الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشتراكية و صحة الإنسان

زهير قوطرش

2010 / 3 / 16
حقوق الانسان


أكتب هذه المقالة بعد مرور عشرين عاماً على التحولات التي أُطلق عليها التحولات الديمقراطية والتي جرت بعد سقوط الأنظمة الاشتراكية.وسوف أتناول في هذه المقالة جانب صحة المواطن أو النظام الصحي الذي ساد أيام الحكم الاشتراكي ,مقارنة مع ما هو عليه اليوم.
بعد الثورة المخملية في تشيكوسلوفاكيا كما يسمونها !!!!!.
حدثت آنذاك ردود فعل قوية أرادت من خلالها القوى المعادية للأنظمة الاشتراكية ,هدم كل مكسب اشتراكي حققته الشعوب بنضالها الطويل .وأذكر أنه في بداية التحولات الديمقراطية المدعومة من الغرب ,كانت تعقد ندوات يشارك فيها سياسيون واقتصاديون من الغرب لمباركة هذه التحولات والإساءة إلى سمعة النظام القديم جملة وتفصيلاً ,
أحد الزوار الغربيين آنذاك وهو عضو في الكونغرس الأميركي ما عدت أذكر أسمه اليوم .في ندوة تلفزيونية ,لفت انتباهي إلى أنه قام بنقد القائمين على التحولات الجديدة ,بقوله ...أستغرب أن أنكم تتسابقون في هدم كل ماله علاقة بالاشتراكية ,هذا خطأ جسيم ,وأخص في حديثي النظام الصحي ...وتابع قوله أؤكد لكم أن نظامكم الصحي ,مثالي ....ولا يوجد أي نظام يوازيه في العالم من حيث إحاطته بكل الجوانب التي تٌعنى بصحة المواطن.
هذا التصريح شدني يومها ,وترك في نفسي تصميماً على متابعة التحولات في ظل النظام الجديد فيما يتعلق بصحة المواطن.
وللمقارنة لابد لي من العروج على النظام الصحي في العهد الاشتراكي.

-النظام الصحي في العهد الاشتراكي.

الاشتراكية كنظام وبغض النظر عن الانتقادات لبعض الممارسات السلبية التي ابتليت فيها,كان الإنسان هو الهدف والغاية , وكان القيمة الأولى التي يجب الحفاظ عليها وخاصة في موضوع الصحة العامة.
في ذلك العهد كان شعار صحة المواطن يعني ,أن يعيش الإنسان مهما كان بدون ألم .وإن وجد الألم لابد من علاجه والعمل على شفائه بكل الإمكانيات المتاحة .لأن الإنسان إذا كان مريضاً ....ستنعكس حالته على عمله ورعايته لعائلته ,وسوف يكون عالة على المجتمع ...وهذا الوضع كان مرفوضاً بشكل مطلق في النظام الإشتراكي.
المؤسسات الصحية ,كانت تعمل بشكل مبرمج , بمعنى أن كل مواطن هو تحت المراقبة الصحية الشبه إجبارية والتي تبدأ من تاريخ ارتباط المرأة بالرجل ,بحيث يتم تأمين السكن المناسب للزوجين من أجل توفير الظروف الحياتية الطبيعية لولادة اللأطفال والإشراف الصحي عليهم .
كل فرد من أفراد المجتمع ,مسئول عنه طبيبه (طبيب الحي) هذا الطبيب لديه أرشيف صحي عن كل مواطن بغض النظر عن العمر ,يحوي هذا الأرشيف السجل الصحي من قبل الولادة وحتى الوفاة. طبيب الحي أو الطبيب العام ,ملزم بمتابعة أفراد الحي ,ودعوتهم الدورية السنوية لأجراء الفحوص العامة .مثل فحص الصدر ,العيون ,تحاليل الدم المختلفة والبول والبراز الخ. وفي حال وجود أعراض لمرض ما ...يتم تحويل المريض إلى المشافي الاختصاصية ,للعلاج أو أجراء العمليات الجراحية اللازمة .ومن ثم إرسال المريض إلى مصحات العلاج الطبيعي بعد العمليات الجراحية من أجل متابعة النقاهة ومساعدة المريض بالعودة إلى وضعه الطبيعي. كل فئات المجتمع كانت لها الحق المجاني في دخول هذه المصحات.
الطلاب على اختلاف درجاتهم كانوا يخضعون للفحوص الطبية العامة في بداية كل سنة دراسية , وهكذا العمال والموظفين .
الدولة كانت تلاحق المقصرين في إجراء الفحوص الطبية الدورية .الأدوية كانت بالمجان .كل العمليات الجراحية كانت تُجرى مجاناً .المراكز الصحية كانت في كل حي وكل قرية ,وفي أماكن تواجد الطلاب ,والمعامل الخ. بمعنى أخر كانت المراكز الصحية المجانية في متناول الجميع.

النظام الصحي اليوم.

مع كل أسف ,أصبح الشعار اليوم " ليس المهم شفاء المريض ,بل علاجه المستمر ,كونه بقرة حلابة"
تم إحداث مؤسسات تأمين متعددة ,هدفها استثمار الأموال التي تدفع من قبل المواطنين من أجل الرعاية الصحية في مجالات تجارية ومضاربات مالية ,ضاربة بعرض الحائط مصلحة المواطن الصحية.تشكلت عيادات خاصة ,صحيح أنها جُهزت بأحدث الأجهزة الطبية لكن الهدف منها تجاري بكل المقايس .الدولة ما عادت تولي الاهتمام اللازم لموضوع صحة المواطن ,صحته أصبحت قضية شخصية ,بمعنى"لديك مال ...تستطيع الحصول على ما تشاء من العلاج".الدواء أصبح من أكثر الأعباء المعيشية التي يعاني منها المواطن ,وخاصة أصحاب الدخل المحدود والأمراض المزمنة ,كالسكر والضغط ,والأمراض القلبية. انتفت من قواميس النظام الصحي مفهوم العناية الدورية لصحة المواطن المجانية.
الدولة رفعت يدها عن تحديث المستشفيات ,وتركت لإدارتها ,والتي بدورها لا تملك الإمكانيات اللازمة للحد الأدنى تجديد وتحديث وسائل العلاج, فأصبحت مع كل أسف مباني لا تصلح بوضعها الحالي لتكون مشافي علاجية .مصحات العلاج الطبيعية تم تخصيصها للقطاع الخاص ,وبذلك فقد المواطن العادي حقه في هذا العلاج ,كونه لا يقدر على تسديد أجور العلاج. بعض المشافي العامة ,قلصت من مخصصات العلاج الأساسية ,وخاصة مدة الإقامة بعد العمليات الجراحية إلى الحد الأدنى ,وصارت تحول المواطن إلى العلاج المنزلي بكل ما يتبع ذلك من أخطار الانتكاسات والالتهابات وغيرها.
أنا شخصياً عانيت من هذا الوضع ,بعد إجراء عملية البروستات ,حصلت على ثلاث دفعات من المضادات الحيوية فقط ,وبعد ثلاث أيام طلب مني متابعة العلاج في المنزل ...أصبت بالتهاب حاد ,كاد يقضي عليَ ,وبعد إعادتي للمشفى ,تم حقني بمضادات التهابية لمدة سبع أيام ,الدواء على حسابي بالطبع ....ولما سألت القائمين على المشفى ,لماذا لم أحصل على المضادات بعد العملية بشكل كاف ....كانت الإجابة ...مع كل أسف لا توجد لدينا مخصصات.
في النهاية أستطيع القول أن صحة المواطن في ظل هذه الأنظمة الجديدة أصبحت قضيته الشخصية . ولا معين له إلا الله ,إذا كان من ذوي الدخل المحدود أو العاطلين عن العمل التي تجاوزت نسبتهم 13% أو من المتقاعدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين


.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر




.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة