الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوباما وناتنياهو:تفارق في النظرة إلى المنطقة

محمد سيد رصاص

2010 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


كان مفاجئاً للعرب أن يذكر السفير الاسرائيلي في الولايات المتحدة،أثناء الأزمة الأخيرة التي نشبت بين واشنطن وتل أبيب خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لاسرائيل،بأنها"أخطر أزمة نشبت بين الولايات المتحدة واسرائيل خلال خمسة وثلاثين عاماً"،مادام أن الكثير من الصحافيين والكتَاب العرب يعتبرون أن أزمة1991بين بوش الأب وإسحق شامير هي الأخطر خلال الفترة المعنية وتوازي مانشب بين أيزنهاور وبن غوريون عقب حرب1956.
عندما يطالع المرء مذكرات كيسنجر،المعنونة ب"سنوات التجديد"والتي تتناول فترة تولي جيرالد فورد للرئاسة الأميركية إثر استقالة نيكسون في يوم9آبأوغسطس1974،يلاحظ كيف يصف وزير الخارجية الأميركية تصلب رئيس الوزراء الاسرائيلي إسحق رابين،أثناء جولة كيسنجر المكوكية الفاشلة بالمنطقة في شهر آذارمارس1975،بأنه تصلب نابع من"اعتبارات محلية اسرائيلية"تتعلق بالمسرح الحزبي ثمَ يرتبط بتركيبة حكم الترويكا(رابين- شمعون بيريز – ايغال ألون)في الوزارة الاسرائيلية،فيماكانت واشنطن تفكِر في اختراق نوعي بمحادثات أزمة الشرق الأوسط يتجاوز حدود اتفاقيات فصل الإشتباك على الجبهتين المصرية والسورية وعينيها على الصراع مع موسكو،المنافسة عالمياً وفي المنطقة،وعلى فيتنام التي كانت نذر الهزيمة الأميركية في حالة تجمع اقترابي فيها.
ليست العلاقة بين فورد ورابين،التي يصف كيسنجر لقاءهما الأول بواشنطن في أيلول1974 بأنه"كان أقرب للكارثة"،بمختلفة عن أجواء العلاقة بين باراك أوباما وبنيامين ناتنياهو منذ توليهما لمنصبيهما في الربع الأول من عام2009،وقد اعتبر المعلقون الصحفيون الاسرائيليون بأن تحذير تسيبي ليفني من أن ناتنياهو سيقود اسرائيل "إلى شرخ محتوم مع الولايات المتحدة"هو أقوى ماأطلقته في الحملة الإنتخابية لكنيست2009ضد زعيم(الليكود):لم يأت هذا التحذير فقط من خلفية فترة تولي ناتنياهو لرئاسة الوزارة الاسرائيلية(منذ حزيرانيونيو96)لمااصطدم مع الرئيس كلينتون في محادثات واي ريفر(أيلولسبتمبر98)لدرجة دفعت السفير الأميركي السابق بتل أبيب مارتن إنديك للقول بأن"ناتنياهو يعرف بأنه خسر الإنتخابات(أيارمايو99)لأنه لم يدر العلاقات جيداً مع الرئيس كلينتون"،وإنما أتى أساساً من ليفني على الأرجح نتيجة تلمسها للقراءة المختلفة أميركياً لمسرح الشرق الأوسط الكلي في عام2009عن ماهو موجود في تل أبيب وبالذات عند ناتنياهو،وهو شيء كان اليمين الاسرائيلي،في عهدي شارون وأولمرت،لايشعر به حيال بوش الإبن،وخاصة في مرحلة(مابعد11أيلولسبتمبر2001)لماأدى تركيز واشنطن على"إعادة صياغة الشرق الأوسط"من البوابة العراقية إلى استقالة العاصمة الأميركية من عملية(التسوية)وإلى جعل العلاقات الإسرائيلية- الأميركية في حالة شهر عسل طوال عهد إدارة جورج دبليو بوش.
وعملياً فإنه توجد أجواء في عامي2009و2010بين واشنطن وتل أبيب هي شبيهة بماكان موجوداً في شهر آذارمارس1975وأيضاً في عام1991عشية(مؤتمر مدريد)لماكانت نظرة الرئيس بوش الأب إلى(التسوية)تتعلق برؤية كلية لمنطقة الشرق الأوسط من قبل واشنطن المنتصرة في الحرب الباردة على موسكو وفي حرب1991على العراق فيماكانت نظرة شامير مسجونة في القفص الأيديولوجي لليمين الاسرائيلي : خلال الأحد عشر شهراً ونصف، الفاصلة بين تولي ناتنياهو لرئاسة الوزارة الاسرائيلية بيوم31آذارمارس2009وزيارة بايدن لاسرائيل،كانت السحب تتجمع من أجل حصول مطر تلك الأزمة بين واشنطن وتل أبيب،بدءاً من خطاب أوباما في جامعة القاهرة(4حزيرانيونيو) عن"عدم قبول الولايات المتحدة بشرعية المستوطنات الاسرائيلية المستمرة النمو" و "حل الدولتين...بوصفه مصلحة أميركية واسرئيلية وعالمية"،مروراً بإعتراضات ناتنياهو على استراتيجية أوباما حيال الملف النووي الايراني ومارافقها من سياسات أميركية جديدة نحو"المعتدلين"و"الممانعين"العرب،حتى الوصول لأسابيع قليلة قبيل زيارة بايدن لماقال الجنرال ديفيد بترايوس،قائد المنطقة المركزية في الجيش الأميركي التي تشمل المسرح العام لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها،بأن" التوتر الاسرائيلي- الفلسطيني يمثل تحدياً واضحاً لقدرتنا على دفع مصالحنا في المنطقة..(وأن هذا)النزاع يزيد من المشاعر المعادية للولايات المتحدة بسبب فكرة محاباة الولايات المتحدة لاسرائيل".
هنا،يلاحظ ،وبالتأكيد، أن الجنرال بترايوس كان يفكر في بغداد وكابول،ومعهما طهران،عندما كان يتكلم عن انعكاسات وتأثيرات"التوتر الاسرائيلي- الفلسطيني"،فيمايبدو أن ناتنياهو ينظر إلى التعثرات الأميركية في المنطقة بوصفها مجالاً وفرصة لكي يأخذ حرية الحركة في الضفة الغربية والقدس،أوعلى الأقل لكي يضغط،عبر التوتير مع واشنطن،من أجل دفع أوباما للحسم في الموضوع الايراني،ومن أجل وضع موضوع(التسوية) على الرف في عام2010 بعد تحريك له استمر عاماً كاملاً من قبل الرئيس الأميركي،في محاولة من رئيس الوزراء الاسرائيلي(الذي طرح في بداية عهده شعار "ايران أولاً") لتكرار سيناريو مابعد مرحلة (11أيلولسبتمبر)التى غطى فيها غبار البرجين على مجمل الصراع العربي الاسرائيلي،وهو ماجعل (بغداد) هي البوابة الأميركية إلى المنطقة فيماكانت (التسوية)هي تلك البوابة في عام1991.
ربما،يفكر باراك أوباما مثلما كان يفكر بوش الأب في (مؤتمر مدريد)،وإن كان ليس من المستبعد أن يكون تفكيره(هو والجنرال بترايوس)منصبَاً على مجرد احتواء تأثيرات"التوتر الاسرائيلي – الفلسطيني"بإتجاه نقله ليس إلى حالة(التسوية)وإنما إلى التهدئة،من أجل أن لايكون عائقاً أمام القدرة"على دفع مصالحنا في المنطقة"وفقاً لتعبير الجنرال بترايوس.
هذه النظرة الأميركية الجديدة إلى المنطقة،والتي لم تكن موجودة في عهد بوش الإبن،تدفع واشنطن أوباما وتل أبيب ناتنياهو إلى الإفتراق في الرؤية،بعد أن تطابقت العاصمتان الأميركية والاسرائيلية أثناء الإدارة الأميركية السابقة في النظر إلى مواضيع(التسوية)و(العراق)و(حرب تموز)و(الملف النووي الايراني ووسائل مقاربته). في هذا المجال،يلاحظ في عامي2009و2010تطابق في نظرتهما إلى الموضوع الايراني إلاأنهما تختلفان حول وسائل مقاربته وحول طرق تهيئة المسرح الشرق الأوسطي من أجل معالجته،حيث تربط واشنطن بين"التوتر الاسرائيلي- الفلسطيني" وبين مجمل استراتيجيتها للمنطقة،فيمايريد ناتنياهو الفصل والسكوت عن الملف الفلسطيني وطمسه ،إذا لم يكن يريد- وهذا هو المرجح- فرض الأمر الواقع الاسرائيلي على الضفة الغربية والقدس أثناء الإنشغالات الأميركية في الشطر الشرقي من منطقة الشرق الأوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل