الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الزعيم وصدام والفاسدين ضاعت مدينة الثورة

فراس الغضبان الحمداني

2010 / 3 / 15
كتابات ساخرة


تعد مدينة الصدر التي كانت تسمى مدينة صدام وقبلها مدينة الثورة واليوم يسميها البعض العوجة ضانين أنها مدللة لدى الحكومة ولكن الواقع يشير عكس ذلك .

تعد هذه القرية من اكبر المستوطنات البشرية الشعبية في الشرق الأوسط ، ويقارب عدد سكانها 4 ملايين نسمة ، لكن حصتهم من نفط بلادهم لا تتجاوز في المتوسط العام دولارا واحدا في اليوم ولذا فهي من أكثر المناطق في العالم فقرا وظلما .

هذه المدينة المحشورة شرق قناة الجيش والمزدحمة بسكانها جاء باهلها الزعيم الشهيد عبدالكريم قاسم واراد ان يمحوا مظلوميتهم ويعوضهم عن ظلم الإقطاع في ريف الجنوب ، لكنه لم يتسنى له ذلك ، وتركهم مقطوعي الجذور في المدينة يعتاشون على الحرف والمهن البسيطة والتي لاتليق باابن الريف ، بل ان الاوضاع الانسانية في هذه الارض الضيقة والبيوت المختنقة باكثر من اسرة تعد كارثة انسانية ،ولوكان هذا الامر في غزة او في الاحياء الشعبية المصرية والمخيمات الفلسطينية لهان الامر وعرف المبرر .

لكن ان تبقى هذه المدينة على حالها وتضاف اليها مساوىء كثيرة ناتجة عن الخروج على القانون واساليب الشطارة والغالب والمغلوب والفوضى والحروب بين العشائر وزيادة التخلف وخداع الناس في الشعارات الدينية والهروب من المدارس وتشغيل الاطفال في مهن لاتليق في عمرهم ، جميعها مؤثرات تؤكد ان هذه المدينة وفي غياب الخدمات الاساسية قد تدهورت وتراجعت وانخفض مستواها الثقافي والاجتماعي والرياضي .

ان هذه المدينة كانت على الاقل في الستينات والسبعينات قد أنجبت العديد من النخب الثقافية والادبية والاكاديمية وكانت لها فرق رياضية تنافس المنتخب الوطني وكادت ان تتخلص من التقاليد الظلامية والعقليات العشائرية المتخلفة ، فظهرت فيها حركة سياسية وشباب كانوا يلتهمون الكتب الثقافية بانواعها بحر الصيف وبرد الشتاء وتجدهم مزروعين تحت كل شجرة عالية في قناة الجيش يرسمون للعراق مستقبلا واعدا ويحولون الحلم الى حقيقة فكانوا هم المبدعون والمناضلون .

ولكن كل هذا الاجتهاد والجهاد قطف ثماره اناس كانوا بالضد من حركة النضال .. زوروا تاريخهم وشهاداتهم وتوجوا أنفسهم مناضلين ذو تاريخ عريق في مقاومة النظام السابق وهم لم يكونوا سوى فدائيي لصدام وأعوانه .

لقد تم استخدام الملايين منهم وقودا للحروب في زمن ذلك النظام ، بدأت بحرب الشمال وقادسية صدام وحرب الخليج وام المعارك حيث زهقت ارواحهم ظلما وعدوانا تحت شعارات عربية واسلامية ووطنية ، وبعد سقوط الصنم تم صفحة التحريض الطائفي وذهب الالاف منهم مدفوعين باسم المذهب والدين بحرب طائفية اججها تجار الحروب والمتطرفين ودول الجوار .

والنتيجة الان ان اموال النفط اصبحت في جيوب نواب البرلمان والوزراء واعضاء مجالس المحافظات والبلديات ، والذين شكلوا احزابا بدلا من حزب البعث المقبور .

فما الذي تغير من هذه المدينة ، فما زالت مدينة الصدر عبارة عن مستنقع كبير تغطيه المجاري وتحيطه جبال من النفايات وتجوب شوارعه بعض الخارجين عن القانون وبعضها مارست الإجرام لأنها كانت ضحية لهذا الواقع الماساوي ولكونها ترى كبار القوم يسرقون وبصورة قانونية ولم يجدوا امامهم الا استخدام السلاح والنصب والاحتيال والتزوير للحاق بمركب الانتهازية الذين تسلقوا اعلى المناصب وهم يعرفونهم بالاسماء واحدا واحدا ويتذكرون سيرتهم الذاتية الغير عطرة وواقعهم المفجع وكيف اصبحوا الان .

وازاء ذلك فان ابناء هذه المدينة المظلومة لاينتظرون وعود أمين بغداد بانجاز مشروع 10 في 10 وهو تحويل المدينة الى عمارات سكنية حديثة وهذا المشروع بحد ذاته اعتراف بان الحكومة قد فشلت في تطوير واقع المدينة فابتدعت هذا المشروع ولا ندري هل سيرى النور ام انه سيبقى مثل بقية المشاريع الاستراتيجية حبر على ورق .

وامام هذه المعادلة لم يجد اهالي مدينة الثورة لو انك عرضت عليهم استطلاعا حقيقيا تسالهم فيه عن الاسلوب الامثل لانقاذهم .. فان غالبيتهم العظمى ستجيب بانها تريد حصتها من النفط وان يستلم كل مواطن حصته شهريا ويتصرف بها لانقاذ اسرته من هذا الواقع المؤلم ، فهو لم يعد قادرا على انتظار معجزات حتى من السماء .



[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحيــة لقلمك والله انت رائع
المهندس كاظم الساعدي ( 2010 / 3 / 16 - 05:47 )
تحيـــــــة اخويــــــة من القلب
ليس لشئ بل لانك انصفت حقبة تاريخية في حياة شريحة كبيرة من الشعب العراقي نعم
مدينـــــة الثـــورة
مدينـــــــة هـــدام
مدينـــــة الصدر
مدينة خدعها الجميع تحت كل الشعارات الدينية الوطنية القومية وغيرها
مدينة نزفت شعبا
مدينة اهلها اشراف ارادو ان يلصقوا بهم كل الامراض الاجتماعيةوالصحية بل كان ومازال هذا التبجح من كل اطراف السلطة
لايهمني الانتماء الطائفي لهذه المدينة لكنها الوحيدة الوحيدة التي نزفت شعبا ضد نظام هدام وكان جزائها التغييب القسري وجرها الى مهاترات ليس لها ذنب بها
احتراما لقلمك واحتراما لفكرك الذي يتحدث بانسانية رائعة ساكتب مستلهما منك الشرارة وساكتب ان الفضل لك يااخي ولنستمر لنستمر لنستمر من اجل البسطاء الاشراف العراقيين في كل مكان
اي عراقي يقول عن نفسه مثقف او شريف لم يقرا مقالتك او تجاوزها ليسال نفسه هل انا عراقي مثقف شريف سيحتار في الجواب
شكرا اخي فراس الحمداني


2 - تحية لكاتب المقال
حسون الأمريكي ( 2010 / 3 / 16 - 23:48 )
مقالك رائع و يعبر عن حقيقة منسية عن قصد و هي واقع حال.
و لكنك أخطأت حين قلتَ أن الزعيم عبد الكريم قاسم جاء بهم، بل إن الذي جاء بهم في الواقع كان المرحوم صالح جبر (من لواء الكوت) ثاني رئيس وزراء شيعي في العهد الملكي. فقد جمعهم من الألوية الوسطى و الجنوبية حينما ترشح للإنتخابات النيابية لنيل أصواتهم الأنتخابية و أسكنهم في المنطقة المعروفة آنذاك بخلف السدة، و هي السدة الشرقية أو سدة ناظم باشا الذي بناها لدرء فيضان دجلة عن بغداد (أيام دجلة الخير من كان يفيض خيراً). كانوا يسكنون في الخيم و الصرائف، و عندما تنكسر السدة كانت مياه الفيضان تجرف خيامهم و صرائفهم. كانت والدتي، رحمها الله، تقول أن كواريك الأطفال كانت تطوف على المياه. و شكراً للكاتب.

اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو