الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد هدوء العواصف المدمرة : الحصيلة والتساؤلات

عبد الإله بسكمار

2010 / 3 / 15
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


عادت الشمس الدافئة ....تراجعت الموجات العاصفية التي كان أخطرها ما حدث ليلة 18/19 فبراير الماضي، وبعد أسابيع متواصلة من أمطار الخير، التي تخللتها السيول الجارفة عدة مرات، في ما اتضح أن الأمر يتعلق بأقسى فصول الشتاء التي عرفتها البلاد ،وشهدها إقليم تازة على وجه أخص، وشخصيا لم أجد مقارنة بما سبق أن عرفته تازة (بما في ذلك الشتاء الممطر لسنة1969) بعد كل ماحدث ، مما يدخل عادة في مجال الكوارث الطبيعية ، والتي يحاول البشر إزاءها ،لا توقيفها أو تلافيها ( فذلك ما لم يستطعه العلم لحد الآن ، وبالتالي يوكل أمره إلى العلي القدير) ولكن على الأقل أخذ الاحتياطات اللازمة عند قرب وقوعها ..ومن ثمة الحد ما أمكن من الخسائر ، لا سيما البشرية منها...... بعد النازلة الطبيعية التي شهدناها جميعا وعاناها إخواننا المنكوبون( الله يكون في عوانهم) وحصيلتها الثقيلة فعلا ، من المفترض أن تتأهب الجهات المعنية من مجالس وسلطات ، بعد احتواء الموقف وإعلان الإقليم بكل وضوح إقليما منكوبا يحتاج إلى مساعدات مهمة ، والى تكاثف الجهود وتهييءالأجواء لإصلاح ما تم اجتثاثه أو تكسيره أو تدميره...ليست اللحظة للبكائيات أو رمي التهم على هذه الجهة أو تلك ...بل هي لحظة طوارئ ..على الجميع أن يتعبأ...ومن المفترض مرة أخرى تحويل الكارثة إياها بكل مضاعفاتها المؤلمة إلى ورش بناء جديد...الشيء الذي لم نلحظه للأسف الشديد ، إلى حدود كتابة هذا المقال...فقط هناك تنظيف وتنتقية لبعض شوارع الواجهات بمدينة تازة ، فيما بقيت عروش الأغصان والأشجار المجتثة في أمكنتها بعد الكارثة ، علاوة على الخسائر في الدوروالمقتنيات وأعمدة الكهرباء والمزروعات ... بقي الكثير منها ساجدا لمولاه العلي القدير... وهوالقادر وحده على رفع الغمة : لا أنظمة تأمين.. لا ضمانات... لا تعويضات من أي نوع ،بالنسبة لمن ضاعت ممتلكاته ومنتجاته الزراعية وماشيته ، ناهيك عن الجسور المهدمة و أسوار المؤسسات العمومية والطرقات التي عادت إليها عوامل التعرية من جديد...(كأنها كانت تنتظر أول فرصة )الكارثة مزدوجة إذا ، نجمت من جهة عن الرياح العاتية التي بلغت معدلات غير مسبوقة ، والزخات المطرية المتتالية من جهة ثانية ...والتي عصفت بكثير من عناصر البنية التحتية الضعيفة والهشة أصلا ،علما بأن الحصيلة ثقيلة كالهم على القلب : ما يناهز7 من القتلى أو المفقودين رحمهم الله (وفي حدود علمي هي حصيلة متقدمة على المستوى الوطني !!!.).. مات إن لم نقل آلاف الأشجار المثمرة وغير المثمرة اجتثت و" هلكت " إلى إشعار آخر ..عشرات من قطعان الماشية نفقت أو فقدت... مات الهكتارات من المزروعات أتلفت ...العديد من المنازل أغرقت أو دمرت ، الخسائر تقدر بعشرات الملايين من الدراهم ، والسؤال المطروح هل تحمل الجميع مسؤولياته إزاء هذه الحصيلة ؟ بدءا بالسلطات المعنية( معينة ومنتخبة وأيضا المصالح الخارجية ) وانتهاء بالمواطن البسيط الذي يتألم ولا يملك لإخوانه المنكوبين شيئا( بلغ ثمن قنينة الغاز ببعض المناطق المنكوبة أو المعزولة 50دو100د وكيس طحين واحد250د) أو الذي يرى بأم عينيه ضياع بيته أو ماشيته أو أشجار زيتونه ، ولايملك لها سوى أن يعض بالنواجذ ويذرف الدموع الحرى أسفا ولوعة على حصاد العمر..السؤال المطروح : ماذا بعد الكارثة اللي دوزناها نحن الصابرون والباردون واللامبالون "دوزناها بالما والصابون" ؟ هل هناك برنامج استعجالي لإصلاح وترميم ما هدمته العواصف؟...هل تحركت الجهات المعنية مركزيا ومحليا من اجل رفع النكبة وآثارها عن هذا الإقليم التعيس.وما دمنا في صلب الكارثة فمن المفترض أيضا وكالعادة أن يحضر التكافل الاجتماعي والتضامن الأخوي أمام وحدة المصير ، لكنه غير كاف...يهب المغربي الأصيل بالفطرة لإنقاذ أخ أو أب أو جار أو شاة أو أي شيء يستحق الإنقاذ...لا نبخس أيضا دور وقايتنا المدنية - وقاها الله من كل مكروه- ولكن التجارب للأسف تعيد نفسها ، والتقصير أبرز ما يظهر على صعيد الجهات المسؤولة ...يلحظه الصغير والكبير...تقع الواقعة فيواجهها المواطن لوحده تقريبا...إلى متى ؟ تحضرني كارثة الفيضانات بتازة التي ضربت الدواوير المحاذية لواد الأربعاء منذ حوالي عشر سنوات ( نونبر 2000) وكنت وقتذاك مراسلا لجريدة وطنية ( يوم أن كان الإعلام الورقي الوطني في مستوى الحدث) فأجد مع كامل الأسف واللوعة أن لا جديد تحت الشمس أو العواصف : بنايات تنهار ..فيضان يودي بالأرواح ويأتي على الأخضر واليابس ..بنيات هشة لا تستطيع المقاومة... قلة وبدائية وسائل التدخل...تأخر الإسعافات...وأي فرق ياترى بين ماحدث منذ عقد زمني وما حصل مؤخرا ؟ الجهات المعنية بالتعميرمثلا تلقي بالمسؤولية على المنتخبين ، المنتخبون يلقون باللائمة على المواطنين الذين يبنون منازلهم في أسرة الأودية...المواطنون يردون الكرة إلى المسؤولين( وفيهم من يبيع أصواته ويعطي الرشوة من أجل البناء في منطقة محرمة ).. ومن تراه يعطي رخص البناء؟ ويوافق على تشييد المنازل بمناطق مهددة بالفيضانات ؟...لقد أقسم لي وقتذاك مسؤول بالوكالة الحضرية أنهم في هذه المؤسسة استوعبوا دروس الفيضان المذكور واستطاعوا ... إيه والله ، إيقاف البناء فوق الأسرة الخطيرة ... وبماذا نفسر انجراف الدور والمنازل خلال الكارثة الأخيرة ؟ الجميع يلقي باللائمة على الجميع ومرض التهرب من المسؤولية ما زال ينخرنا من الداخل والخارج والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه...
كم يحز في النفس إلى حد الإحباط – مثلما أتفق في ذلك مع الصديق الإعلامي مصطفى دكداك في مقاله الأخير حول "تازة وأخواتها" - يحز في النفس أن ترتبط مدينة تازةالجميلة ويلتصق إقليم تازة المجاهد في شاشتنا الموقرة بالكوارث ، ولا شيء سوى الكوارث ،ولكأني بهؤلاء الناس " جبروا فينا الخدمة مزيان " لا أقولها تأويلا لشماتة معينة، فالعمل الإعلامي عبر الصورة جزء من خدمة هذا الوطن العزيز...لكن قولوا لي ماذا بعد ؟ ...أكثر من ذلك فاني أتساءل ما ذا جنت المنطقة حتى تواجه بكل هذا التجاهل ؟ ، الكارثة قدر مقدور.. لكن احتواءها وتضميد جراحها ( وهذا من صنع البشر طبعا) يبقى هو المشكل المزمن الذي يطرح علينا بحدة ...وعلى مسؤولينا كل من موقعه.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-