الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في هذا الزمن المتناثر

فاضل فضة

2004 / 7 / 21
الادب والفن


لا تسألي قلبي فقد صدأ من الضجر.
اليوم، يوم آخر يمرّ برتابة نعفّر بها الزمن المتقاعد في عيوننا هرباً من صيفٍ لم يقارب أرصفتنا منذ شهور.
اليوم يطل الليل والفراغ، فنغادر حديقة المنزل إلى عالم آخر.
***
ما أصعب أن تضيف عنوان البريد الألكتروني في آخر مقالة على أحد مواقع الأنترنيت، خاصة إذا كان المقال أو المقالات العديدة تتحدّث عن قضايا ممنوع الكلام فيها. لذا لا نستغرب الكم الكبير من الرسائل المحمّلة بأدهى وأشرس أنواع الفيروسات، القادمة من شتى أنحاء العالم.
منذ عدة أشهر أصرّ احد المواقع الناشرة لعديد من كتابات المبدعين العرب، في الوطن والمغترب، على إضافة هذا العنوان البريدي. ولأن الموقع يقدم مقالات جريئة خارج حدود الإعلام الرسمي العربي وخطوطه الحمراء. بدأت جحافل الفيروسات تصلُ تباعاً، فلا يقلّ عددها كل يوم عن عشرة أو خمسة عشر. ونسي المتوترون وأصحاب آراء الإتجاه الواحد، أنَّ الكاتب خبير جدا بعلم الحاسبات ولديه أكثر من مناعة لينهي أي تعد ٍ على حرمة حاسوبه المصونة. لذا أصبحت الرسائل المفخخة تذوب وتختفي قبل أن تطأ الأرض الخصبة لمناخ التفاعل الفكري والإنساني غير المحاصر من أي قيود أو عقيدة لا تناسب زمانها.
***
كم تحب أن تنظر من خلف الزجاج إلى حبّات المطر، لتتذكر باريس وريف فرنسا الذي لا يُنسى. كانت الساعة غائبة عن عمرها وزمنها، وكانت عيونها القلقة ترقص فرحا مع تكاثر الرذاذ في ضباب متشعّب بلوحة سريالية خالية من أثار المستقبل. أصرّت أن تفتح النافذه. دعته إلى لحظة يختلط بها فعل الخمر في قاع العقل الباحث عن سرمدية السراب، خارج هذا العالم بكل مستجداته المادية. وكأنها تنادي الروح، تدعوها إلى رحلة مع الغيوم المسافرة من بقعة إلى أخرى .
إلى ريفٍ بعيدٍ عن المدينة،
إلى شجر في غابة كثيفة،
وعالم ليس من هذه الأرض الباحثة عن تصحّر.
كانت تحب وما زالت،
يعتصر الدمع سعادة النشوة في سيادة السمو وشفافية الزهور انحناء أمام هذا التفاعل والحرث الرقيق.
لعالمٍ ولساعة ولأملٍ حاضر أكثر من مشاع ألهة الخصب.
***
بين ذاك الوادي وهذه المدينة تتمزق المشاعر في هروب دائم من صورة لوثتها الأيام والتجربة. فما زال العهر حكاية الضعفاء، وما زال القمر يشرق على متاع الحياة الراكدة بدون تواصل. وما زالت الزوايا الخانقة لقلوب تنبض بالحب تعيش وحدة المكان والقيود المرسومة من أرض لا تعرف الحرية. وما زال فعل الإنتظار بأمل محبط يذوب في حبات تهدّئ الأعصاب، بدلا من تحررٍ يتجاوز كل إرث يحرم التوازن البشري من فعل الربيع والأمل والحياة المشرقة.
***
كل يوم نوقد الأصابع بدون إرادة. نهرق البريق في كمودٍ لا يعرف من الإنسانية قيم الفرح والحياة والسعادة. كل يوم ينام على حصيرة مرقعّة بالغضب المكبوت، فيولد السأم.
لن تشرق الحياة بولادة أخرى، ما لم نعتصر الماضي ونحرقه بأثاره المدمّرة إلى الأبد..
قد يشرق الربيع. وتورق الأشجار. ويثمر العقل يوماً، حكايات أخرى. قد يولد العمر في صفاء النظر، في حراكِ العقل، في طفولة لم ولن تشّوه من جديد. إنه قدر الحاضرين والقادمين في هذا الزمن المتناثر كالعواصف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات