الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجارة لعصر ذهبي في العلاقات الايرانية – التركية

دياري صالح مجيد

2010 / 3 / 14
السياسة والعلاقات الدولية


تتسارع الخطى وتتبلور الرؤى الداعمة لتعزيز مسار العلاقات بين بلدين من البلدان المهمة والمؤثرة في صناعة التفاعلات السياسية والاقتصادية بشقيها السلمي والعنيف في المنطقة العربية وهما كل من ايران وتركيا , حيث عبرت كلتا الدولتان عن رغبة حقيقية في قيادة مشروع تحالف جديد تُنسج خيوطه بدقة واحكام داخل اروقة السياسة المغلقة في الدوائر الرسمية للبلدين , بهدف اعادة ترتيب الاوضاع والاولويات في العديد من دول المنطقة والعمل ايضاً على ادارة الملفات المضطربة خاصة منها في العلاقات التي تجمع دول الاقليم بامريكا واسرائيل اضافة الى حركات الاسلام السياسي , ليكون هذا الحلف وفقاً لصياغته الاولية مصدراً من مصادر التبشير بتحول اخر يدق الابواب دون ان يكون له في المنطقة الاستعداد الكافي ودون ان تكون ملامحه واضحة لمعرفة فيما اذا كان محاولة ضم سوريا والعراق اليه مجرد غطاء شرعي ام هي خطوة لحث السعودية ومصر , المتخوفة من تطور الخطى الرامية الى تعبيد الطريق امام وتحت اقدام رعاة هذا الحلف , للانضمام اليه في المستقبل اذا ما تبلورت صياغاة اهدافه النهائية والحقيقية غير المعلن عنها بعد , والتي يبدوا انها لا تخرج في اطارها عن اما تخوف امريكي من ان يقود اعادة ترتيب الاوضاع في العراق , بشكل خاص بعد الانسحاب الامريكي المقرر منه في 2011 , الى ترك فراغٍ يهدد المصالح الامريكية هناك وبالتالي منه الى كل الشرق الاوسط , لذا جاء هذا التخوف ممزوجاً بامكانية احياء جذور الصراع الفارسي – العثماني في هذا الوقت من الزمن , وهو ما لايصب في المصلحة الامريكية العامة في هذه المنطقة , لذا جاء الدفع هناك تجاه هذا المشروع ايضاً برؤية امريكية او بضوء اخضر امريكي , , او قد نفترض هنا ان تركيا الباحثة دوماً عن دور اقليمي تُجدد من خلاله مكانتها الاستراتيجية ارادت استثمار الارتباك الذي يلف الرؤية الامريكية في هذه المنطقة من اجل التغلغل في عمق التفاعلات الجارية فيها وبالشكل الذي قد يثير حفيظة البعض خاصة في ظل الاضطراب الحاصل مؤخراً في علاقة تركيا باسرائيل لان اي تقارب تركي – ايراني قد يعني المزيد من الدعم للقضية الفلسطينية بعيداً عن رؤى وتطلعات القادة الاسرائيلين , وعليه نجد بان الدولتين الراعيتين لهذا الحلف بداتا بتعزيز وتيرة التوجه نحو تمتين العلاقات بينهما والتنسيق في قضايا وملفات مهمة لكلا الطرفين في محاولة لتحويل هذا الحلم الى حقيقة على ارض الواقع , طالما ان فيه فائدة لهما لا يمكن غض الطرف عنها في مسار العلاقات الاقليمية الحاكمة للتطورات العامة في منطقة الشرق الاوسط .

عُقد الاجتماع المشترك الاول لمجموعة الاعمال التركية – الايرانية في طهران يوم السبت بتاريخ 27/2/2010 بهدف التوصل الى نوع من الشراكة في المجال الصناعي بين الطرفين حيث اكد مسؤلا البلدين على ضرورة التنفيذ السريع لخطة المشاركة هذه باعتبارها اداة مهمة من ادوات تعزيز التبادل التجاري والاقتصادي بينهما , وفي هذا الاطار ومن اجل الاشارة الى حجم الاهمية التي يحظى بها هذا التطور في العلاقات بين البلدين اشارة احدى الصحف الايرانية الى حديث السيد وزير الدولة التركي جودت يلماز في لقائه مع وزير الخارجية الايرانية منوشهر متكي الى ان (( تركيا تصبو الى افتتاح عصر ذهبي في العلاقات التركية – الايرانية , فالبلدين كانا دولتين تجمعهما علاقات الصداقة والاخوة , مضيفاً بان تنمية العلاقات الثنائية سوف تقود الى تحقيق مساهمات ايجابية في عملية الاستقرار والرفاهية في الاقليم )) . هذه الكلمات التي تؤكد فيها تركيا على العلاقات الاخوية التي تجمعها بايران , يبدوا انها صدىً حقيقاً وتكراراً واضحاً لذات العبارات التي بدات تستجيب لها ايران بشكل ايجابي في علاقاتها بدول اخرى كالباكستان مثلاً , في اشارة واضحة الى ان الغزل السياسي الذي بدات تدب فيه الروح في اوساط السياسة التي تجمع دولتي الحلف الجديد في المنطقة , قد بدات تجد لها لدى العديد من الشخصيات المؤثرة في كلا البلدين من تدغدغ مشاعره ومصالحه في اعادة هندسة المنطقة سياسياً تحت لواء يمزج ما بين التوجه الاسلامي التركي المعتدل وما بين النفوذ الايراني المتجذر في المنطقة , لتكون العملية تلك اشبه بمحاولة تخفيف جرعة السُم التي بدات امريكا تذوقها في الشرق الاوسط بفعل علاقاتها المضطربة مع ايران اولاً وبفعل حجم التاثير الذي تملكه هذه الدولة في اشاعة نموذج اسلامي تراه امريكا مصدر تهديد كبير على مصالحها المستقبلية , خاصة وانها تعرف , وهي البارعة في لعبة الجيوبولتيك وقوانينها , بان هذا الدور الايراني لم ياتي بلا سند او دعم من قوى خارج المنطقة جغرافياً لكنها تعيش كل ارق التطورات التي تحصل فيها ستراتيجياً , لذا يسعى البعض من داخل النخبة السياسية الحاكمة في هاتين الدولتين الى الدفع باتجاه تقوية عناصر الارتباط الاستراتيجي بينهما عبر الية التجارة كمدخل اولي لتطورات لاحقة في المستقبل القريب اذا ما قُدر للامور ان تسير بالاتجاه الذي رُسمت فيه . عليه نجد بان وزير الخارجية التركي اشار الى حقيقة غاية في الاهمية تدعم ما دعاه بالعصر الذهبي في علاقة بلاده بايران , وهي ان هنالك رغبة تركية بان يستمر التصاعد في حجم التبادل التجاري بين البلدين ليصل مستقبلاً الى اكثر من 30 بليون دولا للسنوات الخمس القادمة بعد ان وصل هذا المعدل الى قرابة 5,5 بليون دولار كنتاج للازمة المالية العالمية . ليشير هذا التطور المُحتمل في حجم التبادل التجاري الى ان المستقبل قد يعيد صياغة اسواق المنطقة بما يضمن تحويلها الى مصدر من مصادر تحقيق التكامل بين الطرفين في ظل القابليات الاستهلاكية التي تمتلكها من خلال الزيادة السكانية من جهة , ومن خلال النمو الاقتصادي وما يرافق ذلك من نزعة استهلاكية متنامية فيها من جهة اخرى . لكن يبقى الدور المنسي لدول المنطقة في دعم او رفض هذا التوجه وفي طبيعة القيود المختلفة التي ترسم مشاهده المستقبلية , بمثابة الالية الحاكمة التي لا بد وانها ستشكل احد عناصر الاجابة المهمة عن حقيقة ما اذا سيكون هذا الحلف مخففاً للتوتر في المنطقة ام مصدر قلق اخر يتهدد اقتصادياتها وشعوبها , وفيما اذا سيكون الاقتصاد فعلاً البوابة التي لن تنطلق منها تركيا وايران فحسب نحو عصر ذهبي وانما كل دول الاقيلم , اسئلة ترهن المستقبل بما يجري اليوم من تطورات وتحول في الرؤى ومن تغير في المصالح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا