الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتنياهو .. و رهان تغيير أوباما

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2010 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


حمل أوباما منذ ترشحه باسم الحزب الديمقراطي شعار التغيير؛ و قد حاز على ثقة الأمريكيين بناء على هذا الشعار؛ كما حصل على ثقة العالم؛ شرقا و غربا بناء على نفس الشعار. خصوصا و أن الرئيس الأمريكي الجديد تقلد كرسي البيت الأبيض؛ خلال مرحلة حرجة؛ قاد خلالها سلفه جورج بوش الولايات المتحدة؛ في حروب مدمرة ضد العالم الإسلامي؛ سواء في العراق أو في أفغانستان .
من هذا المنظور؛ حمل باراك اوباما شعار التغيير؛ في علاقة أمريكا بالعالم الإسلامي؛ و كان خطاب القاهرة يبشر بمرحلة جديدة؛ تقوم على معايير مغايرة لتلك التي تحكمت في الإدارة الجمهورية؛ و ذلك بهدف إعادة التوازن المفقود بين الولايات المتحدة و العالم الإسلامي .
لكن السؤال الذي يطرح على كل متتبع للسياسة الخارجية الأمريكية؛ بعد مرور السنة الأولى؛ من العمر الرئاسي لباراك أوباما؛ هو ما مدى تحقق هذا الشعار على أرض الواقع ؟ و هل استطاع أوباما تجسيد شعار التغيير في علاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي ؟
إن الجواب الواضح –طبعا- هو أن أوباما لحد الساعة؛ ما يزال مستمرا في تنفيذ الأجندة الجمهورية/البوشية؛ سواء في أفغانستان؛ أو في العراق؛ أو في فلسطين. ففي أفغانستان؛ يتبع أوباما سياسة القبضة الحديدة؛ في مواجهة حركة طالبان؛ و يذهب ضحية هذه القبضة الحديدية آلاف المدنيين؛ قتلا و تشريدا؛ أما طالبان فإنها تستفيد من هذا الوضع العسكري؛ و تعمل على تجييش الشعب الأفغاني ضد الاحتلال الأمريكي.
أما في العراق؛ فالذي يبدو واضحا هو السير على خط تكريس الانقسام الطائفي بين العراقيين؛ لإضعاف الصوت العراقي الموحد؛ في مخاطبة الولايات المتحدة؛ كما أن الانسحاب الأمريكي من العراق؛ و الذي كان جزءا أساسيا من شعار التغيير الأوبامي؛ فلا تبدو في الأفق القريب بوادر هذا الانسحاب.
لكن ما نريد التوقف عنده بشكل خاص؛ هو الملف الفلسطيني؛ الذي عرف انهيارا متتاليا؛ في عهد رئيس التغيير؛ أكثر مما عرفه في العهود السابقة؛ فقد تحكمت الحكومة اليمينية المتطرفة في زمام المبادرة؛ و ضاعفت نسبة الاستيطان؛ بشكل لافت؛ في تحد لجميع القرارات الدولية؛ و في تحد واضح لرؤية أوباما؛ لحل الصراع العربي الإسرائيلي. و في كل مرة؛ كان اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو؛ يتحدى الإدارة الأمريكية؛ و يعلن عن قرارات مستفزة؛ لا تلتزم أبسط شروط الدبلوماسية.
لكن رد الرئيس الأمريكي في كل مرة؛ كان بعيدا كل البعد عن الرؤية الجديدة؛ التي خطها لحل الصراع؛ و كان يكرس الخيبة في إيجاد حل قريب. فقد بدا واضحا أن نتنياهو أصبح يصول و يجول بلا رقيب؛ و لا يهمه سوى إرضاء اليمين الصهيوني المتطرف .
لقد أبدى أوباما في غير ما مرة؛ ضعفا كبيرا في مواجهة تطرف نتنياهو؛ و كان في كل مرة يتنازل بلا حدود؛ فقد فرض في البداية على نتنياهو وقف الاستيطان؛ كشرط أساسي لتدشين المفاوضات؛ لكنه رضخ لقرارات نتنياهو؛ و قبل باستمرارية استيطان محدود –بالتعبير الإسرائيلي- لكن ما لم يكن ينتظره باراك أوباما و إدارته؛ هو أن يستقبل نتنياهو؛ نائب الرئيس جوزيف بايدن؛ بالإعلان عن وحدات استيطانية جديدة؛ في القدس المحتلة؛ ضمن الخطة اليمينية المتطرف؛ التي تسعى إلى تحقيق اكتساح استيطاني لمدينة القدس؛ لوأد جميع المبادرات؛ التي يمكنها أن تقسم القدس بين الفلسطينيين و الإسرائيليين . و هذا آخر ما كان ينتظره باراك أوباما و إدارته.
لقد ثارت ثائرة أوباما و إدارته بعد هذا القرار؛ و تحدث المتتبعون عن توتر في العلاقة بين الولايات المتحدة و إسرائيل؛ لكن الأمر لم يتجاوز زوبعة في فنجان؛ و تبدى لكل المتتبعين؛ أنهم كانوا يتابعون مشهدا مسرحيا؛ غاية في الخيال .
فقد عاد أوباما و عادت معه وزيرة خارجيته و نائبه؛ و أكدوا لنتنياهوا؛ أنهم فقط كانوا يمازحونه؛ فلا داعي للقلق؛ لان الدعم الأمريكي اللامحدود للكيان الصهيوني؛ لن يتراجع؛ و إسرائيل رغم التطرف و الإجرام و العجرفة؛ ستظل الحليف الاستراتيجي؛ تشترك مع الولايات المتحدة؛ في قيم القتل و العدوان اللامحدود .
إننا ننتظر من السيد باراك أوباما؛ أن يخرج على الملأ؛ و يعلن بالفصيح المباشر؛ أن إدارته تقدم و ستقدم دعما لا محدودا للكيان الصهيوني؛ و لن تعارض أي قرار يقدم عليه نتنياهو؛ ما دام سيعوض بتنازلات عربية لا محدودة .
و بهذا الصنيع سيريحنا السيد الرئيس و سيريح نفسه من هذا الحمل الثقيل؛ أما و أن يحول أوباما قضية العرب و المسلمين الأولى؛ إلى بضاعة معروضة في سوق النخاسة؛ فهذا ما يتناقض مع جميع الشعارات التي حملها؛ منذ توليه كرسي الرئاسة في البيت الأبيض.
إن الواضح إلى حدود الآن؛ هو أن بطل التغيير؛ الذي نجح في مهمة التغيير؛ ليس أوباما؛ و لكنه نتنياهو؛ الذي نجح في تغيير باراك أوباما؛ من خلال تغيير شعار التغيير نفسه؛ فقد أتقن نتنياهو اللعب على الأوتار الحساسة للقرار السياسي الأمريكي؛ داخليا و خارجيا؛ و استطاع أكثر من مرة أن يتحكم في خيوط هذا القرار؛ أكثر من أوباما نفسه .

و ذلك في شراكة مباشرة مع اللوبي الصهيوني؛ المتحكم في صناعة القرار الأمريكي؛ هذا اللوبي؛ الذي كان يقدم خدماته في كل مرة لنتنياهو؛ و على طابق من ذهب؛ و لذلك فقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يقدم على خطواته المستفزة؛ و هو متأكد من النجاح؛ لأن أوباما انفرطت من بين يديه خيوط اللعبة؛ و لا يمكنه أن يقدم على أي قرار يمس المصالح الصهيونية؛ لأنه ببساطة يخاف على اختلال التوازنات القائمة داخيا؛ و التي هو في أمس الحاجة إليها لتمرير قرارات سياسيبة داخلية (ملف التغطية الصحية مثلا) .
إن الواضح الآن و بجلاء؛ هو أن أوباما؛ يتنازل تدريجيا عن الكثير من الشعارات التي رفعها؛ و هذا ما يهدد مشروعه الانتخابي في العمق؛ و خصوصا على مستوى السياسة الخارجية؛ حيث لم يستطع لحدود الآن تحريك أي ملف من الملفات الشائكة التي تركها جورج بوش؛ و لعل هذا هو ما يجعل أوباما نسخة باهتة من سلفه جورج بوش؛ و ذلك رغم الشعارات المرفوعة .
و ما يجب على باراك أوبا الوعي به قبل فوات الأوان؛ هو أن قضايا الشرق الأوسط؛ تعتبر مفتاح النجاح أو الفشل للسياسة الخارجية الأمريكي؛ و ضمن هذه القضايا؛ تحضر القضية الفلسطينية كمحور أساسي؛ يمكنه أن يتحكم في التوازنات القائمة في المنطقة .
و من دون هذا الوعي؛ ستعيش السياسة الخارجية الأمريكية؛ طيلة السنوات القادمة على إيقاع الفشل؛ حيث سيتضاعف التطرف؛ و ستتطور قوى الممانعة و المقاومة؛ كرد فعل على الهمجية الصهيونية؛ التي لا تحترم أبسط القرارات الأممية؛ و كرد فعل –كذلك- على الدعم الأعمى الذي تقدمه الولايات المتحدة لكيان إجرامي خطير؛ يهدد البشر و الحجر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة الأردنية تقر نظاما يحد من مدة الإجازات بدون راتب لمو


.. حرب غزة.. هل يجد ما ورد في خطاب بايدن طريقه إلى التطبيق العم




.. حملة ترامب تجمع 53 مليون دولار من التبرعات عقب قرار إدانته ف


.. علاء #مبارك يهاجم #محمد_صلاح بسبب #غزة #سوشال_سكاي




.. عبر الخريطة التفاعلية.. كيف وقع كمين جباليا؟