الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القمم العربية واقع وسيرورة

معتز حيسو

2010 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية




يمكننا على المستوى السياسي الرسمي اعتبار جامعة الدول العربية أحد أهم المؤسسات العربية الرسمية، لكونها كانت وما زالت ملتقى للقادة العرب الباحثين عن إيجاد حلول للقضايا العربية الأساسية في مقدمتها القضية الفلسطينية، والتأكيد على التضامن العربي في سياق الصراع مع العدو الإسرائيلي. لكن إلى أي حد كانوا قادرين على تمثيل قضايا شعوبهم السياسية والاقتصادية ، وإلى أي درجة تم تنفيذ مقرارات القمم العربية التي ساهموا في صياغتها؟ هل كانت القمم العربية تعبيراً عن الشعوب العربية، أم أنها عانت وما زالت من التمزق والتفكك، ومن كونها كانت وما زالت تعبيراً عن آمال وأوهام القادة للحفاظ على مراكزهم حتى لو كان استمرارهم في السلطة يقوم على الاستلاب الاقتصادي والقمع السياسي للمواطن العربي، بالتالي يكون العجز عن حل القضايا العربية في التنمية والتضامن واستعادة الأراضي المحتلة وحل القضية الفلسطينية... نتيجة طبيعية وموضوعية لشكل ونمط النظام العربي الرسمي الذي يقوم على التناقض الأيديولوجي والسياسي من جهة وعلى تناقض السلط السياسية مع شعوبهم من جهة ثانية. وفاتحة هذا التناقض يتجلى في الدفاع عن شكل الدول المصطنعة التي أقرتها معاهدة سايكس بيكو مع الخطاب الرسمي الأيديولوجي الداعي للتضامن والتوحيد العربي، الذي نرى تراجعه في سياق ازدياد حدة تناقض الخطاب الرسمي مع مصالح المواطن العربي لدرجة من الهزال تنبئ بانبعاث دول طائفية و....
ولقراءة تغيّرات النظام العربي، فإننا نجد تعبيراته بشكل دقيق في مؤتمرات القمم العربية من لحظة انطلاقتها الأولى في إطار الجامعة العربية بمؤتمر انشاص الذي انعقد في عام / 1964/ لمواجهة المخاطر الصهيونية، ومؤتمر بيروت عام / 1956/ لكن درجت الأدبيات السياسية العربية على اعتبار قمة القاهرة عام / 1964 / المؤتمر الأول الذي استدعى انعقاده التحديات المتمثلة في تحويل مجرى نهر الأردن من الجانب الإسرائيلي، واتخذ المؤتمر مجموعة من القرارات: إنشاء جهاز لإعداد مشروع عربي مضاد يقضي بتحويل رافد نهر الأردن واستخدامه لأغراض التنمية العربية. إنشاء قيادة عربية موحدة لتوفير الحماية العسكرية للمشروع المضاد. ضرورة إنشاء جيش التحرير الفلسطيني. وانعقد مؤتمر القمة العربية الثاني في نفس العام، ووافق فيه الزعماء العرب على اقتراح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على اعتبار الهدف القومي النهائي هو تحرير فلسطين واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ المخططات العربية، التأكيد على الكيانية الفلسطينية والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة أحمد الشقيري .
وقد شكّل مؤتمر القمة لعام/1965/ في الدار البيضاء نقلة نوعية لما اقترحه الحبيب بورقيبة من ضرورة اعتماد قرار التقسيم لعام / 1948/وقد رُفض الاقتراح بالإجماع لكونه أتى في لحظة نهوض قومي عربي. وتميز المؤتمر بتأكيده على الهوية الفلسطينية وإقرار الخطة المقترحة بشأن قيادة جيش التحرير الفلسطيني.... وصدر عن المؤتمر ما بات يعرف بميثاق التضامن العربي في / 15/ 9/ 1965/ ومن أهدافه: تحقيق التضامن في معالجة القضايا العربية وخاصة تحرير فلسطين واحترام سيادة جميع الدول العربية ومراعاة النظم السائدة... ونتساءل هل تمت حقاً في تلك اللحظة إعطاء الشعب الفلسطيني حريته في ممارسة نشاطه القومي وحقه في العمل والإقامة .... ولماذا تناست النظم العربية عند انعقاد قمتها قبيل الاجتياح الأمريكي لبغداد، ما نص عليه مجلس الدفاع المشترك في المادة الثانية «تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أي دولة أو أكثر منها أو على قواتها المسلحة عليها جميعاً، لذلك فإنها عملا بحق الدفاع المشترك ـ الفردي والجماعي عن كيانها تلتزم بأن تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها، وبأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة، جميع التدابير اللازمة، وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لردع الاعتداء».
وجاء مؤتمر اللاءات الثلاث في الخرطوم ( لا صلح، لا تفاوض ، لا اعتراف بإسرائيل)في أيلول من عام / 1967 / رداً على هزيمة حزيران التي ما زالت آثارها ومفاعيلها باقية حتى اللحظة. وقد تراجع في هذا المؤتمر شعار تحرير فلسطين ليحل محله إزالة آثار العدوان الإسرائيلي، ومن النتائج السياسية لهذا المؤتمر، الرجوع لاقتراح بورقيبة في الاعتراف بقرار التقسيم، وإعلان الملك الحسين عن أن ظروفه تسمح له بإنهاء حالة الحرب رسمياً مع إسرائيل، وإن البحث عن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي خيانة عظمى، لذا يجب البحث عن حل سلمي واسلوب سياسي، وأتى هذا الموقف في سياق رده على الشقيري الذي كان يدعو لوضع خطة عربية شاملة للمواجهة. كذلك أدلى الرئيس الراحل عبد الناصر في المؤتمر على ضرورة سعي العرب لإيجاد حل سياسي. وكان من أبرز نتائج هذا المؤتمر: ظهور خطاب الواقعية البناءة، والاعتدال السياسي، و توضح هذا الخطاب بشكل رسمي في مؤتمر القمة الذي انعقد أعقاب حرب تشرين من عام 1973والذي تم فيه الموافقة على إجراء مفاوضات مع إسرائيل في جنيف لتحقيق تسوية عادلة لأزمة الشرق الأوسط، وأيضاً تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني( تحفظت على هذا القرار الأردن للتراجع عنه في مؤتمر الرباط من عام 1974) تخصيص صندوق قومي لدعم صمود دول المواجهة. لكن تجلت الواقعية السياسية كما تسمى في زيارة السادات للقدس المحتلة ( 19/11/977) وتوقيعه اتفاقية صلح منفرد مع إسرائيل( كامب ديفيد) ليعلن وزراء الخارجية العرب في مارس 1979 تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية ونقل مقرها إلى تونس وسحب السفراء من مصر وقطع العلاقات الدبلوماسية...،و تجلى التراجع الرسمي العربي أكثر في مؤتمر فاس من عام 1981، والذي أسس لمرحلة جديدة في تاريخ القمم العربية والتاريخ السياسي العربي، إذ شهد هذا المؤتمر أخطر انقسام عربي منذ مبادرة السادات بسبب معارضة بعض الدول العربية لمشروع السلام السعودي الذي تقدم به الأمير فهد، وفيه طرح مشرع التسوية كبديل عن اتفاقات كامب ديفيد.لكن قمة فاس الثانية/ أيلول 1982/، كانت آخر قمة عربية دورية وفيه أُقر مشروع الملك فهد ذو النقاط الثماني. وقد طرحت في الدار البيضاء عام 1985 مسألة عودة مصر للجامعة العربية وهذا ما رحبت به إسرائيل ورفضته سوريا ونجحت به. و بعد انهيار التجربة السوفيتية بات خيار السلام خياراً استراتيجياً، لتتوالى معاهدات السلام والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة، من مدريد وأوسلو ووادي عربة و أنابوليس .. ليتم في سياقها فصل المسارات التفاوضية، وصولاً للحظة الراهنة التي أبسط ما يقال عنها أنها لحظة تأزم عربي رسمي عامة.
ونحن أمام عتبة سياسية جديدة، أبراز ما فيها احتلال أمريكي مباشر للعراق وغير مباشر لدول أخرى، زيادة التعنت الإسرائيلي أما تراجع عربي رسمي،يتجلى بأبهى صوره في محاولة إسرائيل لبسط هيمنتها على كامل الأرض الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين بشكل جماعي، تمهيداً لتنفيذ زعمهم التوراتي في إنشاء الدولة اليهودية(عنصرية)، والسيطرة على القرار العربي الذي أقل ما يمكننا توصيفه بأنه لا يعبّر عن شعور وإحساس المواطن العربي المسلوب الإرادة، لتسقط نتيجة السياسات الإسرائيلية جدوى التسويات السياسية التي تحاول النظم العربية تكريسها عبر المفاوضات غير المباشرة في لحظة انتكاس سياسي عربي رسمي. ليبقى خيار التسوية مرهوناً بقوة المقاومة على كافة المستويات، بعد أن فشلت القمم العربية في تحقيق الأمل العربي في تحقيق التحرير، وعجز النظم العربية في وضع إستراتيجية شاملة لمجابهة إسرائيل، وتكيّفها مع خلافاتها وضعفها. ليبقى السؤال: هل يمكننا أن نراهن على إمكانية القمم العربية القادمة في إنجاز ما عجزت عن إنجازه منذ عام/ 1948/ أمام الإنهيار والتراجع والتنابذ والتشتت .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - راجع
سعد الخير ( 2010 / 3 / 28 - 19:59 )
احيلك الى مقال الاخ جواد وادي ولا داعي لاي تعليق

اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران