الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راشيل كوري بطلة أمريكية في رواية فلسطينية

محمد أبوعبيد

2010 / 3 / 15
القضية الفلسطينية


قصص فلسطين أكبر من مساحتها، ولقصة راشيل حبكة واقعية ميّزتها عن باقي القصص، وإنْ لم تفضلها عمّن رحلوا أيضا من أجل فلسطين. راشيل البطلة الأمريكية الحقيقية في رواية فلسطينية واقعية تتخطى المعاني التقليدية لمسألة الأنتصار للحق . فهي الفتاة الغربية التي تعيش حياة المدن العصرية ولها قلب يوقعها في الحب، ومع ذلك يمكن أن ينشغل قلبها أيضاً بطفل بلا طفولة، وبمنزل في انتظار الإعدام، تماما مثلما ينشغل الفلسطيني بالنضال من أجل حريته وكرامته، لكن في قلبه متسع لقصص الحب أيضاً .
راشيل المُنجَبة في 10 أبريل 1979 في أولمبيا ،واشنطن، كان يمكن أن تكون كأية فتاة أمريكية أخرى ترعرعت في كنف والدين ميسوريْ الحال، بيد أن إطلاعها المبكر على قضية فريدة من نوعها في العالم ، غيّر تفاصيل حياتها القصيرة جداً، فطبقت شهرتها كثيراً من الآفاق لكن بعد رحيل جسدها في 16 مارس 2003 قبل أنْ تكمل الثلاثة والعشرين ربيعاً من عمرها . شهرة لم تتكوّن من مجرد رحيل ، بل لحكايته، حين افترس "بلدوزر" أمريكي يقوده جندي احتلال إسرائيلي على أرض فلسطينية صبية أمريكية حاولت منعه من تحويل بيت فلسطيني متواضع إلى أثر بعد عين أمام أعين العالم . حكايات لو لم تؤرخ تكنولوجيا العصر وقائعها بالصوت والصورة لظنها المرء من أساطير الأوّلين أو ملاحم الإغريق .
لكن أين راشيل اليوم من العرب ، وأين العرب منها .! إنها الفتاة التي أخذت إجازة من جامعتها "إيفرغرين" لتنضم إلى حركة التضامن الدولية ،وتركت المدن الأمريكية ،ماودُع منا وما صخب، بما تغص به من أساليب الحياة العصرية ، من سهولة العيش وحرية الحركة ، والنوادي الليلة ، وآثرت على كل ذلك أن تحط رحالها في رفح التي يمارس الفقر فيها ساديته ، وينشب الحصار أظفاره في الجسد الفلسطيني. عرفت معنى حظر التجول ومغزى الحواجز العسكرية ، ولمست بيدها جبين طفل ودّع طفولته ، وجسّت بنفسها نبض العائلة الغزاوية التي يزيد عدد افرادها عن العشرة ولا تأويهم سوى جدران متواضعة لا تسلم من أنياب "بلدوزرات" الاحتلال الإسرائيلي ولا سبطانات دباباته . راشيل التي جربت كل ذلك كانت قد روَت بنفسها تجاربها الفلسطينية في 184 رسالة إلى والديْها ، إلا أن تجربتها الأخيرة لم تستطع أن تروِها بنفسها، فرواها الرحيل ومن الشاهدين رعيل ،لأنها ببساطة تجربة الموت في فلسطين .
إنّ الغرب ، سابق العرب في تقدمه التكنولوجي والعصري ،هو سبّاق أيضاً في مرثيات راشيل ، ليس لأنها ابنة الغرب ، بل لما يمكن ان يُصوّر عندهم بالسريالية المستلهَمة من الحق ، الشقراء البيضاء ، تفدي روحها من أجل عائلة غزاوية ، قصة تتفتق عنها آلاف الحكايات الفلسطينية المتكررة . لذلك ، فإني عرفت مسرحية "إسمي راشيل كوري" لمؤلفها ومخرجها البريطاني ألان ريكمان ، والتي صالت وجالت أنحاء العالم بما في ذلك فلسطين التي ارتشفت من دم راشيل ، وسمعتُ عن إحياء ذكراها السنوية في أصقاع غربية منذ رحيلها ، لكني فتشت عن شارع عربي يحمل اسمها فلم أجده، وسألت عرباً يعربيين عن راشيل ، فوجدتهم جاهلين بأمرها ،عالِمين بتفاصيل باريس هيلتون وكريستينا أغيليرا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إنني أصلي لروحك الإنسانية يا - راشيل كوري -
طارق سلايمة ( 2010 / 3 / 15 - 16:57 )
شكراً لأخي محمد أبو عبيد الذي ذكرنا بإنسانية هذه الفتاة الأمريكية وما فعلته دفاعاً عن حق شعبنا الفلسطيني في الحياة وأن يكون للأسر الفلسطينية بيتاً يأويهم لكن الإحتلال الغاشم أبى إلا أن يزهق روح راشيل الطاهرة لأنها إنتصرت للحق ولإنسانية الإنسان
تذكرت - راشيل كوري - وأنا أسمتع لأباطيل وأوهام المدعو - مصعب حسن يوسف - وتبجحه وعدائه لشعبه وأسرته وعمالته لمغتصب أرض شعبه ، فشتان بين روح طاهرة هي روح راشيل وبين عقل إنسان معتوه يروج للإحتلال هو المدعو - مصعب -
فراشيل كوري عندما أقدمت على تضحيتها بأغلى ما تملك لم تكن تنتظر من أحد أن يقيم لها نصباً تذكارياً أو أن تخلد قصتها بكتب ومسرحيات خالدة ، إنها ببساطة إنتصرت لإنسانية الإنسان

اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30