الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا انتم ؟!

عزيز العراقي

2010 / 3 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



التهريج الذي ارتفع في الأيام الأخيرة حول عدم إمكانية ترشيح أياد علاوي لمنصب رئيس الوزراء لكون والدته لبنانية , وان احد مواد الدستور تقر بأن المرشح لهذا المنصب أو لرئاسة الجمهورية يجب أن يكون من أبوين عراقيين , يذكرنا بالتاجر المفلس الذي يبحث في دفاتره القديمة, عسى أن يحصل على بعض الديون التي يعتقد إنها ستعوضه عن خسارته الكبيرة , وكأن ترشيح علاوي او عدمه هي المشكلة التي يدور الصراع حولها . وهذا تسطيح يدلل على سذاجة الربان في فقدان بوصلة الصراع في أحسن الأحوال , ان لم يكن الضحك على عقول العراقيين وصرف انتباههم عن فشل القيادات الشيعية في إدارة الدولة , وإلقاء تبعة خسارة الانتخابات على (العاصفة البعثية) المدعومة من الأمريكان , مثلما خدع الكثيرون في الدعاية الانتخابية التي صورت الصراع على انه بين الجماهير الشيعية المظلومة التي تمثلها قائمة رئيس الوزراء والحكيم , وبين البعث بهيكله الصدامي المقبور , والذي يتربص بهذه الجماهير خلف باب الانتخابات , وسينتقم مثلما انتقم منها بعد فشل الانتفاضة عام 1991 , والمتمثل بقائمة علاوي .

لا احد ينكر أن علاوي ليس بعثيا , ولا هو ينكر ذلك أيضا . ولكنه عاد إلى العراق ليس بمشروع بعثي , بل احد أوجه المشروع الأمريكي , والأمريكان لن يجدوا أفضل منه كواجهة لهم , وهم يدركون ان البعث أفضل من خدمهم في العراق , منذ الإطاحة بالزعيم الوطني عبد الكريم قاسم ولحد الآن . وعلاوي يمتلك الاخلاق البعثية التي تربى عليها منذ بداية حياته , فهو شخصية مغامرة وجريئة , وتضمحل كل القيم الوطنية والقومية أمام رغبته في تحقيق طموحاته الشخصية . وعندما انفض عنه الشيوعيون والديمقراطيون , وتركوا القائمة العراقية كان بسبب كشفهم حقيقة هذا التوجه , وتنكره للنهوض بالمشروع الوطني الحقيقي الذي تبنته القائمة العراقية عند تشكيلها , وشكل ضربة كبيرة للمشروع الوطني الوليد .

يميل الاعتقاد على ان الأمريكان بعد ان راقبوا منع وسائل النهوض للمشروع الوطني , تركوا الحبل للقوى الشيعية المحسوبة ( اصلا ) على المشروع الإيراني , لتصول وتجول في حكم العراق , وهم يدركون جيدا إنهم سيضيعون في حدود المكاسب الشخصية والحزبية , وستبقى هذه القوى مشدودة للتهويل في تلبية احتياجات جذورها الطائفية , مثل المسيرات الراجلة لقبور ألائمة , وتعتبرها السياج الواقي للاحتفاظ بالسلطة . وتركوا إعادة بناء الدولة , وتلبية احتياجات الجماهير الآنية والمتعلقة بالمعيشة اليومية , وانشغلوا بالصراع في توسيع النفوذ والسلطة وكسب المال الحرام , وانتشر الفساد في سابقة قل نظيرها في جميع دول العالم . ولتشكل مئات الهيئات التحقيقية , ويحتفظ الأمريكان بنتائج هذه التحقيقات , لاستخدامها ضد كل من سيرفع صوته ضدهم في المرحلة الجديدة , التي سيتوضح فيها الطريق الأمريكي للمسيرة العراقية . القوى الشيعية ليست حزبا واحدا , ولكنها في نفس الوقت انضوت جميعها تحت العباءة الطائفية , ومن الصعوبة التمييز بين من ركس بالكامل في الوحل الإيراني الذي غذى الطائفية , وبين الرافضين للمشروع (القومي) الإيراني باسم هذه الطائفية .

وعودة لحسابات التاجر الخاسر, فأن الأمريكان لا يشكل علاوي بالنسبة أليهم الوجه الأوحد , بقدر ما يهمهم ( انتصار ) القائمة العراقية , ومشروعها الواضح للوقوف بوجه المشروع الإيراني لصالح المشروع الأمريكي , تحت صراخ البعثيين والقوميين بإيقاف الزحف الفارسي . وقد خدمهم استباحة النظام الإيراني للمقدرات العراقية , وتواطأ مكشوف او ( تغليس )من قبل الأحزاب الشيعية . وبغض النظر عن الشوشرة الحالية , والرفض والرفض المضاد لنتائج الانتخابات , فان النتيجة ستتجه لتثبيت فشل رجال المشروع الشيعي (الإيراني ) , واستحواذ رجال المشروع الأمريكي على زمام السلطة . ومن الآن ترى الكثير من الزعماء الشيعة اخذوا يتمسحون بزعامات المشروع الأمريكي , والزعامات الكردية , للاحتفاظ , او للحصول على جزء من كعكة السلطة التي اخذوا يستوعبون خسارتها , وحالهم حال البعثيين والسنة قبل ثلاث سنوات .

العراقيون , والشيعة بالذات , الذين حكمتم العراق باسمهم طيلة السبع سنوات الماضية , يسألون : ماذا حصلوا ؟ غير استمرار الشقاء والعذاب . لقد جئتم مع الأمريكان حالكم حال الجميع , ومنحتم الفرصة التي لم تكونوا تحلموا بها , وأطلقت يدكم في كل شئ , وموارد مالية لا يتخيلها العقل , وواردات النفط , ومساعدات أعمار العراق الأمريكية , وموارد العتبات المقدسة والمرجعية التي لم تبخل عليكم بشئ , وبمجموعها تكفي لإعادة بناء عشرة دول بحجم العراق , والذي صرف للعراق لا يتجاوز الواحد في الألف , فأين ذهبت كل هذه المبالغ , وما هي النتيجة ؟! بعثي كما تقولون انتم يفوز عليكم , وشخص بالتاريخ المعروف لأياد علاوي يعلن إفلاسكم . وليس جميع الذين صوتوا لعلاوي من البعثيين , بل من العراقيين والشيعة الذين يريدون ان يتخلصوا من فشلكم , وهم يدركون ان مرحلة الانتقال ان بقيت عليكم ستطول الى مالا نهاية . فلا انتم استطعتم ان تبنوا المشروع الوطني , بل زدتم في تمزيقه . ولم تتمكنوا من خلق الثقة مع الأمريكان , بل زدتم في شكوكهم . ولا انتم ارتميتم بالحضن الايراني كاملا لكي يكونوا ظهيركم رغم وضعهم الميئوس منه . فماذا انتم ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما قلت الا الحق
كنعان ( 2010 / 3 / 25 - 04:04 )
أطيب تحية للاخ الكاتب المحترم وتحليله الواقعى فأذا تصورنا الحكومة فريق كرة قدم ورئيس الوزراء الكابتن فماذا نقول عن هذا الفريق الذى لم يسجل هدفأ
واحدأ بل التهى عن اللعب الذي يتوجب ان يكون من القلب بنهب ملايين الدولارات التى كانت تنهال على الملعب ؟؟ ومعلوم المقصود بالملعب هو
الساحة العراقية كلها بالله عليكم هل يلام الجمهور لو لم يعيد انتخاب هذا
الفريق الذي فشل في كل شىء
دعوا فريقأ جديدأ يدير البلد وسيحكم الشعب على هذا الفريق بعد أربع
سنوات من خلال تحقيق الوعود الانتخابية وقد يركل الفريق الجديد ويعيد
الكابتن القديم

اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف