الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات التشريعيه في العراق وعملية التغيير

طلال احمد سعيد

2010 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لا احد يتجاهل اهمية العملية الانتخابيه العراقية التي جرت يوم 7-3-2010 غير انه سيكون من الخطأ الجزم بأنه بمجرد اجراء الانتخابات واعلان النتائج سوف يتحول العراق الى ساحة ديمقراطية خضراء , فالانتخابات بحد ذاتها ممارسة ديمقراطية غير انها لاتصنع نظاما ديمقراطيا وانما على الساسة العراقيين ان يثبتوا قدرتهم على بناء الدولة الديمقراطية التي تلتزم بالقانون وتحافظ على حقوق الانسان .
مما لاشك فيه ان المعركة الانتخابية عكست حراكا سياسيا محتدما هدفه الفوز بمراكز الحكم وكان شعار التغييرهو الاكثر طرحا وقد مثل القاسم المشترك بين شعارات القوائم المتنافسة والتغيير كلمة فضفاضة تحمل الكثير الا انها في المنظور السياسي تعني تغيير الوضع القائم قبل الانتخابات سواء على مستوى السلطتين التشريعيه والتنفيذية ام على مستوى رئاسة الدولة .
الانتخابات ممارسة ديمقراطية مهمة الا انها لايمكن ان تحتفظ ببريقها ان لم تشكل نقطة تحول اساسية في مسيرة الحكم في العراق الذي ظل مثقلا بالتيارات الطائفية ومقيدا بسلاسل المحاصصة القائمة , لذلك يجب ان يؤخذ في الحسبان بأن الوصول الى النهج الديمقراطي الصحيح يتطلب مزيدا من الوقت والعمل الدؤوب . والانتخابات الاخيرة جرت وفق مؤشرات سياسية جديدة اولها ابتعاد الاحزاب والكتل المتنافسة عن الشعارات الدينيه والمذهبية والتمسك بالشعارات الوطنيه كاطار عام لرسم معالم المعركة . بجانب ذلك دخل الانتخابات بقوة تيار مهم وفعال يحمل مفاهيم وطنيه وليبرالية وحقق نتائج متقدمة لم تكن متوقعه من قبل الكثير من المراقبين السياسين وعلى الرغم من تضاؤل الشعارات الدينيه والمذهبية وانتصار شعار المواطنه غير انه لايمكن تجاهل الحقيقة التي تؤكد بأن الكثير من الاصوات الانتخابية انطلقت من خنادق طائفية مازالت قائمة وفاعله والدليل على ذلك ماحصلت عليه قائمة ائتلاف دولة القانون وقائمة الائتلاف الوطني من اصوات في محافظات الجنوب حصرا امام خسارة واضحة في محافظات الشمال والغرب , لذلك فأن الحديث عن انحسار الطائفية يحمل في طياته تفاؤلا مبالغا فيه لايستند الى قاعدة حقيقية في المرحلة الحاليه لان الواقع يؤكد ان العراق مازال يعيش وسيبقى رهنا لتوجهات طائفية وقومية لفترة ما قد تطول او تقصر وهو مايضعف اثر الشعارات الوطنيه التي اطلقت في المعركة الانتخابية .
نحن نعتقد ان التغيرات القادمة سوف لن تكون جذرية بالرغم من حصول تقدم عام في العملية السياسية بمجملها فهناك قوائم فائزة بالانتخابات حسب النتائج الاولية ووفق السياقات الديمقراطية قد تكون هي المرشحة لتشكيل الحكومة القادمة وبالرغم من وجود مؤشرات عديدة عن ملابسات رافقت العملية بجملها وفي مقدمتها تحجيم مشاركة المواطنين العراقين في الخارج الذي حصل بفعل اخفاق المفوضية المستقلة للانتخابات في تنظيم وانجاز تلك العملية مما ادى الى حرمان عشرات الالاف من العراقيين من الادلاء باصواتهم والسبب يعود للقيود التي ضعتها المفوضية كاجراءات للتصويت وهي في جوهرها قيود لصالح قوائم معروفة تعلم مسبقا انها لن تحضى بتايد عراقيو الخارج .
ان تشكيل الحكومة القادمة من الائتلاف او الائتلافات الفائزة في الانتخابات سوف يبقي الواقع السياسي ضمن دائرة الشكوك في مدى النجاح الذي سيتحقق عندما نذكر ان تلك الائتلافات هي التي كانت تشكل الحكومة العراقية خلال السنوات الاربع السابقة . فالتنافس الانتخابي جرى وفق شعارات تنتقد اداء تلك الحكومات وتدعو الى تغييرها وكانهم في حقيقة الامر ينتقدون انفسهم وهذه ظاهرة نادرة الحصول ضمن التنافس الديمقراطي لان المقصر يجب ان يغادر الساحة ليفسح المجال امام قوى اخرى تنفذ برامج جديدة وتحقق اهدافا عجز عن تحقيقها من كان يحكم البلاد خلال الفترة السابقة .
من المؤلم ان نكتشف ان بعض المواطنين العراقيين اللذين ضلوا يعبرون عن تذمرهم من اداء مجلس النواب والحكومة السابقة عادوا ومنحوا اصواتهم لنفس تلك الجهات وهو ما يؤكد تدني الوعي السياسي من جهه وبقاء البعض ضمن دائرة الدفع الطائفي والاثني من جهه اخرى . ان التركة الثقيلة التي خلفتها تلك الحكومات والاخفاقات التي خرج بها مجلس النواب السابق لايمكن تلافيها عبر نفس الاشخاص والجهات التي ظلت ضمن دائرة الحكم والمسؤولية في تلك الفترة .
لعل من دواعي الانصاف والتفاؤل ان نقرر بان الواقع الذي افرزته الانتخابات الاخيرة ينعش الامال والمشاعر بان العراق يمضي نحو الاحسن من وجوه عديدة فان فوز القائمة العراقية بالمواقع المتقدمة هو مؤشر جيد فتلك القائمة تعبر عن اصطفافات جديدة للقوى السياسية الليبرالية كما هي بعين الوقت نقله نوعيه للواقع الذي كان يعيشه مجلس النواب السابق وقد بات من المؤكد ان تلعب القائمة العراقية دورا رائدا سواء على مستوى المجلس ام على مستوى الحكومة في معالجة ذلك الكم الهائل من المشاكل والاخفاقات وفي مقدمتها المشكلة الاقتصادية المعقدة فضلا عن ذلك فان العراقية سوف تكون ضامنا حقيقيا لتجاوز نظام المحاصصة البغيض بحكم تركيبتها المتنوعه التي تمثل الطيف العراقي تمثيلا صحيحا .
ان اتساع المشاركة الجماهيرة والتصويت من اجل التغيير سوف تكون من اهم نتائجة وجود عدد كبير من النواب الليبراليين مما سينعكس بشكل ايجابي على العملية السياسية في البلاد سواء ان دخل هؤلاء النواب في صفوف المعارضة او في صفوف الحكومة الجديدة .
ان المشاكل والمصاعب المعقدة المتراكمة والمتداخلة التي يعاني منها الشعب العراقي والتي حصلت بسبب تصرفات الحكم السابق او بسبب اخفاقات حكم مابعد 2003 ومنها الاداء السيء لمجلس النواب السابق كل تلك الامور تستدعي السرعه في ايجاد السبل الكفيلة للخروج من المازق الذي تمر به البلاد ونحن اذ نقدر بان حل المشاكل ليس بالامر الهين الا ان الرغبة والتصميم والاخلاص في العمل ووضع مصلحة الشعب فوق كل شي كفيل في رسم الطريق امام الحلول المطلوبة ومما لاشك فيه ان الشعب العراقي سيكول افضل رقيب على السلطة ونستبعد ان احدا سوف يغض الطرف عن اي تفريط في مصالح العراقيين ومستقبلهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف