الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الديكتاتوري , وإعدام التاريخ والرأي الاّخر - حلم التحدي ؟- 14

جريس الهامس

2010 / 3 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بعد استراحتنا القصيرة في ربوع الوطن , وبعد فشلنا في زيارة من بقي حياً من الرفاق والأصدقاء والأقارب في الداخل لسببين :
- لأن عسس السلطان في كل مكان والناشطون الوطنيون الديمقراطيون وأصحاب الرأي حتى لوكان نشاطهم منذ ربع قرن مضى وأكثر موضوعون رهائن تحت الرقابة الدائمة في الداخل الحزين , هكذا فهم نظام ( الفوبيا الأسدية ) منذ عهد --- المغفور له المملوك الأب حتى اليوم ----هكذا فهم التنمية المستدامة بأنها رقابة مستدامة على تنفس أحرار سورية وتفسير مخابراتي لكل كلمة تصدر عنهم أمنياً...

والسبب الثاني : هدر دمنا منذ أمد بعيد لكن لاأعلم حتى الاّن كيف بقينا على قيد الحياة ؟؟ يمكن هذا القول يثير الإستغراب لدى القراء الكرام .. ؟ لا .. لكنها الحقيقة التي أسجلها لأول مرة .. لقد سمعهم أستاذنا المرحوم – ( د. مصطفى البارودي ) بنفسه يوم نفذنا أول إضراب للمحامين في سورية بتاريخ 31 اّذار 1980 واعتقلنا من باب القصر العدلي أو قصر العدل بدمشق وكنا ستة مخربين فقط يومها هم السادة : ( هيثم المالح – ميشيل عربش – عدنان عرابي—موفق الكزبري -- جريس الهامس وأستاذنا في كلية الحقوق مصطفى البارودي شقيق شهيد معركة الإستقلال عام 1945 الطبيب مسلم البارودي ) حملونا بشاحنة الشرطة بعد وضع القيود يأيدينا كالمجرمين إلى سجن الشيخ حسن – بدمشق ومنه إلى الشعبة السياسية في مدخل حي الشيخ محيي الدين ,,

وضعت أنا وعدنان عرابي وهيثم المالح وميشيل عربش وموفق الكزبري في زنزانات تحت الأرض , وبقي الدكتور البارودي في مكتب رئيس الشعبة ( العقيد محمد الزعبي ) الذي كان تلميذه في كلية الحقوق فخجل من وضعه في الزنزانة مثلنا ... كماعلمنا فيما بعد ... وأثناء وجوده في المكتب سمع مكالمة من أحد رؤوس النظام مع رئيس الشعبة يقول له فيها المسؤول الكبير حرفياً : ( ألم نقل لكم هؤلاء – مو لازم يبقوا طيبين – ليش ما خلصتونا منهم وخصوصاً .. وذكر إسمي بالذات ..؟ حرفياً ...

كانت نقابة المحامين المنتخبة ديمقراطياً لاتزال بجرأتها وحيويتها يومها , هددت باستمرار الإضراب إذا لم يطلق سراحنا .. واستنجدت باتحاد المحامين العرب الذي كان على رأسه فارسين متعاطفين مع حرية وحقوق الشعب السوري هما الأستاذان : أحمد الخواجةمن نقابة مصر وفاروق أبو عيسى من نقابة السودان ..أستنكرا فوراً إعتقالنا واتصلا بالمنظمات الدولية للمحامين وحقوق الإنسان .. أسقط في يدهم وأطلقوا سراحنا فوراً قبل منتصف الليل بقليل ,," هل علمتم لماذا أخشى على حياة هيثم المالح بين أيدي أوائك القتلة الذين لم يفرّخوا منذ ثلاثين عاماً ونيف من مدجنتهم البوليسية سوى لصوصاً وقتلة .."
........
بعد خروجنا دعاني الدكتور البارودي للذهاب معه ليخبرني ما سمعه ورجاني عدم العودة للمنزل وتكفل هو بإعلام عائلتي ....وهكذا كان قبل أيام قليلة من الإعتقالات الشاملة وحل النقابة بأيام قليلة ...
استعدت ذلك الشريط المؤلم والناصع معاً من نضال شعبنا ونقابتنا العتيدة ضد هذا الطاغوت الهمجي الطائفي الذي شردنا و حرمنا وطننا ورفاقنا وأهلنا منذ ثلاثين عاماً ونيف ,,
.......
المهم لم يبق أمامي سوى التخفي و زيارة أضرحة الوطنيين والمناضلين الأحباء الذين إفتقدناهم , وافتقدهم الوطن ,., طفت متخفياً أحمل سلة بائع زهور في عيد الحب لأضع وردة على كل ضريح مع التحية والإنحناء بخشوع أمام كل من الأحباء الذين افتقدناهم مع حفظ الألقاب وهم كثر لكن صديقين قديمين مثلي التقيتهما بالصدفة في حديقة الأرسوزي ... لم يعرفاني إلا بعد عناء ولم يصدق مصعب وسعيد أن أهبط بالمظلة هكذا لكنهما حملا عكازتيهما وتبعاني لندردش قليلأ حول عناوين الأضرحة كان مصعب أنشطهما لأنه إبن حماة كما عهدته أصيل لم يتغيرقادني إلى ضريح أبويوسف وأبو أسامة وأبومحمود في سفح الجبل وغيرهم .من االأحبة الذين رحلوا ...
كما قادني سعيد بسيارته الهرمة وقد تركت هموم وماّسي العقود الخمسة التي مرت على حكم العسكر اّثارها اللئيمة على وجهه الجميل - الذي كان يجذب الكثير من فراشات دمشق المزركشة في شبابه --, وانحناءته وعلى سيارته حتى بدا بها مع شيخ ولحية صغيرة ونظارات عصملية قاتمة اللون كأنه قادم من عالم اّخر لمساعدتي مجازفاً متحدياً إرهاباً نازياً عمره أربعة عقود وثلاث سنين بالتمام . يخيم على الشام رافقني ضاحكاً لأضرحة الأهل والأصدقاء في صيدنايا دون أن ننسى ضريح شيخ المناضلين ( أبوخليل ).... ومنها لأضرحة دمشق للأحبة : نصوح ومصباح وميشيل وأسعد وتيسيرومنذر والشقيقين إيليا ,, وويلسن ويوسف وفارس وفائز وأحمد والشاغوري وبجانبه منذر وجورج الأعرج وأم المناضلين وطارق النول ويوسف والنقابة أيضاً وغيرهم القائمة طويلة طويلة دون أن أنسى وضع وردة في شق صخرة عند مدخل قلعة دمشق لذكرى الشهداء الذين أعدمهم الطاغية فيها يوم كا نت سجناً عام 1975 وأخفى جثثهم عن أهلهم ...... ولم يذبل الورد حتى اّخر وردة ....
وكما كانت تقول أمي كلما ودعتها في سفرة بعيدة ( الله يبعد عنك الظلاّم وأولاد الحرام --- الله يعميهم عنك ) ...لاأعلم هل أعماهم الله حقاً لأشكره ؟ , أم أعماهم المال والمسروقات والجواري المحليات والمستوردات ؟؟ أم أعماهم شر أعمالهم وخياناتهم ؟؟ أم أعمتهم فيلة كسرى ومرزباناتها الهرمزية لا أدري ...... ؟؟؟. المهم أنني عدت سالماً وصدق دعاء أمي ...؟...
أيقظتني العزيزة أم حنين صباحاً على هديل طيور النورس البيضاء والرمادية التي تملأ الفضاء دعابةً وصخباُ حول منزلنا هذه الطيور الوفية الحبيبة التي تشارك أهل حينا في لاهاي طعامهم وأحلامهم كل صباح ... وكم كنا نحملها رسائلنا السرية والعلنية إلى الوطن وأطراف المعمورة لكل الرفاق والأصدقاء المحبين من سواحل بحر البلطيق في الماضي ومن سواحل بحر الشمال اليوم ,,, هكذا أصبحنا كما تقول زوجتي العزيزة نعيش في النهار في هولاندا وأثناء النوم بين ربوع الوطن الحبيب ....

بدا الإرهاق والتعب على وجهي صباحاً قبل أن أحتسي قهوة الصباح وأستمع لبرنامج قالت الصحف الصباحي من التلفاز لذلك قررت ان أبوح لكم بما فعلت في رحلتي السرية الليلية ؟؟؟.... أليس من حقنا ان نحلم بالوطن الذي يسكننا , بعد أن حرمنا الطاغوت وحرم اولادنا منه منذ ثلاثين عاماً.. أليس من حقنا أن نستعيده من الغاصب الصهيوني والفارسي – القرداحي المدبلج بكل الوسائل..؟؟؟ أليس من حقنا زيارة أضرحة الأحبة الذين رحلوا عنا ولم نودعهم بكلمة أو بباقة ورد , وخصوصاً المناضلين والمناضلات الذين وهبوا حياتهم لبناء وطن سعيد ؟؟؟,, أليس من حقنا أن نعمل مع المناضلين الصادقين المجربين ونطا لب دوماً بفرز الثعالب والمنافقين عن المناضلين الصادقين في صفوف المعارضة وتطهير سا حتها من الألغام التي زرعها الطاغوت بين صفوفها ,, وتطهير جسدها من البثور السامة ؟؟؟
...........
لذلك قررت متابعة حلقات " النظام الديكتاتوري " الفاشي وما فعله في أرضنا وشعبنا المظلوم في سورية ولبنان بعد انتهائنا من نكبة أرض الكنانة بهذا النظام .. تحت نفس الشعارات القومية الكاذبة ...
كما أعد الأصدقاء والصديقات الذين ألحوا على ضرورة توثيق هذه الحلقات في كتاب , منتظر بالإضافة لكل ماصدر – القليل - حتى الاّن ..., أعدهم بتحقيق ذلك فور الإنجاز التام , أملاً أن يسهم الأصدقاء في الإنجاز بما لديهم من وثائق تنقصنا طبعاً نظراً لندرة المصادر- باستثناء مصادر المديح والتبجيل -- في نظام مصادرة الكلمة والرأي والحريات العامة .. وليتنا نرى إنتاجاً جماعياً لمعارضة جادة ومتواضعة ومنتجة يتبلور في إصدار مجلة أوصحيفة تمثل الصوت المعارض كله دعونا لإصدارها منذ عقود دون جدوى مع الأسف - دون تمييز عصبوي بعيداً عن عقلية العداوة السخيفة في المعسكر الواحد التي جسدتها الدكاكين الحزبية المتناحرة حول طبيعة الملائكة في بيزنطة والعدو يجلد ويقتل كل من جاء في طريقه دون رحمة ويطرق أبواب المدينة كلها ليدمر ماتبقى ...
لاهاي – 13 / 3








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التشدد الديني في سوريا
شكري فهمي ( 2010 / 3 / 13 - 16:45 )
عبرت المستشارة الإعلامية والصحفية للحكومة السورية، السيدة بثينة شعبان، مؤخراً عن قلقها بشأن ظاهرة التشدد الديني في المجتمع السوري، وأردفت قائلةً: ينبغي على الحكومة السورية تبني سياسات وإجراءات جديدة بهدف محاربة هذه الظاهرة الخطيرة والقضاء عليها، وذلك قبل أن تستفحل الى ما لا يحمد عقباه. السؤال الذي يطرح نفسه على المعارضين السوريين هو: كيف ستقيمون اللنظام الديمقراطي في ظل هكذا تشدد ديني؟ ألا تخافون من إنتقال الحالة في سوريا من سيء الى أسوء في ظل التشدد الديني الذي تشهده سوريا حالياً؟ مع الاحترام والتقدير.


2 - إلى السيد فهمي
الكاتب ( 2010 / 3 / 13 - 18:27 )
التشدد الديني هو الإبن الشرعي للنظام الديكتاتوري الأسدي الطائفي والإرهابي القائم على اغتيال الحريات العامة والرأي الاّخر وحرية الكلمة ... وهذه الإمعة مستشارة الديكتاتور التي تندد بالتشدد الديني هي ومخابرات نظامها التي رعت منظمات المتحجبات الدينية باسم ( القبيسيات ) ) ونظامها الذي سمح بإصدار الفتاوى الرجعية ضد المرأة وضد الاّخر وأصدر مشروع قانون الأحوال الشخصية القرووسطي الذي يكرس الطائفية واستعباد المرأة والطوائف المختلفة ... في نفس الوقت يوجه القمع والإرهاب والإعتقال الكيفي اليومي ضد القوى العلمانية واليسارية في سورية من العرب والأكراد وسائر مكونات الشعب في سورية ... نظام الإستبداد هذا الذي حوّل الجمهورية إلى ملكية وراثية واغتال الديمقراطية وحقوق الإنسان وزرع الأحقاد الطائفية هو الذي خلق ما سميته تشدد ديني ... إذا كنت تعيش في سورية تدرك ذلك وتخرس السيدة شعبان وأمثالها ...تحياتي

اخر الافلام

.. مراسل فرانس24 يرصد لنا حالة الترقب في طهران تحسبا لهجوم إسرا


.. غارات إسرائيلية -عنيفة جدا- تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت




.. هل يؤثر مقتل هاشم صفي الدين على معنويات مقاتلي حزب الله في ج


.. انفجارات متتالية تهز ضاحية بيروت الجنوبية جراء القصف الإسرائ




.. غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات في غزة تسفر عن شهداء وجرحى