الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسباب الحقيقية لتراجع الليبرليين في العراق

باسم عبد العباس الجنابي

2010 / 3 / 25
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


إن انكفاء اليسار والقوى العلمانية في الانتخابات العراقية جاء لعوامل تمر بها الانسانية في ظرفها التاريخي نتيجة إنهيار نظرية القطبين ،وما أفرزه صراع القطب الواحد الذي سخر كافة أسلحته الثقافية والاقتصادية والعسكرية والاعلامية ضد التطرف الاسلامي،وفي ظل الجهل والأمية في العالم الثالث ،وانعدام البنية الانتاجية وقلة رؤوس الأموال،والانحطاط الفكري والعلمي، تصاعد الحس الغيبي،الذي شكلته منظمة الخرافة والعنف في تلك المجتمعات،والتي استغلت كافة أشكال إرثها وما استخدمته من محبطات نهضوية،ووسائل قمعية ،شلت فيها فرص تفكيك منظومتها المقيدة للحريات،وهذه اليوم تستعمل تابوت الوهم في عزائها للدفاع عن مصالحها ووجودها المغالط لوقائع تحرر الأمم من قبضة سدة هياكل الخراب والدمار،المتمثل في عزل الإنسان وتضييق الحصار المستمر لأي تطور قد يحصل،ومعلوم أن الأمم في عصر النهضة قد حققت العديد من المكتسبات الخلاقة،بدأ معها ينمو الإنسان ويستقل برؤيته معتمدا على المفكرين الذين أنجبتهم خلال عصر التنوير،فأنطلقوا يشيدون معالم دول مدنية أبهرتنا بمنجزاتها العلمية والتقنية بكافة ألوان النشاط العام،ولما كنا نجتر إجترارا من تقدمهم العلمي والانساني،هنا صرنا إلى زوال ،أمم خاوية،السكون والثبات فكريا وانتاجيا،ما ولد انحسار وتراجع في كافة مجالات الحياة ،ومن أهمها إعتداد أحزاب الإسلام السياسي ،التي تمكنت من تفريغ مجتمعاتنا من بارقة التقدم،مستندة إلى طائفة من السلوكيات البدوية ،المهيمنة على عقلها إضافة إلى أنها تعيش متعاضدة مع القبيلة الجاهلية والتبطله فأمسى وضع الليبراليين حرجا،وفي ظل هذا الصراع المحموم والعنف ،لن يكون بمقدور قوى التقدم أن تحرز شيئا يذكر.
على أن الأمر الآخر المؤثر،أن القطب الأوحد ما زال يشن الحرب ضد قوى التقدم ،وما العولمة إلا هجمة أخرى تدق أسفينها لسحق أي تطلع للحاق بركب الأمم المتقدمة،ولننظر إلى الخارطة الاقليمية،هنا يتضح الخواه بكل أشكاله،دول هزيلة،راكسة بالاستبداد،تعتمد بيئة خرافية،عوائل وأفراد يتحكمون ويستغلون شعوبهم،وينهبون ثرواتهم،يساندهم سدنة هياكل فقهاء الطائفية العنيفين (لا الدين )والعشائر البدوية ،وقد كان للدكتاتورية المقبورة دورا سافلا في إضعاف الحركة الوطنية.وهنا نصل إلى مربط الفرس،حقول مغلقة ترفض التغيير ،بل تحارب بسلاح الماضي التطور العلمي وقضايا التحرر،ولما كان العراق خارج من جحيم القومية التي أخلت بحق المواطنة ،مقترفة جرائم وخطايا بحق الأحزاب الوطنية (العلمانية) حين عمدت إلى مسخ الهوية العراقية،وحطمت الركائز الصناعية،وتخلف الانتاج الزراعي،وأشاعت روح التجارة البديل الذي نهش القيم الاخلاقية وحولها إلى نفعية،فبتنا نحيا في ظل مجتمع المنافع،وما نهاية الدكتاتورية،وبزوغ النظام الديمقراطي في البلاد،سوى أكذوبة تحتاج زمنا منتجا،ومواطنيين يتحلون بروح الهوية العراقية،ولطالما عرفنا وشاهدنا،خفايا أكد عليها عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي ،من أن الشخصية العراقية (شخصية أزدواجية) وهذه مسألة تاريخية وليست وليدة اليوم! فالعراقي يتحدث مماشيا شهوات الديمقراطية ومباهجها،لكنه في حقيقة نفسه المضطربة (يعش الوعي المزيف وهو راكس في غيبيات التاريخ ،خائف ومهزوز)،ولولا اقتصاديات النفط لعشنا في فقر وظلام دامس.
ومن الراجح أن البنية الاجتماعية تشير إلى سيطرة الذكورية فيها وتابعية الأناث،وهو عامل مضاف وحيوي لأنه نصف المجتمع ومعلوم إنعدام التأهيل والتدريب والتعليم لهن،كل تلك العوامل أشاعت وسطا إجتماعيا متخلفا،والمحزن أيضا أن العمل الحزبي هو الآخر متخلف ولا يوجد قانون ينظم حيثياته،وغير مسموح له بالتقدم،حتى وسائل الاعلام تعيش فوضى خلاقة،ناهيك عن البؤس الذي تعيشة النخبة الثقافية،ما ساعد على النكوص عن أي تحقيق للوعود،وقد لمسنا النفعين حين حكموا أفسدوا،ولكن العراقي صوت لصناعة دكتاتور جديد،اما المفوضية وهي ناتج حراك القوى الحاكمة،والتي تتمتع بميزانية مفتوحة ومدعومة لتمرير خفايا سياسة القطب الواحد من جهة وخفايا قوى التطرف المتمثل باحزاب التطرف الاسلامي المهيمنة على البرلمان المنتهية ولايته والنافذة في السلطة التنفيذية (الحكومة والرئاسة) وحتى في السلطة القضائية،هنا اللعبة السياسية محكومة النتائج،وهي ضرر بالكامل بمستقبل العراقيين والعراقوإلى جولة اخرى عسى أن تنكشف مفاسد أخرى ويتطور الوعي السياسي في ظل ميزانية ضخمة لابد أن يشمل الصناعة والزراعة (القاعدة المادية الضرورية للتغير المرتقب)،وهو حراك سيسانده خلق قواعد فكرية تتزامن في السجال العقلي حينذاك ممكن للقوى العلمانية ان تنير طريق العراقيين وحينها ترتفع الراية الوطنية العراقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟