الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن والعولمة

عارف علي العمري

2010 / 3 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


العولمة هي نوذج كوني يهدف الى ضغط العالم وأختزال الجغرافيا وإزالة الحدود وإيجاد منظومة قيم أخلاقية واحدة جديدة ومسيطرة, ظهرت هذه الكلمة كمصطلح وأصبحت متداولة في القاموس السياسي في أوائل الثمانينيات ولكن كانت فضفاضة وغير واضحة المعالم وكانت ترادف كلمة العالمي بالمعنى الواسع للكلمة , وهي عبارة عن مفهوم جديد للوعي الكوني مأخوذ عن كتاب ( استكشافات في عوالم الاتصال ) الذي صدر عام 1960م لعالم الاجتماع والأتصالات الكندي ( مارشال ماكلوهان) الذي ركَّز على تطور وسائل الاتصال المتسارع والمذهل وتحويل العالم من خلال هذا التطور الى (قرية كونية واحدة) , وكان يراود في فكرته هذه مفهوم ما
بعد الحداثة حيث قارن بين القرية والعالم وزامن بين أنماطهما وقيمهما وأمزجتهما بتأثير وتأثر متبادل . وفي منتصف عقد تسعينيات القرن الماضي بدأت تتعالى الأصوات وتتباين رؤى المفكريين الغربيين المهتمين بالعولمة وبعد أن تقلصت موجة الخطابات الكونية التي قدمها توفلر وكنيدي وفوكويوما فقفزت في أذهان الكثير منهم أسئلة تدور وتحوم حول العولمة مفادها . هل العولمة فكرة حقيقة أم خيالية ؟ و هل هي فرص لحياة ٍ واعدة وعيش ٍ رغيد أم خطر يهدد المجتمع القومي الوحدوي وخصوصيات الوجود الإنساني ؟وهل هي مجرد ضغط للجغرافيا وإزالة للحدود وإنسيابية رأس المال أم فقدان لثقافات وإقتصاديات الشعوب الضعيفة؟ أم أدوار يتبادلها البشر ؟ وهل المراد عولمة الثقافة ... أم ثقافة العولمة؟ ونحن هنا بصدد الثقافة دون غيرها لكون الثقافة تشغل حيزا ً كبيرا وشديد الوضوحً من أهتمامات علماء الأجتماع والمنظريين الإجتماعيين لما لها من إنعكاسات على سلوك الفرد الكوني وأقصد بالفرد الكوني هنا إنسان العولمة.إذن ما هو المراد؟ عولمة الثقافة ... أم ثقافة العولمة؟ والفرق بين الأثنين كبير فالأول أن لا تكون الثقافة منحصرة في مجتمع النخب بل هي حق مباح للجميع وبأستطاعة الجميع ان يحصلوا عليها وعلى الدول تمكين شعوبها من الوصول اليها وفي هذه النقطة بالذات تلتقي عولمة الثقافة مع ثقافة العولمة من حيث إزالة شمولية السلطة والغاء الحدود, وبأعتبار أن الثقافة موضوع إجتماعي عام وليس ترفاً فكرياً أو موضوعا ً أكاديميا ً, ويمكن القول أن عولمة الثقافة هي فكرة إشتراكية – إسلامية بالصميم وعلى العكس من الثانية فهي فكرة رأسمالية بحتة. فعولمة الثقافة هي جعل الثقافة بمثابة لغة عالمية يتحدث بها الجميع رغم أختلافها وتعدد ألونها من بلد الى بلد ولا فرق بين الغالب والمغلوب دون ان تكون العملية قسرية مفروضة , بينما ثقافة العولمة هي فرض ثقافة واحدة وتعميمهاعلى العالم وهي ثقافة الأقوى المهيمن والمنتصرأو يمكن تسميتها (بثقافة الغالب تكنواوجيا ً) وهي ان يتكلم العالم لغة واحدة ويسلك سلوك واحد ويتعامل مع مفردات يومية واحدة كما هو الحال في لغة الانترنيت أصبح الانسان العربي على سبيل المثال لا الحصر يتعامل مع المفردات الانكليزية ويكتب لغته بحروف أجنبية وعلينا ان ننظر الى هذا الموضوع بعد 20 سنة من الآن واللغة كما هو معروف لدى علماء الاجتماع ليست تركيب للحروف بل هي عملية تفكير وفلسفة أي أنت تفكر بذات اللغة التي تتعامل معها يوميا . وبالتالي تكمن الخطورة هنا في قتل روح التمايز والاختلاف المفضي الى الابداع من خلال التلاقح والتمازج.وهنا يكمن الخلل في نظرية العولمة وتُناقضُ العولمة نفسها في هذا الموضع. حيت أن أهم مرتكزات العولمة هي الغاء السلطة الشمولية أو مركزية الدولة وهيمنتها.
الدعوة الى عولمة الثقافة هي دعوة إنسانية بحته وهي عملية التعرف على ثقافة الآخر وتقبلها, ومن ناحية أخرى ان لا نجعل التجارب الثقافية الانسانية لمجموعة بشرية ما حبيسة رقعة جغرافية معينة لكونها غير قادرة على الانتشار بسبب ضعفها التكنلوجي أو المادي وليس لعدم صلاحيتها الأنسانية وبالتالي قد يحرم العالم من هذه التجربة للأسباب المذكورة وأعتقد هنا ان المراد من أختزال الجغرافيا وإزالة الحدود هو جعل الحركة الثقافية حركة إنسيابية دون الفرض والالزام . وليكن الصراع حسب ما يراه هرقليطس حتى يكون العالم في صيرورة دائمة , والعالم في محاولة دؤوبه للوصول الى الحقيقية فمن خلال رأئيين متناقضين ينشأ الرأي الثالث ويتطور. فأذا ساد العالم ثقافة واحدة كما تطرحه العولمة و نمط عيش واحد يعني إننا الغينا جميع الالوان وأبقينا لون واحد وأعتمد نا على العقل الالكتروني كما يقول س.ج. كلوزمان في كتابه (الاخلاق والعولمة) فيعرفها أنها نظام عالمي جديد يقوم على العقل الالكتروني والثورة المعلوماتية المستندة على الابداع التقني غير المحدود دون أدنى إعتبار للحضارات والقيم الثقافية والحدود الجغرافية والسياسية للدول ,
ومن هنا كان للعولمة أثار كبيرة على الدول الفقيرة إقتصاديا ً وتكنلوجيا ً , فحينما تلقي العولمة بظلالها على المجتمعات ستحدث تحولات في البنية الثقافية وسيكون لهذه التحولات إفرازات وإنعكاسات إجتماعية سلبية على مجتمعات هذه الدول من خلال مفاهيمها الخاصة والتي تراعي فيها مصالحها وهو أمر طبيعي .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدمة في طهران.. لماذا يصعب الوصول لطائرة رئيسي؟


.. نديم قطيش: حادث مروحية رئيس إيران خطر جديد على المنطقة




.. البحث مستمر على طائرة رئيسي.. 65 طاقم إنقاذ وكلاب خاصة| #عاج


.. تحديد موقع تحطم طائرة رئيسي -بدقة-.. واجتماع طارئ للمسؤولين




.. مسيرة تركية من طراز- أكنجي- تشارك في عمليات البحث عن مروحية