الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقعة حارة

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2010 / 3 / 14
الادب والفن


يضعف التيار, فترتجف تلك النقطة المضيئة...
أعرف أنها ترسل إليهم كل ما أفعله.. وأعرف أنها تبثُّ تلك الأشياء لأكثر من مكان، لذلك حافظت على تحرّكاتي، وراقبتها,
وأمضيت الوقت جالساً و مبتسماً، فيروني مبتسماً ويتأكدوا أني لا أهتم لهم ولا لجهازهم، ولا لزنازينهم...
أحجمت عن السير، لأجعلهم يعتقدون أنّي غير قلق.. لكني سرعان ما عدتُ إليه عندما شعرت بالضجر الشديد..
ولأن المساحة صغيرة، فقد تاهت عيناي بالارتجاف المضيء...
أعرف أنهم يختبئون خلفه بكل قوتهم وذكائهم, وأتساءل، هل يحتاجونه إلى هذه الدرجة؟!!
يبدو أنهم يحتاجونه، وإلاّ لماذا ثبتوه هنا، في مكان لا يدخله أحدٌ، ولا يصل إليه أحدٌ، ولا ينفذ منه أحدٌ...
أقرع الباب الحديدي بحذائي، فيصرخ السجان من بعيد:
ـ ماذا تُريد؟!
ولأني لا أعرف ، ولأني لا أريد شيئاً، فقط أريد التحدث مع "بشري" لأخرج من عزلتي فأردّ:
ـ سيجارة.. وأنا لا أدخن..!
يقترب،.. يناولني واحدة.. يشعلها لي ويؤكد إذا أزعجته وقرعت الباب ثانية فسيجعلني أبصق دماً...
في المرة الثانية، أقرع الباب، وأطلب حبة دواء.. هذه المرة رأسي يؤلمني...!!
يناولني، ويؤكد إذا أزعجته، وقرعت الباب مرة أخرى سيقتلني..
لا أفوت فرصة لقرع الباب، وهو لا يتوانى عن تهديدي مستخدماً قاموساً تسلق في ذاك المكان..
ترتجف النقطة المضيئة، وتملأ المكان بالقلق والترقب..
إذا كنتُ لا أخشاهم، فلماذا أفكر بعدستهم تلك..؟!
إذا كنت لا أفعل شيئاً، فلم يقلقني اشتعالها..؟!
ما دمت لا أعتبر نفسي فأر اختبار، فلماذا أخشى ارتعاشها الدائم..؟!
يشتعل تفكيري باشتعالها.. ويرتجف جسدي بارتجافها..
هي فوق في أعلى الجدار تتوهج، وأنا تحت بين الزوايا الخامدة أشتعل..
يسعفني أرقي لأخمِّن ماذا يمكن أن تكون..؟!
ربما ليست عدسة رصد..!! لكن ماذا يمكن أن تكون إذن..؟!
واجترحت مخيلتي فكرة جهنمية أظهرت لي أني مهمّ..
يجب أن أختفي بهدوء.. ببطء.. بلا ضجة.. لذلك وُضعت هنا على رنين جرس الموت الموقوت...
قفزتُ...
إنها هي... إنها هي.. واحد.. اثنان.. ثلاثة.. قنبلة موقوتة...
واحد.. اثنان.. قنبلة.. واحد.. اثنان.. ثلاثة...سأموت..
واحد.. ويبدأ العدّ.. اثنان.. وينتهي..ثلاثة.. وأنتهي...
وصرخت: واحد..اثنان.. ثلاثة..انفجري يا ساقطة..أيها الجبناء.. أيُّها الخونة..
يفتح السجان الباب وينهال علي بجمع يديه ورجليه، فيطويني في زاوية من زنزانتي متهالكاُ و متكسراً.
أفهم.. أحاول إفهامه ... لكن صوتي يضيع.. يتلاشى في زحمة الارتجاف...
سأخلعها من مكانها.. سأنزعها...
سأرتقي الباب عندما يفتحه السجان.. لا أريد طعاماً لا آكله.. ولا شراباً يقطّرونني به عبر سلك التوهج ذاك...
وانتظر خائفاً من انفجار البركان المرتجف في كل لحظة.. وأتوقع أن أموت..
لأموت.. لأموت.. أليس أفضل من أن أموت في كل لحظة تحت وطأة النقطة المذهلة الموجعة...
أسمع رنين السطول، فأعرف أن الطعام قادم...
أهيئ نفسي، أقف وأتحدى صرخة الموت الموقوتة تلك.. رجفة اختناقي وقلقي..
يفتح السجان بابي، ويمضي ليفتح أبواباً أخرى، أنهض..
أتمسك بحوافه الصلبة.. أمتطيه، فيتزحلق صوت ألم وتعب...
أقف على حافته العالية, ثم أحاول نزع النقطة بإصبعي ...ترتسم فوقها...
أمسحها بكفي، فتصطبغ فوقها بقعة حمراء لذيذة....
أقرّب يدي فتقترب عليها.. أبعد يدي، فتبتعد عليها..
يا الله... ياالله.. إنها الشمس.. الشمس في قبري.. الشمس في قبري..
وأضحك.. وأضحك.. ويأتي السجان على صوت تأخري وجنوني، يُفاجأ من وقفتي فوق الباب..
يهزه، فأسقط... يرفسني، يضربني بحزمة المفاتيح، ويسأل، ماذا أفعل فوق لوح الباب..؟!
أغطي وجهي بيدي، وأضحك، وأرتجف، وأتساءل، كيف عرفت مكاني هذه الحنونة..؟! وأشير كلما سمح الضرب لي..
أشير إليها، ليفهم، ليكتشف ما يذهلني، ما يضحكني ويرميني في خانة الجنون..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء