الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمال عند شارل لالو

سرمد السرمدي

2010 / 4 / 1
الادب والفن


يعتبر شارل لالو ( Ch. Lalo 1877-1953 ) أحد مؤسسي الأستيتيكا الفرنسية الحديثة كفرع علمي يأخذ بالمعيارين الإمبيري والسوسيولوجي . ودرس لالو الفلسفة ثم قام بتعليمها في المدارس الفرنسية. و في عام 1908 نال درجة الدكتوراه على دراستين كرسهما للأستيتيكا المعاصرة والموسيقى. و في عام 1933 ترأس قسم الأستيتيكا في السوربون. وكانت حصيلته العلمية أكثر من خمسة عشر كتابا صارت اليوم مصدرا موسوعيا لعلم الجمال. وتراس لالو الجمعية الفرنسية للأستيتيكا ، وتحرير مجلة ( ريفو أستيتيك - العرض الأستيتيكي ). وعرف لالو كمعارض لما يسمى بالأستيتيكا المثالية. وكان قد إعتبر الموسيقى فنا أساسيا إذ هي ( لعبة التوليفات الفنية). رأى لالو أنه ينبغي تحليل كل فن وفق المعايير الرياضية والسايكوفيزيقية والسايكولوجية و السوسيولوجية مؤكدا على الطابع الموضوعي للحقيقة الأستيتيكية التي تنتهي بالعمل الفني ، وهذا تقاس قيمته بمقدار النجاح الذي حققه، إلا أن هذه القيمة متبدلة وتعتمد على عوامل تأريخية و إجتماعية. و قد سمّي موقف لالو من الأستيتيكا ب( النسبية التأريخية). والنص المترجم هو الفصل الثاني من كتابه المعروف ( الفن والحياة الإجتماعية) الصادر في باريس في عام 1921 ، وفيه إعتبر لالو الموضة نقطة إنطلاق للقيام ببحث موّسع كرسه للطابع الإجتماعي للظواهر الأستيتيكية. وقدإعتمدت الترجمة أدناه على كتاب العالمة البولندية إرينا فوينار ( أنثولوجيا الأستتيكا الفرنسية المعاصرة ) الصادر في وارسو في عام1980 . والعناوين الداخلية في النص هي من وضعي . المترجم ]
إن الموضة ظاهرة إجتماعية بارزة. فمن جهة تفترض ، وفق تحليلات تارد Tarde ، وجود ( المبادرين ) الذين يتمتعون في المجتمع بمكانة معيّنة ويجدون المسّرة في قيادة مثل هذا العدد الكبير من الآخرين مما يكون ، بمعنى ما ، طريقة للتواجد خارج المجموع. من ناحية أخرى تفترض وجود ( مقلدين ) يعثرون ، خلافا لمن سبقهم ،على القناعة في أنهم ليسوا منعزلين بل ( يتصرفون مثل الآخرين ) و يحيون حياة لاشخصية وجماعية الأمر الذي يمنحهم الشعور بالأمان. فهناك من يسندهم و يقودهم. إذن الموضة هي عملية تجمّع إجتماعي تذكر بعملية تجمّع للقطيع الذي لايقوده الرعاة بل ، وأنا أستخدم الكلمتين التاليتين من دون أيّ نية سيئة ، حيوانات - أدلاء . فأمراء الموضة هم من أكبر الحيوانات. وهذه المؤسسة تتجاوب مع أحد غرائز القطيع في الإنسان. و إسم الموضة يمنح فقط للأشكال الأكثر تقلبا من هذا الصنف للنشاط ، و الأكثر نزقا لكن ظاهريا حسب. من ناحية اخرى فإن هذه الظاهرة الجماعية هي في الوقت نفسه إجتماعية بمعنى آخرأيضا، أي أنها منظمة ( بفتح الظاء) وتخضع للإنضباط والعقوبات شأن كل وظيفة حياتية مهمة في المجتمع. و قد ربط هنا الشعور الخاص بالقبول نصف الأستيتيكي ، بإحترام الموضات المقرّرة( بفتح الراء الأولى ). وهذا الشعور يمنح أحيانا لونا من ألوان السخرية التقليدية التي هي حسودة في جزء ، وفي جزء آخر تتقبل المبادرات البالغة الجرأة التي قد تصبح بصورة ما ، في الغد ، قاعدة وتتحول من قبيحة الى جميلة. أما الشعور الحيّ للغاية بالإضحاك فهو عقاب على الإنفصال عن الموضة السائدة و إذا كانت تسود حقا. وبمكنة مؤسسة الموضة أن تتغلغل في كل مكان : هناك موضات سياسية ودينية و إستيتيكية بل هناك علمية أيضا. ففي كل حقل من حقول الحياة الجماعية يمكن أن تظهر حالات عمى مؤقتة تلقى التسامح لدن الرأي العام. إلا أن هذه الظاهرة هي مجرد نوع من الكماليات ، وهذا يعني أنها تخص طبقات أقل عمقا من تلك الأشكال المتنوعة لنشاط الإنسان والتي تحكم جوهرها قوانين أكثر ديمومة. ولذلك يكون أيضا إسم الموضة محجوزا للتطورات الإنتقالية لكل ما هو مرتبط بالزينات الخارجية للسكن أوالشخص وخاصة لكل ماهو ترف فردي لدرجة أكبر أي اللباس. و إذا تجاوزنا منطقة الحاجات الأكثر أولية والمشروطة بالسخونة والبرودة والحياء النسبي لانلقى أيّ شيء في هذا الميدان سوى الترف المتمثل بالكماليات. وهذا الترف لايعرف قواعدا أخرى غيرقواعد الموضة. وتبدو الموضة المفهومة بهذه الصورة الأوسع و الأضيق ( فالصورتان تتفقان فيما بينهما ) ، ظاهرة إجتماعية مثيرة للإهتمام. و السبب الأول هو أنها غالبما ما تفرض على الفن الحقيقي المواضيع و الدوافع بل الأنواع. و بالتالي تسود وتعدّل الطبقة السطحية لكل الفنون ، وفي الغالب يسمح قصرعمرها بتفرقتها عن الفن الحقيقي ، وفي كل الأحوال لايملك التقسيم هنا حدودا صارمة ، والمفروض أن يبقى هكذا. وفي الأخير فهي كموضة في حقل اللباس تكون صنفا فنيا قائما بحد ذاته وجزءا لا يتجزأ من الفن التزييني أي الفن الذي إعتبره رينان Renan الأكثر كمالا.(1)

ليس الفن هو الواقع تماما بل هو حصيلة التقاء الفنان المبدع بالواقع وتفاعله معهوالحق اْن الفن ليس مرتبطا بالحياة اْو منعزلا عنها وليس هو اْيضا فقط الحياة اْو فرارا منها بل هو هذه الصور جميعاوهذا ما ارتاّه شارل لالو عالم الجمال الفرنسى وقد اختط لالو طريقة علمية لدراسة الظواهر الجمالية وعلاقتها بالحياة فهو يرى ضرورة الامتناع عن اصدار اْحكام تعسفية اْولية بل يجب فى نظره اْن نجمع اْولا طائفة من النماذج الجزئية المتباينة وندرسها كما يدرس عالم الاْخلاق حالات الضمير الجزئية اْى بمعنى اّخر يجب اْن ننشىء علما للوقائع الجمالية على نسق علم الوقائع الاْخلاقية فندرس عدة نماذج من انتاج كبارالفنانين ونقيم على اْساس هذه الدراسة النقدية نظرية فى الابداع الفنى والتذوق الجمالى
وقد تكشفت اْمام شارل لالو خمسة اْوجه لعلاقة الفن بالحياة من خلال دراسته للنماذج المختلفة وهى:1-الوظيفة التكنيكية للفن:اْى ممارسة الفن لذاته دون اْن يرتبط باْية غاية اْخلاقية اْو عاطفية اْو دينية اْو سياسيةوهو موقف اْصحاب مدرسة الفن للفن عند بودلير واْوسكار وايلد
2-الوظيفة الترفيهية للفن اْو الفن كترف كمالى:تتمثل وظيفة الفن حسب هذا الموقف فى اْنه ينسينا الحياة باْن يصرفنا الى الترفيه ومعنى هذا اْن تاْمل الجمال هو ضرب من المتعة وسط مشاغل الحياة وهمومها وهذا هو راْى امانويل كانت وشيلر وهربرت سبنسر وكذلك فلوبير ولامارتين، حيث كان لامارتين يمارس الفن لكى يهرب من وطاْة العمل السياسى
3-الوظيفة المثالية للفن:وتكون مهمة الفنان حسب هذا الموقف الاْفلاطونى محاولة تجميل الواقع اْو تجسيم المثل الاْعلى باْن يضفى الفنان على الحياة طابعا جميلا من خياله الخصب وذلك كما نجد فى اْقاصيص البطولة والفروسية والروايات الرومانسية ولوحات بعض الفنانين الاْكاديميين
4-الوظيفة التطهيرية للفن:وتكون مهمة الفن حسب هذا الموقف هو اْن يطهر انفعالاتنا ويحررنا من الاْلم ويحصننا اْخلاقيا فننعم بالراحة والسكينة
5-الوظيفة التكرارية اْو التسجيلية للفن:ومهمة الفن حسب هذا الموقف هو تسجيل ظروف الحياة بقصد العمل على استبقائها والاحتفاظ بصورها وهكذا يكون الفن هو الاْداة التى يصوغ بها الفنان حياته الخاصة اْو حياة الاّخرين مع شىء من التعديل الذى لايقترب بالعمل الفنى من التحوير الرومانتيكى ذى الطابع الخاص
ويرى شارل لالو اْن هذه الوظائف اْوالمواقف كلها موجودة فى مجال التجربة الجمالية واْن الخطاْ كل الخطاْ هو الايمان بقيمة جمالية مطلقة تنتهى بنا الى الخلط بين الخير والجمال اْى بين الكمال الاْخلاقى والكمال الجمالى فليس الفن ميدانا للاْخلاق اْو الدين بل هو ظاهرة خصبة حرة يجب اْن يدرس فى ذاته وبهذا نستطيع -حسب راْى شارل لالو-اقامة علم للظواهر الجمالية على نسق علم الظواهر اْو الوقائع الاْخلاقية(2)

الهوامش

1-السنة الخامسة العدد (618)الاربعاء 10/ 10 / 2007, شارل لالو
2-الرابط:فن وثقافة , هند الرباط – مصر, صحيفة صوت العروبة, اسبوعية تصدر في الولايات المتحده الامريكية تعنى بشئون الوطن والجالية العربية في المهجر,2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي