الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيبقى شعار -إسرائيل أولاً- مرفوعاً دائماً في واشنطن

بشار السبيعي

2010 / 3 / 18
الصحافة والاعلام


الجدل القائم اليوم حول أزمة كبيرة في العلاقات الثنائية بين واشنطن وتل أبيب ماهو إلا هراء إعلامي لخدمة المصالح الإسرائيلية في الولايات المتحدة عبر تحريك اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس الأمريكي، والمنظمات الغير حكومية وعلى رأسهم منظمة "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" المعروفة بإسمها المختصر (أيباك)، والمنظمات الأنجليكية المسيحية اليمينية الداعمة للحركة الصهيونية، ضد البيت الأبيض وسياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجاه إسرائيل والشرق الأوسط.

ومع نهاية التحضيرات اليوم ورفع الدعوات الرسمية لأعضاء الكونغرس الأمريكي والمسؤولين في البيت الأبيض، وعلى رأسهم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، لحضور مؤتمر ال (إيباك) المقرر إنعقاده في نهاية هذا الأسبوع في واشنطن، تظهر المؤشرات المبدئية لتراجع البيت الأبيض عن موقفه تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط ك "وسيط نزيه" عبر تصريحات وزيرة خارجيته بالدعم "المطلق" لأمن إسرائيل في المنطقة مما يؤدي ألى تعزيز فقدان مصداقية الدور الأمريكي في العالم العربي.

ومع كل مايجري اليوم من تهليل وتكبير للأزمة القائمة بين واشنطن وتل أبيب عبر الإعلام الغربي والعربي، تبقى الروابط التاريخية الدينية بين البلدين أقوى من أي وقت مضى، حيث ظهر ذلك واضحاً في زيارة القس "جون حاجي" رئيس أكبر كنيسة مسيحية يمينية أمريكية متطرفة، خلال زيارة نائب رئيس الولايات المتحدة ألى إسرائيل، وأجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتاناهو قبل يومين من إجتماع الأخير مع نائب الرئيس الأمريكي.

ومن لايعرف القس "جون حاجي" اليوم ماعليه إلا أن يبحث عنه عبر الإنترنت ليعرف مدى تأثيره على الرأي العام الأمريكي عبر كنيسته الواقعة على أكبر أرض في مدينة "سان أنتونيو" في ولاية تكساس. ولايخفى على القارئ مدى الدعم الفكري والمعنوي والمادي المطلق لإسرائيل الذي يقدمه القس حاجي عبر أعضاء كنيسته الذي يبلغ عددهم اليوم بمئات الألاف، وعبر شبكة التلفزيون الفضائية العالمية التبشيرية المسيحية المعروفة بال "ت.ب.ن".

تعود هذه العلاقة الفكرية الدينية بين البلدين ألى ماقبل نشأة الحركة الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر. و في الحقيقة أنها كانت هي البذور الأولى في نشأة الحركة الصهيونية التي تعاني منطقة الشرق الأوسط اليوم من فكرها العنصري المتبلور بنظرية عودة "شعب الله المختار" ألى أرضهم الطبيعية في ما يسمى "أرض كنعان" في المصادر التوراتية والإنجيلية. وينسب الكاتب الأمريكي-الإسرائيلي، وسفير إسرائيل الحالي للولايات المتحدة مايكل أورن، بذور هذه الحركة التبشيرية المسيحية-الصهيونية في أوائل القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة الأمريكية في كتابه الأخير "السلطة، والإيمان، والخيال" الصادر في العام الماضي، ألى مجموعة من المبشرين المسيحيين الأمريكيين الذين حاولوا جاهداً عبر حملات تبشيرية إعادة "شعب الله المختار" ألى أرضهم الطبيعية في فلسطين في أوائل القرن التاسع عشر. وكانوا من الأوائل في رفع راية هذا الفكر عبر تنظيم بعثات تبشيرية أنذاك لمساعدة أفراد يهود من أصقاع الأرض وجلبهم ألى فلسطين لإقامة مستوطنات فيها لتعجيل عودة وظهور المسيح المبشر والمنتظر.

ومع أن هذا المشروع المسيحي-الصهيوني-التبشيري الإستيطاني قد فشل بجلب عائلة يهودية واحدة، وأودى بحياة أولئك المبشرين الأمريكيين الأوائل في أراضي فلسطين التي كانت تحت حكم الدولة العثمانية آنذاك، إلا أنه خلق الفكر الصهيوني الأول الذي أستند عليه فيما بعد الأب الأول للحركة الصهيونية ثيودورهرتسل في إيجاد حركته في أواخر القرن التاسع عشر.

واليوم يعاني بعض المحلليين والخبراء السياسيين بفهم هذه العلاقة التاريخية الدينية بين إسرائيل والولايات المتحدة، ويطالبون البيت الأبيض والإدارة الأمريكية بأن تمارس الضغوط الديبلوماسية والسياسية على إسرائيل وتلعب دور "الوسيط النزيه" في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط.

ليس هناك "وسيط نزيه" في دور الولايات المتحدة في عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث ستبقى العلاقة بين البلدين رهينة الحركة الدينية المسيحية اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة التي وضعت رئيس سابق في البيت الأبيض وبإستطاعتها اليوم أن تعرقل كل ماله شأن في عملية السلام في الشرق الأوسط إن كان يمس بأمن إسرائيل، أو إعادة الحقوق والأراضي العربية المحتلة لأصحابها، أو تقسيم القدس عاصمة إسرائيل الأبدية كما يدعي رئيس الوزراء الإسرائيلي واليمين المتطرف اليوم في إسرائيل.

وعلى الرغم من أن السياسة المتطرفة الإسرائيلية في العدوان والإستيطان أصبحت اليوم تهدد مصالح الأمن القومي في الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة حسب أخر تصريحات من قائد القوات الأمريكية في المنطقة الجنرال ديفيد بتريوس، ومطالبته للبنتاغون لضم الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة وقطاع غزة ألى مناطق خاضعة للرقابة العسكرية تحت إدارة "سنت كوم" المركز الرئيسي للعمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة حسب ماأوردته مجلة "الشؤون الخارجية" الأمريكية الأسبوع الماضي، إلا أن ماشاهدناه الإسبوع الماضي من إهانة لنائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في إسرائيل عبر إعلان بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في القدس خلال زيارته، وتصعيد مسرحي في الحوار الإسرائيلي-الأمريكي بشأن العلاقات الثنائية بين البلدين والسلام في المنطقة ماهو إلا إستعراض حقيقي للقوى الخفية لرجال الدين الأمريكيين الذين يلعبون في مصير السلام في الشرق الأوسط عبر وكلائهم في إسرائيل و ال (إيباك) وأعضاء الكونغرس الأمريكي للضغط على إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للعودة ألى مخيم "أسرائيل أولاً" في الولايات المتحدة الأمريكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة