الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق المعلومات فى عالم غير متساوى

أحمد محمد صالح

2004 / 7 / 17
العولمة وتطورات العالم المعاصر


غالبا لا تحظى الحقوق الثقافية (باستثناء حق التعليم ) بالاهتمام الكافى ! بالمقارنة بفئات حقوق الإنسان الأخرى ، المدنية ، والسياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية . ويتضح هذا الإهمال تماما فى مؤتمرات ومناقشات وتقارير لجنة حقوق الإنسان التى تناقش كل عام مسألة تحقيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى يتضمنها كل من الإعلان الدولى لحقوق الإنسان ، والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
ويمكن حصر أسباب الإهمال والتحفظ للحقوق الثقافية فى الأتي : 1- تشتت الحقوق الثقافية خلال عدد كبير من الوثائق الدولية والمحلية التى تبنتها الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة 2- فى بعض الأحيان تعرض الحقوق الثقافية كحق واحد فى كتلة واحدة ، مثل الحق للثقافة او الحق للمشاركة فى الحياة الثقافية 3- غياب تعريف ملزم ومتفق عليه لمفهوم الثقافة 4- مخاوف وشكوك الحكومات من التسليم والاعتراف بالحق للهويات الثقافية المختلفة ، تجنبا لتعريض وحدة البلاد لخطر الانشقاق ، لكن خبرة التسعينات أكدت أن التسليم بالحقوق الثقافية للأفراد المنتمين للأقليات ليس بالأمر الخطير ، وليس مصدرا للصراع ، بل اثبت انه عامل هام للاستقرار، وأن تطبيق حقوق الإنسان الأخرى بالكامل ، يستلزم التسليم بالحقوق الثقافية ، وبالتنوع الثقافى .
ماهية الحقوق الثقافية :
فى الإعلان الدولى لحقوق الإنسان الذى تبنته الجمعية العمومية فى 10 ديسمبر 1948 خاصة بنود 10 ،22، 26، 27 ، وفى الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادرة فى 1966 وتحديدا بنود 13، 15 ، وفى الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية عام 1966 ، وبالأخص بنود 19، 27 ، من تلك الوثائق يمكن استعراض الحقوق الثقافية فى 1- حق التعليم 2- حق المعلومات الذى جاء فى البند 10 من الوثيقة الأولى ، والبند 19 من الوثيقة الثالثة فى سياق الحق فى حرية الرأي والتعبير، ويتضمن حرية البحث واستقبال وإذاعة المعلومات والأفكار بكل أنواعها كتابة وطباعة ، فى شكل فن او أى شكل إعلامي 3- حرية المشاركة فى الحياة الثقافية للمجتمع 4-حرية التمتع بالفنون ، 5-حرية المشاركة فى التقدم العلمى ومنافعه 6-الحق فى حماية المصالح الأدبية والمادية الناشئة عن أى إنتاج علمى أو أدبى أو فنى هو مؤلفه ومبدعه 7- كل فرد مخول لفهم واستيعاب الحقوق الثقافية من خلال جهد قومى وتعاون دولى ، من أجل نمو حر للشخصية 8-حرية البحث العلمى والنشاط الخلاق 9- يمنح الأشخاص المنتمين لاقليات عرقية أو دينية أو لغوية الحق بالتمتع بثقافتهم الخاصة ، وان يعتقدوا ويمارسوا ديانتهم الخاصة ، وان يستعملوا لغتهم الخاصة . هذا ويعتمد نطاق الحقوق الثقافية على تعريف وفهم الثقافة .
تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات :
ان لتكنولوجيات الاتصالات والمعلومات الجديدة تأثيرا إيجابيا على الحقوق الثقافية ، لأنها يمكن أن تقوى وتدعم التعليم والتعلم عن بعد ، و تساند التبادل بفعالية لحق التعليم ، وحق المعلومات ، وتمكن من وصول وتوريد خدمات المعلومات والتعليم إلى بلاد ومحليات منعزلة ، لتعطى تعليما جيدا ، وتخلق فرصا تعليمية طويلة المدى للكل ، ومع تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات يكتسب حق المشاركة فى الحياة الثقافية بعدا جديدا مع إمكانية الوصول السهل إلى التراث الثقافى العالمى ، وإمكانية الزيارة ، عبر الإنترنت او الاسطوانات ، للمتاحف والمعارض الرفيعة أو حضور الحفلات الموسيقية وقيادتها ، وقد تدعم وترسخ حق الانتفاع من التقدم العلمى بالوصول السريع إلى اخر ما وصل إليه الغير من نتائج بحث ، وتفعل الوصول الى المكتبات الموجودة فى بلاد وأقاليم أخرى ، وإلى النشرات والدوريات العلمية .
على كل حال التقدم العلمى فى تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات يمكن ان يؤدى بنتائج إيجابية فى تطبيق الحقوق الثقافية ، وخاصة حق المعلومات ، لكن ذلك مشروط بإمكانية الوصول إلى تلك التكنولوجيات .فى الوقت الحاضر توجد فجوة وعدم تكافؤ بين الشمال الصناعى والجنوب النامى ، وهذة الفجوة تتسع وتكبر، وساعدت على ظهور نوعا جديدا من الحرمان والفقر، هو الفقر والحرمان فى المعلومات ، وهنا يصبح الكلام عن حقوق متساوية للجميع فى المعلومات لا فائدة منه .
الفجوة المعلوماتية :
العالم الان يشهد بعمق سوء توزيع فى الفرص والموارد ، وقدرات الوصول الى تلك المعلومات بين الشمال والجنوب ، والفجوة المعلوماتية مرتبطة تماما بسوء التوزيع ، وعدم الأنصاف والتوازن بين الدول الصناعية والدول النامية ، او بين الدول الغنية معلوماتيا وتلك الفقيرة معلوماتيا . وهذه الظاهرة نشأت نتيجة انفجار المعلومات فى الدول التى تولد المعلومات (الابتكار) وتملك القدرة على استغلالها (المهارات) ، فظهرت فجوة بين دول تبتكر المعلومات وتوظفها بمهارة ، وبين دول تستهلك المعلومات بمهارات محدودة ، بمعنى ادق فجوة معلوماتية بين دول المركز ودول الاطراف ، بين دول الشمال ودول الجنوب .وهى ما يسمى بظاهرة تفاوت المعلومات او عدم المساواة فى المعلومات ، وتناقش في أغلب الأحيان تحت مصطلح “ فاقة المعلومات ” او "الانقسام الرقمى" او “ التقسيم الرقمي” ، أو "أثرياء وفقراء المعلومات أو الفجوة الرقمية ، او ما يسمّى الهوة الرقمية بين المتنعمين بالتكنولوجيا المعلوماتية والأكثرية المحرومة منها، تفاوت يمكن اختصاره برقمين: 19 في المئة من سكان الارض يمثلون 91 في المئة من مستخدمي الانترنت. معنى ذلك أن أغلبيّة السكّان فى العالم ّ حتّى الآن لم تستشعر وتلمس نتائج وأبعاد ثورة المعلومات ، وأن التقدم فى تكنولوجيات الاتصال والمعلومات متمثلا فى الإنترنت أتاحت فرصا كثيرة إيجابية فى عالم غير متساوى ،لا تتوفر فيه العادلة للاستفادة من تلك العناصر الإيجابية ، فالجنوب أمامه الكثير للاستفادة واستثمار العناصر الإيجابية فى الإنترنت بشرط ، ان يتصرف العالم بسرعة لسد فجوة المعلومات بين الشمال والجنوب ، التى تزداد اتساعا وعمقا بسرعة كبيرة تنذر بمخاطر عديدة ، حيث تسيطر الآن ثقافة معلوماتية أحادية ، سماتها الأساسية سيادة سلطة المعلومات واحتكارها من قبل ثقافة الشمال الأمريكى علي حساب الثقافات الوطنية ، وتعميق التبعية لمركز المعرفة كمصدر للإبداع ، و سيطرة التكنولوجيا علي التوجهات المستقبلية والفكرية ، وتحجيم العلاقات الاجتماعية ، وتعظيم عزلة الأفراد ، وسيطرة العلاقات الإليكترونية ، و زيادة سيطرة الشركات المتعددة الجنسية علي العلاقات الدولية ، وضعف ولاء الشعوب للدولة ، و زيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء ، و تحويل السيطرة العلمية والمعلوماتية إلى سيطرة اقتصادية .
والتعاون الدولى هنا يلعب دورا هاما للغاية ، لسد الفجوة المعلوماتية ، فمن خلاله يمكن تطوير و تحسين البنية التحتية الاتصالية فى الدول النامية ، التى تحتاج الى أموال طائلة لبناء وتحسين شبكة اتصالاتها وتطوير تكنولوجيات الاتصال المرتبطة . ولكى تلحق الدول النامية بالدول الصناعية معلوماتيا يجب ان تنمو شبكتها الاتصالية مرتين او ثلاث أمثال متوسط النمو العالمى لشبكات الاتصال والمقدر ب 5% سنويا . وهذا يتطلب استثمارات جديدة وضخمة لتحديث تلك البنية فى هذة الدول ، وقد قدر فى عام 2005 أن الدول النامية سوف تنجز 30% من مشروعاتها فى البنية التحتية الاتصالية بحوالى 900 بليون دولار امريكى ، والعالم كله سينجز ويطور 16 % من البنية الاتصالية بحوالى 520 بليون دولار امريكى . والحلول هنا يجب ان تكون فعالة ومنصفة ، وأولها الاهتمام بالمناطق الريفية وتحسين نوعية الحياة فيها .
ونزعم هنا ان الحاجات المعلوماتية تتنافس فى الأهمية مع الحاجات الأخرى للإنسانية من غذاء وكساء وسكن ومياه وفرص عمل ، وأيضا حقوق الإنسان كل لا يتجزأ ، وهي تؤلف منظومة كلية ، من الخطر المساس بجزئية منها ، فهي القيم الجوهرية التي نؤكد من خلالها أننا مجتمع إنساني ، فالحق في حرية الرأي والتعبير وتدفق الاتصالات والمعلومات علي قدم المساواة مع الحقوق الأخرى للإنسان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو