الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في (همس الدراويش) لصالح جبار

صالح جبار محمد

2010 / 3 / 21
الادب والفن



أحدى وعشرون قصة جمعها الكاتب مستيقظا على همس جنوني غير مرئي نادرا ما يكون مألوفا. أن الاسم الذي أطلقه على مجموعته (همس الدراويش) أراد به ان يؤطر جدران قصصه وثبت قدرته البديهية العاملة على لفت الأنتباه نحو العنوان.
ومن خلال هذه القراءة يظهر أن الكاتب أوهم نفسه بالهمس المجرد من العاطفة فأستيقظ على صخب الدراويش الذين صبوا الضجيج في كل فراغ..
لكن صالح جبار محمد يبدو معتدلا رغم لباسه الديني في أصول الطقوس وقيمها.. فقد أستهل مجموعته بقصة (الشيخوخة) التي تعتبر مكملة للاطار العام الذي كلل بالعنوان المذكور للمجموعة. بقصد التذكير ان الانسان ما هو الا كائن ماض الى الزوال فلا استمرار بعد هذه المرحلة في فضاء الحياة والبقاءالدائم للخالق فقط.
لكنه يفتح نافذة للتأمل والرؤيا الخارقة والبصيرة الناضجة والتعامل العفوي للمستقبل بروح نابضة بالحياة.
ثم يزحف بنا من الدين الى المجتمع فيضع في عالم النساء (خديجة) التي أتخذها رمزا لكل أمرأة وأراد ان يغور في خوالج النساء ليطرق مكامن منطوية تحت مطرقة الحرمان ويعطي تحليلا سايكولوجيا للمرأة وهي تصارع تقلبات الطبيعة والمجتمع فيبعث بالقارىء العاطفة المشدودة نحو المرأة لغرض حمايتها من قساوة الحياة وأضطرابها.
ويقفز الكاتب بنا الى الطبيعة التي وهبها الله سبحانه وتعالى حتى يغنينا من نعمه.. كما هو الحال في (نخلة) التي ميزها صالح بأنها عمته.. أنها صورة أيحائية تعود الى خلفية التراث المتوارث في مجتمعنا العريق واهتمامه بالثروة وحب التعبير.
أن كاتب القصة والمقصود هو (صالح جبار محمد) كان متأثرا الى حد كبير بالواعز الديني الذي يظهر في أغلب قصصه وهذه رغم كثافتها لايبدو منغلقا على ذاته.. بل أستطاع أن يلون الأحداث وينقل القارىء من صورة الى أخرى محافظا على السلوك العام الذي يقصد به الدين كأسلوب هادىء للتخلص من ألأثم والألم..
القصص في أكثرها مباشرة سائحة في واقعه الشخصي والطبيعي. لذا فأن دوافع الكاتب واضحة وبارزة في أغلب قصصه..
لكن القارىء يدرك الدواخل الذاتية للقاص بأنه يريد أن يقول شيئا ما.. غير ذلك المقصود.. وهذا أستنباط يطفو من بين بعض الجمل والمفردات المتوترة والمرتبكة بعض الشيء بسبب تشنج الكاتب في كثير من العبارات التي بناها بشكل تحذيري الهدف منها خلق سلسة متينة من ألأرتباط بالعامل الروحي المعتدل..
الا ان اللغة التي اعتمدها (صالح) في السرد كانت مختزلة لم تأخذ شكلا نثريا يرسم الحدث بصورة شعرية منثورة وذلك لغرض اعطاء الفعل اكثر رواجا من السرد المهني الذي يثير الملل عند القارىء.. وهذا دليل ذكاء الكاتب الذي يتعامل مع سرعة الأيقاع في القصة..
البناء الفني أعتمد أسلوب (التدرج بالحدث) لغرض سبك الفكرة التي هي النواة لكل الأحداث التي تدور في القصة لأجل الوصول الى الحدث ألأسمى وهو القمة (بالفعل).
الا ان التحليل العام الداخل في القصة يصور (الفعل) ضعيفا تنقصه المعالجة.. ومثال ذلك في قصة (اللص) لم أجد فعلا مغايرا لما حدث للمرأة أو زوجها الذي هو (لص) أيضا.
اذن لابد ان تعتمد القصة فعلا سلبيا والاخر ايجابيا كي نشعر بالتطهير الداخلي للنفس الانسانية وهو العلاج اللازم للتطهير.. أن القاص كان متواطئا مع نفسه لامع النص الذي يكتبه وهذا الاسلوب هو خروج الكاتب عن المألوف أنه يترك الفعل والحدث والصورة ايضا في ذاته لافي ذات القارئ.
ان كاتب القصة مدان في كل الاحوال ولاغريب ان يتبارى مع أقرانه من كتاب القصة أمثال القاص أحمد البياتي وسعد السوداني وكريم حسن مراد... الخ أنهم يشكلون حلقة تؤطر قصصهم من الداخل دون المرور على الشكل العام لأنهم يضعون ألافتراضات مع الحدث وترك المعالجة طليقة..
أن العصر الحديث هو في العقل الانساني المتطور والمتطلع الى اوسع الأفاق لذا فأننا نجد القصة في الأدب تتجه نحو الأيحاء متخلية عن ثوبها القديم المباشر الذي يقلل من أهمية القصة ولأن الاصدارات الحديثة واضح فيها قوة الأيحاء بفاعلية أكثر ومشوقة.
أنا لا أريد أن أضع كتابنا أمام صورة غير صورتهم فهم واضحون في كتاباتهم ونتاجاتهم الأدبية ولهم تجاربهم الخاصة في مجالات الأدب الواسعة لكن أؤكد أنهم منفتحون أكثر من غيرهم ممن يعاصرهم الأن.
أذا لايمكن أن تكون القصة نابضة بأسلوب وسلوك حياة متطورة ثرية بالمعاني المكونة للصورة القصصية التي طالما أحرجت الناقد علوان السلمان.. الذي راح متعاطفا مع أصحاب القصة التفاعلية (Inteativestory) وهو منهم اذ يعتبرها أكثر وقعا من القصة الاعتيادية أو القصة المتواطئة..
أن مجموعة صالح جبار محمد (همس الدراويش) فيها بعض من قصصه مستوحاة من واقعه الشخصي وخزينه الذاتي الذي أرخ له الكثير من الأحداث والأفكار التي تخدم أسلوبه في الكتابة.
من الضروري أن يتخلص كل كاتب من وطأة الذات وينفلت بأتجاه أكثر سعة من هذه الصورة التي رسمها كاتبنا في خياله ليكون حوله هالة روحية قاتمة بأشكال مختلفة وبناءات فكرية متناقضة.
الا أن صالح جدير في بناء أسس جديدة في فن القصة القصيرة هو وأقرانه.. وواضح في ذلك أذ ختم مجموعته بعد أن قطع شوطا كبيرا في مد الجسور بقصة فراشة من نور.. ولا أشك أن هذا النظام الذي أتبعه من البداية الى النهاية كان صدفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حب واعتزاز
عباس جبر ( 2010 / 3 / 21 - 19:12 )
الى الاستاذ صالح جبار نحن نثمن نشاطك الدؤوب في عالم القصة والقصة القصيرة وماخطه قلمك الرشيق في بناء القصة الحديثة ومحاولاتك الجادة في ايجاد عوالم جديدة واقاق مستحدثة في القصى القصيرة ، واننا اذ كنا متابعين لاعمالك مجد فيها نضوجا واضحا عن بواكير اعمالك ، لكن السؤال عن هذا الموضوع النقدي هل لصالح جبار ام لصالح جبار محمد ام كلاهما شخص واحد وشكرا

اخر الافلام

.. -رفعت عيني للسما- أول فيلم مصري يحصد جائزة العين الذهبية بمه


.. اسئلة متوقعة وشاملة في اللغة الإيطالية لطلاب الثانوية العامة




.. طرح البوستر الرسمى لفيلم عصابة الماكس تمهيدا لعرضه فى عيد ال


.. أكاديمية زادك.. أول صرح تعليمي لفنون الطهي في السعودية




.. الفنان ويل سميث يتحدث لصباح العربية عن ردود الأفعال على زيار