الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعب بلا قيادة وقيادة بلا شعب

عطا مناع

2010 / 3 / 15
القضية الفلسطينية


دعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الشعب الفلسطيني إلى النفير العام دفاعاً عن المسجد الأقصى والقدس، وقال سكرتير المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى ألبرغوثي أن إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء وهي تلعب بالنار، وذهب بعض القادة السياسيين للتبشير بالانتفاضة الثالثة، وتصاعدت الدعوات وخاصة للفلسطينيين المقيمين في فلسطين التاريخية للاعتكاف في المسجد الأقصى لمواجهة إجراءات دولة الاحتلال ومستوطنيها الذين سيفتتحون ما يسمى بكنيس الخراب.
دولة الاحتلال شددت من إجراءاتها في مدينة القدس، وفرضت على الضفة الغربية إغلاقا شاملاً، وشنت حملة اعتقالات نوعية في صفوف الفلسطينيين، وقامت بتنقلات في صفوف الأسرى الفلسطينيين، وهي ماضية في سياستها الاستيطانية رغم الزوبعة المفتعلة التي صدرت عن حليفتها التاريخية الولايات المتحدة الأمريكية.
ليبيا والعرب يستعدون لقمتهم العربية في طرابلس، وعلينا أن لا نعول عليهم، ومن الصعب أن يخرجون بقرارات ملفتة بخصوص القضية الفلسطينية وما يحدث في القدس المحتلة، وقد تكون قمة طرابلس الأكثر ضعفاً مقارنة مع ما سبقها من قمم تميزت بعدم القدرة على الفعل.
على ماذا يعولون؟؟؟؟ على الشعوب وبالأخص الشعب الفلسطيني؟؟؟ معهم حق فالشعب الفلسطيني يمتلك مخزون لا ينضب مع التضحية والعطاء لوطنه، لكن الحلقة المفقودة في الخطاب السياسي العربي والفلسطيني هي وضوح الرؤيا، والسؤال الأكثر إلحاحا المطروح على المستوى السياسي الرسمي والفصائلي الفلسطيني، هل المطلوب انتفاضة ثالثة؟؟ وقد يكون الجواب مرتجلاً، كيف ولماذا.
لماذا: واضحة للشعب الفلسطيني والشعوب العربية، فطالما الاحتلال يعربد على الأرض الفلسطينية فحق وواجب الشعب الفلسطيني مقاومته، وعلى الشعوب العربية أن تشكل العمق الاستراتيجي لشعبنا، لماذا المقاومة؟؟؟ لأنها حق طبيعي وإنساني وقانوني تعارفت عليها كل شعوب العالم، هذه قضيه يفترض أن تكون محسومة عند كل الأطراف.
لكن السؤال الهام، كيف؟؟؟؟؟ هل الانتفاضات التي خاضها الشعب الفلسطيني جاءت بقرارات من الغرف المغلقة وتعبيراً عن رغبة ومزاجية المستوى السياسي؟؟؟ وهل للانتفاضة شروط موضوعية يفترض حدوثها لاكتمال الفعل الرئيسي؟؟ وإذا اتفقنا أن الظروف الداخلية غير مواتية نظراً لعدم نضوج الشروط واكتمالها؟؟؟ ألا يفترض بنا البحث عن الأسباب والنتائج؟؟؟ أليس من واجب القيادة الفلسطينية تجاه شعبها وقضيتها إحداث مراجعة لحقبة سياسية اتسمت بالفشل وباعتراف كافة الأطراف؟؟؟ وإذا اتفقوا على فشل المرحلة.... ألا يفترض منطق الأشياء التطلع إلى الوضع الداخلي وإحداث حراك ايجابي فيه؟؟؟؟
هذا من الناحية النظرية، وعملياً بدء الشعور بالظلم يتسلل إلى عقل الفلسطيني الذي فقد وضوح الرؤيا جراء تعدد الشرعيات السياسية والوطنية.
في الضفة الغربية شرعية، وفي قطاع غزة شرعيات، وكل شرعية تفرخ شرعيات، الأحزاب شرعيات، ومؤسسات المجتمع المدني شرعيات، والتطبيع شرعية مستقلة، والفساد شرعية ومصادرة حقوق الإنسان وحرية الرأي شرعية،وكل هذه الشرعيات بين مزدوجين.
خلاصة القول: الشعب الفلسطيني غارق في غابة من الشرعيات التي تنفي كل واحدة الأخرى، ومن الناحية المنطقية فلكل شرعية شعبها الذي لا يعترف بشرعية الشعب الأخر، فمثلاً منع فياض حجب المواقع الالكترونية استناداً لقناعته بحرية التعبير، هذا قرار سليم، وفي قطاع غزة أعلنت حماس عن حجب مواقع الكترونية تقول أنها تضر بالمصالح الوطنية في غزة وهذا سليم من وجهة نظر شعب حماس.
بناءً على هذا الاعتقاد المدعوم بالحقائق على الأرض، فنحن شعب بلا قيادة وقيادتنا بلا شعب، لان عكس ذلك القوانين الواحدة والشعارات الواحدة والوزارات الواحدة والهدف الواحد والتطلعات الواحدة، والواقع الفلسطيني يسقط ورقة التوت عن الكبير والصغير فينا، نحن نفتقر إلى القيادة الواحد الموحدة التي تقود شعباً واحداً موحداً في مواجهة الأخطار التي تهدد القضية الفلسطينية، وفي هذا المقام لا أتحدث عن أخطار إستراتيجية المدى.
نحن اليوم ندفع ثمن الانقسام، لان دولة الاحتلال مدركة تماماً لحالتنا، وعلينا ان لا نتعاطى مع التحليلات الإسرائيلية التي تتوقع انتفاضة ثالثة، لأنة وكما ذكرت للانتفاضة شروطها، فانتفاضة الحجارة لم تأتي من فراغ، فقد جاءت كنتيجة لتراكمات صعبة عاشها الشعب الفلسطيني وتوجت بحادثة جباليا، وقد كانت تحليلات فصائل منظمة التحرير بعيدة آنذاك عن احتمالية اندلاع الانتفاضة الأولى حيث لحقت بالشعب بعد اشهر من اندلاع الانتفاضة، وبالنسبة للانتفاضة الثانية هناك كلام أخر، ولكن.
المخاطر تفرض على كل الشرعيات الحقيقية للشعب الفلسطيني النزول عن الشجرة وإعادة التوازن بان يكون قادة واحدة للشعب وشعب واحداً للقيادة، وإذا استطعنا كشعب وقيادة الإمساك بهذه الحلقة نستطيع أن نقلب الطاولة على رؤوس كافة الأطراف ونفرض عليها احترامنا على اقل تقدير.
ترجمة الوحدة ليس بالأمر السهل لأننا أمام أجندات والتزامات سرية وعلنية لكافة الأطراف، وبالتالي فان التعويل على القيادات الفلسطينية بإحداث قفزه نحو التغير درب من الخيال، لأنة وبكل بساطة قدمت الصراع الداخلي الذي يفترض أن يكون هامشياً على التناقض الاستراتيجي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ، وهنا يكمن المقتل.
يبقى التعويل على الشعب، لكن الشعب انجر للعبة الشرعيات الفاقدة للشرعية والفعل لان الشرعية الحقيقية تتمثل في شرعية الشعب، ولا بد من حركة للشعب الفلسطيني، حركة أتمنى أن لا تأتي متأخرة، هذه الحركة قادمة لا محالة على اعتبار أن حالتنا المزرية لا تقبل الفراغ، لان تتابع الأحداث على الأرض تتناقض مع ثقافة الشعب الذي ينتظر ويراقب بلا مبالاة، ولكن لا احد يستطيع أن يتوقع حجم المخزون الوطني الذي يكتنزه الشعب الفلسطيني رغم مرارة الواقع وبؤسه، فالشعب الفلسطيني عود قيادته والعالم على المفاجآت.
التحرك قادم لا محالة، قد يكون على شكل انتفاضة ثالثة تعتمد أدوات جديدة لم نعرفها، هذا التحرك الذي قد يطول أو يقصر انتظاره سيغير الخارطة السياسية والاجتماعية الفلسطينية، وإسرائيل تسرع في إحداث تحرك فلسطيني شعبي لإجهاضه مستغلة حالة الانقسام والضعف الفلسطيني، وإذا كانت القيادة الفلسطينية لا ترى هذه الحقيقة فهي تعيش العمى الأبدي.
التحرك قادم، لان الموضوع يتعلق بالقدس، والأمر لا يتعلق بزيارة شبيهة بزيارة شارون التي أدت لاندلاع انتفاضة الأقصى، الأمر يتعلق بالقدس ومسجدها الذي يتعرض يومياً للانتهاك والتدنيس وإجراءات تعطي إشارات جلية بان لحظة الحقيقة قد جاءت، حقيقة الحلم التوراتي بهدم المسجد الأقصى وبناء ما يسمى الهيكل، وما تدشين كنيس الخراب إلا بروفة لهدم المسجد الأقصى.
القدس ستوسع دائرة الصراع، وعلى الفلسطينيين والعرب أن يعترفوا بالحقيقة التي تقلقهم، حقيقة سير دولة الاحتلال بخطى سريعة نحو هدم المسجد الأقصى، وإذا صح ما أقول فان الحراك سيكون عربياً شعبياً ونخبوياً يكون الشعب الفلسطيني رأس حربته، لذلك لا نستطيع أن نتنبأ بأدوات الحراك القادم، لكنها أدوات ستغرق المنطقة في حالة فوضى تدوم لسنوات، وسيدفع النظام العربي الرسمي الذي يتحضر لقمته ثمناً باهظاً، وسنشهد متغيرات في المشهد السياسي الفلسطيني المتعدد الشرعيات الفاقدة لشرعيتها، على اعتبار أن لا شرعية فوق شرعية الشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبرز القضايا التي تصدرت المناظرة بين بايدن وترامب


.. الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه ترامب يتبادلان الاتهامات بع




.. هل يتنحى بايدن؟ وأبرز البدلاء المحتملين


.. توثيق اشتباكات عنيفة في رفح جنوبي قطاع غزة




.. آيزنكوت: يجب على كل الذين أخفقوا في صد هجوم السابع من أكتوبر