذ مرة برئاسة رئيس الجمهورية له، وأخري بالدور المحوري الذي تلعبه لجنة السياسات في إدارة شئونه.

ذهاب حكومة ومجئ حكومة أخري مع التمسك بالسياسات التي تعيد إنتاج الأزمة، لن يغير من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي بلغت درجات عليا من السوء يدفع فاتورتها الفقراء والمعدمون، وهم أغلبية هذا البلد. والصلة وثيقة بين إحداث إصلاح سياسي ودستوري يقود مراجعة شاملة للدستور وأنظمة النظام السياسي ومؤسساته، وبين تهيئة المناخ لإصلاح تلك الأوضاع البائسة.

ومن هنا يبدأ التغيير الحقيقي، بتعديل الدستور لتصبح مصر بموجبه جمهورية برلمانية، يملك فيها رئيس الجمهورية ولا يحكم، حيث تتولي سلطاته حكومة الحزب الذي يفوز بالأغلبية في انتخابات حرة تضمن نزاهتها هيئة قضائية مستقلة، كما يحدث في جمهورية الهند البرلمانية، وتحكم الرقابة الشعبية علي أدائها في سياق دولة الحق والقانون والمؤسسات، ويمكن محاسبتها ومساءلتها وإسقاطها إذا لزم الأمر.

وحين يصبح هذا الإصلاح الشامل للنظام السياسي في مصر حقيقة واقعة، فليأتي أحمد نظيف أو جمال مبارك أو غيرهما، رئيساً للحكومة، طالما هو رئيس حكومة منتخب وهناك برلمان يراقبه ويساءله ويستطيع أن يقيله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا