الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكلمة الافتتاحية في منتدى التجديد الحضري المنعقد في البرازيل

دياري صالح مجيد

2010 / 3 / 18
حقوق الانسان


بقلم : ديفيد هارفي
ترجمة : دياري صالح مجيد

انا مسرور ان اكون هنا بينكم لكن اولا وقبل كل شيء اود الاعتذار عن الحديث باللغة الانكليزية التي تعتبر لغة الامبريالية العالمية . اتمنى بان ما سيتوجب علي قوله يكون ضد الامبريالية بما فيه الكفاية حتى يغفر لي الناس الحديث بتلك اللغة . انا ممتن جدا لهذه الدعوة لانني تعلمت امرا عظيما من الحركات الاجتماعية . لذا فقد اتيت هنا لكي اتعلم واصغي , وعليه فانني اجد هذا الامر بمثابة خبرة تعليمية كبيرة وذلك كما قال كارل ماركس في احدى المرات بانه هنالك سؤال كبير يتعلق بمن سيقوم بمهمة تعليم المتعلمين ؟ .
لقد بدأت بالعمل منذ بعض الوقت على فكرة الحق في المدينة والتي اقصد بها حقنا جميعا في خلق المدن التي تلبي احتياجاتنا . وان الحق في المدينة هو ليس الحق في التملك والاكل , وهنا سوف استخدم التعبير الانكليزي لمفهوم التملك والاكل الذي اعني فيه الحصول على الفتات من مائدة الاغنياء . يجب ان نملك جميعا ذات الحقوق لكي نساهم في بناء انواع مختلفة من المدن التي نرغب في وجودها . لذا فان الحق في المدينة ليس ببساطة هو الحق فيما هو موجود ولكن هو الحق في جعل المدينة شيء ما مختلف بشكل جذري . فعندما انظر الى التاريخ اجد بان المدن قد تم ادارتها من قبل الراسمالين اكثر مما تم ذلك من قبل اناس المدينة انفسهم . لذا فاننا في هذا النضال من اجل الحق في المدينة انما نمضي في نضالنا ضد الراسمالية .
اريد الحديث الان قليلا حول تاريخ العلاقة ما بين الراسمالية وبناء المدينة واطرح التساؤل الاتي : لماذا نجحت الراسمالية في ان تمارس حقوقها على المدينة ؟ ولماذا تمتاز القوى الشعبية بكونها ضعيفة في مواجهة هذه الراسمالية ؟ . وارغب كذلك بالحديث عن الطريقة التي تعمل بها الراسمالية في المدن والتي هي واحدة من نقاط ضعفها . لذا في هذا الوقت اعتقد بان النضال من اجل الحق في المدينة يعد في موقع مركزي من عملية النضال ضد الراسمالية . لدينا الان كما تعلمون جميعا ازمة مالية عالمية للراسمالية . لذا اذا ما القى المرء نظرة ما على التاريخ المعاصر , فسيجد باننا خلال الثلاثين سنة الاخيرة شهدنا العديد من الازمات المالية التي احصاها البعض وقال باننا منذ عام 1970 شهدنا اكثرمن 378 ازمة مالية في العالم . في حين كان هنالك فقط 56 ازمة مالية للفترة من 1945 -1970 . لذا فان الراسمالية انتجت العديد من الازمات المالية خلال الثلاثين الى الاربعين سنة الماضية . وما هو مهم في هذا الصدد , ان العديد من تلك الازمات المالية لها جذور حضرية . ففي نهاية الثمانينيات شهد الاقتصاد االياباني على سبيل المثال حالة من الانهيار وتمحور هذا الانهيار حول عملية المضاربة الخاصة بالعقارات والاراضي . في حين شهدت الولايات المتحدة الامريكية في عام 1987 ازمة كبيرة عانت خلالها العديد من المصارف من مشكلة الافلاس , وكل ذلك كان ايضا بفعل المضاربة بالعقارات والمنازل . وقد شهدت فترة السبعينيات ( من القرن الماضي ) العديد من الازمات العالمية في اسواق العقارات . ويمكنني ان استمر في اعطاء المزيد من الامثلة حول الازمات المالية ذات الاساس الحضري . لذا افترض هنا بان نصف الازمات المالية التي حصلت خلال الثلاثين سنة الاخيرة هي ازمات ذات اساس ذو علاقة بالملكية الحضرية . وان اصول هذه الازمة في الولايات المتحدة الامريكية قد جاءت من شيء ما يدعى بازمات رهن العقارات , والذي لا اسميهه كذلك بل اطلق عليه تسمية الازمة الحضرية . وهذا هو حقيقة ما حصل . ففي التسعينيات كان هنالك مشكلة تتعلق بالمال الفائض الذي لايوجد مكان ما يذهب اليه ليٌوظفُ فيه . خاصة وان الراسمالية هي النظام الذي دائما ما ينتج الفوائض . ويمكننا ان نفكر بالامر بهذه الطريقة : استيقظ الراسمالي صباحا وذهب الى السوق حاملا معه كمية من المال وحصل على قوة العمل والوسائل الاخرى للانتاج . ووضع هذه العناصر لتعمل وانتج بضاعة ما ومن ثم باعها من اجل مزيد من المال اكثر من ذاك الذي انفقه في بداية العملية . لذا فهو في نهاية اليوم يحصل على اكثر مما انفقه في بدايته . والسؤال الكبير الذي يطرح هنا هو : ما الذي يعمله بهذا المزيد من المال الذي حصل عليه ؟ . الان لو كان هو مثلك ومثلي , لكان قد ذهب للخارج لقضاء وقت جيد , لكن الراسمالي ليس كذلك . اذا ان هنالك دائما قوى تنافسية تدفعه لاعادة استثمار جزء من ثروته في مشاريع اخرى . لذا نجد في تاريخ الراسمالية بانه كان هنالك نسبة نمو بحدود 3% منذ عام 1750 . الان هذه النسبة من النمو تعني انه يتوجب على الراسمالي ايجاد اسواق جديدة لراس المال . لذا فان الرسمالية دائما ما تواجه ما ادعوه بمشكلة امتصاص الفوائض الراسمالية وتبرز المشكلة بالسؤال الاتي : اين يمكن ايجاد سوق مربح ليضع فيه الراسمالي امواله ؟ . الان ومن خلال العودة لعام 1750 نجد بان العالم كله كان مفتوحا على هذا السؤال وفي ذاك الوقت كانت القيمة الكلية للاقتصاد العالمي قد وصلت الى 135 بليون دولار في مجال السلع والخدمات . في حين وصل هذا المعدل الى 4 ترليون دولار في الوقت الذي وصل فيه العالم الى عام 1950 وكان يتوجب ايجاد اسواق لنسبة 3 % من هذا المعدل ( 4 ترليون ) . اما في الوقت الذي وصل فيه العالم الى عام 2000 فقد وصل هذا المعدل التراكمي الى 42 ترليون دولار . و في الوقت الحاضر يصل المعدل الى 50 ترليون دولار وخلال ال 25 سنة القادمة سيصل هذا المعدل وفقا لنسبة النمو 3 % الى 100 ترليون دولار . ما يعنيه هذا الامر هو ان هنالك صعوبة متزايدة في ايجاد اسواق مربحة لهذه الزيادة الراسمالية . ويمكن تقديم هذه الحالة بطريقة اخرى . فعندما كانت الراسمالية بشكل جوهري هو ما يحصل في مانشستر واماكن قليلة اخرى في العالم , فان نسبة ا لـ 3 % لم تكن تفرض اي مشاكل , اما الان فاننا يجب ان نضع نسبة النمو البالغة 3 % على اي شيء يحصل في الصين ومناطق شرق وجنوب شرق اسيا , اوربا واغلب دول امريكا اللاتينية وامريكا الشمالية وبالتالي تكون لدينا مشكلة كبيرة بشكل حقيقي . لذا فان الراسماليين في الوقت الحاضر عندما يكون لديهم الاموال , يكون لديهم خيار يتعلق بكيفية اعادة استثماره مجددا . ويمكن لهم ان يستثمروا تلك الاموال في انتاج جديد . و الحجة التي تطرح بهدف جعل الغني اغنى هي ان الراسماليين سوف يعيدون الاستثمار في الانتاج وهو ما سيولد فرصا للعمل ومستوى حياة افضل للناس . الا انهم ومنذ 1970 اعادوا الاستثمار بشكل اقل واقل في انتاج جديد . بينما ركزوا عملية اعادة الاستثمار على شراء الممتلكات , الاسهم , حقوق الملكية العقارية وبالتاكيد العقارات . لذا فمنذ السبعينات وجدنا بان المزيد والمزيد من الاموال قد ذهبت الى الاصول المالية و عندما بدء الراسماليون بشراء تلك الاصول فقد بدءت قيمتها تزداد . لذا بدؤا يجنون الارباح من خلال زيادة قيمة تلك الاصول . وعندها بدات اسعار العقارات بالارتفاع بشكل مستمر . وهذا لم يكن لصالح مدينة افضل وانما لصالح مدينة اكثر ارتفاعا في اسعارها . بالاضافة الى ذلك وصل بهم الامر الى درجة انهم يريدون بناء شقق خاصة و منازل فخمة , مما يترتب عليه قيامهم بطرد السكان الفقراء من اراضيهم . وهم بذلك يريدون ان يصادروا بشكل جبري حقنا في المدينة . لذا اجد انني اعيش في نيويورك و من الصعوبة علي ان اعيش في مانهاتن على الرغم من انني بروفيسور يُدفع له مرتب جيد . لذا فان هذه الاعداد الكبيرة من السكان التي تعيش في نيويورك لا يمكنها ان تتحمل العيش في مانهاتن بسبب الارتفاع الكبير الذي شهدته اسعار العقارات . بكلمات اخرى , ان حق الناس في المدينة قد تم استلابه . ويتم هذا الامر احيانا عبر نشاطات السوق في حين يتم في احيان اخرى بفعل اعمال الحكومة التي تقوم من خلالها بطرد السكان من الاماكن التي يعيشون فيها , ويتم ذلك في احيان اخرى ايضا بفعل الوسائل اللاقانونية , العنف , او احراق البنايات . فقد كان هنالك فترة من الزمن شهد فيها جزء من مدينة نيويورك اضراما للنار لعدة مرات . من اجل ان يسيطروا بشكل كامل على كل المدينة وعليهم ان يفعلوا ذلك لكونها الطريقة الوحيدة التي بامكانهم من خلالها استخدام الفوائض المالية . وبنفس الوقت يشكل هذا الامر دافعا لعملية بناء المدينة وفقا لما يخدم الفئات الاكثر فقرا فيها . لذلك تقوم المؤسسات المالية باقراض المسؤلين عن تطوير العقارات بهدف اقناعهم بعملية تطوير مساحات اكبر من المدينة . من خلال ذلك تتمكن من الحصول على مستثمرين لكن فيما بعد المشكلة تكمن في الجهة التي سيبيع لها اولئك ملكياتهم العقارية ؟ فاذا ما كانت دخول العاملين في حال تزايد , عندها ربما سيكون بامكانهم ان يبيعوها الى الطبقة العاملة . الا ان ما حصل منذ السبعينيات ان السياسات الليبرالية الجديدة كانت تركز على كبح جماح الزيادة في الاجور . فعلى سبيل المثال نجد بان الاجور الحقيقة في الولايات المتحدة الامريكية لم ترتفع منذ عام 1970 لذا اصبح هنالك حالة من ثبات االاجور في مقابل الارتفاع المستمر في اسعار العقارات . عند ذلك نتسائل من اين سياتي الطلب المستقبلي على شراء المنازل ؟ . الاجابة تكمن في دعوة الطبقات العاملة الى البيئة الاقتراضية . لذا وجدنا بان حجم القروض المنزلية في الولايات المتحدة الامريكية قد ارتفع من قرابة 40000 دولارلكل قرض الى حدود 120000 دولار خلال العشرين سنة الاخيرة . فقد قامت المؤسسات المالية بطرق ابواب الطبقات العملة وقالت لهم (( لدينا صفقة جيدة لكم , فبامكانكم ان تستعيروا الاموال منا وعندها تتمكنون من ان تصبحوا مالكين لمنزل ما , ولا تقلقوا , لانكم اذا لم تتمكنوا من الدفع , فان اسعار المنازل سوف ترتفع , لذا فان كل شيء بخير )) . لذا فان مزيدا من الناس ذوي الدخول المحدودة توجهوا نحو الاقتراض . لكن فيما بعد وقبل سنتين مضت بدات الاسعار بالهبوط . وكانت الفجوة بين ما يستطيع ابناء الطبقة العاملة تحمله وبين الديون المترتبة عليهم كبيرة جدا . لذا فجأة حصلت موجة خاصة بتجميد الرهن ,الذي تم اخذه كضمان من قبل المؤسسات المالية الدائنة , اجتاحت المدن الامريكية لكن وكما يحصل في المعتاد مع مثل هذا النوع من الازمات يكون هنالك عدم توازن جغرافي في تطور تلك الموجة . ضربت الموجة الاولى الفئات ذات الدخل المحدود جدا في العديد من المدن الاكثر قدما في الولايات المتحدة الامريكية . وفي هذا الصدد هنالك خارطة رائعة جدا بالامكان الاطلاع عليها على موقع البي بي سي لتلك الموجة في مدينة كليفلاند . وما ستراه هو خارطة منقطة لتلك الموجات التي تركزت بشكل كبير في مراكز معينة من المدينة . وهنالك خريطة اخرى بجانبها تظهر لك التوزيع الجغرافي للسكان الامريكان من اصول افريقية وكيف تتطابق كلا الخارطتين . وما يعنيه هذا الامر هو ان تلك العملية كانت عملية سرقة لاموال اصحاب الدخل المنخفض من الامريكان ذوي الاصول الافريقية . وهي العملية التي كانت ولاتزال من بين اكبر الخسائر في الممتلكات بالنسبة للسكان ذوي الدخل المحدود في الولايات المتحدة الامريكية اذ خسر قرابة 2 مليون مواطن منازلهم وتم في تلك اللحظة التي حصلت فيها تلك الازمة ان وصل حجم العلاوات التي دفعت في وول ستريت الى اكثر من 30 بليون دولار وهو المبلغ الاضافي الذي دفع الى اصحاب البنوك في مقابل عملهم . لذا فان ال 30 بليون دولار هذه التي ذهبت الى الوول ستريت هي ذاتها التي اخذت من اصحاب الدخول المحدودة . لذا هنالك حديث ما يدور حول هذا الموضوع في الولايات المتحدة الامريكية مشبها اياه باعصار كاترينا لاننا كما نذكر بان اعصار كاترينا ضرب مدينة نيو اوريلانز بصورة مختلفة وكان تاثيره كبيرا على السكان السود ذوي الدخول المحدودة الذين تم اهمالهم وترك عدد كبير منهم ليواجه الموت . بينما تمكن الاغنياء من حماية حقهم في المدينة في مقابل الفقراء الذين فقدوا هذا الحق في المدينة .
في فلوريدا , كاليفورنيا و الجنوب الغربي من امريكا كان النمط مختلف اذ كان يقع خارج محور المدن . وقد كان هناك كمية كبيرة من المال ادينت الى مجموعات البناء والمستثمرين . الذين بنوا منازلا تبعد قرابة 30 ميل خارج تسكون ولوس انجيلوس ولم يتمكنوا من ايجاد اي شخص ليبيعوا له , لذا ذهبوا الى السكان البيض الذين لم يكونوا يرغبون في العيش بالقرب من المهاجرين والسود في المدن المركزية . ما قاد له هذا الامر فيما بعد كان حالة ما مشابة لما حصل قبل سنة مضت عندما قادت الاسعار المرتفعة للغاز الى خلق صعوبات امام الجاليات الاخرى من غير الامريكين البيض . اذ عانى العديد من صعوبات في امكانية دفع الديون التي عليهم لذا وجدنا ان هنالك ازمة او موجة اخرى من تجميد الرهانات قد حصلت في ضواحي المدن وبالذات في مناطق الرجل الابيض في فلوريدا , اريزونا و كاليفورنيا . في حين نجد بان ما قام به وول ستريت في ذات الوقت هو العمل على اخذ كل هذه الرهانات العقارية المحفوفة بالمخاطر ورزمها في اليات مالية غريبة . لذا قاموا باخذ كل هذه الرهانات العقارية من اماكن خاصة ووضعوها في قدر ما ومن ثم باعوا الحصص الخاصة بذلك القدر الى شخص ما اخر . وكانت النتيجة ان تم عولمة كل سوق اموال الرهانات العقارية . التي تم من خلالها بيع اجزاء من ملكية تلك الرهانات الى الناس في النرويج او المانيا او الخليج او اي مكان اخر . حيث أُخبر كل شخص بان هذا الرهانات العقارية وهذه السندات المالية كانت امنة كما حال البيوت التي يعيشون فيها . الا انها بدت فيما بعد بانها غير امنة وبدأنا نشهد ازمة كبيرة لازالت مستمرة حتى الان . ورأي في ذلك انه اذا ما كانت هذه الازمة في الاساس ازمة حضرية , فان الحل يجب ان يكون حضريا ومن نوع اخر مختلف , وان ذلك الحل يتركز مكانيا حيث يصبح النضال من اجل الحق في المدينة امرا حاسما, لاننا نملك الفرصة لعمل شيء ما مختلف . الا انني عادة ما أٌسأل اذا ما كانت هذه الازمة هي بمثابة نهاية للبرالية الجديدة . واجابتي عن هذا التساؤل هي انها لا تمثل نهاية لها اذا ما نظرت الى ما يوجد في واشنطن ولندن من اقتراحات خاصة بحل هذه الازمة .
ان واحدا من الاسس التي وضعت خلال السبعينيات كان يتمثل في ضرورة قيام الدولة بحماية المؤسسات المالية مهما كلف هذا الامر . وهنا يوجد تضارب ما بين رفاهية المؤسسات المالية تلك وما بين رفاهية المواطنين الذين اختاروا الاعتماد على تلك المؤسسات المالية . هذا المبدأ هو الذي عٌمل به في نيويورك في منتصف السبعينيات وعٌرف على المستوى الدولي لاول مرة في المكسيك التي هُددت بالافلاس في عام 1982 . ولو افترضنا ان تعرضت المكسيك الى تلك الازمة في ذلك الحين , فانها كان يمكن ان تؤدي الى تدمير بنوك الاستثمار في نيويورك . لذا فان وزارة المالية الامريكية وصندوق النقد الدولي قد اتحدا من اجل مساعدة المكسيك للحيلولة دون تعرضها لازمة الافلاس . بمعنى اخر , لقد قاما باقراض الاموال الى المكسيك لدفع الديون الكاملة لمصرفيي نيويورك . الا انهم في ذات الوقت اعلنوا فرض نمط قاس من التقشف على سكان تلك الولاية . اي انهم قاموا بحماية البنوك في مقابل تدمير الناس هناك . لذا كان هذا الامر بمثابة الاسلوب المعياري المُتبع في عمل صندوق النقد الدولي منذ ذلك الحين . الان اذا ما نظر المرء الى ردة الفعل ازاء الازمة المالية في الولايات المتحدة و كذلك بريطانيا , فانه سيجد بان ما قاموا به هو كفالة تلك البنوك الموجودة فيها , كما هو الحال مع امريكا التي كفلت البنوك الامريكية بمبلغ 700 بليون دولار . لذا هم لم يقدموا شيئا لحماية مالكي المنازل الذين خسروا منازلهم . لذا فان هذا الاجراء هو مشابه لذات المبدا الذي تم العمل به سابقا وهو حماية المصارف على حساب الناس العاديين المقُترضين من هذه المصارف . بالمقابل ان ما كان يتوجب فعله في مثل هذه الازمة , هو العمل على اخذ هذا المبلغ ( 700 بليون دولار ) واستثمارهِ في تاسيس بنك للتنمية الحضرية من اجل انقاذ كل المناطق التي تأثرت بالازمة المالية والعمل كذلك على اعادة تنظيم المدينة بما يتلائم والمتطلبات الخاصة بساكنيها . لو قدر لنا القيام بذلك الامر بشكل مثير للاهتمام , فأن جزءً كبيرًا من الازمة كان يمكن ان يتلاشى , وذلك لان مثل هذا الاجراء سوف يحول دون تاثر القروض العقارية . في الوقت ذاته , نحتاج الى تنظيم حركة مناهضة لطرد السكان من منازلهم لعدم دفع المستحقات المالية للقروض العقارية التي اخذوها من البنوك , وقد راينا مثل هذه النشاطات قد حدثت في بوسطن وبعض المدن الامريكية الاخرى . لكن في هذه اللحظة التاريخية في الولايات المتحدة الامريكية يوجد هنالك احساس من ان التعبئة الشعبية الخاصة بهذا الامر , قد تم تقييدها , لان انتخاب باراك اوباما كان هو الاولوية التي اهتم بها المجتمع الامريكي . لذا يتمنى العديد من الناس ان يقوم اوباما بعمل شيء ما مختلف , الا اننا لسوء الحظ نجد بان مستشاريه الاقتصاديين هم من اولئك الذين ساهموا في بروز كل هذه الازمة المالية بالدرجة الاولى . لذا اشك بان اوباما سيكون شخصا تقدميا كما هو الحال مع لولا LULA(( الرئيس البرازيلي )). لذا اعتقد ايضا بانه سوف يتوجب على المرء الانتظار قليلا قبل رؤية الحركات الاجتماعية وهي تبدأ نشاطها في هذا الاطار . وهو ما يعني اننا بحاجة الى حركة وطنية لاعادة التجديد الحضري مثيلة بتلك التي توجد هنا في البرازيل . و نحتاج الى نوع من التشدد بالطريقة التي استخدمتموها هنا . ونحتاج ايضا الى البدء بممارسة حقنا في المدينة وفي ذات الوقت سوف يتوجب علينا عكس كل هذه الطريقة التي من خلالها تم اعطاء المؤسسات المالية الاولوية على حسابنا نحن سكان المدن . هنا يتوجب علينا طرح السؤال الاتي : ما هو الامر الاكثر اهمية , هل هو قيمة البنوك او قيمة الانسانية ؟ . ان النظام المصرفي يجب ان يكون في خدمة المواطنين وليس العمل على استلاب حياتهم . والطريقة الوحيدة التي نتمكن من خلالها الى درجة ما امتلاك القدرة على ممارسة حقنا في المدينة هي ان يتوجب علينا ان ناخذ زمام المبادرة الخاصة بمشكلة الطريقة التي يتم بها امتصاص الفوائض الرأسمالية . اذ يتوجب علينا تعميم الفوائض الرأسمالية والعمل على التخلص من مشكلة التراكم بنسبة 3% وللأبد . نحن الان في الفترة التي تتمكن فيها هذه النسبة من ان تمارس فيها تاثيراتها البيئية الهائلة والى الأبد , فهي ماضية في ممارسة ضغط هائل على الاوضاع الاجتماعية التي سنمر بها من ازمة مالية الى اخرى بالطريقة التي يردون بها ان تكون هنالك ازمة مالية اخرى خلال الخمسة سنوات القادمة . وان ذلك هو فعلا ما سيحل عندما لا يكون هنالك اهتمام بالموافقة على ما قالته ماركريت تاتشر التي قالت لا يوجد هناك بديلٌ اخر , ونحن بالمقابل نقول انه يجب ان يكون هنالك بديلٌ اخر , ونؤكد لابد من ان يكون هنالك بديل عن الراسمالية بشكل عام . وبأمكاننا البدء بالعمل على هذا البديل من خلال فهم او ادراك مسالة الحق في المدينة كمطلب شعبي ودولي , واتمنى ان نتمكن جميعا من المشاركة معاً في هذه المهمة .
شكرا جزيلا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا كشف التقرير السنوي لمنظمة -مراسلون بلا حدود- عن حرية ال


.. استشهاد الطبيب عدنان البرش إثر التعذيب بعد اعتقاله




.. الأمم المتحدة: الدمار في غزة لم يحدث منذ الحرب العالمية الثا


.. Thailand: How online violence and Pegasus spyware is used to




.. مداخلة القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في غزة حول تطو