الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلم المصري واحد صفر

رحاب الهندي

2010 / 3 / 17
الادب والفن


واحد صفر.. ضمن مسابقة الأفلام الروائية في مهرجان مسقط السينمائي السادس
حين تقدم النساء سينما راقية
المجتمع المصري في بوتقة الفرح رغم القهر والمعاناة!
كتبت - رحاب الهندي:
حين يفكر الفنان في تقديم موضوع جدي يتحدث عن حقيقة مجتمع بأسلوب سينمائي متعدد الخيوط والشخصيات ويطرح مشاكل المجتمع الواحد بصورة تبدو جماعية رغم فرديتها مسألة لا تبدو سهلة أبدا . خاصة وأنه أمام جمهور تعود الاستسهال في التناول والطرح لأي قضية بحيث غالبا ما تكون ذات شخصيات محددة لها بداية ووسط ونهاية ولكننا نجد أنفسنا أمام "فيلم واحد صفر" العربي المصري أمام تشابك بلا تشابك لحكايات الشخصيات المتعددة التي يجمعها القهر والمعاناة والمشاكل المتعددة . لكن لكل منهم حكايته ومعاناته والتي هي جزء من معاناة مجتمع بأكمله. لكن رغم كل ذلك تجمعهم فرحة واحدة وهي فرحة الفوز في مباراة كرة القدم.
واحد صفر يدخل في مسابقة الأفلام الروائية ضمن مهرجان مسقط السينمائي والتي تنظمه الجمعية العمانية للسينما ضمن مجموعة من الأفلام العربية الأخرى . سيناريو مريم نعوم وإخراج كامله أبو ذكرى والتي صرحت لوسائل الإعلام أن الفلم تم تحضيره لمدة أربع سنوات حيث انبثقت الفكرة منذ 2005 وتمت كتابته خلال سنتين وكانت تنتظر الجهة الإنتاجية التي تتحمس للفكرة والتنفيذ حتى وافقت الحكومة على إنتاجه.
حكاية الفيلم :
يتعرض الفيلم لشخصيات إنسانية من عمق المجتمع باختلاف ثقافتها ومستواها المادي وانتمائها الديني ونجد أن المرأة والرجل يتحركان ضمن منظومة المجتمع في خطين يتقاربان أحيانا ويبتعدان أحيان أخرى فالمرأة المسيحية العاشقة والتي تعاني من مشكلة الطلاق وحاجتها للزواج والأمومة في طرح جرئ لمشكلة المرأة وتعامل الدين معها في عدم حل مشكلتها بل في تعقيد مشكلتها . وهنا كانت المشكلة واضحة ومباشرة في قولها أنا مسيحية (إلهام شاهين)! ليكون واقع المرأة الأخرى ليس أحسن حالا فمشكلة الفقر التي تواجه الشقيقتين وأمهما المريضة إحدى المشاكل الرئيسية في إطار المجتمع لذا إحداهما تبيع جسدها باسم الفن (زينة) لمخرج أغنياتها (حسين إمام) وأخرى ملتزمة دينيا محجبة وتعمل كممرضة في البيوت ( نيللي كريم ) ومحاولة كل منهما للسعي وراء قناعاتها رغم تشاجرهما وإهانة كل منهما للأخرى . ثم هناك المرأة التي تتجول في البيوت تبيع أدوات الماكياج وتزين العرائس رغم التعب والمهانة التي تعيشها من عملها ومعاناتها من تصرف ابنها العاق الذي يعمل هو الأخر في صالون حلاقة نسائي (أحمد الفيشاوي) ويحلم في أن يكون له مشروعه الخاص.
خالد أبو النجا المذيع التلفزيوني والذي رغم نجاحه وتألقه يلجأ للحشيش وهو يعيش عشيقا للمرأة المسيحية التي تكتشف أنها حامل منه فتشعر بالسعادة لكنه يغضب ويقرر فراقها . ينتقل الفيلم إلى حي للعشوائيات ليكشف الفقر والمعاناة للناس الذين رغم فقرهم يلجأ ون لبيع الحشيش وتعاطيه وتسول أطفاله في الشوارع ويركز الفيلم على حكاية أحدهم وهو رجل كبير في السن يرعى حفيده (لطفي لبيب) . هذه الحكايا للشخصيات المختلفة في الفيلم تصنع لنا الحياة في مصر حياة مجتمع بأكمله بهمومه وقهره وفقره ومعاناته ومشاكله الداخلية . وإن كان يركز الفيلم على معاناة المرأة وقهرها من حيث ضعفها واستغلالها معنويا وجسديا والتحرش بها . قصص متعددة لشخصيات متعددة يجمعهم الهم والحلم تقدمهم لنا المؤلفة مريم نعوم في زمن لا يتعدى الأربعة والعشرين ساعة منذ صباح يوم المباراة وحتى نهايتها بالفوز للفريق المصري وتنتقل الكاميرا من شخصية لأخرى ومن مكان لآخر للحديث عن الشخصيات وما بينها من اختلاف وترابط بشكل رشيق وبتركيز على المعاناة الداخلية لكل منهم بحيث يشعر المتفرج إنه يعرفهم أو أنه التقى بهم وهذا سر من أسرار نجاح الفيلم حيث استطاعت حركة الكاميرا برشاقتها أن تتحكم بخيط التشويق وتواصل الجمهور مع أحداث وشخصيات الفيلم.
أخلاقيات : لكل مجتمع أخلاقياته وتصرفاته وإن حاول الفلم أن يكشف عن أخلاقيات المجتمع المصري لأن الفيلم مصري فلم يخرج من إطار الأخلاقيات الإنسانية والتي قد تحدث في أي مجتمع إنساني في هذا الزمن فرغم "الضياع والقسوة والقهر" ترفض المرأة المسيحية أن تبتعد عن أخلاقياتها الإنسانية وطيبتها مع الممرضة وترفض أن ترفع قضية ضد الكنيسة كما أنها ترفض أن تتجه لأسلوب المراوغة في سبيل الحصول على حقها . كما ترفض الممرضة سلوك شقيقتها المطربة الشائن وتحافظ على أخلاقياتها رغم الفقر والحاجة ويرفض المذيع أن يترك الصبي يموت بعد حادثة السيارة ويصمم على علاجه في المستشفى. وتحافظ الأم (الكوافيره) على شرفها رغم ترملها بالعمل المتعب وتربية ابنها الوحيد رغم إحساسها بالوحدة والقهر . كما أننا نجد هناك الأخلاقيات المشينة من استغلال المخرج لجسد وأموال المطربة والسرقة والاحتيال لشخصيات العشوائيات . باختصار يقدم الفيلم صورة مصغرة عن المجتمع المصري بكل معطياته من حيث الشخصية والأمكنة والشوارع والمتاجر الفخمة والمحلات الفقيرة. إنها مدينه تعيش الحياة بكل تناقضاتها جمالها وقبحها وهم الناس يعيشون بها رغم المعاناة ورغم الغنى والفقر.
أبطال الفيلم :
بذكاء واضح اختارت المخرجة الشابة أبطال شخصيات الفيلم لتفهمها التام بعملية اختيار الأبطال ليس اعتمادا على أسماء نجوم فقط بل تفهمها التام لأبعاد شخصيات الفيلم الداخلية والخارجية فكان فريق العمل وبلا استثناء بطلا في عمق الأداء الواقعي والتعبيري إلهام شاهين بابتسامتها العذبة وغضبها المشحون بالألم وبأداء تشعر به حقيقيا وليس تمثيلا "وإنتصار" التي تعد من الممثلات القديرات لفهم أداء الشخصية بعفوية الأداء وتلونه "وزينة" بكل انفعالاتها وتصرفاتها مابين المكر والسذاجة والضعف و"الخنوع" ونيللي كريم في الطيبة المصرية الأصيلة والأداء السلس والتي تشعرك كمتفرج أنها جزء منك حزنها وفرحها وتعبها طبيعيا بلا رتوش ولا مبالغة والعملاق بأداء متميز بعدم الحيلة والغضب والخبث والمكر لطفي لبيب والأطفال وجميع الممثلين ذوي الأدوار الثانوية الضابط والأمين والعاشق وفريق التمريض والأطباء كلهم جمعتهم بوتقة أداء عفوي أعطى للفيلم نكهته الخاصة ليتفرد حسين الإمام بشخصية فكهة رغم كره سلوكها إلا أن الأداء المتميز بكل تلون الشخصية يقدم لنا ممثلا عميق الأداء ليكون أحمد الفيشاوي موازيا أيضا بأدائه لبقية الشخصيات ويكون الجميع ضمن تناسق واحد متمازج ولعل خالد أبوالنجا في هذا الدور تفوق على أدواره الأخرى بتقديم شخصية رغم الوسامة والجاذبية والشهرة إلا أنه مهلهل من الداخل باختصار لم نكن نشاهد على الشاشة ممثلين بل كنا نرى شخصيات مجتمعية من لحم ودم تمثل بلا تمثيل وهذا سر آخر لنجاح الفيلم.
نهاية الفيلم :
منذ منتصف الفيلم نشاهد ارتفاع وتيرة الاستعداد للمباراة توازي وتيرة ارتفاع الأحداث لشخصيات الفيلم ورغم مشاكل الشخصيات وهمومها يجمعها فرح الفوز واحد صفر على الكاميرون . لقطات حقيقية للجمهور المختلف الطبقات والوظائف والذي يجتمع كثير من شخصياته داخل مركز الشرطة ليخرجوا من المشاكل المتعددة باستلام بطاقاتهم بفرح ويلتحمون مع الجمهور في الخارج . كانت الكاميرا تلتقط صورا قريبة ومتوسطة للجماهير وبين كل مجموعة من الجماهير شخصيه من شخصيات الفيلم تجمعهم لقطة عامة يشملها الفرح والرقص وضجيج السيارات وتلون الناس بألوان العلم المصري وكأن النهاية تقول هنا الحياة هنا مصر الفرحة رغم كل المعاناة . كانت النهاية مفتوحة انتماء للفرح وحده حتى في التركيز على شحنات الحزن في وجوه أبطال الفيلم إلا أن الفرح العام سرعان ما أخفى تلك الملامح الحزينة في اللقطة العامة كانت للفرح المشتعل في الصدور وفي الهتافات الواحدة المجتمعة رغم الاختلاف في المشاكل والمعاناة والشخصيات لكن كان الاتفاق واحدا وهو الفرح لفوز مصر وحدها أي الفرح لفوز الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح


.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال




.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل