الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبب آخر للاعتذار

بسام الهلسه

2010 / 3 / 24
سيرة ذاتية


* قبل مدة, اتصل بي المُعدُّ والمذيع في قناة الجزيرة الأستاذ "علي الظفيري" ليدعوني للمشاركة في البرنامج الذي يعده ويديره: "في العمق"، كضيف في الاستديو في العاصمة القطرية، الدوحة. وفي سياق الحديث, ذكر لي أن أصدقاء مشتركين قد أعطوه رقم هاتفي ونصحوه بدعوتي.
شكرت للداعي لطفه وحسن ظنه بي، واعتذرت له عن المشاركة لإنشغالي هذه الفترة بما يمنعني من السفر أو حتى المشاركة من خلال استوديو محلي.
* * *
كنت أعرف بالطبع السبب الآخر الذي يمنعني من المشاركة، والذي جعلني، خلال الفترة الماضية، أعتذر عن تلبية معظم الدعوات التي تردني سواء كانت من جهات محلية أو عربية.
هذا السبب, هو عزوفي عن الرغبة في الكلام ـ في السياسة خاصةـ وعن الرغبة في التواصل الموسع مع الآخرين الذي تفرضه بحكم طبيعتها، الملتقيات والندوات.
وفي الحقيقة لا أعرف سبباً محدداً لهذا العزوف..
قد يكون الملل الناتج عن كثرة الندوات واللقاءات والمناقشات والأسفار التي شاركت فيها خلال فترات سابقة من حياتي, وقد يكون الميل المتزايد لديَّ لمنح الشؤون الفكرية والثقافية اهتماماً أكبر, وقد يكون نفوري من أساليب معظم السياسيين والإعلاميين الاحترافية الصاخبة، التي تبدو لي مبرمجة بشكل وظيفي موجه، لا يتلاءم مع طبيعتي الهادئة الخجولة التي تحتفي بالمعرفة أولاً، وليس تصيّد المواقف وتسجيلها، حتى ضد من يمكن أن يكونوا خصوماً في آرائهم.
* * *
قد يبدو هذا الكلام غريباً لمن يقرأ مقالاتي التي تتسم بطابع سجالي غاضب أحياناً، أو بروح ساخرة أحياناً أُخرى.. وهو ما يبدو لي أنا نفسي غريباً أيضاً. ربما يكون مصدره رغبة داخلية مبهمة لديَّ بالتعويض، أو ربما هي طبيعة الإنسان المتعددة المستويات والأساليب والمشاعر. وحينما أستعيد سنوات عمري السابقة, أتذكر بوضوح أنني كنت أكثر جرأة، مع أنني كنت أراجع نفسي باستمرار، أما الآن فإنني أكثر تساؤلاً وتدقيقاً فيما أقوله وأفعله، أو فيما أسمعه أو أقرؤه أو أراه.
ولا يتعلق الأمر بنضوج التجربة والخبرة بحكم السنين كما يظهر أول وهلة، بل بسبب التحولات السياسية والاجتماعية والفكرية التي شهِدْتُها وعاينتُها عن قرب أو متابعة، وبسبب بنيتي الذهنية التي كانت دائماً منفتحة مشرعة على كل التيارات، فلم تَحُلْ قناعاتي المتكونة دون التعرّف على آراء الآخرين مهما كانت مغايرة. ورغم هذا لم تتزعزع الثوابت الأساسية في وعيي، وإن كانت قد نمت واغتنت.
أقول هذا, وفي ذهني أسماء آخرين ممن انقلبوا على ما كانوه ذات يوم، أو تخلّوا تماماً عن كل اهتمام بالشؤون العامة لينصرفوا إلى حياة عائلية ومهنية فقط. ولا أذكر ما ذكرت من باب تسجيل المواقف الذي لا يرِدُ لي ببال، بل على سبيل رصد التحولات، والتحديات الصعبة، والانكسارات، والتراجعات, وما تفعله بالبشر.
* * *
لو توفر لي الوقت والمزاج، لفضلت صياغة ما خَبِرتُه وعاينتُه في رواية، فهي الشكل الأنسب كما أظن لاستيعاب التجارب والمراحل والتعبير عنها بعمق وشمول. وإذا ما قدِّر لي يوماً أن اكتب رواية، فستكون عن جيلٍ خاض الحياة العربية بقوة برؤى واقتراحات تغيير، ورغم أنه عجز عن تحقيق إرادته، إلا أن آماله ودعواه ما زالت معافاة تدُلُ على الطريق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو