الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفريضة الغائبة عرض وحوار وتقييم

ماهر فرغلى

2010 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية



بالتحديد فى فى سجن استقبال طرة قامت السلطات بتوزيع كتاب على المعتقلين السياسيين والمحبوسين على ذمة التنظيم الذى قتل الرئيس المصرى أنور السادات وهو كتاب الفريضة الغائبة عرض وحوار وتقييم للدكتور محمد عمارة , وقد قوبل هذا الإجراء بالرفض من غالبية المعتقلين نظراً لأن أمير التنظيم أو مايسمى بأمير السجن أمر الجميع بعدم قراءة هذا الكتاب أو أى كتاب تستهدف الدولة من خلاله مجابهة عمليات العنف التى بدأت بحادثة المنصة الشهيرة .
كانت هناك شكوك واضحة من قبل الجميع ناحية الدولة أو ناحية أى كتب توزع من خلالها لمناقشة أفكار التنظيمات الإسلامية الجهادية وبعد مرور سنوات طوال ومع حركة المراجعات الدؤوبة التى قامت بها الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامى كانت فتوى التتار ومفهوم الجهاد وضوابطه هو أهم مايميز هذه المراجعات وهو ماأعاد الفضل إلى مفاهيم وأبحاث وكتب منها كتاب الدكتور محمد عمارة الفريضة الغائبة عرض وحوار وتقييم وهو الكتاب الذى سنقوم بعرضه فى هذه الأسطر القليلة .

ميزات فكر الجماعة

يسوق الدكتور عمارة ميزات فكر الجماعة كما تبدت من المنطلقات التى وردت فى كتاب الفريضة الغائبة لمحمد عبد السلام فرج المتهم الأول فى اغتيال السادات فيقول أن فكر هذه الجماعة يصنفها ويضعها فى إطار الحركة الإسلامية الرافضة رفضاً تاماً وجذرياً للواقع الظالم والبائس الذى يحمل آثار الغزوة الاستعمارية الحديثة المتمثلة فى التغريب المناقض لهوية الأمة الحضارية وتلك فضيلة كبرى .

وسبيل هذه الجماعة لتحقيق أهدافها وهو الجهاد وهى بذلك تبعث من ترسانة أمتنا روح البسالة وقيم الاستشهاد وتسهم فى صرفه عن مهاوى التحلل والبلاهة .

هذه الجماعة لاتقول بتكفير جمهور الأمة وإنما توجه وصمة الكفر إلى الحكام الظلمة الذين يبدلون شرع الله وتلك فضيلة تمتاز بها عن جماعات الرفض الإسلامية التى تعزل نفسها عن المجتمع عندما تحكم بالكفر على جموع المسلمين .

لم تقدم الجماعة تصوراً محدداً لمعالم البديل الإسلامى الذى تدعو إليه وغياب ملامح البديل وإن كان يمثل نقصاً وسلبية إلا أنه فى مثل ظروفها قد يمثل ضرورة تساعد على تجميع الصفوف كما يترك الباب مفتوحاً للجتهادات المتعددة .

رغم النزوع السلفى النصوصى لدى هذه الجماعة والواضح من السلطان الطاغى لفكر بن تيمية إلا أن فكرها يفسح المجال للعقل والرأى والتطور.

وأخيراً فإن للشورى فى الجماعة أمر ملحوظ وتلك ميزة عن جماعات أخرى سقطت فى مستنقع الاستبداد الموروث والمحسوب خطأً على تاريخنا وإسلامنا السياسي وتلك كلها هى الميزات .

ملاحظات نقدية

والملاحظات النقدية التى ذكرها الدكتور عمارة منها ماهو جزئى مثل ركاكة الأسلوب وأخطاء التعبير التى تناثرت فى كتاب الفريضة الغائبة والتى لم تسلم منها المأثورات قرآناً وسنة وكذلك النقول من الفقهاء ومنها بعض الإستدلالات مثل أن الإسلام سيعم على كل البشر فى المستقبل مستدلاً بمأثورات تقول ببلوغ الإسلام المشرق والمغرب والمعروف أن لكل مكان مشرقه ومغربه وأن القرآن قطع بأن وجود أمم متعددة تتبع شرائع دينية سنة كونية ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة )

وفى الفريضة الغائبة يتحدث مؤلفه عن الياسق – قانون جنكيز خان – ويقول أنها أقل جرماً من القوانين الحالية وكأنه قرأها وعقد بينهما مقارنة .

ويتحدث عن آية السيف بأنها نسخت كل آيات الصبر والعفو , والجماعات عندما تدعو لجهاد الحكام تقيسهم على مانعى الزكاة وهؤلاء ليسوا بمشركين حتى نستشهد عليهم بآية السيف التى عمومها خاص بمن لهم هذه الصفات ذلك هو المنطق منطق الفقيه والوعى بآيات الله .

ومن أهم الملاحظات النقدية أن أصحاب هذا الفكر يستدلون على أن الكفر البواح المبيح خلع الأمراء والولاة هو المعاصى حيث يستدلون بعبارة القاضى عياض أن الإمامة لاتنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل رغم أن القاضى يميز بين كفر الوالى بعد إسلامه وبين تغييره للشرع وبين إتيانه للبدع ثم إن مهمة خلع الوالى هى فرض على الأمة فمن هى الأمة ؟

ويحذر د . عمارة من خطر الخلط بين الثورة التى تتوفر لها الإمكانات فتجعل أمرها ممكناً وبين هبات الرفض التى تسمى بالتمرد .

ويوضح الكتاب أمراً مهماً تحدثت عنه مراجعات الجماعات الأخيرة فى الفرق بين القتال والجهاد فالجهاد له معنى أوسع من الحرب والقتال .

ومن الملاحظات النقدية المهمة الاستدلال بقول بن تيمية بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلى حيث كلام بن تيمية كان عن الهاربين من التجنيد والذيم انضموا للتار وليس على الحكام .

فتوى التتار

إنها الفكرة المحورية التى استند عليها الفريضة الغائبة واستندت عليها كل جماعات العنف المسلح كما استند عليها تنظيم القاعدة مؤخراً بكفر كل حكام المسلمين وبوجوب قتالهم بالقياس بفتوى بن تيمية فى حكم قتال التتار الذين كانوا يحكمون ماردين , وهو خطأ جوهرى فى الاستدلال ينم عن نهج يحتاج إلى مراجعة كما قال الدكتور عمارة فى كتابه حتى يستقيم مع المنهج العلمى فى الاستدلال بالتراث .

ومن هنا يستدل الكتاب الذين نحن بصدده بقول المقريزى بأن المماليك كانوا يحكمون بالياسا التى حكم بها جنكيز خان ومع ذلك قال عنهم بن تيمية أنهم الطائفة المنصورة فحكم بن تيمية إنما لتعدى التتار وغاراتهم وغزوهم على بلاد اللمسلمين ومن هنا تصبح معايير الخطأ والصواب لاالكفر ولاالإيمان .

يقول الدكتور عمارة فى ص55 أن جميع أهل السنة ومنهم بن تيمية الذى تسترشد به جماعة الجهاد يتفقون على أن هذه القضايا من الفروع وهى سياسة المجتمع ونظم الحكم .

وينجح الدكتور عمارة حين ينقل فتوى التتار لابن تيمية كاملة وهى الفتوى التى تصف حال الأمة الإسلامية وقتها وتصف حال التتار الذين أفتى بكفرهم حيث أثبت أن كتب العمل المسلح قد نقلت هذه الفتوى ناقصة مما أدى إلى تحريف كبير فى كلام بن تيمية وإساءةً لفهم الفتوى .

وفى النهاية يعتبر هذا الكتاب من أهم تجارب الحوار مع الجماعات الإسلامية من أجل النقد وتصحيح المفاهيم بل ويعتبر الدكتور عمارة وكتابه أسبق بكثير من المراجعات الأخيرة حيث كان يأمل أن تنجح صفحاته فى تقديم نموذج للحوار المتحلى بأدب الإسلام والمتصف بموضوعية الذين يستشعرون خطر المفهوم الخاطىء للجهاد ولكن الجميع كانوا يصمون آذانهم ويغلقون أعينهم عن قراءة صفحاته حتى أثبتت التجربة صدق ماقال .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق