الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلم المراوغ

ستار الدليمي

2010 / 3 / 28
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


اذا كان سُنة العراق يتوقعون أن وقفوهم خلف العلماني اياد علاوي سيجنبهم سياسات العزل الطائفي التي عانوا منها منذ الغزو الامريكي فأن ذلك خطاء أخر يرتكبونه في مسيرتهم خلال السبع سنوات الماضية , صحيح ان الادارة الامريكية استشعرت خطاء بعض سياساتها تجاه السُنة وصحيح ايضا انها تريد بديلا للمالكي يكون اقل تشددا في سياساته الطائفية لكن الصياغة القانونية للعملية السياسية والمعبر عنها بالدستور كرست واقعا لايمكن زحزحته يقوم على التقسيم الطائفي للمجتمع وما يستتبع ذلك من اعتماد الطائفية كأساس لتشكيل البنى السياسية للبلاد وهذا الامر اصبح من المسلمات في واقع العراق اليوم بعد ما تم امتحانه في ثلاث انتخابات واستفتاء تمرير الدستور وبالتالي سيكون تفاؤل السنة بتكليف اياد علاوي تشكيل الوزارة مبالغا فيه لهذا الاعتبار واعتبارات اخرى منها ما يتعلق بخشية حقيقية من تدهور للوضع الامني الهش والذي لوح به نوري المالكي ومنها ماله صلة وثيقة بطبيعة البرنامج السياسي للقائمة العراقية والاعتراضات التي تواجه بها من قبل خصومها الكرد والشيعة.
فالاكراد يعتبرون خلافاتهم مع الحكومة المركزية وموضوع كركوك والمناطق (المتنازع) عليها الاساس الذي يقوم عليه اي تحالف لهم مع الكتل الاخرى ومن الواضح ان للقائمة العراقية موقفا يتباين بشكل حاد مع التطلعات الكردية فكتلة تجديد بقيادة طارق الهاشمي وجبهة الحوار الوطني اضافة الى تجمع عراقيون الذي يقوده النجفي وكلهم منضون تحت لواء العراقية يعدون كركوك خط احمر ويقفون بقوة ضد التطلعات الكردية في ضم كركوك الى (اقليم كردستان) الامر الذي يقف حائلا امام اي امكانية تحالف مع الكتلة الكردستانية الا اذا حدث تطور يمكن له ان يعيد ترتيب الاوراق واقصد هنا امكانية سعي الاكراد الى اعادة النظر في مسألة اجتثاث المطلك مقابل ابداء القائمة العراقية لبعض المرونة في مواقفها من مسألة كركوك عند ذاك يمكن لنا نشهد امكانية لتحالف ممكن بين القائمتين خصوصا وان المطلك اتخذ من مواقفه المتشددة في كركوك ورقة يضغط بها على الاكراد للحصول على موقع رئاسة الجمهورية اثناء مناقشة قانون الانتخابات الذي نقضه الهاشمي وحين حصل على وعد بذلك تدخل المطلك شخصيا لدى الهاشمي لاقناعه بالتراجع عن نقضه لكن جاءت الرياح بما لاتشتهي سفن المطلك حين تم اجتثاثه من قبل الشيعة بتهمة لاتمت لأخلاقياته بصلة تتعلق بدعمه لفصائل المقاومة المسلحة لكن احتمال هذا السيناريو يصطدم بعقبة تصميم المالكي على المضي قدما بتطبيق اجراءات الاجتثاث ضد عناصر العراقية ’ وحتى اذا حصل تقارب بشأن مسألة كركوك فأن موضوع منصب رئاسة الجمهورية قد يكون سببا لعرقلة اي تحالف بين العراقية والاكراد فكلا الطرفين متمسك بهذا المنصب لاعتبارات منها مايتعلق بضرورة ان يكون رئيس العراق عربيا كما يصرح بذلك طارق الهاشمي الذي يسعى لتبوء هذا المنصب ومنها ما يتعلق باصرار الاكراد على المنصب تجنبا لأثارة مشاكل داخلية تتصل بالنزاع التاريخي بين الطالباني والبرازاني حول قيادة المشروع القومي الكردي, وفي كل الاحوال سيكون لأي اتفاق تبرمه العراقية مع الاكراد آثارا كارثية على بقائها ككتلة موحدة للاسباب التي اشرنا اليها اعلاه.
على الطرف الاخر لا تبدو الامور افضل من سابقتها فالشيعة بفصائلهم كافة لهم اعتراضات جدية على تولي علاوي لمنصب رئاسة الوزراء تتعلق بالتهمة التقليدية التي تعتبره واجهة لحزب البعث وانه يسعى لتفريغ المشروع الشيعي من محتواه بأصراره على تصفية آثار الطائفية التي اجتاحت البلاد مع الغزو الامريكي ومن هنا ينطلقون لتحميله مسؤولية السعي لضرب البنية التحتية التي تسوغ مشروعية وجودهم ككتلة سياسية قائمة على الدين وتتغذى بلاهوت المظلومية سيما انه (علاوي) لم يحقق انتصاره الا بفضل الدعم السني المتحفز للاقتصاص من فقه المظلومية وأيدلوجيا الاقصاء الشيعية التي تبرره ومن هنا يمكن فهم الوجه الآخر لتهديد المالكي بتدخل الجيش وأثارة العنف مالم تتغير نتائج الانتخابات بشكل يعيد للشيعة صدارة المشهد السياسي في العراق فالرجل الذي طالما أتحفنا بشعارات وطنية كانت لنا اسباب منطقية لعدم تصديقها نراه اليوم وبعد خسارة الانتخابات قد عاد الى أرومته الطائفية ولسان حاله يقول اذا لم يكن متاحا لي أن اكون رئيسا للعراق فالظروف الموضوعية تتيح لي أن اكون ملكاعلى الطائفة, وهذا ما يجعلنا نتوقع عودة المالكي للأئتلاف الشيعي الذي سبق له أن تمرد عليه تحسبا لوصول علاوي الى رئاسة الوزراء ولقطع الطريق على مثل هذا المسعى.
وتأسيسا على ماتقدم ان وحيث ان الوضع الامني في العراق كان ومايزال تعبيرا عن ازمة سياسية يكون متاحا للمراقب ان يتوقع تدهورا كبيرا يتعرض له الوضع الامني اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان التحسن النسبي الذي شهده العراق كان نتيجة مباشرة للجهد الذي بذله السنة في محاربة تنظيم القاعدة وتأسيس الصحوات , ومن المؤكد ان اي غبن سياسي قد يصيب السنة في هذه المرحلة ستكون له انعكاساته المباشرة على الوضع الامني .لكن كل ما تقدم لايعبر الا عن نصف الحقيقة فالقوى المنافسة للعراقية وخصوصا قائمة المالكي تعمل بجد لحرق الاوراق الرابحة التي يلعب بها اياد علاوي فالاخير يتمتع بامتياز قبوله العربي والاقليمي عدا ايران ومن هذا المنطلق يريد المالكي ان يُشعر الجميع بأن رئاسة علاوي للحِكومة سيكون له ثمنا باهضا على الوضع الامني وما قد يترتب على ذلك من خطر حقيقي يهدد وحدة البلاد وهذا المسعى يجد له اصداء مقبولة لدى ايران التي تريد هي الاخرى ان تلعب بالورقة العراقية بما يسمح لها بتقوية موقفها التفاوضي تجاه امريكا.
والخلاصة فأن الانتخابات العراقية التي تعول عليها الادراة الاميركية لسحب قواتها من البلاد ستكون المدخل الذي يعيد ترتيب اوراق القوى المتنافسة لفرض اجندتها بصرف النظر عن النتائج التي خرجت بها هذه الانتخابات وسيكون الوضع الامني هو الحلبة التي تشهد ترنح بعض اِلقوى وصعود اخرى فنحن امام اشكالية معقدة لايمكن الخروج منها الا بمعجزة لاتسمح قوانين الحالة العراقية بولادتها .
ستار الدليمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية


.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل




.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا


.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا




.. Ctقتيلان وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل