الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رصاصة المثقف

سعدون محسن ضمد

2010 / 3 / 26
الصحافة والاعلام


هناك الكثير من الأمراض في مجتمعنا الناهض تواً من كبوته الطويلة، ومنها مرض جديد قديم يمكن تسميته بـ(مرض البحث عن الطير الداجن)، وهو الوجه الداخلي لمرض الاستبداد، بالأحرى الوجه الآخر لعملته. فما أن يتولى سياسي ما، مكانة تؤهله لقيادة دائرة أو وزارة أو حكومة حتى يفزع لاختيار فريق مناسب من الطيور الداجنة..
والطيور الداجنة يا أصدقائي هي: الطيور التي تمتلك أجنحة ترفرف بها بمقدار كاف يؤهلها للانتماء لفصيلة الطيور لكنها لا تستطيع أن تستخدم هذه الأجنحة للإفلات من قبضة ولي نعمتها، أي المسؤول الذي يتولى إطعامها ومن ثم حبسها في حقله الخاص.
المثير للسخرية بهذا المرض ليس حب المسؤول للدواجن، بل ولع نفس الدواجن بالأقفاص، فهي تعود لها مساء بنفس اللهفة التي تغادرها بها صباحاً بحثاً عن الطعام.. والأغرب من كل ذلك أن هذه الدواجن تحسب hنها طيور حقيقية، ومع أنها تبقى طيلة حياتها ترفرف لاهثة وراء حلم الطيران، ومع أن هذا الحلم لا يتحقق، إلا أنها وبغرور أحمق تبقى مصرة على انتمائها للفصيلة المحلقة في سماء الحرية. هي تبقى كذلك لأنها لا تمتلك من الوعي ما يكفيها للتمييز بين الرفرفة وبين التحليق في أعالي السماء.
في ديمقراطيتنا هناك الكثير ممن ينطبق عليهم وصف الطيور الداجنة من أنصاف المثقفين، ممن يحرصون على أن يكونوا ذيلاً تابعاً للسياسيين والمسؤولين، مشكلين بذلك أكبر ثغرة في جبهة النقد البناء والرقابة الموضوعية التي تحتاجها الديمقراطية العراقية الناشئة.. فهؤلاء يحسبون بأنهم أحرار وأنهم يملكون زمام أمورهم، ولا يدركون بأنهم في أعماقهم عبيد بامتياز، وأنهم لا يميزون بين الحلم والحقيقة؛ لأنهم يعتقدون بأن الحرية شعار أو أمنية، لا يفهمون معنى أن الحرية طريق يتعبد باللاانتماء ونكران الذات وقول الحقيقة مهما كانت مكلفة، ومواجهة جميع المغريات وتقديم أقسى التضحيات دفاعاً عن الكرامة والكبرياء. يريدون أن يكونوا أحراراً وأصحاب سلطة بنفس الوقت. يريدون أن يكونوا مثقفين نقديين على أن لا يكلفهم هذا النقد أي مكسب متحقق أو حتى محتمل. يريدون أن يكونوا أنبياء لكن مترفون ومحميون وذوو نفوذ. لذلك تجدهم يبرعون بلعن الفاسدين أو الطغاة أو المتملقين، لكنهم من جهة معاكسة يبرعون بتبرير كل هذه الأخطاء ما أن تسنح لهم فرصة اقترافها. ومن هنا يسهل اصطيادهم من قبل مربي الدواجن المحترفين. المهم أنني أريد من وراء هذه المقدمة الطويلة أن أحذر طيور العراق الداجنة من كلمة المثقف (الحر) وأنصحهم بأن لا يصلوا بعملية كسب ود السياسي حدَّ تكميم هذا المثقف وإثارة سخطه، لأن سخطه لا يقف عند حد؛ فهو لا يخاف الإرهابي ولا يطمع بالسياسي، ما يجعل كلمته جارحة وفاضحة لحد كبير، كلمة المثقف الحر كالرصاصة مباشرة ومباغتة وقاتلة وإذا انطلقت لا يستطيع إيقافها حتى صاحبها الذي أطلقها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا اعترف عمار لريم بحبه لها ????


.. مصر: طبيبات يكسرن تابو العلاج الجنسي! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. كندا: حرائق تحت الثلج! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مارين لوبان: بإمكاننا الفوز بهذه الانتخابات وإخراج فرنسا من




.. أكثر من 3 تريليونات دولار.. لماذا هذه الاستثمارات الضخمة في