الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية الشخصية لطلاب الجامعة فى ضوء نظرية العقد الاجتماعى

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2010 / 3 / 17
حقوق الانسان


تناقشت مع بعض طلاب وطالبات الجامعة حول مفهوم الحرية الشخصية والقيود التى تحد منها. لعل بعض الطلاب يعتقدون أن حريتهم الشخصية تنتهك إذا أبدينا ملاحظة حول بعض التصرفات التى قد تدخل—على حد قولهم— فى نطاق الحريات الشخصية. فقد يذرفون الدموع حسرة إذا طلب الأستاذ منهم غلق التليفون المحمول أثناء المحاضرة أو إذا طلب منهم عدم حمله إلى قاعة الامتحانات أو إذا طلب منهم مراقب الامتحان إبراز ما يكشف الهوية. ورغم أن الطالبات كن على الدوام أكثر حرصا من الطلاب على أداء الامتحان فى هدوء إلا أن بعضهن رفضن هذا العام الامتثال لتلك التدابير والضوابط التى تضمن نزاهة الامتحانات وفضلن مغادرة القاعة من دون الإجابة على الأسئلة. من الواضح أنه قد حدث سوء فهم لمعنى الحرية الشخصية فى محيط طلاب الجامعة، سوء فهم يجب أن يتداركه المجتمع بشكل عام والمجتمع الجامعى بشكل خاص قبل أن تستفحل الأمور وتخرج عن نطاق السيطرة.

من الواضح أن طلابنا لا يدركون أن الحرية التى يتمتع بها أفراد أى مجتمع ليست مطلقة ولو كانت كذلك لعمت الفوضى. تجدر الإشارة هنا إلى نظرية العقد الاجتماعى التى طرحها الفيلسوف الانجليزى توماس هوبز فى القرن السابع عشر والتى ساهمت فى صياغة وثيقة إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية (1776م). الجدير بالملاحظة أن هذه النظرية تشير إلى أن أفراد المجتمع يتفقون على إنشاء مؤسسات تتولى المحافظة على النظام الاجتماعى من خلال سيادة القانون. لا شك أن هذا الأمر يأتى متسقا مع القانون الطبيعى الذى يتمثل فى سعى الإنسان للبقاء وتحقيق السعادة. ووفقا لرأى هوبز فإن السبيل الوحيد لتحقيق النظام هو أن يخضع الإنسان لأوامر السلطة. أما الفيلسوف الانجليزى جون لوك فإنه يرى أن الحاكم هو المنوط به المحافظة على قوانين الطبيعة ومن ثم فعليه حماية أرواح المواطنين وحرياتهم وممتلكاتهم.

ويتفق الفلاسفة هوبز ولوك وجان جاك روسو "الفيلسوف السويسرى" فى أن تحقيق المصلحة العامة للمجتمع من خلال مؤسسات السلطة التى تسعى لتوفير الأمن والأمان يتطلب تنازل الأفراد عن بعض الحريات الشخصية. ولتوضيح ذلك نسوق مثالين، أحدهما يتعلق بحرية السفر والآخر يشير إلى حرية قيادة السيارات. عندما نرغب فى السفر إلى بلد ما فإنه يتعين علينا الحصول على تذكرة طائرة قبل التوجه إلى المطار وعندما ندخل إلى صالة السفر فى المطار فلابد أن نخضع للإجراءات المتبعة، فمثلا قد نخضع للتفتيش الدقيق كما حدث معى فى مطار هيثرو بلندن حيث اضطررت وبقية المسافرين إلى خلع الأحذية. والسؤال الذى نطرحه هنا هو: هل يعتبر هذا تعديا لحقوقنا وانتهاكا لحرياتنا؟ لا اعتقد ذلك لأن المسافر الذى لا يرغب فى احترام "العقد الاجتماعى" المتمثل فى الخضوع للتفتيش فإنه يستطيع أن يفعل ذلك شريطة أن يلغى السفر ويعود إلى منزله.

أما المثال الآخر فيختص بقيادة السيارات: إذا أردنا أن نقود سيارة فينبغى أولا أن نحصل على ترخيص رسمى معتمد من السلطة المختصة. وحتى بعد الحصول على الترخيص المطلوب فإنه يتعين علينا الامتثال للعقد الاجتماعى المعروف "بقانون المرور" وفى حالة المخالفة (تجاوز السرعة المقررة مثلا) تسحب الرخصة أو توقع غرامة. وقد يقول قائل: إن تحرير مخالفة مرورية يعتبر انتهاكا لحرية الإنسان. وهذا القول مردود عليه لأن المخالفة التى نرتكبها قد تعرض حياة الآخرين للخطر. وهنا قد يردد البعض أن هنالك مخالفات لا تمثل انتهاكا لحقوق الآخرين. فعدم ارتداء الحزام يعد مخالفة تستحق الغرامة غير أن النتائج المترتبة على هذه المخالفة تمس قائد المركبة فقط ولكنها لا تنسحب على الآخرين. وهذا أيضا يمكن الرد عليه بأن مفهوم "العقد الاجتماعى" يلزم الدولة بتحمل مسئولية توفير الأمن والسلام لقائد المركبة مما يوجب عليه إتباع التعليمات الصادرة.

وإذا انتقلنا الآن لدهاليز الجامعة وقاعاتها فإننا نواجه الموقف نفسه حيث يلتحق الطالب بالجامعة وفقا للعقد الاجتماعى بين الطالب وسلطات الجامعة. وهذا العقد الاجتماعى يتمثل فى القانون (قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972م) الذى يحكم عمل الجامعة ويبين حقوق وواجبات الطالب. فالطالب يمارس حريته الشخصية خارج قاعات الدرس والامتحان، كأن يمزح مع زملائه أو يتناول المأكولات والمشروبات أو يتحدث فى التليفون المحمول غير أن هذه الحرية الشخصية تتوقف بمجرد أن يدخل القاعة سواء لحضور الدروس أو لأداء الامتحان. فالطالب يتوقف عن المزاح وتناول المأكولات والتحدث فى المحمول وخلافه وعليه أن يكشف عن هويته إذا طلب منه ذلك ويمتثل لضوابط أداء الامتحان. وفى حالة مخالفة ذلك فقد يتعرض للعقوبة وفقا للمواد الواردة فى العقد الاجتماعى "قانون تنظيم الجامعات"، تماما كما يحدث فى مخالفات المرور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر