الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداول السلطة ديمقراطيا

حسين علي كاظم المجيد

2010 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


شكل مبدأ التداول السلمي للسلطة ركنا مهما من أركان البناء الديمقراطي , لكون هذا النظام يفرز إرادة الشعب بعيدا عن النظم الشمولية التي ترتكز في حكمها على نظام الحزب الواحد والقائد الواحد ومبدأ التوريث في الحكم كما حصل وسيحصل في الكثير من دول المنطقة , وللتداول السلمي ركائزه تأتي في مقدمتها التعددية الحزبية والانتخابات , فالأحزاب والمرشحين الذين ينتمون إلى تيارات وتنظيمات سياسية حاكمة أو معارضة، وقد يكونون مستقلين متحررين من الانتماءات الحزبية , يختلفون في الوسائل والبرامج والسياسات والأيديولوجيات؛ ولكنهم يتفقون في مسألة التداول السلمي للسلطة عبر ما تفرزه صناديق الاقتراع وما يحدده صوت الناخب . وإن اختلفت النظم الانتخابية من بلد ديمقراطي إلى آخر باختلاف تركيبة المجتمع فنجد النظام الرئاسي أو البرلماني الا انها جميعها تؤدي إلى احترام الارادة الشعبية أو ما يسميه البعض ( ارادة الاغلبية السياسية ) التي لا يمكن تجاهلها مطلقاً . أي إن هناك ثمة عقد اجتماعي , ونظرية العقد الاجتماعي تعني العقد هو الإيجاب والقبول مع الارتباط والعقد الاجتماعي هو نظرية في نشوء الدولة والقانون , وتدور نظرية العقد الاجتماعي عند روسو حول وحدة الجسم الاجتماعي وتبعية المصالح الخاصة للإرادة العامة وحول السيادة المطلقة غير المنفصلة عن الإرادة العامة ، وبالتالي نجد إن الانتخابات التي يتم على ضوء نتائجها إفراز حكومة تنتقل اليها السلطة من الحكومة المنتهية ولايتها بمثابة عقد يوقعه أغلبية الشعب مع حزب أو مجموعة أحزاب مؤتلفة لقيادة البلد لفترة محددة بموجب الدستور النافذ في البلد وفي العراق ولاية البرلمان ( السلطة التشريعية ) والحكومة ( السلطة التنفيذية )أربعة سنوات , لذا نجد إن الشعب يصنع السلطة عبر مشاركته في انتخابها وهذا ما يذهب إليه المفكر العربي الدكتور تركي الحمد حيث يقول "أن جوهر الديمقراطية هو المساواة أمام القانون والحرية في التعبير عن الذات في ظل قانون لا يتعارض مع هذه القيمة والمشاركة في القرار الذي يتعلق بالشأن العام.. بإيجاز أن جوهر الديمقراطية معرفياً هو نسبة الحقيقة والقدرة الأولية لكل فرد على الوصول إليها والمشاركة في صنعها انطلاقاً من مبدأ المساواة الأولية في نفي الوصاية على الحقيقة واحتكارها واجتماعياً جوهر الديمقراطية هو مبدأ التسامح وحرية السلوك والفكر والرأي" .من هنا نجد إن أساس التداول السلمي للسلطة قائم على طرفي العقد الطرف الأول الناخب والطرف الثاني المرشح أو مجموعة المرشحين . ونحن في العراق عانينا كثيرا من تهميش الارادة الشعبية في اختيار السلطة وهذا ما قاد البلد إلى عدد كبير من الانقلابات الناجحة أو الفاشلة وفي كل مرة يدفع الشعب الثمن غاليا حيث تتعطل مشاريع التنمية ويفتقد الأمن ويهمش الآخر وتصادر حرية الرأي وتقبع قوى المعارضة في السجون أو تلاقي حتفها , وهذا يحدث عقب كل تغيير غير سلمي للسلطة حيث تكون اللغة السائدة حمراء اللون كالدم الذي يراق , وتحتفظ ذاكرتنا بمشاهد كثيرة يصعب نسيانها , ناهيك عن الآثار الاجتماعية والثقافية والاقتصادية الناجمة عن ذلك , يضاف اليها الانفراد بالرأي داخل الحزب الحاكم الذي يشكل من المؤسسات التشريعية من تكون تحت وصايته ويملي عليها إرادته بما فيها شن الحرب إن شاء ذلك , فبغياب المؤسسات التشريعية تغيب سلطة القانون وتعلو الإرادات الشخصية والنوازع الفردية بعيدا عن مصلحة البلد ومصالح الشعب . لهذا كانت الديمقراطية مطلب شعبي لأنها تشكل الخلاص من حمامات الدم وتدمير الذات , والنظام السياسي الديمقراطي هو الخطوة الأولى في طريق تحرير الطاقات الاجتماعية . ورغم حداثة التجربة الديمقراطية العراق ورغم ما شابها من سلبيات في سنواتها الأولى الا إنها شكلت وعي جمعي في ممارستها شعبيا واحترام لنتائجها من النخب السياسية فوجدنا إن الشعب العراقي وفي غضون سبعة أعوام 2003—2010 قد لمسها أكثر من مرة فتعاقبت أكثر من حكومة بشكل سلمي وسلس بعيدا عن ما كان مألوفا في الشارع العراقي منذ خمسينيات القرن الماضي وما كان سائدا في الشرق الأوسط بصورة عامة . وبالتالي فإن إن النظام الديمقراطي يعد من أكثر الأنظمة السياسية في العالم عدلاً وإنصافاً كونه يأخذ مشروعية من الشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة رفح.. إسرائيل تتحدث عن خيارات بديلة لهزيمة حماس | #غرف


.. العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران.. عقبات -لوجستية- و-سياس




.. قصص ومعاناة يرويها أهالي منطقتي خزاعة وعبسان الكبيرة بسبب تو


.. شهداء غزة من الأطفال يفوقون نظراءهم الذين قضوا في حروب العال




.. نتنياهو: قمت بكل ما في وسعي لإضعاف قوة حماس العسكرية وقضينا