الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لو اسس عراقيو الخارج حزبهم الخاص
علي بداي
2010 / 3 / 19ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
اقر اولا ان الموضوع الذي اروم طرحه، يقع في جانب منه في مدى الفانتازيا، مع ذلك اود ان اؤكد للقارئ ان قناعتي بالموضوع بدأت بالتزايد يوما بعد يوم، وكانت قناعتي تلك تزداد رسوخا كلما زرت الوطن، وبعد ان تكشفت امامي فصول "قصة الحب من طرف واحد" التي يعيشها ملايين العراقيين المغتربين مع وطنهم ايقنت اننا امام منهج منظم لشطر العراق الى عراقين عراق الداخل وعراق الخارج.
عراقيو الخارج ، شعب كامل يقدرونه بثلاثة الى خمسة ملايين، نزحت مجموعاته الاولى نهاية سبعينات القرن الماضي مضطرة، بعد ان غامرت ورفعت الصوت احتجاجا على استهتار زمرة صدام. ورغم فداحة الخسارات الشخصية، والتضحية بالذاتي من اجل العام، ووضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الفرد في وقت كان فيه العراق غنيا ويقطر ذهبا، ورغم ما عانته هذه المجموعات من مطاردة مخابرات صدام ومخابرات العالم كله التي رشاها صدام بالملايين ، ورغم انها حوربت في رزقها وفي مستقبل ابناءها ، ورغم ان الايام اللاحقة برهنت على صحة نظرية هذه المجموعة والتي تنبأت بخراب العراق اللاحق فتتالت الهجرات اثناء الحرب الاولى والثانية ومازالت للآن مستمرة ، رغم كل ذلك نلاحظ ان هذه الفئة الشجاعة المكونة من يساريين و شيوعيين واسلاميين وقوميين كرد، لم تسلم من الاتهام بالعيش في فنادق النجوم الخمس، بل ومالبثت ان شملتها اجراءات اجتثاث المفوضية العليا" المستقلة" للانتخابات التي يبدو انها لم تسمع، ولم تستطع ان تتصور احدا عارض سلطة صدام وعاش بلا وثائق رسمية صالحة فلعبت بمشاعر واصوات عشرات الالاف منهم ضمن مساسل مخجل بدأ بمشروع استثنائهم من التصويت وانتهى بخداعهم في فضيحة الوثائق.
ورغم ان كل فرد من عراقيي الخارج كان في وقت ما ساهم بفاعلية باسناد اهله واقاربه واصدقاءه خلال فترة الحصار الفضيعة ، فسرعان مايتضح ان اضعف شئ لدى مواطني بلدهم هو الذاكرة التي نست كل مافات على مايبدو.
استوطن معظم هؤلاء العراقيين في دول اوربا وامريكا الشمالية، حصلت أغلبيتهم على جنسية البلدان التي سكنوها ، انخرطت اعداد متزايدة منهم في الحياة الانتاجية والاجتماعية لهذه البلدان، اتقن عدد كبير منهم لغات مواطنهم الجديدة، ولدت اجيالهم الجديدة بعيدا عن الوطن الام، وعاشت وسط قيم اخرى تماما ومع كل هذا جاهد عراقيو الخارج على تربية اولادهم وفقا للنموذج العراقي ، لغة واخلاقا وقيما اجتماعية ، الامل هو ان تنفرج الاوضاع وتزول الدكتاتورية فيتحقق حلم العودة للوطن، وسقطت الدكتاتورية واكتشف عراقيو الخارج ان وطنهم بدا بالابتعاد التدريجي " المدروس" عنهم ، فلكي يخفي الجهلة الذين سرقوا الدولة والمناصب الوظيفية والعلمية العليا حقيقتهم، عمدوا الى اثارة روح الشك بصدق وطنية عراقيي الخارج وتعطيل معادلة شهاداتهم العلمية والتعامل الخشن واللاحضاري معهم في دوائر الاقامة .
يمكن القول انه رغم الاختلاف الظاهري بميول ومشارب وانحدارات عراقيي الخارج فانهم في الجوهر موحدون بفعل تعرضهم لذات المشاكل، ولعل اول هدف يجمع عراقيي الخارج هو وجوب وجود برنامج عملي لتسهيل عودتهم ثانية ابتداءا بتمهيد الطريق لذلك عبر سن قوانين وتجاوز الاطر البيروقراطية التي تعرقل انجاز معاملاتهم ، ولكن السؤال هو من يشرع هذا القانون؟ ومن هو صاحب المصلحة في تشريع قانون كهذا؟ انهم عراقيو الخارج انفسهم ، والسؤال الان هو كيف يشرعونه؟ والجواب هو بفرض انفسهم كقوة كبيرة في البرلمان بعد ان يدخلون الانتخابات ككتلة واحدة لايمكن لاحد المتاجرة باحلامها، تصور معي كتلة واحدة من مليوني ناخب او اكثر وربما تصل في السنين القادمة الى ثلاثة ملايين من البشر!!
ماهي العوامل التي تربط اعضاء هذه الكتلة وماهي مصادر قوتها؟ ان اهم مايربط هذا الكم من البشر هو قناعاتهم بتقدم المجتمعات التي عاشوا فيها وتاثرهم بانظمة الضمان الاجتماعي والتعليمي والضمان الصحي واساليب عمل البلديات وادارة قطاع الخدمات والنقل والاسكان ، كما ستساهم الروابط التي تجمعهم بالمؤسسات العلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية في توفرهم على شبكة اسناد هائلة التاثير ،اضافة الى العامل الاهم وهو معايشتهم لمفردات الحياة الديموقراطية فعليا لا شعاراتيا، وبهذا ستقدم مجموعات مختصة مشاريع متكاملة لكل من هذه الانظمة بحيث يستطيع النائب الدفاع عن مشروعه بكل التفاصيل مستندا الى قناعاته المعززة بالوقائع. ان مجاميع الخارج هي الاكثر تجانسا في الاهداف من اية كتلة طائفية اخرى.
سيكون هذا الحزب ارفع الاحزاب مستوى حيث يجيد كل فرد فيه ثلاث لغات على الاقل ويزيد المستوى العلمي لنصف اعضاءه على البكالوريوس، وهذا مالايتوفر في اي مجلس محافظة عراقية بل ولا في مجلس النواب وغني عن القول الطابع اللا قومي واللاطائفي له، اما اذا افترضنا ان الاعضاء سيتبرعون بايرو واحد في الشهر لكل عضوفسوف لن تحل الانتخابات القادمة الا وفضائية عراقيي الخارج حقيقة تفرض نفسها على الجميع.
اعذروني ان كنت جنحت للخيال قليلا فتجاوزت الواقع وقفزت على معوقات معروفة لكنني لم اجد ازاء الطعنة التي وجهتها المفوضية المستقلة للانتخابات لالاف عراقيي الخارج، والاستخفاف بمواطنيتهم سوى الاشارة الى قوانا الكامنة والتي ، كما ارى، لامناص لنا من استخدامها في يوم ما لكي لانذوب في نسيج المجتمعات الاخرى ببطئ دون ان ندري.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فقدت زوجها بسبب إرهاب الأسد.. سوريون يتأملون الخسائر -التي ل
.. هل يقود طموح الجولاني سوريا إلى مرحلة جديدة من الفوضى؟ | #ال
.. كيف تحولت الحواجز العسكرية من مسميات الرعب إلى التعاون بين ا
.. نازحون من الفاشر وزمزم يترقبون شتاء قاسيا بلا مأوى
.. مراسل الجزيرة من داخل فرع فلسطين الأمني يرصد شهادات مروعة عن