الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محرقة المسيحيين في العراق! متى تتوقف؟؟!!

رزاق عبود

2010 / 3 / 13
حقوق الانسان


بصراحة ابن عبود
سكان العراق الاصليين من اشوريين، وسريان، وكلدان اعتنقوا المسيحية منذ مئات السنين كما اعتنقتها بعض القبائل العربية قبل الفتح الاسلامي للعراق. وكغيرهم من شعوب الارض الذين غزاهم بدو الجزيرة العربية خيروا بين الاسلام، او الجزية، او الحرب. وظل مسيحيوا العراق، مثل غيرهم، في اراضي الامبراطورية الاسلامية يدفعون الجزية كأهل ذمة. أي ان المسلمين مسؤولين عن حمايتهم. دخلوا في ذمتهم كما هو العرف العشائري اليوم الذي يسمى الدخيل. وتمتع المسيحيون بهذه الحماية بفعل ما كانوا يدفعونه من ضرائب(الجزية) دون غيرهم مع انهم اهل البلاد واصحابها الاصليين. ساهم المسيحيون، رغم ذلك، في تشييد صرح الحضارة الاسلامية بعلومهم، وامكانياتهم، ومعارفهم خاصة اللغوية حيث قاموا بترجمة الكتب اليونانية الى العربية. وهي الكتب التي شكلت اساس النهضة العلمية والفكرية لما يسمى اليوم بالحضارة الاسلامية خاصة في عهد العباسيين. لكن ضعف الخلافة العربية وتسلل المماليك الى السلطة ثم سيطرة الاتراك العثمانيين على الخلافة الاسلامية اضعف هذا الدور ولوحق المسيحيين ولا قوا التمييز. وحصلت مذابح لهم بسبب نزوات متعصبة. في مطلع القرن العشرين اصابهم ما اصاب الارمن في تركيا، وعلى يد ضابط عراقي من اصل تركي هو الاخر. بعد أن خذلهم الانكليز ونكثوا بوعودهم لهم. وظلوا ضحية التمييز العرقي، والديني منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة رغم مشاركتهم في تاسيسها ومشاركتهم في اول وزارة تشكلت وكانوا ممثلين ايضا في مجلس الاعيان. لكنهم ظلوا رسميا يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية رغم التعاطف الشعبي معهم ورغم روح التسامح والتعايش التي عرف بها المجتمع العراقي. شارك المسيحيون في نضالات الشعب العراقي مع غيرهم وقدموا الضحايا والشهداء. ونالهم حقد الانكليز وعملاءهم لانهم رفضوا ان يكونوا طابور خامس، او اليد الضاربة للاحتلال وفشلت تجربة الانكليز التي نجحت في مناطق اخرى مثل الهند. في عام 1949 اعدم زعيم ومؤسس الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان يوسف المعروف باسم "فهد" وهو مسيحي كلداني مع رفيقيه المسلمين حازم وصارم. بسبب مقاومتهم لنفوذ بريطانيا في العراق وحكوماته العميلة.

بعد ثورة14 تموز 1958 شعر المسيحيون، لاول مرة، بانهم سواسية مع غيرهم وساهموا بنشاط في دعم الثورة، والمساهمة في الدفاع عنها. والكثير من ضحايا العنف، والارهاب الذي قامت به القوى القومية المتأمرة على ثورة تموز في الموصل، وكركوك كانوا من المسيحيين. وهاجرت الاف العوائل المسيحية الى المدن الكبرى مثل بغداد، والبصرة خوفا على حياتهم. وقتها نشطت المؤامرات لتشجيعهم على ترك بلادهم، وشهدت تلك الفترة اولى الهجرات المسيحية الى استراليا، وامريكا لحرمان العراق وثورته الوليدة من خبراتهم الفنية والعلمية ولدق اسفين في وحدة الشعب العراقي.

بعد الانقلاب الفاشي عام 1963 نالهم مع غيرهم الاضطهاد، والتعذيب، والتشريد، والسجون، والاعتقالات، والاعدامات، والتصفيات، والاغتيالات. واستمرت الهجرة المسيحية للاسف، هربا من الديكتاتورية والتمييز. خاصة بعد ان حرموا من الدخول في السلك العسكري، وبعض المواقع المهمة في الزمن العارفي بعد هروب طيار مسيحي الى اسرائيل، في عملية مفبركة مقصودة. وساء حالهم اكثر مع بقية ابناء شعبنا اثناء الحكم الصدامي ولقوا ما لقوه من ويلات حروبه، ومغامراته، وفاشيته، وسياسته الاستبدادية.

بعد الاحتلال الامريكي للعراق، وانتشار العصابات الاسلامية المتعصبة تعرض المسيحيون الى ابشع ملاحقة، ومذابح. حيث هوجمت الكنائس، واحرقت، وقتل رجال الدين، ونسفت المعابد، واختطف الكثير، واضطر الالاف للهروب الى دول الجوار، ومنها الى دول المهجر تاركين ورائهم كل شئ. واستغلت القوى القومية الكردية المتعصبة هذا الامر، وقامت بعمليات تصفية، وتهجير، وتطهيرعرقي وديني من اجل ضم الاراضي التاريخية التي يسكنها المسيحيون الى ما يسمى اقليم كردستان. بل فرضت عليهم تسمية كردستانيين. مع انهم كانوا موجودين في هذه الارض قبل العرب بالاف السنين، وقبل الاكراد الذي جاؤا الى العراق مع الجيش العثملني في بدايات واواخر القرن السابع عشر. وبين فترة واخرى يظل الدم المسيحي يسيل كورقة مساومة او ضغط لفرض شروط الزعامات الكردية. او اهدافا سهلة للقوى الاسلامية الارهابية. واذا كانت الحرب الطائفية قد وضعت اوزارها ويتصدى لها الجميع حتى ممن اثاروها فان الحرب الدينية، والعرقية ضد مسيحيي العراق لا زالت مستمرة. ويبدو ان الهدف منها تصفية العراق من الوجود المسيحي تمهيدا لضم كل سهل نينوى واقسام كبيرة من الموصل الى ما يسمى اقليم كردستان بعد ان نجحت المليشيات الكردية(ليس الاكراد) في ضم اجزاء كبيرة من ديالى الى اقليمهم الانفصالي وقطعوا شوطا طويلا في تكريد مدينة كركوك. كما اعتبروا قلعة اربيل اثرا كرديا رغم تاريخها الاشوري. ان ما تعرض ويتعرض له مسيحيي العراق هي ابادة جماعية منظمة ولكن بشكل مسلسل من القتل، والتهجير، والتخويف، والارهاب، والرعب، والتصفيات، والتكريد، والتطهير العرقي.

العالم كله لا زال يتحدث، وعن حق، عن الابادة الجماعية للارمن، والاشوريين في تركيا، و مذابح دارفور العنصرية، واغتصاب فلسطين، وغيرها، ويضخمون المحرقة النازية ليهود اوربا. اما المحارق، وحرب الابادة، التي يتعرض لها ابناء الرافدين الاصلاء، وورثة تاريخ ما بين النهرين فانه يبقى حديثا حذرا ينام ويصحوا حسب مجرى الدم المسيحي الطاهر المراق يوميا على ارض العراق، وكانهم قرابين لمشاكله، وهمومه، واكباش فداء لنمو الروح الانفصالية، والتعصب القومي، والعنف الطائفي، والديني، وعدم قبول الاخر، والتمييز الديني والعرقي ضد من منحنا فرصة التباهي، والادعاء باننا ابناء بلد اقدم الحضارات. لكن ابنائه الحقيقيين يتعرضون للتصفية اليومية المنظمة على مذبح الاطماع القومية لاراضي مدن وقرى لم تعرف ساكنين غيرهم على مدى الاف السنين. فمتى سيصحوا الضمير الانساني ومتى ينتبه المسؤولون الى ان التاريخ سيطارهم يوما كما يطارد حكام تركيا، والصهاينة المجرمين، ومليشيات رواندا الدموية؟؟

متى تنطفي نيران محرقة سكان بلدنا الاصليين؟؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين


.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري




.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين


.. ألمانيا.. تشديد في سياسة الهجرة وإجراءات لتنفير المهاجرين!




.. ”قرار تاريخي“.. القضاء الفرنسي يصادق على مذكرة اعتقال بشار ا