الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يخلق الحاجة إلى برلمان وأدوات رقابة؟

يعقوب الساهي

2010 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


هو سؤال يجول في خاطري، فمن يتابع قضايا شعوب العالم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فسيلاحظ أن هناك دولاً ليس بها برلمان ولكنه سيجد في المقابل أن الشعب هناك يعيش برفاهية وترف، لدرجة أنه ليس بحاجة إلى مجلس وطني يتكلم عنه أو يمثله داخل مبنى البرلمان، لأن الشعب في هذه الدول ليس بحاجة ماسة إلى زيادة راتب أو علاوة زواج أو بدل سكن، فراتبه الدسم الذي يجنيه في آخر الشهر يغنيه عن كل تلك الأشياء، إضافة إلى أنه يمتلك أصلاً البيت الخاص والسيارة.
تلك الشعوب ينظر أفرادها إلى أن البرلمان وأدوات الرقابة النيابية ليست سوى مضيعة للوقت ذلك أن الغرض من وجود البرلمان هو لترقية الشعب وتلبية احتياجاته كافة، وغرض الرقابة النيابية هو التدقيق في ممتلكات الدول والأفراد والحد من ظاهرة الاختلاس أو سرقة المال العام، فإنْ كانت الشعوب المرفهة قد حصلت على المال والترف فإنها تكون بذلك قد اختصرت الطريق إلى نيل جميع ما يسعى البرلمان إلى رميه على الشعب.
في المقابل، هناك دول يتقاتل أفرادها من أجل دخول الانتخابات والفوز بها، ليس من أجل سواد عيون الشعب، بل من أجل الألوف التي سيجنيها النواب والعلاوات التي ستقدم لهم على صحن من ذهب في نهاية الشهر، سواء تكلموا أم صمتوا داخل البرلمان.
لذلك يمكننا أن نلاحظ أن العيش الرغيد له علاقة عكسية مع مدى أهمية وجود البرلمان، فكلما كان الشعب يعيش برفاهية كلما قلّت حاجته إلى وجود من يمثله داخل البرلمان، غير أننا لا نلغي أهمية وجود أدوات الرقابة والمحاسبة حتى في أكثر الدول غنى أو أكثر الشعوب رفاهية، فمثلاً نرى أن فنلندا تعد واحدة من أرقى الدول الأوروبية، وشعبها من أكثر الشعوب رفاهية، إلا أنها لا تلغي وجود أحزاب ورقابة برلمانية ومحاسبة، ولو لضمان سير العجلة الديمقراطية وتعميم الشفافية وضمان براءة الذمم المالية، إضافة إلى محاسبة الوزراء وكبيرهم وكل من يشغل منصب حكومي مهم وله علاقة مباشرة بالمال العام، ليضمن جميع المواطنين عدم إهدار أو سرقة حقوقهم، ومن جانب آخر حتى تبقى عين الرقابة منفتحة على كل من قد تسوّل له نفسه العبث بما ليس له.
كما أن هنالك شعوباً تعاني وتناضل وقد تموت من أجل توصيل طلباتها للحكومة عن طريق نوابها وكأن هذه الشعوب تتسوّل من أجل حفنة من الدنانير أو العيش الكريم، ما يتسبب في ضياع قضايا أهم من ذلك بكثير تستحق مناقشتها فعلاً داخل البرلمان، إضافة إلى إفلات المخالفين من المحاسبة والمساءلة داخل البرلمان.
وفي النهاية نقول إن حكومات الدول هي المسؤول عن خلق البرلمان والرقابة من عدمه، فكلما زادت رفاهية الشعب، كلما غض الشعب نظره عما يحدث من مخالفات يكون أبطالها بعض المتنفذين داخل هذه الدول، وكما يقول المثل الشعبي «عط الخباز خبزه ولو أكل نصّه» نقول نحن «اعطوا الشعب حقه ولو أكل نصفه».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي


.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي




.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف حرب إسرائيل على


.. ما الذي حققته زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية في مفاوضات وق




.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب